نبذة عن الأعشاب والتداوي بها
<!-- / icon and title --><!-- message -->
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يشيع بين عامة الناس افتراض أن الإنسان بدأ فى اكتشاف فوائد الأعشاب عندما بدأ يصطدم بظواهر محيرة لم يجد لها تفسيرا عقليا أو علميا. وهو كان يرى النباتات تنمو أمام عينيه دون أن يعرف سببا لهذا النمو الذى أرجعه فى البداية إلى قوى شيطانية.
وبدأ الإنسان عندما يصاب بالألم فى اتهام الأرواح الشريرة التى تدخل إلى جسده وإلى غضب الآلهة التى تصيبه بالوجع. وهكذا لم يكن أمام الإنسان من طريق إلا التقرب إلى الآلهة ومحاولة إرضائها عن طريق السحر والشعوذة والطلاسم. ومع هذه الأساليب بدأ الإنسان فى إحراق بعض النباتات ذات الروائح الطيبة كنوع من البخور الطارد للأرواح الشريرة. وهكذا تطور الأمر إلى أن ارتبط مفهوم طرد الأرواح الشريرة والشعور بالراحة بالأعشاب. ومن هنا بدأ الإنسان يفكر فى الأعشاب كشىء ذو فائدة فى العلاج ومداواة الأوجاع.
ويقول الباحثون فى مجال طب الأعشاب أن استخدام الإنسان للأعشاب بدا أولا عن طريق ملاحظته الدقيقة لسلوكيات بعض الحيوانات. فعلى سبيل المثال كانت الدببة تحفر الأرض لتصل إلى جذور نبات يسمى "السرخس" لمعالجة أنفسها من الإسهال وسوء الهضم. وكانت الذئاب تجرى لتلتهم نبات "اللوف العطرى" وتمضغ جذورها عندما تصاب بلدغة ثعبان. وكانت القطط تبحث دائما عن نبات "النعناع" وتأكله بنهم شديد عندما تصاب بالتخمة وتحتاج لطرد الغازات والرياح من المعدة.
وهكذا بدأ الإنسان يلاحظ أن لكل نبات القدرة على معالجة أمراض معينة. وبدأ تجريب أثر تلك النباتات على الإنسان حتى أثبتت فعاليتها. وكان المصريون القدماء يهتمون بالعلاج بالأعشاب حتى أنهم كانت لديهم مؤلفات تتحدث عن التداوى بالأعشاب.
أما أول صيدلية فى العالم فقد تم افتتاحها ببغداد بالعراق قبل أن تظهر أى صيدلية فى أوروبا بخمسمائة عام.
وفى بغداد ظهرت كلمة صيدلانى المشتقة من الكلمة الفارسية "جندلانى" التى تعنى خبير التداوى بالأعشاب.
وظهرت أول صيدلية فى أوروبا فى إيطاليا عندما أصدر قيصر إيطاليا مرسوما خاصا يقصر حق تحضير الأدوية من الأعشاب على الصيادلة فقط. وأعطى نفس المرسوم للطبيب حق تحديد كمية العلاج وجرعاته دون تدخل من الصيدلى فى هذا العمل. وانتشرت الصيدليات فى أوروبا، وكثرت المؤلفات التى تتناول العلاج بالأعشاب حتى أن العلماء يقولون أنه لم يخل بيت منها كما لم يخل بيت من الإنجيل.
ومع ازدهار علم الكيمياء فى أوروبا فى بداية القرن التاسع عشر أصبح من الممكن تحليل الأعشاب ومعرفة المواد الفعالة منها واستخلاصها وتركيبها كيماويا. ثم تطور الأمر إلى عمل تركيبات من مواد مختلفة. وهكذا بدأ العلاج بالأعشاب ينطوى ليحل محله العلاج بالمواد المستخلصة والمساحيق والأقراص والمشروبات المستخلصة من الأجزاء الفعالة فى النباتات الطبية المعروفة قديما.
