مراكز الدروس الخصوصية.. خارج السيطرة
تحقيق: عبدالله الصبيحي
شأن كثير من العشوائيات انتشرت خلال العقد الأخير في مصر مراكز الدروس الخصوصية وأصبحت الملاذ الأخير امام الطلاب في ظل تردي العملية التعليمية في المدارس
وفي محاولة من الدولة لمواجهة هذا الوباء اصدرت وزارة التربية والتعليم القرار رقم180 لسنة2002 باتخاذ الاجراءات القانونية ضد المراكز التي تعمل بدون ترخيص وبمرور الوقت استفحل الوباء وأصبح في ظل الانتشار الرهيب لهذه المراكز اكبر من كل القرارات ومحاولات العلاج وفي عام2009 صدر القرار الوزاري رقم282 الذي نصت المادة الأولي منه علي مد فترة حظر منح تراخيص بفتح مثل هذه المراكز وإغلاق المخالف منها وبالفعل تم اغلاق213 مركزا بمحافظتي القاهرة والجيزة أخيرا.
إلا أن مافيا هذه المراكز لجأت للأبواب الخلفية للابقاء علي هذه الدجاجة التي تبيض ذهبا من خلال الحصول علي تراخيص من وزارة التضامن الاجتماعي ووزارة الاوقاف والجمعيات الأهلية أو التخفي بالمساجد والكنائس سعيا للهروب من الضرائب.
في البداية يؤكد الدكتور مدحت مسعد وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة القاهرة ان كل قوانين التربية والتعليم الحالية لا تسمح بإقامة مراكز تعليمية للدروس الخصوصية, وهناك تراخيص تمنحها الوزارة للمراكز التعليمية بعيدا عن هذا النشاط مثل مراكز تعليم اللغات والكمبيوتر وتعد هذه المراكز تعليمية ثقافية بعيدة عن المناهج التعليمية.
وأضاف ان المراكز التعليمية الخاصة التي تمارس نشاطا غير تخصصها يتم اغلاقها علي الفور وشهدت الآونة الأخيرة اغلاق173 مركزا بالقاهرة, موضحا ان سبب اغلاق هذه المراكز هو ممارستها نشاطات تعليمية مقابل أجر بعيدا عن الهدف الذي انشئت من اجله وهو الكمبيوتر او اللغات.
وقال إن وزارة التضامن الاجتماعي تمنح بعض المراكز ترخيصا لإقامة مراكز تعليمية لغير القادرين مجانا, ولكن للأسف لاتلتزم هذه المراكز بذلك حيث ان نسبة كبيرة منها تحصل علي مقابل مادي بالمخالفة لشروط الترخيص, وأضاف لم يتوقف الأمر عند وزارة التضامن الاجتماعي حيث تقوم الكنائس ووزارة الأوقاف بمنح مثل هذه التراخيص للمراكز.
وأوضح ان اعداد الطلاب بالمراكز التعليمية الخاصة كبيرة جدا حيث تصل إلي40 طالبا وهو نفس العدد داخل الفصول الدراسية بالمدارس تقريبا وتساءل ما الفرق بين الاثنين؟ موضحا ان المراكز التعليمية الخاصة تشهد اقبالا كبيرا رغم أن مدرسي المدارس هم أنفسهم مدرسو المراكز بما يعني انه لا توجد عوامل جذب ولكن الإقبال عليها أصبح مجرد عادة عند أولياء الأمور والطلاب.
وأكد الدكتور مدحت ان المراجع والملخصات التي يتم تدريسها بالمراكز التعليمية الخاصة منقولة بنسبة99% من كتب الوزارة, لذا يري عدم جدوي ذهاب الطالب اليها وان الاعتماد علي الكتب المدرسية يعد افضل جدا.
التقويم الشامل
وقال إن حل هذه المشكلة يكمن في عودة الثقة في المدارس التعليمية خاصة ان لها دورا كبيرا لا يمكن ان يقوم أي مركز تعليمي به والامتحانات التجريبية التي حدثت في الآونة الأخيرة بالمدارس خير دليل علي ذلك.
وأضاف ان التقويم الشامل سيقضي تماما علي الدروس الخصوصية بحلول عام2014 بعد استكمال عملية تطوير التعليم يقومبها وزير التربية والتعليم حاليا.
