عبدالله الصبيحى الأهرام المسائى

مقالات وأخباروتحقيقات وحقائق علمية على أرض الواقع

 

التعليم‏..‏ وقفة قبل المنحدر‏ 7
التقويم الشامل‏..‏ فكرة مجانية يصعب تطبيقها

تحقيق‏:‏  عبدالله الصبيحى

   

 
منذ القرن الماضي ونحن نردد أن التعليم رسالة‏,‏ وأن المعلم كاد أن يكون رسولا‏,‏ فلماذا لاتصل الرسالة‏,‏ وإذا كانت قد وصلت بالفعل‏,‏ فلماذا لم تحقق النتائج المرجوة إلي الآن؟ الإجابة أن هناك طرفا مفقودا في المعادلة‏(‏ المدرس ـ التلميذ ـ المدرسة‏),

‏ وهذا سبب الإلحاح علي كلمتي إصلاح التعليم‏,‏ وتكرر مصطلح الاصلاح حتي فقد معناه‏,‏ ولم يعد كثيرون يبالون حين يسمعونه‏,‏ ربما لأنهم فقدوا الأمل‏,‏ إذ إن الإصلاح يتم بالقطاعي‏,‏ علي الرغم من أن حياتنا في كل المجالات يجب أن يتم إصلاحها بالجملة‏,‏ فالسيارة تتعرض للانقلاب إذا كان أحد إطاراتها أسرع من الآخر‏..‏ باختصار‏,‏ يظل التعليم مرآة نري فيها الصورة الحقيقية لفكرة الدولة‏,‏ بما تضمه من مفاهيم‏:‏ المؤسسة‏,‏ والاستراتيجية‏,‏ والمستقبل‏,‏ في هذا التحقيق نستعرض مصير الشعار الجميل التقويم الشامل‏..‏
وقد شهد التقويم الشامل منذ تطبيقه بالمرحلة الابتدائية انتقادات حادة واعتبره البعض أفشل النظم التعليمية التي لعبت دورا مهما في تدهور نظام التعليم الابتدائي ولكن آخرين يصفونه بأنه نظـام ممتاز وسر فشله هو عمليات التطبيق الخاطئة وعدم تدريب المعلمين والاسرة عليه بما يكفي لترجمة الشعار وايضا ظروف النظام التعليمي من ارتفاع الكثافات وتعدد الفترات وعشوائية المعلم في تقديم تقييم حقيقي لمستوي الطالب والاعتماد علي التقدير الجزافي وعدم تنفيذ عناصر التقويم الشامل التي تعتمد علي مشاركة الطفل في الفصل وسلوكه وقدرته علي استخدام التكنولوجيا والاعتماد علي النقاش الحربين التلاميذ في موضوع الدرس ولكن مدة الحصة والمناهج العقيمة حالت دون نجاح هذا النظام‏.‏
تطبيقه صعب
يقول دريدي عبدالله‏(‏ مدرس‏)‏ إن التقويم الشامل نظام غير ناجح إذ يصعب تطبيقه في مصر بسبب تراجع المناهج وارتفاع الكثافات في الفصول وتعدد الفترات الدراسية فالنظام يعتمد علي ثلاثة أداءات شهريا بمعدل أداء كل‏10‏ أيام ويأخذ أعلي درجة من الأداءات الثلاثة ولايوجد مدرس في مصر ينفذ ذلك ولذلك فإن الدرجات التي يضعها المعلمون لا تمثل المستوي الحقيقي للطالب ولو قارنا امتحان نصف العام بالأشهر نجد أن الدرجة أقل بمراحل من ملف الانجاز وهذا معناه ان النظام غير واقعي‏.‏ فالعناصر التي يعتمد عليها هي الامتحانات التحريرية والشفوية والمشاركة داخل الفصل والنشاط واستخدام التكنولوجيا والتي يحصل فيها الطالب علي‏50%‏ والباقي علي أمتحاني الترمين معا‏.‏
ويعتمد النظام علي‏25‏ امتحانا في التيرم الاول ومثلها في الثاني كما ان الانشطة مهمه ومفيدة جدا بالنسبة للطالب ولكن غير مفعلة ولا يمكن أن يتم تفعليها حتي ظل ان الحصة مدتها نصف ساعة وكثافات عالية فكيف يمكن تطبيق التقويم في ظل ذلك‏.‏
