لمحاربة التصحر والعطش!
يعتبر استمطار السحب تقنية تلجأ اليها العديد من الدول التي تعاني قلة أو انعدام الامطار، وذلك في محاولة لاسقاط المطر والثلوج
لسدّ الاحتياجات من الماء، ودعم المخزون الجوفي
من المياه، كما تستخدم هذه التقنية في
بعض دول العالم من أجل كبح جماح
الأعاصير والتقليل من حدة
موجات البرد والصقيع.
وخلال السنوات الماضية طرأ تطور كبير على تقنيات وآليات استمطار السحب من خلال دراسة التجارب والمحاولات التي تمت في العديد من الدول ومحاولة تطويرها نحو الأفضل.
يتوقف نجاح هذه التقنية على عوامل عدة اهمها نوعية السحب المطلوب استمطارها ومدى الاستجابة للمحرضات التي تستخدم في بذر السحب ثم طبيعة التضاريس في المنطقة التي تطبق فيها عملية الاستمطار.
العديد من الدول جربت هذه التقنية فيما تسعى دول اخرى الى تطبيق هذه التجربة.
وللتعرف بشكل تفصيلي على استمطار السحب ومفهومه وآلية الاستمطار والعوامل التي تسهم في نجاحها ثم نتائجها وتأثيراتها على القطاعات الاقتصادية والبيئة تحدثنا الى الشيخة موزة علي المعلا الوكيل المساعد لشؤون الاتصالات اللاسلكية والشؤون المالية والإدارية في وزارة المواصلات والممثل الدائم لدولة الامارات لدى المنظمة العالمية للارصاد، قالت ان استمطار السحب يعني محاولة اسقاط الامطار من السحب الموجودة في السماء سواء منها ما كان مدراً للأمطار بشكل طبيعي أو لم يكن مدرا بشكل طبيعي، ويمكن ان ندرج تحت هذا المفهوم أية عملية تهدف الى إسقاط الامطار بشكل صناعي، ويقوم الاستمطار على الفهم الدقيق لفيزيائية السحب والتطورات التي تحدث فيها منذ بداية تشكل مكوناتها الأولية وحتى المرحلة النهائية لنمو تلك المكونات.
وتسهم معرفة آلية تشكل السحب وطبيعة مكوناتها وآلية نموها وكذلك إدراك حقيقة التفاعلات التي تجري بداخلها في تحديد درجة امكانية تعديل السحب والسيطرة عليها وذلك بحملها على تفريغ طاقتها من بخار الماء، وكذلك تفريغ طاقتها الحرارية والكهربائية والحركية وما الى ذلك، ويركز الانسان على السحب التي لها قابلية سريعة لنمو مكوناتها صناعيا وهي التي تحظى باهتمام كبير في اتمام عملية الاستمطار لأسباب عدة أهمها ان حمولتها من أنواع التكاثف والتجمد وافرة بخاصة قطرات الماء الدافئ وفوق المبرد، وحجمها كبير نسبيا والأقرب عموما الى سطح الأرض، كما ان الحركات الهوائية في داخلها نشطة، مما يشجع على نمو مكوناتها بعد بذرها بشكل آلي.
وتقوم عملية الاستدرار أو الاستمطار على بذر أو حقن انواع السحب الممكن استدرارها، وهي سحب الاستمطار بمواد معينة لها امكانية الاستقطاب السريع لجزيئات بخار الماء بالتكاثف ولقطيرات الماء ما كان منها دافئا في السحب الدفيئة بفعل عملية التلاحم عن طريق الاصطدام، وما كان منها باردا في السحب الباردة بفعل عملية الانتشار لبخار الماء من القطيرات فوق المبردة، أي ان تلك المواد ستكون بمثابة نويات تكاثف أو نوبات تجمد.