وأضاف الدكتور محمود العريني وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الجيزة ان المادة الأولي في القرار الوزاري رقم282لسنة2009 تنص علي مد فترة حظر منح تراخيص فتح مراكز التدريب والتعليم والتخصصات المختلفة المقررة بالقرار الوزاري رقم112 لسنة2008 وذلك لمدة6 أشهر أخري تنتهي في19 ابريل2010 وتنص المادة الثانية علي ان تقوم مديريات التربيةوالتعليم والهيئة العامة للابنية التعليمية باستكمال مراجعة موقف المراكز التي لم توفق اوضاعها وفقا للقرار الوزاري180 لسنة2002 واتخاذ الاجراءات القانونية تجاه المراكز المخالفة طبقا لما ورد في ذلك القرار.
وأكد العريني أن هذا القرار يتم تجديده كل عام منذ7 سنوات لمحاربة المراكز التعليمية الخاصة بكل الأشكال.
دور الأحياء
وأضاف أنه تم إغلاق أكثر من40 مركزا خلال الفترة الماضية كانت مخالفة لبنود التعاقد, موضحا ان الاحياء تلعب دورا كبيرا في متابعة هذه المراكز ومعرفة مدي التزامها ببنود الترخيص أم لا.
وأكد أن التراخيص التي تحصل عليها المراكز التعليمية من الكنائس والمساجد تكون بدون مقابل مادي, ولكن للأسف هذا لايحدث علي أرض الواقع, وقال ان وزارة التربية والتعليم تكثف نشاطها خلال الفترة الحالية لاغلاق كل المراكز التعليمية المخالفة لشروط التراخيص ولتقليل الدروس الخصوصية أيضا.
أضاف المهندس محمد عبد المولي أمين عام اللجنة العليا للخدمات بوزارة الأوقاف أن اللجنة توافق علي منح ترخيص بحق الانتفاع لبعض المساحات بالمساجد لفتح مراكز لتحفيظ القرآن الكريم أو فصول تقوية للطلاب أو حضانات أو مكتبات اسلامية وتتم متابعة هذه الإنشطة عن طريق كل إمام بالمسجد ومن يقوم بمخالفة نشاطه أو يتسبب في حدوث أصوات تؤثر علي المصلين يتم انهاء التعاقد معه فورا
وأوضح أن مدة التعاقد لاتتعدي سنة بحيث يتم التحكم في هذه الانشطة بشكل جيد وكشف عبد المولي عن أن اللجنة تمنح الترخيص فقط لصاحب المركز دون فرض أسعار محددة للدروس الخصوصية في حالة ما إذا كان مركزا تعليميا فهذا ليس من اختصاص اللجنة بل اختصاص وزارة التربية والتعليم,وأن الرقابة من جهة وزارة الاوقاف تتوقف عند عدم تغيير النشاط وعدم ازعاج المصلين.
وأضاف رضا أبو العلا رئيس مأمورية ضرائب المهن الحرة أول بجاردن سيتي أن عدد المراكز التعليمية الخاصة علي مستوي القاهرة مجهول وحصرها مستحيل,ونسبة كبيرة منها يتم اكتشافها عن طريق الشكاوي من السكان وخاصة المراكز الموجودة في العقارات.
وأشار الي أن بعض المراكز تقوم بخصم10% من راتب المدرس للضرائب وتسمي ضرائب كسب عمل أو تتم محاسبة هذه المراكز عن طريق اعداد الطلاب وتسمي هذه الطريقة ضريبة محاسبة مهنية.
ضريبة بالقانون
وقال ان المادة11 من قانون1991 الخاص بالضرائب تنص علي أنه اذا كانت هناك علاقة تبعية أو امتداد للعمل لابد أن تخضع المرتبات والأجور للضريبة, وبالتالي تخضع مرتبات المدرسين الذين يحصلون عليها من المراكز التعليمية للضريبة, واضاف أن المدرس الذي يقوم بافتتاح مركز تعليمي في عقار تطبق عليه الضريبة عن طريق حساب الإيرادات والمصاريف وتطبيق الضريبة علي الصافي فقط حسب القانون.
وأكد مصدر مسئول بالادارة العامة للجمعيات بوزارة التضامن الاجتماعي أن الوزارة لايمكنها أن تمنح أحدا تراخيص إلا لإقامة الحضانات وغير ذلك ليس من اختصاص الوزارة وخاصة المراكز التعليمية التي تكون من اختصاص وزارة التربية والتعليم.