ولكن هذه النظرة التاريخية على واقع تطور العلاج بالأعشاب والأدوية، تستدعى منا التأكيد على أن تطور مراحل العلاج شهدت معها تطورا فى مهنة الصيدلة، وفى نفس الوقت فى أساليب الاحتيال التى يمارسها غير المختصين للإيقاع بالبسطاء ونسج الأساطير حول مفعول تلك الأعشاب بهدف تجريدهم من أموالهم. لقد تحول العلاج بالأعشاب إلى مهنة من لا مهنة له. ورغم القيود المفروضة على ممارسة مهنة العلاج بالأعشاب من حيث ضرورة الحصول على شهادة تسمح لحاملها بالعمل فى هذا المجال. ويمر الصيدلى الخبير فى الأعشاب بمرحلة اختبار أمام لجنة مكونة من مجموعة من خبراء الأعشاب، ويتم بعدها تقييد اسمه فى جدول خاص, ويخضع بعد ذلك للمراقبة والتفتيش, ولكن يبقى العائق الأكبر الذى يسهم فى انتشار هذه الظاهرة قلة وعى الناس بخطورة العلاج غير المتخصص بالأعشاب, واستسهال اللجوء إلى أى شخص، حتى أن البعض يستشيرون الباعة أو يشترون من الوصفات الجاهزة التى تباع فى الشوارع بحجة أنها تقضى على أمراض معينة، وكأن مجرد تعاطى هذه الأعشاب هو الحل السحرى لكل مشاكلهم, مع أن المفروض أن كل عشب له وصفة خاصة، وطريقة تحضير معينة يجب الالتزام بها حتى يحدث التأثير المطلوب.
ويحذر خبراء الأعشاب من استعمال الأعشاب بدون وصفات محددة وبكميات محددة, فمثلا لا يجب أن يتعدى المريض الجرعة المسموح بها حتى لا تؤدى إلى نتائج غير مرغوب فيها. ويقولون إن العديد من الأعشاب يمكنها أن تؤدى مفعولا طيبا إذا تم التعامل معها بشكل محدد.
وهناك العديد من الكتب والمؤلفات والمخطوطات التى تشرح بوضوح أنواع الأعشاب الطبية المختلفة وطرق استخدامها وأنواع الأمراض التى تستخدم فيها مثل هذه العقاقير مثل: كتاب تذكرة داود، وكتاب الطب لابن سينا، وغيرها من الكتب. ونحن نكرر هنا ماسبق أن طالبنا به من ضرورة تقنين استخدام هذه الأعشاب ، خاصة وأنها تحتوي على العديد من المواد الفعالة.
وفيما يلى بعض هذه الأعشاب الطبية الشائعة الاستخدام:
البصل: موجود فى كل بيت. وهو نوع من البقوليات ذو رائحة نفاذة مهيجة.. وسبب ذلك احتواؤه على مادة " سلفات الآليل"، وهى مادة كبريتية طيارة. ويحذر الصيادلة من استعمال البصل بعد تخزينه مقطعاً لأنه يتأكسد وتتكون منه مادة سامة. وقد ثبت أن عصير البصل يقتل الميكروبات. وأجود بصل فى العالم على الإطلاق هو البصل المزروع فى جزيرة شندويل بسوهاج في مصر. ولذلك فهم فى صعيد مصر يأكلون البصل المشوى لأنه يقوى الجسد، ويحمر الوجه، ويشد العضلات. وقد جاء في مجلة " كل شيء" الفرنسية أن العالم الطبيب جورج لاكوفسكي حقن بمصل البصل كثيراً من المرضى ولاسيما مرضى السرطان فحصل على نتائج باهرة.
عرق السوس: العرق سوس نبات برى معمر، ويطلق على جذوره عرق السوس أو "أصل السوس" وهو مشهور في البلاد العربية. وهو ينبت في الأرض البرية. وقد ثبت أن عرق السوس يحتوى على مواد سكرية وأملاح معدنية من أهمها البوتاسيوم، والكالسيوم، والماغنسيوم، والفوسفات، ومواد صابونية تسبب الرغوة عند صب عصيره، ويحتوي كذلك على زيت طيار. وعرق السوس ملين ومدر للبول، ومسكن للسعال المصحوب بفقدان الصوت (البحة الصوتية) وهو مفيد فى علاج أمراض الكلى. ويستعمل مسحوقه فى علاج قرحة المعدة والإمساك المزمن وعسر الهضم. وهو مقو ومنق للدم، ومعترف به فى كثير من دساتير الأدوية العالمية.
الينسون: وهو نبات معروف ساقه رفيعة مضلعة تتشعب منها فروع طويلة تحمل أوراقاً مسننة مستديرة، والأزهار صغيرة بيضوية الشكل. ولا يستعمل منه سوى البذور، وهو مهدئ للأعصاب، ومسكن للمغص والسعال، ومنشط للهضم و مدر للبول.و هو مفيد للولادة ولعملية إدرار اللبن.
