في وقت تتزايد فيه الأحاديث حول الأحداث السياسية المتلاحقة ولاقتصادية التي تتصل بالوطن والمواطن، تنطلق مبادرة فكرية ثقافية علمية، هدفها جعل عام 2017عامًا للثقافة والإبداع، ولكن هذا ليس غايتها، بل وسيلتها؛ فغايتها تكمن من اتخاذ الثقافة والإبداع وسيلة لتحقيقها لما فيهما من آفاق واسعة تسمح بتوسيع مساحة التعايش المجتمعي، وإرساء قيم التسامح والسلام وقبول الآخر.
قد يهون البعض من أمر المبادرة، ويجدها نوعًا من الرفاهية والترف الفكري، وهذه نظرة ضيقة للنظر في أدق تفاصيل مشكلاتنا الاجتماعية، وقصرها فقط على المناداة بالالتفاف حول مشروع قومي يوحد جهود الآمة، وغالبًا ما يكون البحث عن مشروع قومي اقتصادي، ننتظر أن يغل عائدًا ماديًا كبيرًا في زمنٍ قصير، مع أن ترسيخ الأطر الثقافية في بنية الفرد والمجتمع ستؤتي أكلها من مردود اجتماعي واقتصادي وسياسي كبير وخطير ولكن ليس في الزمن القصير، بيد أنها ستساهم في تشكيل وعي الأجيال القادمة.
لقد شرح الكاتب القدير الأستاذ علاء ثابت المقرر الإعلامي للمبادرة في كلمته عنها أنها خرجت من إحدى مؤسسات المجتمع المدني، وهي أكاديمية الأمل الدولية، لكن إطلاق المبادرة تم عبر وسائل التواصل الاجتماعى والمنابر الصحفية، أما الانطلاق الفعلي للمبادرة على أرض الواقع فقد كان من دار الأوبرا المصرية يوم الخميس الموافق 8/9/2017.
ومنذ أن تم إطلاق المبادرة تم تشكيل أمانة عامة لها برئاسة الدكتورة أمل سندس رئيس أكاديمية الأمل الدولية للتدريب والاستشارات، والشاعر مصطفى هاشم أمين عام الثقافة، والناشط الثقافي سيد البالوي مديرا للعلاقات العامة والإعلام، كما تم تشكيل مكتب إعلامي لها يضم نخبة كبيرة من الإعلاميين والصحفيين المصريين والعرب.
إن أجمل ما في تلك المبادرة أنها تعتمد اعتمادًا كاملًا على الجهود الذاتية والعمل التطوعي والتعاون مع كافة المؤسسات الرسمية والأهلية، حتى لا تسيس أو تُسرق لتنفيذ أغراض ليست من رسالتها التي تتلخص في جعل الثقافة والإبداع هدف قومي مع حشد أكبر عدد من الداعمين لتحقق المبادرة هدفها الأكبر بالإعلان الرسمي عالميًا عن: " 2017 عامًا للثقافة والإبداع".
غير أني أختلف مع القائمين على تلك المبادرة الهامة فيما حددوه من جدول زمنى لها من وقت إطلاقها فعليًا وحتى نهاية عام 2017، وهذا إهدار لذلك الوقت الذي بُذِل من أجلها؛ فكونها مبادرة قومية يستلزم الديمومة والمراقبة والدفع بآليات جديدة من داخل المبادرة ذاتها حتى وإن تسمت بالعام الذي أُطلقت فيه، فالمشاريع القومية تحتاج لخطط زمنية كالخطة الخمسية أو ما شابه، وهذا مشروع ضخم يحتاج لخطة زمنية طويلة الأجل، فأرجو أن تعيروا هذا الأمر اهتمامكم، وأن تعيدوا فيه النظر..
هذه مبادرة نحن أحوج ما نكون إليها، ويجب أن نعمل عليها بجد لتفعيلها بشكل مجتمعي واسع، وأعلم أن هذا من أساسيات المبادرة النظرية، وأتمنى من كل المخلصين من أبناء الوطن العمل على إنجاحها، وتذليل العقبات أمامها، وبثها في الصدور والسطور، والعقول والقلوب، والشباب والشيوخ من النساء والرجال.
ساحة النقاش