دكتور السيد إبراهيم أحمد

 

لاشك أن المرأة كان لها الحظ الأوفر في الأدبين الغربي والعربي، وقد تمثل ذلك في حضورها الجلي في الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرح بطبيعة الحال، ولذا فليس من العسير أن تكون حاضرةً وبقوة في أعمال الكاتب المصري السيد إبراهيم أحمد، وذلك مما يستطيع أن يلحظه كل متابع لأدب وفكر الرجل.

   غير أن المشكلة تبدو واضحة عندما يتعامل الباحث مع الثراء والتنوع في أدب هذا الأديب، وذلك مرده لكثرة اهتماماته وإبحاره في عدة عوالم متناغمة ومتباينة في آنٍ واحد؛ إذ كتب في القصة والشعر والمسرح والرواية والنقد الأدبي والخاطرة والفكر الإسلامي والإجتماعي، ومن هنا كان عناء الباحث كبيرًا في التقصي والمتابعة.


   ففي المجال الإجتماعي تناول كلاً من المرأة البديلة والمرأة المعيلة من خلال دراسته: [إشكالية الرجل/الأم، بين الأم الهاربة والأم البديلة،  )الرجل الأم = الأم المعيلة)]، والتي قدمها إلى المجلس القومى للمرأة بمصر وكافة الأجهزة والمجالس القومية العربية والإسلامية المعنية بقضايا المرأة، وهيَّ دراسة من الأهمية بمكان وفيها انتصار قوي للمرأة البديلة التي قامت بما تقوم به المرأة الحقيقية على قدم المساواة، وفيها أيضًا من النقد اللاذع لتلك الأم التي تخلت.


   وكان للمرأة وجودًا متميزًا في حقل الفكر الإسلامي والدراسات الإسلامية من خلال كتابيه: "نساء في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم"، وكتاب: "حبًا في أمي عائشة"، وقد تناول في الكتاب الأول النساء اللاتي أحطنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بالود والرعاية وحسن العيش والذي أوردهنَّ بحسب ترتيبهم الزمني في الاتصال به، ومن خلال عدة مقالات عن السيدة فاطمة رضيَّ الله عنها، وعن الشهيدة فاطمة الأسبانية، وعن "النقاب المظلوم" في دفاعه المستميت عن المرأة وحقوقها، والذي ختمه بقوله: (ويا من تنعقون ليل نهار وترفعون عقيرتكم بالدفاع عن حرية التعبير واحترام الحرية الشخصية، وتنادون بحرية المرأة ومساواتها بالرجل ورفع كافة أشكال القهر والعدوان عليها فى جمعيات حقوق الإنسان .. ألا تدافعون عن حرية المرأة المسلمة فى أن ترتدى ما تحب أن ترضى به ربها ومن ثم مجتمعها، خاصةً بعدما أثبتنا أن (النقاب مظلوم .. مظلوم ) مما يحاول من يفترى على الله كذبًا أن يلصق به التهم).


       أما في مجال الشعر والخاطرة فقد كان للأنثى على مختلف مراحلها العمرية حضورًا بارزًا سواءٌ في القصيدة الخليلية أو شعر التفعيلة، ويكاد يكون الحضور طاغيًا في قصيدة العامية المصرية، والأغنية، وقد خاطب من خلالها الفتاة المراهقة، والمرأة الناضجة، كما خاطب الطفلة من خلال أغاني معدة خصيصًا للأطفال، وكذلك كان للمرأة هيمنة شبه كاملة في مجال الخاطرة وإن كان ما نشره منها مجرد نذر يسير ومازال الأغلب منه مخطوط ينتظر خروجه إلى النور.


    ومن خلال مسرحيتيه: "المنعطف الأخير" و "العائد الذي ما عاد"، حضرت المرأة في المسرحية الأولى خلال الحوار باسمها وحوادث حولها بينما غابت كشخص خاصةً وأن المسرحية دارت حول شخصيتين محوريتين من الرجال، بينما في الثانية تقاسمت دور البطولة وكان حضورها ظاهرًا ومؤثرًا في الأحداث سواء من جيل الكبار أو جيل الشباب. 


