الزواج والبطيخ*****
<!-- / icon and title --><!-- message -->
حقيقة يجب أن نعترف بها وهي أننا دقيقين بالأشياء الصغيرة دقة متناهية بدليل أننا عندما يذهب أحدنا إلى سوق الخضرة يسأل متى جلب هذا العنب وأيهم ألذ الأصفر أو الأحمر ولا يصدق حتى يتذوقه وبعد أن يحوز على الرضا، يجعل أسفل الصندوق أعلاه تحرزاً من غش وخداع.
ثم نشاهد من بعيد البطيخ (الحبحب) فيسأل البائع متى جلبه للسوق ويطبطب ويربت بكل حنان على البطيخ براحة يده ليعلم من الصدى الصوتي الخارج منها مدى صلاحيتها للأكل ونشترط أن يكون (الحبحب) احمر على السكين وإلا فلا.
أما المرأة فحدث ولا حرج حين يعجبها مثلاً تنورة تعمل المستحيل حتى تجد بلوزة تتناسق معها لوناً وخامة حتى لو كلفها ذلك السفر من منطقة إلى منطقة.
وبالمقابل وحين يكون الموضوع مصيرياً مثل موضوع اختيار زوجة أو زوج نتنازل عن كل شيء وتذوب بل تختفي كل تلك الدقة ونكون مثل الأطرش بالزفة، فكم من زوج انخدع وكم من زوجة خدعت، وإن كانت الزوجة المتضررة الأكبر نتيجة نفاد فرص الزواج، أما الرجل فيتبقى لديه ثلاث فرص، ناهيك عن عدم تقبل المجتمع للقب مطلقة حتى لو كان طلاقاً مع مرتبة الشرف الأولى.
ماذا نسمي قبول الكثير منا لعقد قرانه بدون أن ينظر إلى من أتى لخطبتها، والبعض قد تكون نظرته مثل عدمها نتيجة وجود حرس عن يمينه وعن شماله لا معنى لوجودهم في ذلك الوقت وكأنه أتى ليقلتها، فيخجل أن يطلب النظر إلى من أتى لخطبتها مرة ثانية، وان نظر إليها ثانية لا يستطيع أن يحادثها هاتفياً ليعلم مدى التوافق الفكري والرضا والقبول لكليهما.
لا أعلم لماذا يرفض الأب أن يهاتف الخطيب ابنته لا سيما إذا كان ذلك تحت إشرافه وقد ارتضاه ووافق على أن يرى ابنته رؤية شرعية كما أمر رسولنا صلى الله عليه وسلم، أليست الرؤية أعظم من المهاتفة، الأدهى والأمر أن هناك من يرفض مهاتفة الزوج لابنته حتى بعد عقد القران ويقول مخاطباً زوج ابنته، زوجتك تستلمها بعد حفلة الزواج، صارت على هذا الحال طرد بريد وليست زوجة لها الحشيمة والكرامة.
واقع مؤلم لا نحسد عليه يواجه الزوج والزوجة أثناء الخطبة كما ذكرت، وواقع اشد إيلاماً عند البحث عن زوجة من خلال دائرة ضيقة، معاناة يجدها الذين يبحثون عن زوجات على كثرتهن وبالمقابل هناك نسبة طلاق كبيرة كنتيجة حتمية لمثل هذا الزواج، أو تكون حياة زوجية فاترة الهدف الوحيد من استمراريتها تربية الأولاد.
بعد كل هذه المعاناة وكل هذه الآلام وهذه الاخفاقات والحيرة، ألا يفترض أن نبحث عن طرق وأفكار ناجعة توصلنا إلى زواج سعيد.
المؤكد أنه عند اتساع دائرة البحث مع قليل من الثقة والشفافية وعلى وجه الخصوص حين يتواجد مؤسسات متخصصة فبلا شك سوف تكون النتائج مذهلة من نواحٍ عدة منها الصحية حيث ثبت أن زواج الأباعد أقل عرضة للأمراض الوراثية، كما أنهم أكثر من يتصف بالجمال والذكاء وذلك لأسباب طبية معروفة لدى المتخصصين، كما أن اتساع الدائرة سيكون رادعاً لقطع صلة الأرحام كما هو ملاحظ حين تضيق الدائرة ويضطر البعض إلى الزواج من الأقارب ويكون هناك خلافات زوجية.
كما أتمنى أن يأتي سريعاً ذلك اليوم الذي يشترط فيه موافقة مؤسسة اجتماعية متخصصة للموافقة على الزواج كما تم بعد معاناة إقرار الفحص الطبي قبل الزواج. الحقيقة أننا نحتاج إلى ثورة توعوية اجتماعية، كما نحتاج إلى قوانين رسمية ملزمة في سبيل زيادة فرص التوافق وبنفس الوقت لا تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف.
موضوع ثري قرأته امس في جريدة الرياض
عدد زيارات الموقع
1,306,903
ساحة النقاش