وقال إن الجمعيات الاهلية لاتقيم اي نشاط إلا إذا كان ضمن نشاطها الذي انشئت من اجله سواء كانت تعليمية أو ثقافية أو علميا أو صحية أو خدمية ولابد من حصول الجمعية علي ترخيص من الجهة المعنية بالنشاط.
وأوضح أن دور وزارة التضامن الاجتماعي يتوقف علي الرقابة فقط علي هذه الجمعيات أو المراكز ومعرفة مدي التزامها بالانشطة المحددة لها في بنود الترخيص من عدمه وفي حالة مخالفة الجمعية بنود الترخيص يتم اغلاقها خلال15 يوما بعد انذارها.
وأضاف عبد العزيز حجازي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الاهلية أن الجمعيات الاهلية لاتهدف الي الربح المادي وأن الهدف الحقيقي وراء إنشائها هو خدمة المجتمع لذا يجب ألا تأخذ هذه الجمعيات مقابلا ماديا عند تقديم أي خدمة واذا حدث ذلك يجب ان يكون المقابل رمزيا لسد حاجة التكاليف فقط واذا تم توفير اي مبالغ مادية تجب الاستفادة منها في نفس نشاط المشروع الخدمي لتطويره.
وأوضح حجازي أن الاتحاد العام للجمعيات الاهلية يمنح الجمعيات فرصة ممارسة أنشطة مختلفة سواء كانت محو الأمية أو ثقافية أو علمية أو صحية أو خدمية أو غير ذلك من الخدمات التي تخدم المجتمع.
12 مليارا
وأكد جمال حسن مستشار لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب أن مراكز التعليم الخاصة غير شرعية وليس من اختصاص وزارة التضامن الاجتماعي اصدار تراخيص لها وأن اختصاصها يكمن في الحضانات فقط ومدارس المعاقين وتحفيظ القرآن وعدا ذلك يعد غير قانوني أو شرعي وقال ان ملخصات المدرسين والدروس الخصوصية تكلف الأسر المصرية12 مليار جنيه سنويا وهو ما أكدته الدراسات في هذا المجال مؤكدا أن أولياء الأمور كتب عليهم
العذاب.., من أجل نجاح أولادهم ودفع هذه المبالغ مهما كانت التكلفة وأضاف أن الكتب المدرسية جيدة ومفيدة في الشرح خاصة أن الطالب يستفيد منها بنسبة70% ويجب تطوير20% فقط والـ10% الباقية تكون بمجهود الطالب الذاتي عن طريق البحث والقراءة والاستفادة من المدرسين والطلاب لذا يري أن هروب الطلاب إلي مراكز التعليم الخاصة خطأ وإهدار للوقت ويجب التصدي له من جانب الأسرة أولا قبل الوزارة.
ويري أن زيادة المصروفات الدراسية بنسبة10% تضاهي الـ12 مليار جنيه قيمة الدروس الخصوصية وبهذا يمكن رفع مرتبات المعلمين إلي الضعف أو أكثر مع وضع قوانين تمنع المراكز التعليمية الخاصة وتهدف للتخلص منها نهائيا ومعاقبة كل من يخالف ذلك وفي هذه الحالة, نكون قد ساعدنا في حل مشكلة هروب الطلاب إلي مراكز التعليم الخاصة.
إضافة إلي ضرورة إعادة الانشطة الطلابية بالمدارس مرة اخري وفقا للمعايير الأوروبية التي تساعد علي نشاط الطلاب وزيادةالمهارات ودرجة الفكر أيضا.
رحب الدكتور فاروق عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري بإنشاء المراكز التعليمية ولكن بشرط أن تكون تحت سيطرة ورقابة وزارة التربية والتعليم, وقال في حالة منع إقامة مثل هذه المراكز يلجأ أصحابها إلي الطرق غير الشرعية مهما كانت لذا يفضل افتتاحها تحت رعاية الوزارة بالتنسيق مع المحافظين في اطار اللامركزية.
معاقبة المخالفين
وقال انه في هذه الحالة تمكن معاقبة المخالفين لشروط التراخيص, إضافة إلي فرض الضرائب علي هذه المراكز وبالتالي نضمن الجودة داخلها وأرجع سبب لجوء الطلاب إلي هذه المراكز إلي ما يسمي برعب الثانوية العامة..,
وقال الدكتور فاروق حال المدارس حاليا لا يجب السكوت عليه, ولابد من تحسين أوضاع المدرسين اجتماعيا وعلميا وثقافيا وزيادة الكفاءات التعليمية بالطرق الحديثة لضمان نهضة التعليم, وهو ما يقوم به وزير التربية والتعليم حاليا.