ولكن د‏.‏ نصر الله محمد أستاذ التربية بجامعة قنا يصف التقويم الشامل ـ علي المستوي النظري ـ بأنه ممتاز‏,‏ ويخدم العملية التعليمية بشكل عام هو والمدرس والتلميذ بشكل خاص فهو يساعد المدرس في تطوير فكرة وأساليب شرحه وعلمه كما يجعل التلميذ حريصا علي الفهم والتحصيل وتقييم نفسه ومستواه العلمي ومعرفة نقاط الضعف في المواد التعليمية وكيف تمكن معالجتها‏.‏
ويقول إن تطبيق هذه الأفكار الخاصة بالتقويم الشامل اتخذ شكلا صوريا‏,‏ حيث يضع المدرس درجات عشوائية نظرا لضيق الوقت لشرح المناهج التعليمية بالشكل الذي وضعته الوزارة وتقييم التلاميذ ووضع درجاتهم حسب ملف الإنجاز الخاص بكل تلميذ بالإضافة للواسطة والمحسوبية التي تلعب دورا كبيرا في إضافة درجات للطلاب دون حق‏.‏
ويوضح أن التقويم الشامل يولد نوعا من الخوف عند التلميذ‏,‏ وهذا الخوف يدفعه إلي الخطأ فيلجأ الطلاب إلي الدروس الخصوصية من أجل التقارب من المعلم وزيادة درجات التقويم الشامل مقترحا ألا ينفرد المدرس بوضع درجات التقويم الشامل وأن تقوم بهذا الأمر لجنة أو مجموعة مدرسين للقضاء علي المحسوبية والدروس الخصوصية‏,‏ بالإضافة إلي ضرورة تعليم الطلاب كيفية وضع الأسئلة والإجابة عنها وتصحيحها عن طريق التعليم الذاتي‏,‏ ولابد أن يتابع أولياء الامور مستوي أولادهم في المدارس حتي ينجح نظام التقويم الشامل بقوة‏.‏
ضمير المدرس
وتقول الدكتورة فارعة حسن استاذة مناهج وطرق تدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس ان التقويم الشامل يمنح الطلاب فرصة التميز وإنجاز بعض المهارات عن طريق الممارسات والتدريبات العملية تحت إشراف المدرس ونجاح هذا النظام يبدأ من تعليم المعلم كيف يضع درجات ملف الانجاز الخاص بالطلاب بكل صدق مع ضرورة اقتناع اولياء الأمور بأهميته‏.‏
وعلي الطالب أن يتعلم كيف يعتمد علي النفس حتي يصبح مؤهلا لمرحلة الابداع أو الابتكار أو النجاح‏.‏
وتؤكد الدكتورة كوثر كوجك أستاذة مناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة حلوان أن للتقويم الشامل فوائد كبيرة للتلميذ والمدرس وأولياء الأمور‏,‏ وأن لهذا النظام دورا كبيرا في النواحي المهارية وتنمية قدرة الطالب علي إبراز موهبته وقدرته علي الابتكار ولكن أولياء الأمور والمدرسين يتصورون أن هذا عبء كبير علي التلاميذ وكفاية عليهم المدرسة والدروس متجاهلين ضرورة تنمية الطالب مهاريا وأخلاقيا وبدنيا والجميع مسئولون عن نجاح هذا النظام فإذا طبقت هذه الأفكار وقدراتهم‏.‏
بطريقة فعالة فإن نتائجها ستكون مضمونة لأقصي درجة لتخريج جيل مبدع واثق بنفسه قادر علي تحمل المسئولية وفي حالة تطبيق التقويم الشامل بشكل علمي صحيح كما هو موجود في كل الدول فمن المؤكد سنصل إلي نتائج جيدة‏.‏
