مساحة للتفكير.  المرأة التي جلست فأقامت أمريكا   الزمان:1955-  بعد سبع سنوات بالضبط من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. المكان: في مقاطعه مونت غمري القابعة في بلاد سحريه وراء الشمس, يشتمها أي احد من غيران يخاف, وتنسب إليها كل شرور العالم من غير أن تعبأ بأحد. في البلاد التي كانت ومازالت تعلن مسؤوليتها تجاه إحقاق شعارات السلام حين تشاء, وتعلن الحرب على من تشاء, وتدوس على القوانين الدولية متى تشاء الحدث:  امرأة  سوداء التصقت بكرسيها في الحافلة ورفضت أن تتزحزح منه حتى تصل إلى بيتها . الجريمة:  الجلوس في المقاعد المخصصة للبيض ومخالفة قوانين الفصل العنصري التي تلزم تلك المرأة للرجوع إلى آخر الحافلة حيث توجد لافته"الملونين" . النتائج:  دخول المدعوة روزا باركس السجن , إضراب السود عن ركوب الحافلات لمده382 يوما وإعلان العصيان المدني, بزوغ نجم مهندس عمليه العصيان مارتن لوثر كنغ, الحكم بعدم دستوريه الفصل العنصري , تقليد المدعوة روزا باركس وسام الحرية الرئاسي على يد كلينتون بعد الحادثة بأربعين عام, وتعليق صورتها في أكثر من 10000 مدرسه. كان بإمكان روزا باركس أن تلغم نفسها وتفجر الحافلة لو أرادت, وتموت هي من أجل رسالتها, وتهدم السجن على رأسها وعلى المسجونين ,وستجد ( لو فعلت ) العشرات من العباقرة الخطباء يتسابقون إلى التعليق في الفضائيات تبريرا  للفعل, ترى لما غاب عنها أن تحشو أحشاءها بالمتفجرات وتجعل الحافلة  تتطاير إلى شظايا صغيره ؟  لم تفعل؟  سيشفع لها التاريخ حتما, وأكثر من ثلاثمائة عام من السلاسل والقيود والكوليرا والاغتصاب والعبودية , ثلاثمائة عام تمر تحت الحصار في معتقل كبير انقطعت بسببه روزا عن لغتها وثقافتها ورقصاتها وأغنياتها. حصار بالأرض والثقافة وبمصدر الحياة والبقاء. أليس مبررا كافيا لانتفاضه عنف شامله وتحويل الأرض تحت أقدام البيض إلى جحيم؟  ألم يكن بإمكانها أن تغتال الشرطي  الذي ساقها إلى السجن؟ ألا  يملك مارتن لوثر كنغ كل الحق - حسب نظريه المقاومة العربية- أن يتأثر ضد الذين قاموا بتفجير منزله؟ أليس أسهل من أن يرمي أحد المراهقين السود نفسه في عرس للبيض أو كنيسة من كنائسهم فيمزق أوصالهم ويشرب من دمائهم؟ لكن أيا من هدا لم يحدث, ولو حدث لأصبح  الضحية مشتملا بشمله المجرم .  لقد كان العكس, فمارست روزا النضال بأرقى الوسائل الحضارية تطورا, حيث رفضت الامتثال كما رفضت الاستسلام من قبل. الحق لا يقتل الباطل ولا يفجره, لكن يزهقه فيتلاشى ويضمحل ويذوب  كما يذوب الجليد المتراكم في الظلام بعد أن تلامسه أول خيوط  شمس الحقيقة, لقد تسللت تلك المعاني إلى قلب روزا فتسامت على القتل والتفجير كما تشامخت على الاستسلام  والخنوع من قبل, وصارت دليلا على انه سيبقى من أهل الكتاب أمه يهدون بالحق وبه يعدلون .  قبل شهرين من وفاة روزا سئل حكيمة أمريكا الحسناء وزيرة خارجيتها الدكتورة كونداليزا رايس- في مقابله مع قناة فوكس- عن رأيها في حركه الحقوق المدنية ,فأجابت الدكتورة أنها لم تتأثر بها ولم تتفاعل معها على الإطلاق, بل كانت مشغولة  بالباليه والبيانو عن الانخراط فيما سمته "شغب الثقافة" هذا التصريح لم يمنع كونداليزا رايس من حضور جنازة روزا باركس بكل صفاقة واستغلال الاحترام الذي تحظى به الفقيدة لتتمظهر بصفتها الوريثة الشرعية لترث النضال, فقالت في الجنازة:  لولا روزا لربما لم أكن وزيره للخارجية".   المقال منقول بتصرف ولكن أحببت أن أطرح الفكرة للمناقشة بغض النظر عن موافقتي عليها أو اختلافي معها  
emansamy

Emi

  • Currently 46/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
16 تصويتات / 336 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2005 بواسطة emansamy

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,306,835