هل الحب حالة ضعف مؤقت؟
<!-- / icon and title --><!-- message -->
هل الحب حالة ضعف مؤقت؟
قرأنا وشاهدنا معان عديدة عن الحب فهو (حالة) تصيب الشخص فجأة أو بعد ترو،
وقد ينبع الحب من العاطفة أو من العقل أو من الاثنين معاً. يقال في الأمثلة أن:
"الحب أعمى"
"ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب"
"الحبيب يبلع لحبيبه الزلط"
وأحياناً يقال عن المحب بأنه في حالة "انعدام وزن".
الخلاصة
أن تلك الأمثال الشعبية تدل على أن الحب (حالة) تغلب فيها العاطفة كثيرا
أو قليلا على العقل، فما يتقبله فرد من الحبيب قد لا يتقبله من شخص آخر أو
من ذات الحبيب بعد مرور فترة (لهفة الحب).
من النادر أن يستمر
الحب سنوات طوال فالعلاقة بين الزوجين، على سبيل المثال، إذا ما استمرت
حوالي عشر سنوات أو اكثر تنقلب أوتتحول إلى صداقة أو عشرة أو إعتياد. فمن
النادر جداً أن يستمر وهج الحب وبريقه مدة طويلة دون أن يصاب بعطب أو خلل
ما إلا في حالات نادرة جداً تكون فيها المرأة على مستوى عال من الذكاء،
ولم أتطرق إلى ذكاء الرجل، وإن كان مطلوباً أيضا لدوام الحب، لأنه أقل
صبراً من المرأة و(عينه زايغة). والأهم من ذلك لأن المرأة، بوجه عام ولا
سيما العربية، تعيش في حالة إقتصادية ضعيفة مقارنة بالرجل، وعند أي خلاف
تكون هي المطالبة أكثر بالتنازل عند المساومة وذلك لإستمرار الحياة
الزوجية واستقرارها. فما أعظم الزوجة الذكية التي تحافظ على (حالة الحب)
وروعته أطول فترة ممكنة. ومن المعروف أن إستمرار الزواج ليس دليلاً على
إستمرار الحب الملتهب وذلك مثل الإستمرار في الحياة فهو ليس دليلاً على
السعادة وإنما هو أمر واقع إلى أن يقضي الله أمرا.
الحب إذن (حالة
عاطفية) وفي حالات قليلة يمتزج بالعقل فيدوم فترة أطول من المعتاد. وإذا
ما حللنا الحب تحليلاً موضوعياً يمكن أن نعبر عنه بأنه (حالة ضعف) ذلك لأن
دور العقل غير مؤثر فيه بوجه عام. وكثيراً ما نصادف في الحياة بعض الأشخاص
الذين لا يعبرون صراحة عن حبهم ولا يعترفون بأنهم في (حالة حب) حتى لو
وصلوا إلى درجة (الغليان) ذلك لأنهم يعتبرون الحب ضعفاً. وعلى العكس قد
نجد أشخاصاً يصرخون بأعلى أصواتهم بأنهم في حالة حب لأن عاطفتهم غالبة على
عقولهم، ومن سخرية القدر أن يكون أغلب هؤلاء المبهورين بالحب ليسوا في
حالة حب حقيقي وإنما في حالة (وهم الحب). وكلما كان الحب متزناً كلما دامت
(الحالة) فترة أطول، فلا مانع من أن تكون (حالة الضعف) متينة.*
إذا
ما انتهينا إلى أن الحب بين المرأة والرجل (حالة ضعف) فمن المنطقي أن يكون
(حالة مؤقتة) لأنه من النادر جداً أن تستمر (حالة الضعف) مدى الحياة ما لم
تكن الشخصية (مهزوزة). ولا تعني (حالة الضعف) هذه أن شخصية المحب ضعيفة
فقد تكون شخصيته قوية ولكنه يعيش (حالة ضعف مؤقت) وفي الأغلب (حالة
لذيذة). مما يدل على أن الحب (حالة ضعف مؤقت) هو الندم بعد الحب، فالحبيب
الذي يندم على حبه بعد مدة (ندم الحب منتشر جداً) يؤكد أنه كان مخطئاً في
(الحالة) التي عاشها وأصابته بمعزل عن عقله فترة ما. وقد يندم المرء على
حبه ومع ذلك يعود إلى حالة حب آخر بعد مدة هدنة. وكنت أنصح من فشل في حبه
أن يسرع بإيجاد فرصة أخرى حتى لا يطول الحزن والندم أي (داويها بالتي هي
الداء). ومتى كان الحب (حالة) فلا يوجد مبرر منطقي لأن يدوم الندم والحزن
طويلاً على تلك (الحالة المؤقتة)، فالمهم الإستفادة من التجربة تحسباً
(لحالة أخرى) فالأغبياء لا يستفيدون من تجاربهم ويقعون في نفس الخطأ.
لي
ملاحظة هامة فلا أوافق الكاتب إحسان عبد القدوس عندما قال في إحدى قصصه أن
الحب الأول يعتبر وهماً ولا أوافق قول الشاعر أن الحب هو (الحبيب الأولي)
ذلك لأنه لا يجوز فرض أحكام عامة أو مسبقة عن (حالة الحب) فهي مسألة نسبية
تختلف من محب إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى. بمعنى أن الحب الصادق قد يكون مع
الحبيب الأول أو الثاني أو الأخير. وقد يكون وهماً مع الجميع مثلما يحدث
مع الشخصيات ذات الإرادة الضعيفة التي أحبت أكثر من خمس أو عشر مرات في
حياتها.
أيا كان نوع الحب ودرجته فهو لحظات سعادة حتى لو كان
وهماً، ومن منا لا يبغي السعادة في حياته باستثناء (هواة النكد) الذين
يبحثون عن المشاكل ولا يقدرون على الحياة بدون نكد. وأعظم شخص من كان قلبه
(حديقة حب) لكل إنسان. وأبغض شخص من كان لا يعرف الحب بمعناه الواسع ومن
المؤكد أنه لا يحب حتى نفسه دون أن يدري. ورغم كل ما قيل عن الحب فهو نعمة
أدامها الله على كل محب.
عدد زيارات الموقع
1,306,745
ساحة النقاش