فَتَقَلَّدَ دَاوُدُ بِسَيْفِهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ وَعَزَمَ أَنْ يَمْشِيَ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَرَّبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ بِهذِهِ، لأَنِّي لَمْ أُجَرِّبْهَا». وَنَزَعَهَا دَاوُدُ عَنْهُ. وَأَخَذَ عَصَاهُ بِيَدِهِ، وَانْتَخَبَ لَهُ خَمْسَةَ حِجَارَةٍ مُلْسٍ مِنَ الْوَادِي وَجَعَلَهَا فِي كِنْفِ الرُّعَاةِ الَّذِي لَهُ، أَيْ فِي الْجِرَابِ، وَمِقْلاَعَهُ بِيَدِهِ وَتَقَدَّمَ نَحْوَ الْفِلِسْطِينِيِّ وَذَهَبَ الْفِلِسْطِينِيُّ ذِاهِبًا وَاقْتَرَبَ إِلَى دَاوُدَ الْرَّجُلُ وَحَامِلُ التُّرْسِ أَمَامَهُ وَلَمَّا نَظَرَ الْفِلِسْطِينِيُّ وَرَأَى دَاوُدَ اسْتَحْقَرَهُ لأَنَّهُ كَانَ غُلاَمًا وَأَشْقَرَ جَمِيلَ الْمَنْظَرِ فَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّ لِدَاوُدَ: «أَلَعَلِّي أَنَا كَلْبٌ حَتَّى أَنَّكَ تَأْتِي إِلَيَّ بِعِصِيٍّ؟». وَلَعَنَ الْفِلِسْطِينِيُّ دَاوُدَ بِآلِهَتِهِ وَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّ لِدَاوُدَ: «تَعَالَ إِلَيَّ فَأُعْطِيَ لَحْمَكَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ» فَقَالَ دَاوُدُ لِلْفِلِسْطِينِيِّ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ هذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي، فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ لإِسْرَائِيلَ. (1صم17: 39 -46)
كيف ترى الأحداث؟:
حدثتنا مجلة "هو و هي"، التي كان مقرها في القاهرة، و التي توقفت عن الصدور منذ سنوات، عن عالم مشهور يدعى الطبيب هارولد وولف، و الذي أجرى بحثا لصالح كلية الطب بجامعة كورنيل، لمعرفة أثر التفاؤل في صحة الناس.
و كان بين المجموعات التي فحصها 2500 جندي أمريكي، كانوا قد تم أسرهم في اليابان أثناء الحرب، و عاشوا تحت ظروف رهيبة، و عوملوا معاملة غير إنسانية، و كلفهم اليابانيون بأعمال شاقة مميتة، فتوفي عدد كبير منهم، أما الباقون فأصيبوا بأمراض شديدة.
و فحص الطبيب وولف جميع الأسرى فلاحظ أن عددًا محدودًا جدًا استطاع أن يتحمل شقاء الأسر، و لم يُصَب بأي مرض بدني أو نفسي. فلما سألهم عن أفكارهم خلال تلك الأيام القاسية، قال أحدهم:- كنت أرسم صورة لخطيبتي على جدار السجن كلما وجدت وقتًا لذلك. بينما قال آخر:- كنت أستكمل دراسة المشروع التجاري الذي عزمت على إنشائه عند عودتي للوطن. و سرد ثالث:- كنت أخطط لرحلة مع زوجتي و أولادي في المستقبل القريب ... إلخ.
و وجد الباحث أن جميع الناجين من المرض كانوا من المتفائلين الذين توقعوا النجاة و آمنوا إيمانًا صادقًا بعودتهم لوطنهم.
***
عزيزي القاريء، ربما تستغرب هذه التوليفة التي قرأتها في بداية الفصل، و لكن ما أريد قوله في هذا الفصل بسيط و أؤمن إنه مهم، بل أقول أنه حجر أساس لما يمكن أن يحدث في المستقبل لنا.
