هاج الشبان وماجوا حول العريس نبيل سليم مساء الخميس *غنوا .صفقوا. طبلوا. زمروا.دبكوا .رقصوا.تحف بهم الأنوار الملونة والمتموجة* وقد اعتلاها سيول من النور الباهي الجميل النازلة من رأس عمود الخيمة الرئيس المتوسط المرتفع ,وعلى شكل شلالات ذوات ألوان زاهية*** ** كل من في الخيمة ومن حولها وما حولها وماعلاها ينادي للحبور والفرح *والفرقة الفنية تحرك في الشبان الهمم بأغانيها المميزة المحفزة للحركة والرقص*::::أنها ليلة الحناء يا نبيل *ليلة سهرة الشباب * إنها لك * إنها لن تتكرر* والعرس لك *ابتسم,افرح, *ما لك متجهم الوجه صامتا شاردا ؟؟؟**هذا تشجيع كل صديق له *ونصيحة الوالد وتوجيهات الوالدة*رغم قناعة الوالدين أن عرس ابنهما مثلوم الفرحة *فكان رده:أحاول *ولكن .......!وغرق الجميع في الرقص والغناء والدبكة وسرحوا مع الموسيقى الشعبية الجميلة .فانسل نبيل من بين الحضور بهدوء بلباس العريس البهي وامتطى سيارته وانطلق بها يسابق الريح*إلى أين ؟؟؟ لا أحد يدري*تبعته أنظار الحاضرين*** ولما اختفت راحلته لحقته مئات الهواتف تسأل عن وجهته*يجيبها: مشوار قصير ,وراجع ***وتكومت أمه على قارعة الطريق صامتة *هدها الخوف عليه ولجمها الاستغراب من تصرفه *وأسندت رأسها على كفها,ودار والده حول نفسه ,لا يدري ما يعمل,وأخذ أخوه ماجد يمسك أحد أصدقائه يسأله ثم يتركه ليسأل الآخر***وانتبه أقاربه للفتور المخيم على الجميع ولكن لا حيلة *وأما خاله محسن وبعد أن رد نبيل على هاتفه :أنا في طريق العودة*** استمروا ***,فقد تحرك وبعض المقربين لإحياء الفرح من جديد *في حين توسط الجمع المندهش أبو نبيل يحمس ويدفع للمشاركةوقد زاغ بصره*ومضت ساعة وأهله على نار الانتظار المحرقة *ثم هلت سيارته على الجمع من أول الشارع فتنفس الحضور الصعداء وكل منهم جادت قريحته بتعليق يناسب مزاجه**** كتم نبيل محرك السيارة بعد أن ركنها في مكان مناسب*وتوجه والشبان يزفونه بالتصفيق والزغاريد والغناء إلى وسط الخيمة وتناول مكبر الصوت *فخيم الصمت على الحضور*فقال: مساء الخير !!!أخي حازم يسلم عليكم ويشكركم ,وكان يتمنى مشاركتكم *ولكن !!!!*فغرق أكثرهم في البكاء *أما فقد بقي رابط الجأش جلدا **وقبل أن يحل السكون ضيفا ثقيلا على الأجواء انطلقت زغرودة من خالته سلوى وأخرى من ابنة عمه مرام وثالثة من الجارة *شجعت الشبان على بث الحيوية في الخيمة من جديد *واستمر السهر حتى سرق أكثر من ثلثي تلك الليلة*** ******** خرج المصلون بعد صلاة الجمعة من المسجد الذي اعتلى الجبل في القرية *وتوجه المدعوون لتناول وليمة العرس *ولا زال نبيل متجهما رغم محاولات كثير من الأصحاب والأحباب والأقارب رسم بسمة ولو صغيرة على شفتيه الجافتين الكالحتين*ثم انطلق الركب صوب بيت عمه عبد الله *وهناك لبس ملابس العريس والشبان يحفونه ويرقصون له ويراقصونه ويغنون أغاني تناسب الحال **وبعد أن اكتمل لبسه وتطيب وقف بباب الغرفة وقال:نصف ساعة وأعود*حاولوا لجمه فأبى وتفلت منهم وطار بسيارته ولكنه لم يتأخر هذه المرة فقد عاد مسرعا *وقال مباشرة: حازم يهديكم السلام ويشكركم على ما قدمتم *ادعوا له بالخروج قريبا *فلف الحضور الوجوم برهة ثم انطلقوا يزفونه في شوارع /القرية/لبيت والده ثم بالسيارات لبيت والد العروس ثم لصالة الحفل ولا زال التجهم يرسم صورته القاتمة على وجه نبيل *ودخل أهل العروس للمباركة ثم أهل العريس يتقدمهم جده ابو محمود الذي يكاد يتفطر من العذاب ومعاناة الوضع *وتكاد الدمعة الحرى تجرح خديه لولا كبر سنه وطول تجاربه وقوة جلده*وحاول الجد ابو محمود أن يدخل بعض البهجة على نفس نبيل حين صافحه وقبله واحتضنه ثم ودس في يده اليمنى ورقتين من فئة عشرة الليرات ورفع أمام آلات التصوير يده ماسكا بين رأسي إصبعيه السبابة والإبهام قطعة خمسة الدراهم وقدمها لنبيل عسى أن يصنع البسمة على شفتيه***وكان المحال******* انتهى الحفل وانتشر جراد الحاضرين ما عدا بعض الأقارب الذين حملوه وزوجه على كف البهجة وراحة التبريك إلى بيته العامر*ولا زال متجهما عابسا*كأنما طلق البسمة بينونة صغرى لحين رؤية أخيه حازم يسلك السبل أمامه***** حق لنبيل أن يولي البسمة دبره ويهجرها* كيف لا وشقيقه حازم قد دخل السجن بمكيدة محبوكة مجهولة الكائد قبيل موعد عرسه بأيام *كيف لا وهما الأخوان و الصديقان الصدوقان المتلاصقان المتحابان الوفيان لبعضهما الحريصان الغيوران على بعضهما وعلى أخيهما معاوية **** كيف لا وقد شربا من لبن أم نذرت نفسها لتربية صالحة لأبنائها الثلاثة وبناتها الثلاث فتفوقت على نفسها*******بعد أيام كانت البسمة قد التصقت بشفتيه واتضحت على محياه الناصع الوسيم *وارتسمت بريشة السعادة التامة*****حين تنادت الجارات لتلتئم زيارتهن و يحملن الهدايا ويتجهن لبيت العريس للتبريك كانت أم رشيد تجمع كلمات لتكون منها سؤالا مفهوما موجها لأم نبيل :في يومي عرس نبيل كان نبيل مقطب الجبين *وبعد انتهاء الفرح راحت التكشيرة *فسريها يا أم نبيل ؟؟؟ ردت أم نبيل :كان أخوه حازم في السجن وأخذ معه إلى السجن نصف روح أخيه نبيل *فكيف ستكتمل فرحته*إنه تلاحم الحليب يا أم رشيد*****/
جريدة حروف الشجن الابداعيه
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
50,358