عبد الله قصراوي - المعتضد بالله المهاجر الخولي

---⏩ قصيدة بغــــــداد ⏪----
-مهداة لشرفاء اﻷمة ورحم الله الجواهري الذي أوحى-

ليْتَ الذي زارَنا بالأمسِ قَد صـَدقَا
مماّ يَفيئُ بِه الوعدُ الذي نَطَــــقَا
واستَمْطر َالغيْثَ مِن تِلقاء عَارِضـة
تَهمي عَلى الشّرقِ من أفيائِها وَدَقا
هلْ شَفّكَ الدمعُ مما القلبُ يغلِبـهُ
حزنٌ تأصّلَ أرْضَ الرّافِديْنِ شَقَــــا
أو عادَكَ الجُرحُ بعْد النّزفِ مِن ألٌَمٍ
ودمدمَ الدمع في الأحداق واختنقا
قالوا العراقَ تراتيلٌ نُرتّلُهــــــــا 
في كلِّ صبحٍ على القلب الذي خفقا
وَما وَجدتُّ صلاةً أستهلُّ بِهـــــــا
ولا دُعاءً سِوى صوتي الذي اختنقَـا لاشئَ في النفسِ غير ٍَالحزنِ يأخُذُها
وبعضُ وجْدٍ يزيدُ السّهدَ والأرَقـــا
خُذني إليهِ ولَو طيفاً أمرُّ بِــــــــهِ
ولَو تُراباً على شَطّيْهِ أو وَرقـــــا
واستأذن الشمسَ أنْ ترْخِي ظفائرَها
فَوقَ العراقِ وتطوي الأرضِ والأفُقا
ما بالُ بغدادَ لا روحٌ تطوفُ بهــــا
كلاّ وَلا الصّبحُ يَجْلو فَوقَها اﻷَلقَــــا
تلك العصيّةُ خلفَ الدمعِ أكتُمُهــــا
وذكرُها في وَجيبِ القلب قد خَفقا
لاشئ فيها سِوى الأطلالِ باكِيـــةً
على الذي شَبّ فيها اليومَ واحتَرقا
ما لي أراها بثوبِ الموتِ نازفـــةً
وذِي الدماءُ تَـلُفّ الوجهَ والعُنقـــا
كانت تُزيّنُ وجهَ الشّمسِ ضِحكَتُهــا
وتستريحُ على رَأْدِ الضُّحى أَلَقــــا
نديُمها الوردُ قد حَنّى أصابعَهـــــا
وأشعلَ الحُبُّ في أنفاسِها عَبقَـــا
ويسحرُ الشعرُ في دنيا قصائدهــا
شواطئ مال فيها النخل واعتنقــا لِحزنِ بغدادَ ماتَت ألفَ زنبَقــــــَةٍ
وماتَ كلُّ الذي في القَلبِ قد عَشقَ
حتى الفراشاتِ ما عادتْ تُغازلُهــا
ولا النهارَ سوى اللّيل الذي غَسقا
أذوبُ شوقاً وَلا ألقَى مُعَذّبَتــــٍي
ولا التي في هواها القلبُ قد علِقا
تلك العصيّةُ خلفَ الدمعِ أكتُمُهــــا
وذكرُها في وَجيبِ القلب قد خَفقا
لوْمَا عَرفتُ بأنّ فُراقَنا قـــــــدَرٌ
لظَلْتُ فيها ولو مَزّقتَني مِزَقــــــا
أكفكفُ الدّمعَ عن أجفانِ صِبيتــِها
وَأطفئُ القلبَ في النار الذي احترقا فرحتُ أجمعُ مافي الروحِ مِن رمقً
لكنْ أَبَت للذي في النفسِ قد عَلِقَ
بحُبِّ بغدادَ حتى كادَ يَقُتلنـــــــي
لكنْ وَماالقولُ في السّيفِ الذي سَبقَ
تأتينَ كالظّبيِ نشواناً على نغَــــمٍ
وتذهبين كريحٍ زهْرُهُ عَبَقـــــــــا
للهَ درّك ما ألفيتُ فاتنــــــــــــةً
كأنّه الكوكبُ الدّرّي ما ءاتَلقـــــا
دعوتُ لاسمك إن صليتُ يا قمـــراً
مِنَ السماءِ سَرى في الروحِ وانبثَقا
فَما شبعتُ سوى من فيض تُربتِهـــا
ولا ارتويتُ سوى من مائها غَدقــا
وَيذبل الزّهرُ في رَوْض الصِّبا ظَمأً
ويلفظُ الشّعرُ مِن جَرّائِها قَلَقــــا
وإن نظرتُ إلى عينيكِ سيدتــــي
رأيتُ عندَك سحر الشام مُتّفَقـــــا
يا مَن تَظلّ عَلى اﻷيّامِ أغنيــــةً
للحبِّ نلثمُ فيها الفُلَّ والحَبَقــــــا
هلْ لي بِعينيكِ أشعارٌ تُطرّزُهـــــا
كفُّ القوافي وقد أسكنْتُها الحَدَقـا
وليْس في العمرَ من شوقٍ لأَنثـُرَه
في مُقلتيكَ سِوى الحُبِّ الذي انبَثَقا
بغدادُ جُرحُك في الوجدانِ ذاكرةٌ
يَرومُها الدمعُ حَيْرانا بِها قَلِقـــــا
لقَد كتبتُ إلى بغدادَ أغنيـــــــةً
خبأتُها صرخةً في الدّهرِ إن نطَــقَ

----------------------------------------