الزواج العصري>>
مؤسسة الزواج تترنح تحت وطأة مستجدات العصر الحديث في الغرب، وتؤكد الشواهد والإحصاءات تراجع معدلات الزواج في الدول الغربية مفسحة المجال للعلاقات الحره، مما يعد معولاً للهدم خطير الأثر على الحضارة الغربية برمتها·
أما في بلادنا الإسلامية فمازال للزواج قدسية وقد وصفه المولى عز وجل بالميثاق الغليظ وهو أساس تكوين الأسرة التي هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، ولكننا لسنا بمعزل عن التأثر بروح العصر الذي نعيشه وما يشيع فيه من مفاهيم وأفكار وقد بدأت معدلات الطلاق لدينا تتزايد بصورة غير مسبوقة كما أن الشقاق الزوجي أصبح أمراً لا يمكن إخفاؤه، حتى الأسر المستقره يشيع فيها الشعور بالإحباط وعدم الرضى·
علينا ألا نغفل تأثير تطورات ومتغيرات كثيرة على مؤسسة الزواج، وتشمل هذه المتغيرات - كما يحددها العلماء - زيادة متوسط الأعمار - ارتفاع مستوى الاستقلال الاقتصادي وارتفاع مستويات المعيشة - الاعتقاد في حق الفرد بحريته وسعادته الشخصية - ازدياد معدل القبول الاجتماعي للطلاق، بالإضافة إلى التأثيرات غير المباشرة وغير المحسوسة التي تتسرب إلينا من المجتمعات والحضارات الأخرى والتي تكون محملة ومشبعة بقيم مختلفة تؤثر سلباً على التماسك الأسرى·
في ظل هذا الواقع يقبل الشباب على الزواج وقد امتلأت نفوسهم بالرغبة الصادقة في السعادة ولكن كلاً منهم يحمل في ثنايا فكره فيروسات إدراكية - أقرب ما تكون إلى الخرافات والأساطير، تتعلق بتوقعات غير حقيقية ومُبالغ فيها تضرب الزواج في مقتل، إما ان تقضي عليه أو تصيبة بالوهن وتجعله مصدراً للشقاء على عكس المرجو منه·
referrelative="t" o:spt="75" coordsize="21600,21600">ath o:connecttype="rect" gradientshapeok="t" o:extrusionok="f">ath>>>
(1) الحب غير المشروط>>
الحب المطلق غير المشروط هو الخرافة الأولى التي يجب إعادة النظر فيها، فالحب كائن يحيا في ظل ظروف صحية ويموت إذا حرم منها، إلا أن الزواج يتطلب ما هو أكثر كثيراً من الحب ومن ذلك على سبيل المثال وعياً جيداً بالتأثيرات المصاحبة لتعقيدات الحياة على العلاقة الزوجية وتطور المهارات المشتركة التي تعين الطرفين على التكيف معاً وعلى القيام بواجباتهم على أكمل وجه، وعدم المغالاة في التوقعات المثالية من الطرف الآخر وأهم من كل ذلك تقبل شريك الحياه كما هو بمميزاته وعيوبه وواقعه الاجتماعي والمادي والثقافي، فهذه الاشياء يمكن مناقشتها واتخاذ قرار بشأنها قبل الزواج وليس بعده، علينا اذن بذل المحاولات الصادقة والدائبة للتكيف معه>>
·
>>
(2) التواصل عبر الحوار هو طريق التفاهم>>
نتكلم كثيراً، نتحاور، نتجادل ولا نصل الى النتيجة المرجوه ذلك لأن التواصل بصفة عامة وبين الزوجين بصفة خاصة لا يتم فقط من خلال الحوار، فقد أثبتت أحدث الأبحاث النفسية أن نسبة المشاعر التي ينقلها الكلام في أي رسالة منطوقة هي 7% فقط أما نبرة الصوت فتنقل 38% بينما تعبيرات الوجه تمثل 55% ·
عندما تسأل الزوجه أسئلة بسيطة مثل: هل يمكننا الخروج غداً؟ ماذا فعلت بشأن مدرسة الأولاد؟ ماذا تريد على العشاء؟
