ما قد يلاقي في استقامته الهوى
**********************

ماذا الغريب منك يأتي يا هوى
ما من كتاب فيك مجتهدٌ روى
إلاّ رأيت الزّيف فيه و الكذبا

ما زلت أحصي الزّيف فيك هاربا
من شرّ نفسي أن تفرّ فتكذبا
حتّى سمعت الصّوت منّي مرسلا

قال انتبه:
جاران خصمان إليك احتكما

قال اللّسان شاكيا مستعطفا:
يبكي لظُلْمٍ أنْ ينال غيرُهُ
لذّات أنسٍ وهو جارٌ ينظرُ

"يا سيّدي,ماذا أقول في الشّفتين؟

لا تسألان الجار إن نام في عطش

يا سيّدي ما الضرّ في اللّذات أن تقتسما....

حتّى بقايا الرّيق من ثغرها

من جارتيّ... ما ألاقي من أسَى

ما حرّم الله على الجيران من رأفا"

قد قالتا –تسترضياني-كذبةً:

"لا تبتئسْ

تأتيك منّا نفحة من مبسم

يأتيك من أخيار ما يُسْقَى به

ثغرٌ-سَقَاكَ الله بعض طيبه

ثغرٌ إذا ما الورد غازلَهُ

زعما بماء الورد فيه الطّيب للبَشَر

غارتْ وريقاتُ الزّهور تشتكي

شيئين ليس الوردُ بالماء يفعلهُ:

فرح الشّفاه بالرّضاب تعصرُهُ

كي يستحيل خمرةً من عُطُر"

يا سيّدي

الله حسبي في فجور الشّفتين

لم ترعى حقّا به الرّحمان قد أوصى

أو قضى ,حقّا لي قد وجبا

(قُلتُ: اتركوني أنظرُ
هل فقهنا فيه السؤال و الخبر؟)

ألقتْ الشّفتان ضحكةً

فيها الدّهاء عابثٌ مسْتترُ :

"قل للّسان يُغْرها بالقبل

تدني إلينا ثغرها على عجل

نهديه ما يرضاه من خمر ومن عسل

ولْيحمدْ اللهَ اللّسان شاكرا

أنْ كان في سكناه منّا مُقْرَبا"

ثمّ اسْتعاذتا من الهجران صدّا مُتْعبا
بالله....ثمّ غنّتا:

"ذاك الهوى يا طفل ,يا طفل الهوى

ما قد يلاقي في استقامته الهوى"

شعر:الأستاذ أحمد بو قراعة