بذر السحب
وتضيف الشيخة موزة علي المعلا ان تعبير بذر السحب cloud seeding يقصد به نثر قطع من مادة صلبة في محلول فوق مشبع ببخار الماء ليدفع ذلك الى هطول المحلول الذي انحلت فيه تلك المادة الصلبة أو نثرها في محلول فوق مبرد لتتسبب في تجمده، وهذا هو مبدأ الكيمياء الفيزيائية للبذر، هذه المواد الصلبة أو ما يعرف باسم نويات التكاثف أو التجمد، هي ما يطلق عليه ايضا اسم محرضات السحب على الهطول ووظيفتها استقطاب جزيئات بخار الماء لتتجمع وتتراكم عليها، وكلما ازدادت كمية هذه النويات في السحابة الى حدود معينة أدى ذلك الى تشجيع نمو مكونات السحابة وحدوث الهطول وتعاظم كميته، وآلية تشكل ونمو السحب الدافئة تختلف عن آلية تشكل ونمو السحب الباردة، لذلك فإن هناك اختلافا في مواد البذر المستخدمة لإدرار حمولة السحابة من مكوناتها المختلفة، وعملية البذر تتم من خلال طائرات تقوم بطلعات ورشّ مناطق السحب المطلوب استمطارها.
محرضات السحب
وتوضح الشيخة موزة علي المعلا ان هنالك محرضات للسحب الباردة واخرى للسحب الدافئة وتشمل محرضات السحب الباردة مركبين الاول هو الجليد الجاف ثاني اكسيد الكربون الجاف والثاني أيود الفضة. ويعد الجليد الجاف أول مركب استخدم في بذر الغيوم الباردة لتحريضها نتيجة لامتلاكه القدرة على تشكيل بللورات جليدية عديدة في حالة قذف كمية صغيرة منه ضمن سحابة باردة، إذ إن كرة من الجليد الجاف بقطر سنتيمتر واحد بإمكانها ان تنتج نحو (10 اس 11) نوية تجمد عند حرارة حرار 10 تحت الصفر قبل ان تتبخر بكاملها، وقد استخدم هذا المركب في تجارب بذر عديدة في دول مختلفة من العالم اعقبت اكتشاف فعاليته واعطت نتائج توقفت على نوعية السحب المبذورة وسماكتها.
والمركب الثاني هو ايود الفضة وثبت بالتجربة ان ايود الفضة افضل المركبات الكيميائية في بذر السحب الباردة لذلك فهو المركب الشائع الاستخدام حاليا في عمليات بذر تلك السحب، وتعود كفاءة ايود الفضة العالية الى أسباب عدة منها البنية البللورية لأيود الفضة المشابهة تماما لبنية بللورات الجليد، وفي بللورة أيود الفضة تأخذ أيونات الفضة والأيود مواضع مشابهة لتلك التي تأخذها ذرات الاكسجين في شبكية الجليد والفراغات تكون متشابهة جدا كما ان الشكل المكعب لأيود الفضة يجعله فعالاً.
وفيما يتصل بمحرضات السحب الدافئة فإن ذلك يعتمد على تكاثف مزيد من بخار الماء على تلك المكونات من جهة، ومن جهة أخرى على التصادم والالتحام بين تلك المكونات والتكاثف نفسه، وتشكل السحب لا يحدث عموما عند التشبع ببخار الماء (رطوبة بنسبة 100%) إلا إذا وجدت اعداد وفيرة من نويات التكاثف ومثل هذه النوى تمارس احدى الآليتين أو كلتيهما المعروفتين لنمو مكونات السحب الدافئة. وعليه فإن محرضات السحب الدافئة تنقسم الى نوعين محرضات النمو بالتكاثف والالتحام وتتمثل في الاملاح بالذات ملح الطعام حيث يتم بذر السحب الدافئة بدقائق من الملح مشكلة نويات ضخمة مما يتيح الفرصة لجزيئات السحابة بالنمو الى احجام كبيرة بفعل تكاثفها على دقائق الملح، واختبرت تلك الطريقة في أجزاء مختلفة من العالم عن طريق نثر دقائق الملح في الهواء المتصاعد الى سحابة موجودة أو النثر بالطائرات.
وفي بعض البلاد أطلقت دقائق الملح الى داخل السحب بواسطة الصواريخ ويمكن تحريض النمو بالتكاثف بنثر نوى تكاثف عادية مثل دقائق الاتربة والرمال والدخان.
والنوع الثاني محرضات النمو بالتصادم والالتحام وتتمثل هذه المحرضات في القطرات المائية حيث يتم دفع كميات كبيرة من قطرات الماء ذات الاقطار بين 50 إلى 150 “ميكرون” الى داخل السحابة لتشجيع عملية الاصطدام والالتحام بين هذه القطرات وقطيرات السحابة الصغيرة التي تتلاحم مع القطرات المضافة وهذه الطريقة جربت مرات عدة في الولايات المتحدة واستراليا
عدد زيارات الموقع
1,306,731
ساحة النقاش