فإن السؤال في كل الأحوال لن يتغير ولكن الصوت وتعبيرات الوجه ستنقل معه المشاعر التي تترك انطباعها على الفور في نفس الزوج ويكون رد فعله على أساسها، إما التعاطف والإيجابية في التواصل أو العكس·
إلى جانب ذلك فإن للحواس الخمس دورها في التواصل الناجح وقديماً اوصت أمانة بنت الحارث ابنتها ناصحة (لا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا اطيب ريح) اللمس أيضاً من الحواس شديدة الأهمية في العلاقة الزوجية عندما يربت الزوج على كتفي زوجته في حنو فإنه يمحو عنها متاعبها، وعندما تمنح الزوجه ابتسامة رضا وترحيب وهي تمسك بيد زوجها العائد من عمله فإنها تغمره بالإحساس بالراحه والطمأنينه، كذلك فإن الإنصات الجيد هو الخطوة الأولى على طريق التواصل الناجح·
استخدمي حواسك الخمس لنقل مشاعرك الإيجابية للطرف الآخر، ولا تكثري من الكلام وكأنك لا تسمعين سوى صدى صوتك·
(3) أسرتي الجديدة هي نمط مستقل تماماً>>
> >
حتى لو انتهى بك الأمر الى الإقامة بعيداً تماماً عن أسرة المنشأة الخاص بك، فسوف تكتشفين أن تأثيرها عليك وعلى أسرتك أكثر كثيراً مما تتخيلين، والحقيقة أن كلا الزوجين يحمل خبرات سواء مؤلمة أو سعيدة اكتسبها أثناء حياته في كنف أسرته الأصلية هذه الخبرات ستظل تؤثر على أسرته الجديدة بشكل أو بآخر، لذلك يستحب أن يكون هناك تقارب اجتماعي بين الزوجين، وعلينا أن نتقبل أننا سنتخلص من هذه التأثيرات تدريجياً لكي نندمج معاً ونشكل أسرتنا الجديدة التي هي مزيج متجانس ومتطور من موروثاتنا الاجتماعية·
>>
(4) الزواج التقليدي يحقق السعادة>>
أثبتت الأبحاث الحديثة أنه الأنجح، ويؤكد ذلك ويدعمه المشاهدات الواقعية، الزواج هنا هو مصاهرة بين أسرتين يتوافر لها عنصرا التكافؤ والتقارب ومن خلال الأهل يتم التقاء الشاب والفتاة فإذا حدث بينهما ارتياح وقبول تم الزواج برضاء الأهل ومباركتهم وفي ظل أفراح تعم العائلتين ودعوات تبارك العروسين·
هذا الزواج فرصته في النجاح أعلى لأنه يقوم على أسس واقعية ويدعمه الأهل ويرضى عنه المجتمع، أما زواج الحب خاصة لو تم بغير رضا الأهل، فإن غشاوة الحب سرعان ما تنقشع وتكشف ما سبق أن سترته من أسباب التنافر وعدم التكافؤ التي حذر منها الأهل فلم يجدوا استجابة·
(5) الاندماج الكامل بين الزوجين أساس السعادة>>
> >
الانسجام هو المطلوب وليس الاندماج الكامل وخصوصاً اذا كان يعني احتواء إحدى الشخصيتين تماماً وإلغائها لسيطرة الطرف الآخر عليها·
قال تعالى (وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً) >مريم - 95< الإنسان يولد فرداً وينمو فرداً ويبعث فرداً، كل شخص هو نسيج متميز متفرد بخصائصه وسماته وليس من المطلوب أن يسحق تفردة ويهمش دوره ويلغي شخصيته ليندمج في شخص الآخر·
ولكي يتم الانسجام مع احتفاظ كل من الطرفين بتميزه يجب أن تتخلص النفس الإنسانية من بعض الآفات النفسية مثل الأنانية والتمركز حول الذات وفقدان التعاطف، ونفسح المجال لصفات التعاون والمساندة والتكامل·
الزواج السعيد فن وعلم ومعجزة حقيقة وآية من آيات الله سبحانه وتعالى {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون}(الروم، 21) في ظله يشب الأبناء وينمو المجتمع وعلينا أن نستفرغ الوسع في جعله زواجاً سعيداً هانئاً ونبعد عنه أشباح الشقاق والخصومه·>
ساحة النقاش