عِطْر اَلْغِيّاب
هذا
الأرَقُ يَكادُ
أنْ يَكونَ هُوَ
وَمَحْفورٌ
فِيّ كَنهْرٍ!
يَخْضَرُّ فِيّ
مِثْل شَجَرٍ وهُوَ
غَيْرُ آبِهٍ ..
آهٍ لَوْ أصِفُ
لَكُمْ آلامَهُ؟
بَيْني وبَيْنَهُ هِيَ
وهُوَ هذِهِ الرّيحُ.
حُضورُهُ يَزْحَفُ
فِي ضَباب
رَأْسي مِثْلَ ضَوْء.
وعابِقاً بِالطّلْعِ
يُلَوِّحُ إلَيَّ..
عَيْناهُ غابَتا نَخيلٍ
وَعَتَباتُ أمْنٍ.
فِي كُلِّ خطْوَةٍ
لَهُ بِدايَةُ عُرْسٍ.
يَتَراءى قي برْزَخٍ
بيْن الشّرْق والغَرب.
ياحُضورَهُ الْبَعيدَ
مُدّ لِي يَدَيْك!
هذا ما أنْهَلُ
مِنْهُ فِي زَمَني.
وَتَطيرُ رُبّما بِهِ
إلَيْنا الطُّرُقُ !
بَيْني وبَيْنَهُ بَحْرٌ..
فأيُّ مَدٍّ
يَأْخُذُنِيُ إلَيْهِ أوْ
يَجْلبُهُ إِلَيْنا ؟
أيَحُجُّ يَوْماً إلَى
سَكَني أوْ يَجيئُ
مَعَ النّسيمِ ؟
احْتِواؤُهُ
لِيَ يومِظُ..
اَلنّهارُ صَهيلُهُ
ونارُهُ لا
تَسْتَسْلِمُ لِرُقادٍ.
إذْ كُلُّنا..
نُناديهِ والْمَدى
والْمُدُنُ الْمَذْعورَةُ.
كُلُّ شَيْءٍ تَوَقّفَ
وكُلُّنا فِي الْمَرْفَأِ.
الْمَدينَةُ سَهْرانَةٌ
وَبَيْنَ الْجُموعِ
أبْحَثُ عَن عيْنَيه.
بِكامِلِ الأوْصافِ
يَتَجلّى وفُحْشُهُ لا
غِنىً لَنا عنْه !
أرى الْعَذابَ يَكادُ
أنْ يَكونَ سُحْنَتهُ
ولا حَدّ لِلشُّموسِ
بيْنَ يَدَيْهِ
لا حُدودَ
لِهذا التّشَرُّدِ ولا
حَدَ لأِقْمارِهِ
فِي دَمي !
ما أُحِبُّهُ لَيْسَ
هُوَ بَلِ الشِّعْرَ
الذّي فيهِ.
ذاكَ هُوَ..
وما أرى مِنهُ
فِي الْمُمْكِنِ اقَلّ
بِكَثيرٍ مِمّا
أُحِبُّ أنْ أرى؟
وَحَيْثُما كُنْتُ
أرْصُدُهُ..
وأراهُ بَريقأً.
أنْتَظِرُهُ
بِصَبْرِ الْجِبالِ
والْمَسافاتُ
تَهْذي بِهِ
وَتَشْكوهُ حالِي!
فَأنا هُوَ وهِيَ
أنا ورَمَوْهُ
أَمامَها بِألْفِ
حَجَرٍ كَنَبِيٍّ
وهِيَ بِالْبُهْتانِ.
كُلُّنا نَرْصُدُهُ
فِي الْحواري..
نُكَفْكِفُ دَمْعَ
الْقَصيدَةِ ونتَفَقّدُ
طَللَهُ الْكَوْنِيّ.
آهٍ ياهذا..
هُوَ مِثْلي ؟
مَنْذورٌ لِلْمَنافِي!
وَجَنّدْتُ نُسوراً
فِي أسْفارِ وهْمِي
وَكُتُبِ الأساطيرِ
وبِلادِ الإِغْريقِ
لِلْبَحْثِ عَنْهُ وجَنّدْتُ
حَتّى الشّائِعاتِ
بَعْدَ أنْ كَتَبْتُ لَه.
أتَوَهّمُ أنّهُ يُناديني
وكَمْ يَصْعبُ عَلَيّ!
تَحْتَ أيِّ حَجَرٍ
أوْ شَجَرٍ يَنامُ..
ومِنْ أيِّ نَبْعٍ هُوَ
يَشْرَبُ الآنَ ؟
شَوْقُهُ يَهُزُّنِي..
أنا الآنَ دونَهُ
بِلا صاحِبٍ.
أُكابِدُه وهُو
في دَمي..
وَأُطِلُّ عَلَيْهِ فِيَّ
مِثْل نَبِيٍّ مِن
خِلالِ مِرْآةٍ.
م . الزهراوي
أ . ن