ويري الدكتور كمال نجيب الاستاذ بكلية التربية بجامعة الاسكندرية أن تطبيق نظام التقويم الشامل سيقضي تماما علي السلبيات في نظام الامتحانات حيث إن امتحان الطالب مرة أو مرتين في العام لايساعد بدرجة كبيرة في تحديد مستوي الطالب وخاصة أنه لايحدد إلا مستوي الطالب علميا فقط دون النظر إلي المستوي الفكري والمعرفي والوجداني والمهاري‏,‏ مع العلم أن هذه الأشياء تلعب دورا مهما في بناء التلميذ بشكل صحيح وتؤهله للقيام بالاعمال الاجتماعية في المستقبل‏,‏ وأيضا يساعد تطبيق التقويم الشامل في القضاء علي المهام الصعبة الملقاة علي عاتق المدرس في ظل تعدد الفترات الدراسية‏.‏
ويؤكد أن التقويم الشامل أمر حيوي للمنظومة التعليمية في مصر إلا أنه من المستحيل تطبيقه إلا بعد تعديل عدة أشياء منها خفض الكثافة في الفصل معالجة النقص الشديد في المعامل وقاعات الموسيقي وقاعات الرسم وعدم وجود حمامات في المدارس بالإضافة إلي عدم وجود أسوار في كثير من المدارس وخاصة في المناطق العشوائية‏,‏ أما الكلام عن هذا النظام في ظل الوضع الحالي فمعناه أنه سيكون مجرد شكل بلا فاعلية وسيكون عبئا علي الطلاب والمدرسين وأولياء الامور ويفرز سلوكيات سيئة عن طريق قيام بعض المكتبات وأولياء الامور وبعض المدرسين بإعداد ملفات الانجاز للطلاب وفي هذه الحالة يصبح التقويم الشامل فاشلا‏..‏
نظرة شاملة
ولكن الدكتور احمد زكي بدر وزير التربية والتعليم يؤكد ان الوزارة تعمل حاليا علي اصلاح العملية التعليمية بجميع عناصرها ان ذلك يتطلب نظرة شاملة ومتكاملة لعناصر القوة والضعف في النظام التعليمي وان هناك خطة قومية استراتيجية للتطوير والوصول الي تعليم عالي الجودة في مصر‏.‏
ويضيف ان هناك اهدافا لتطوير مرحلة الطفولة منها بناء وتنمية قدرات الاطفال الابداعية والوجدانية والسلوكية واستثمارها من خلال إتاحة الفرص التربوية الجيدة للتعلم ولتحقيق ذلك فقد تبنت الوزارة استراتيجية لتنمية مرحلة رياض الاطفال بحيث يكون الاهتمام منصبا علي توفير الرعاية الصحية والنفسية والتربوية للطفل باعتبار ذلك من الحقوق الاساسية الانسانية لكل طفل وتسعي الوزارة من خلال خطتها الي زيادة معدل القيد الاجمالي ليغطي‏60%‏ من جميع الاطفال في الشريحة العمرية‏4‏ ـ‏5‏ سنوات بنهاية‏2012,2011,‏ إلي جانب اصلاح التعليم الاساسي من خلال تطوير الناجح ودمج التكنولوجيا في العملية التعليمية وتطوير طرق التدريس والتقويم وهذا سيلعب دورا مهما ورئيسيا في عملية التقويم الشامل وتطوير مناهج التعليم الابتدائي وطرق التدريس تطويرا شاملا بهدف الانتقال من نموذج تربوي تقليدي قائم علي الحفظ والتلقين الي نموذج تربوي حديث يدعم التفكير الناقد وينمي قدرة التلاميذ علي حل المشكلات‏.‏

المصدر: الأهرام المسائى
elsobihy

الصبيحى الأهرام المسائى

  • Currently 65/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
22 تصويتات / 139 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2010 بواسطة elsobihy

ساحة النقاش

عبدالله الصبيحى

elsobihy
عبدالله الصبيحى صحفى جريدة الأهرام المسائى [email protected] 002_0109010134 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

85,317