   وفي مجال الرواية لم تغب المرأة عن رواياته الثلاث واللواتي لم يشهدن النور وأطلعتُ عليهم كمخطوطات، ولم يشأ أن يصرح بعد باسمهن حتى يمنحهم صك العتق من أدراج مكتبه في الوقت المناسب، بيد أن الذي أستطيع أن أصرح به بأن إحدى هذه الروايات كان الأسم والشخصية الرئيسة لها للمرأة، بينما تقاسمت البطولة في الروايتين المرأة بكل جدارة.  


   وفي حقل الدراسات النقدية اهتم بالعديد من النساء المبدعات على اختلاف مياديهن، فقد أقام حوارًا جيدًا مع الدكتورة ديانا رحيل أستاذ النقد الأدبي بالأردن، وأعد دراسة نقدية عن دواوين الشاعرة فاطمة المرسي، وأتى حديثه عرضًا عن الدكتورة أماني فؤاد أستاذ النقد الأدب الحديث في عملٍ لم يتم، وختم بدراسة مستفيضة حول الفنانة المبدعة الدكتورة رانيا يحي عن حياتها ومجمل أعمالها.   
 
   وحين نصل إلى المحطة الأخيرة، محطة القصة القصيرة، فسأترك للدكتورة ديانا رحيل  القول الذي أقتبسه من دراستها: "قراءة في طقوس للعودة للكاتب السيد إبراهيم" بجريدة الدستور الأردنية، فتقول : (حاول بجرأة أن يعبر عن الجانب الاجتماعي للمرأة، وتجسيد حالتها ووضعها في ظل التقاليد والمفاهيم المسيطرة. فالمجموعة تعالج قضايا لها أهميتها في إعداد وتطوير المجتمع .كان حضور حواء بارزا في المجموعة، إذ حضرت في تسع قصص بشكل فعلي، وكان حضورها ضمنيا في القصص الأخرى، بمعنى أنها وإن لم تحضر في السرد كشخصية إلا أنها حضرت كمضمون يحرك السرد، ويسيطر عليه .وهذا دليل أن السرد يمارس نوعا من النقد الاجتماعي الفكري لبعض الممارسات تجاه المرأة. وفي خضم ضواغط النسق الفحولي المهيمن القامع للأنوثة الطامح لتدجينها يحاول صوت المرأة استعادة شيئا من كبرياء الذات المسلوبة المكبلة بأغلال العادات والتقاليد، لكن النتيجة دائما سلبية محمّلة بدلالات التأكيد لنتيجة الصراع النسقي باتجاه تكثيف عتمة الواقع ومرارته المتكئة إلى ثقافة اجتماعية تبيح نظرتها المتدنية إلى الأنوثة وتغييب كينونتها ومصادرتها في مقابل اعلاء صرح الحضارة الذكورية .ورسم أيضا صورة للمرأة الخانعة المضطهدة من قبل المجتمع، التي تتمسك بالرجل وتحتمي به مهما كان ضعيفا، وتتخذه حاميا في وجه مجتمع الذكورة الظالم، وساعد تصوير الكاتب للمرأة في المجموعة إلى فضح الإحساس المتنامي بضمور الأنثى فكريا، وعكس صورة شاذة لطبيعة العلاقة المهزوزة التي تربطها بالرجل، الذي أدى إلى حتمية سقوطها معه، فالسقوط للمجتمع الذي يدّعي المثالية).

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 167 مشاهدة
نشرت فى 12 مارس 2015 بواسطة elsayedebrahim

ساحة النقاش

السيد إبراهيم أحمد

elsayedebrahim
الموقع يختص بأعمال الكاتب الشاعر / السيد إبراهيم أحمد ، من كتب ، ومقالات ، وقصائد بالفصحى عمودية ونثرية ، وكذلك بالعامية المصرية ، وخواطر وقصص و... »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

70,143