وطالب بضرورة تغيير أشكال الامتحانات بحيث تخرج عن الشكل التقليدي الذي تعتمد عليه إلي الطرق الحديثة التي تعتمد علي الفكر, بالإضافة إلي الاهتمام بالانشطة الطلابية التي تربي وجدان الطلاب, بحيث أن تطوير العملية التعليمية لا يتوقف علي الانضباط فقط بل هي منظومة متكاملة يجب تطويرها من أجل تحقيق هدف النجاح.
* وأضاف الدكتور محمد أمين المفتي عميد كلية التربية السابق واستاذ المناهج أن المراكز التعليمية الخاصة لا تقدم أي نوع من التعليم الذي يهدف إلي تكوين شخصية متكاملة للمتعلم وهو الهدف الذي تسعي اليه المدارس أو المؤسسات التعليمية التي تخصع لوزارة التربية والتعليم, وقال إن هذه المراكز تلعب علي تقديم مفاتيح حل أسئلة الامتحانات فقط وبهذه الطريقة يكون دور الطالب لا يتعدي مرحلة الحفظ والسرد وفي الامتحانات ولا يتذكر بعدها أي معلومة وخاصة عند العمل, وبالتالي تقف هذه المراكز عقبة امام اهداف وزارة التربية والتعليم التي غايتها النهائية النمو الشامل المتكامل للمتعلم.
وقال إن المراكز التعليمية الخاصة تركز علي اعداد الملخصات ويعد هذا النوع أدني في أنواع التعليم خاصة أنه بعيد تماما عن عملية الهضم والاستنتاج والتحليل والابتكار وغيرها من الأسس العالمية التي تفيد المتعلم سواء كان في حياته العلمية أو الاجتماعية.
أضافت الدكتورة زينب حسن استاذة أصول تربية بكلية البنات جامعة عين شمس أن مراكز التعليم الخاصة كانت تعالج الفئة غير القادرة علي الفهم داخل الفصول بالمدارس في الماضي, ولكن للأسف حاليا يعتبرها أولياء الأمور وجاهة اجتماعية ولابد منها ويتفاخر كل أب بأنه يمنح أولاده مثل هذه الدروس الخصوصية.
الكتاب المدرسي تقليدي
وأضاف ان الكتاب المدرسي يعتمد علي طرق تقليدية في عملية الشرح تتسبب في تعقيد الطالب ولا تساعده في الحصول علي الدراجات التي يرغب فيها لذا يهرب إلي المراكز التعليمية الخاصة التي تحقق هدفه.
وأوضح ابراهيم محمد السيد طالب بالصف الثاني الاعدادي ان الكتب المدرسية لا تقدم معلومات جيدة وخاصة في بعض المواد مثل مادة العربي حيث إنها تحتاج إلي شرح واف للاناشيد مع العلم بان الطالب يحتاج إلي تفسير واضح لكل شيء حتي يستطيع أن يفهم كل الاجزاء لكي يحقق درجات جيدة تؤهله للالتحاق بكلية جيدة في المستقبل, بالإضافة إلي مادة الرياضة التي تحتاج إلي اسئلة متنوعة ومختلفة وبها فكر جديد خاصة أن كل سؤال له إجابة تختلف عن الاخري وهذا لا يتوافر في الكتب المدرسية أو عملية الشرح داخل الفصل بالمدارس حيث انها سواء كان المدرس أو الكتاب لا يقدمان اسئلة واجابة متنوعة يمكن رجوع الطالب اليها للتأكد من مستواه بعكس ما يحدث في المراكز التعليمية الخاصة.
* وأكد انه في حالة تطوير الكتب المدرسية واهتمام المدرس بعملية الشرح لن يحتاج الطالب إلي مثل هذه المراكز التي تهدر الوقت وتستنزف طاقات الاسر المصرية.
المصدر: الأهرام المسائى
نشرت فى 28 يونيو 2010
بواسطة elsobihy
عبدالله الصبيحى
عبدالله الصبيحى صحفى جريدة الأهرام المسائى [email protected] 002_0109010134 »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
85,197
ساحة النقاش