جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
ستظل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ماثلة في القلوب والأذهان إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها ، سواء في ذلك عقل وقلب من أحبوه واتبعوه أو من خالفوه واحترموه أو من حقدوا عليه وصبوا عليه جام غضبهم من قديمٍ وحتى أيامنا هذه بغير حق ، فدسوا عليه الأحاديث وأولوا تصرفاته ومواقفه بحسب أهوائهم وأغراضهم ، ولكن الله كما حفظ كتابه ، قيض لسيرة حبيبه رجالاً وعلماء من شتي البقاع والأجنـــاس ممن سهروا عليها ودافعوا عنها ولا يزالون .
ستظل السيرة النبوية العطرة نبعاً معطاءً متجدداً لا يقف عند حد بل سيجد فيها كل قارئ فضلاً جديـــداً ، رؤية تدعو للتفكير والتأمل وربط الأحداث والتعمق فيها ، وإستكناه أسرارها وليس أدل علي ذلك مثل رسالة دكتوراه نوقشت بجامعة السوربون بفرنساعن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لإبن إسحـــــاق / إبن هشـــــــام :" الفترة المكية – تحليل نقدي للنص" ، للدكتور محمود علي مراد الذي يقرر في مقدمته : ( بعد أن كان فى نيتى فى البداية دراسة هذه السيرة بأكملها ، وجدت كلما فطعت شوطاً فى بحثى هذا أن مثل هذا المشروع ضخم للغاية ، وأن من الصواب أن بقتصر بحثى على دراسة الفترة المكية ) .... كتاب يسلك مسلكاً نقدياً مع السيرة لا أتفــق معه ولكنه جهـــــد .
- وعكف من قبله الدكتور أحمد شلبي علي الفترة المدنية من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول في أحد أعداد مجلة الهلال : ( فقد رأيت أن عهد الرسول بالمدينة ينبغى أن يُدون تاريخه من جديد ) وذلك بعد أن عنت له ملاحظات بعد قراءته سيرة ابن هشام الذي يركز فيها علي غزوات الرسول فقـــــــط التي قادها أو أمر بإنفاذها ويستكمل متسائلا مندهشا " " كأن حياة الرسول كانت حـــــروباً متصلـة وكأن الإسلام دين دماء " وفي موضع أخر يتساءل : ( أين الجوانب الأخرى في حياة الرسول ، أين جهود الرسول لبناء الفرد المسلم ، وبناء المجتمع الإسلامي ......الخ ).
ثم قام بإصدار كتاب عن السيرة العطرة مبيناً فيها جوانبها كلها مستندا في هذا علي كتب الحديث الصحاح يقتبس منها ويصنف أبوابها وأحداثها بصبر ودأب.
ألم أذكربأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم سيظل مصدراً من مصادرالإلهام للخير ومنبع من منابع التوجيه للحق لا يغيض ماؤه .
ومن هذا المنطلق وتأسيساً علي ما ذكر السابقون بأن السيرة العطرة عمل ضخم لا يستطيع العالم ناهيك عن غير المتخصص أن يلم بأطرافه ، فلا تعطي السيرة أنوارها دفعة واحدة لشخص واحد علي مرالعصور، لتظل نهراً عذبا ً جارياً مغداقاً، يرتوي منه كل السائرين علي نهج رسولنا صلى الله عليه وسلم، والمتبعين هداه إلي يـوم الدين .
ومن زاوية أعتقد أنها جديدة أحاول الإبحارفي هذا المحيط الهائل الزاخر بجرأة لا أحسد عليها بعد خوف ولأي شديدين ، يدفعني في هذا حبي لشخص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وقدر ٍمن مادة علمية أسوقها لإثبات حجتي .
ولقد استندتُ فى كتابى هذا علي أصح الكتب فى السيرة النبوية المطهرة والروايات الصحاح عنه صلى الله عليه وسلم ـ أو مااشتهرصحته ـ فلا يجوز الكذب عليـــه صلى الله عليه وسلم فقد أخرج الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه قال : إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :’’من تعمَّد عليَّ كذباً فليتبوأ مقعده من النار’’.
كما روى البخاري من حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟ قال : أما إني لم أفارقه ولكن سمعته يقول :’’من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار’’.
وكيف يتأتى لى أن أكذب عليه وأنا الذي أطمع في شرف صحبته ، ومعيته ومحبته ، وأن أشرب بيده الكريمة من حوضه المورود صلى الله عليه وسلم ، ولعل كتابى هذا يكون شفيعاً لي ـ عند ربى ـ ولزوجتى التى كانت وراء تفرغى التام لإنجازه ،وتحملت عنى العناء والعنت ، فأكرم بها من زوجة وسائر نساء المسلمين ، والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل .
ساحة النقاش