غُرابُ الْبُعْد
أراها بِحاراً
بِرُموشِها الطِّوالِ.
عِنْدَها كُلُّ
شَيْء لِمَنْ أرادَ..
هِيَ تَعْرِفُني وتَعْرِفُ
ذُنوبِيَ الْكَثيرَةَ!
وإِلَيْها كَمْ
جُعْتُ يايَدَ الشّعْر.
أُحِبُّ دِيارَها
وهِيَ بِلا بِلادٍ..
أُحِبُّها كَامْرأةٍ
لا شَكْلَ لَها..
امْرأةٍ بَعيدَةَ الشّأنِ
كَوْنِيّةَ الْهَوى
والْغِيابِ كَأنْدَلُسٍ.
رَأيْتُها وَحْدي
فيما لا يُرى..
كانَ ذلِكَ
ذاتَ نَهارٍ !
وقَديماً سَمِعْتُها
فيما لا يُسْمعُ.
أحِبُّها مَخْفِيّةً..
إذْ مُغْرَمٌ أنا
وأُحِبُّها تُحِبُّ
التّنَكُّرَ فأغْزُوَها
مِثْلَ مَجْهولٍ.
إنّها نَهْرُ انْزِوائِي
ولا أسْبَحُ
فيهِ إلاّ مَرّةً ؟
وظِلالُها ذاتُ
الألَقِ فِـي الْمَعارِجِ
خارِجَ الْمعْلومِ أفْياءٌ
لا حَدَّ لَها تَفْتَحُ
الشَّهِيّةَ لِلسَّفَر.
إنّها أنا عَلى
قارِعَةِ الطّريقِ
وصَفْحَةِ الْماءِ
وتَنْتَظِرُنـِي السّاعَةَ..
تَنْتَظِرُنـِي لأِفُكّ
بِالرُّقى كَما فـِي حانَةٍ
أزْرارَها الْخُرافِيّةَ
فَأَشُمّ طيبَها الْمُغْوِيَّ.
إنّها امْرأتـِي الْجَدَلِيّةُ
منْفايَ الْكَوْنِـيُّ
مبْنىً ومَعْنى!!
امْرأَةٌ لا تَغْفو!؟
وأنا كَحَيَوانٍ لا
أدْري أيّ مَكانٍ
مِنْها يَنْبَغي أنْ
أُهاجِمَ أوْ أعْبُدَ.
إذْ فِـي نَفْسِيَ
أنْفَسُ الأوْطار بِتُّ
مِنْها طامِعاً!؟
فَهِيَ والْمَدى واحِدٌ
أنْفاسُها الْعِطْريّةُ
تَمْلأُ الأرْجاءَ..
ولكِن لا أراها
إلاّ كَما يُصَوّرُها
الْوَهْمُ وَالْمعْنى.
ولِكَثْرَةِ ما هِيَ
هِيَ شاسِعَةٌ
أنا آتٍ مِن هُنالِكَ
لأِبْحَثَ عنْها
فِـي وطني وأموتَ
بيْنَ نَهْدَيْها.
ما الّذي عَلَيّ قوْلهُ
فَغِيابُها يَأكُلُني فـِي
الْجِهاتِ السّبْعِ
تَحْتَ سَماءٍ كُبْرى!
ولأِنّني فـِي الْغُرْبَةِ
تَحُثُّني إلَيْها الْمَنازِلُ
فَيُثْنيني وهَنُ الْعُمْرِ
غُـرابُ الْبُعْدِ..
والْحُجبُ الّتي
لا تَنْزاحُ؟!
والْقَبْرُ الْقَريبُ.
م . الزهراوي
أ . ن