استقبل المصريون الثورة، بين مشارك و بين متابع مؤيد، و بين خائف متذمر، لماذا؟
لأنه ماذا إذا استلم الإخوان المسلمون الحكم، ما الذي سيحدث لنا نحن المسيحيين أو حتى المسلمين الليبراليين؟ سنرى أيامًا سوداء بكل ما تحمله الكلمة من مقاييس. و لنتذكر ما حدث في أفغانستان و إيران و الصومال و شمال السودان.
في الواقع هذا ما سمعته بكثرة متكررة من أصدقاء لي، انتابهم الهلع من تغيير النظام، بل و قبل تنحي الرئيس السابق، كانوا يصلُّون أن يتغلب مبارك و يعيد الأمور إلى نصابها، و كأننا كنا في نعيم فى أيامه.
و ناجيت نفسي:
<!--ألم نشبع خوفًا و قلقاً طوال هذه السنوات كما لو كنا بلا إله؟ ... لماذا لا نجرب الثقة بإلهنا و نخطو خطوة للأمام دون أن نضع أمام ناظرينا تلك الأفكار الشيطانية و التي تبدأ بكلمة "ماذا لو" ؟
في الواقع، هذا ذكرني كثيراً بتلك القصة التي قرأتها في مجلة "هو و هي" في حداثتي، و جعلني أبحث عنها لكي أكتبها موثقة، و لما لم أجدها كتبتها من الذاكرة دون توثيق، و لكنها تحكي عن فئتين من الناس تواجهان موقفًا صعبًا، فئة استطاعت أن تنتصر بسبب نظرتها الرائعة و الإيجابية للأمور، و فريق آخر لم يستطع الصمود بسبب الاستسلام للأمر الواقع.
و هذا أيضًا حدث مع شعب الرب في العهد القديم، لقد واجهوا تعيير جليات في خشوع و صمت، ناظرين إلى قوته المنظورة، ناسين قوة الله غير المنظورة التي اختبروها كثيرًا تاريخياً، و لكنهم وقت الأزمة لم يروا إلا قوة جليات!!
و إذا بالفتى الشاب ذو الشعر الأشقر و صاحب العينين الملونتين الجميل المنظر، الذي يعتبر في عرف رجال الحرب قديمًا غير صالح للقتال بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يبدأ بتحدى الجبار بالقول:-
<!--لا تقدر.
لا تقدر أن تعيرني بإلهي و أنا معي رب الجنود. القوة التي أملكها تجعلني أستطيع سحقك بحجرة ملساء، حتى الخمسة أحجار التي تزودت بها كانت زيادة عن الاحتياج، واحدة تكفي، لأن الموضوع ليس موضوع عتاد، و لكنه قوة مستخدمة في مكانها، و رب يدير الأحداث.
و الآن ... كيف ترى الأمور؟ ... أرى عزيزي القارئ أن تبدأ في عمل جدول لك للمستقبل بعيون ملؤها الرجاء، لكي تتحسن أحوالك في العصر الجديد، لأن الله هو الذي يمسك زمام الأمور. تطلع إلى المستقبل بدون خوف، و لا تجعل أحداً يخيفك بأخبار سلبية.
عندما بدأ أول استفتاء بعد الثورة، جاء إلينا الكثير و الكثير من توقعات تزوير الانتخابات، و القلم الفوسفوري الذي سيستخدم في الانتخابات لتزويرها، يكفي أن تطالع أخبارًا تحمل الهلع و الخوف و عدم الإيمان، والمنتشرة على صفحات الانترنت، و لكن ثِق: المستقبل أفضل، إذ لا يزال إلهنا يمسك دفة الأمور. لذلك استعد للأفضل.
بل دعني أقول لك، جهز خمسة أحجار ملساء و لتكن معك، فأنت ستحتاج واحدة منها قريباً.
تابعني
ساحة النقاش