دكتور السيد إبراهيم أحمد



 أتم الله على زوجتى نعمة الحجاب منذ مطالع الشباب ، حتى قبل اقترانى بها طاعةً لله واقتناعاً بأن الحجاب فرض كما نص الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم .

مضت الأيام سراعاً ـ فما أسرع الأيام ـ حتى رزقنا الله من مَنّه و فضله بالبنت فالولد ، وسارت بنا الحياة كما تسير بالناس بين سهول السراء وأحراش الضراء ؛ فما وهن منا العزم عن التذرع بالصبر ، والانكباب على تلاوة الآيات عسى أن يمطرنا الله بالرحمات ، وما خيب الله لنا دعاء حتى ولو بعدت الإجابة ، فما تسرب اليأس لقلبينا أبداً فى أن النصر لا محالة آت .

وكم كان يغضبنى فى بعض الأحيان من زوجتى أن تتساهل ربما فى اخضاع شكل الحجاب لبعض الموضات ؛ فتارة تكون الربطة من خلف وتارة أخرى تكون من أمام ، هذا غير الالتزام بشكل ولون كل حجاب وما يناسبه من زىِ ترتديه ، وكم كنتُ أبدى اعتراضاً وهى تستسمحنى أن أرضى فالأمر هين ..

ذهبنا فى رحلة إلى أحد القصور الأثرية التى خلفها أحد أمراء أسرة محمد على باشا، وكم أدهشنا تلك الدواليب الكثيرة من أطقم أدوات المائدة الفضية المجلوبة من كافة بلدان العالم ، ولما رأيت انبهارها
خففت عنها ثقل ما ترى بأن الأدوات بقيت وفَنِىِّ من أُهديت إليهم ، فما راعنى غير جوابها وهى تربت على يدى تذكرنى : أتقصد من وراء كلامك أن أصرف النظر عن هديتك الذهبية لى ؟!!
فضحكت أطمأنها : والله .. ما جال هذا بخاطرى .. وهديتك محفوظة ..
ومضيت متمتماً : هكذا النساء .. أمام الذهب كالأطفال أمام الحلوى . 

قمت برحلة قصيرة خاصة بعملى لأعود بعدها فأجد زوجتى تفاتحنى فرحة فى أمرِ غريب : لقد اشتريت ملابس خاصة بالنقاب ، ولم أشأ أن أرتديها قبل أن أحصل على موافقتك ، فقد هددونى فى أسرتى بأنك ربما لا يعجبك هذا المسلك .
فانتفضت من فورى معلناً التأييد : ولكن ما الذى هداكِ لهذا الأمر الطيب 
قالت : تذكرت الآخرة وموت الفجأة الذى يصيب الناس ، وأحصيت نعم الله علينا فوجدتها كثيرة ، وأدركت أننى ليس لى أمام الله حجة ، فالزوج مؤمن والأولاد طيبون والحمد لله ، فلما لا ألتزم بستر النقاب .

واقع الأمر أثلج صدرى تفكيرها ، وكانت المفاجأة الأكبر أنها تود الذهاب للعمرة ولما ذكرتها بالذهب ضربت صفحاً عنه ، ولما لوحتُ لها بمقدم السيارة الذى ننوى دفعه لشراءها رفضت الفكرة ، وابتسمت خجلى : الآن فهمت ما كنت ترمى إليه ونحن فى الرحلة بخصوص العلاقة بين فناء الانسان وبقاء الأشياء . وأخبرتنى أنها سترتدى النقاب أثناء رحلة العمرة ، فذكرتها بأن خير البر عاجله ولا داعى للتسويف فارتديه من الآن.

تكالب بعض النسوة من العائلة وصديقاتها ـ ممن خشين أن يطالبهن أزواجهن بنفس صنيعها ـ بتشكيل (لوبى) لإقناعها بنبذ الفكرة فما وجدن منها غير الإعراض والثبات ، ولم أكن أتركها لهن أبداً فيما كانت ترويه لى عن أحكامِ شرعية مغلوطة نقلتها عنهن حول حكم لبس النقاب فكنت أمدها بالكتب والشرائط الخاصة بالفتاوى والدروس حول النقاب لكبار العلماء ، إلى أن هدانى تفكيرى فى أن أكتب لها أنشودة بالعامية وهىَّ أقرب إلى الفصحى لفظاً ومضموناً لتكون لها ولكل الأخوات المنتقبات سلاحاً وشعاراً فى وجه من يجادلهن حول شرعية النقاب فنصرهن الله بها وأغنتهن عن الجدل الطويل خاصةً عندما يحس محاورهن بمدى تمسكهن بما ارتدوا زياً ومنهاجاً .
ويشرفنى أن أوردها للأخوات عسى أن يجدن فيها ما وجدته زوجتى و صويحباتها المنتهجات نهج النقاب من عون : 

  وغطت وشها بنقــــــــــابمفيش بينى وبينها حجاب
بعيــن القلب أنا شـــايفكبنــور الحق أنا حاســــــك
وبحترمك وعندى اسبابعشـان جواكى عاملة حساب
لرب الكون ويوم هنــــــكونعلى بابه ف وقت حســـــاب

مراتى دنيتــى حبيبتـــــــــىوليا بس كنتــى أنتــــــــىووشك ميشوفوش أغرابولا قرايــــب ولا أصحـــاب
مســــتورة بســـتر اللــــــهيسترنا فى يوم معلـــــــــوم
طمعانه وطالبــه رضـــاهعايشــاها فى ذكر وصـــوم
عشان جواكى عاملة حسابتمدى يمين وتاخدى كتــاب
فى يــوم هنكـون على بابــهف وقت حســـــــــــــــــــاب


يقـولوا فضــل ما يقولــــواده بايـــــــــــــن فــــــــرض
ووشـــك إيه وهبتــــــــولهوصاينــه العــــــــــــــــرض
يا نـاس ف العرى ما قلتواوعند الستر كتير قومتـــــوا
وليه ف الموضه ليه سكتواوعلى نقابها شداد ثــورتوا
قــولى للحق عاملة حسـابفى طاعة ربنــا الوهـــــاب
وخوف منه ف وقت حسابهاموت وأحيا ولابسه نقاب


 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 138 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2012 بواسطة elsayedebrahim

ساحة النقاش

السيد إبراهيم أحمد

elsayedebrahim
الموقع يختص بأعمال الكاتب الشاعر / السيد إبراهيم أحمد ، من كتب ، ومقالات ، وقصائد بالفصحى عمودية ونثرية ، وكذلك بالعامية المصرية ، وخواطر وقصص و... »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

70,077