الزنجبيل: وهو أصلا من نباتات المناطق الحارة، يحتوى على زيت طيار، له رائحة نفاذة وطعم لاذع. يكثر في بلاد الهند الشرقية والفليبين والصين وسريلانكا والمكسيك. ويستعمل منقوعه قبل الأكل كمهدئ للمعدة وعلاج النقرس، كما أنه هاضم وطارد للغازات. ويستعمل لتوسيع الأوعية الدموية، وزيادة العرق والشعور بالدفء وتلطيف الحرارة، وتقوية الطاقة الجنسية. كما يستخدم كتوابل فى تجهيز الأطعمة ومنحها طعما مميزا.
السحلب: هو نبات معروف عشبى معمر، وهو نبات مشهور بمسحوقه الأبيض النشوى الذى يصنع منه شراب السحلب المعروف. ومن أسمائه الأخرى: أبقع، خصى الثعلب، خصى الكلب، قاتل أخيه. والسحلب مضاد للإسهال وخاصة عند الأطفال، وهو مفيد لعلاج قرحة المعدة.
الشعير: نبات عشبى يشبه القمح. ويعتبر الشعير أقدم مادة استعملها الإنسان فى غذائه، وقد جاء ذكر الشعير ضمن الحبوب فى القرآن، وهو ملين ومقوى للأعصاب ومنشط للكبد. وماؤه معروف لعلاج الكحة وتخفيض الحرارة.
الزعفران: نبات بصلى مضاد للألم والتقلصات، ومزيل لآلام الطمث وآلام غشاء اللثة. وهو مسكن ومقوى للجهاز العصبى المركزي، كما أنه مفيد لحالات الضعف الجنسى.وهو يستعمل كتوابل فى الأطعمة والمأكولات.
الحنة: نبات ذو جذور حمراء، وأخشابه صلبة تحتوي على مادة ملونة تستعمل في كخضاب للأيدي والشعر باللون الأحمر. والحنة من النباتات التى استخدمها قدماء المصريين بكثرة.و تستعمل الحناء في التجميل، للسيدات والرجال، كما تستعمل عجينتها فى علاج الصداع بوضعها على الجبهة. وتستعمل زهورها فى صناعة العطور. وهى مفيدة لعلاج تشقق القدمين وعلاج الفطريات المختلفة. وقد ثبت علمياً أن الحناء تعمل على تنقية فروة الرأس من الميكروبات والطفيليات، ومن الإفرازات الزائدة للدهون، كما تفيد لعلاج قشرة الشعر أو التهاب فروة الرأس. الخرشوف: وهو علاج جيد لأمراض الكبد لما فيه من عناصر فعالة تسهم فى تنشيط إفرازات الكبد والمرارة وإدرار البول. وهو يستخدم فى أنظمة الريجيم للتخسيس. ويمنع من تناوله المصابون بالروماتيزم والتهاب المفاصل والنقرس. وكما هو الحال فى نبات الخرشوف وتحذير البعض من تناوله، فكذلك الحال مه ثمار البازلاء الجافة التى يجب منعها عن البدناء، ويجب على النساء الإقلال من أكلها لأنها تحتوى على مواد تقتل الهرمونات الأنثوية وتؤدى لإصابة بالعقم أو الضعف الجنسى. وكذلك نبات الجرجير يضر المصابين بتضخم فى الغدة الدرقية. كما أن نبات "الخبيزة" يضر بأصحاب الكلى الضعيفة. أما إذا كنت عزيزى القارئ مصابا بعسر الهضم أو مريضا بالكبد فربما ينصحك الطبيب بالتوقف عن أكل الخيار. وهكذا يتضح أن من الضرورى أن يتم وضع قواعد وأسس للعلاج بالأعشاب التى يعتبرها البعض صيدليات إلهية طبيعية أودعها ا لله الطبيعة لخدمة البشرية. ولهذا فإن علينا ألا نعتمد على غير ذوى الخبرة من الصيادلة والأطباء. خصوصا وأن الإنسان يكون أحيانا مصابا بأمراض تحتاج إلى تحليلات وأشعات للتأكد من وجود أنواع معينة من الميكروبات أو الفيروسات. وفى النهاية نسأل الله للجميع الصحة والعافية
عدد زيارات الموقع
1,306,872
ساحة النقاش