دكتور السيد إبراهيم أحمد

authentication required

 

 


كان أكثر ممن تراهم يركبون السيارات الفارهة ، ويلبسون بدل آخر شياكة ، ولا تعلم عن أعمالهم ، أو نشاطهم المالى شيئا ً، فإذا تجرأت وسألت أحدهم مباشرةً أو سألت عنه أجابك أو أجابوك بما يفحمك : (رجل أعمال) ، وهى فى الواقع كلمة فارغة فضفاضة ؛ فرجل وحدها تحتاج لتعريفات كثيرة توضح معنى الرجولة ، وكذلك ( أعمال) فهى الأخرى بوابة ضخمة لكل ماهو صالح وفاسد ، مخالف للشرع والعرف أو متوافق معهما ، وهكذا جاءت كلمة ناشط سياسى هىَّ الأخرى كلمة فضفاضة ، صالحة لأن تكون مهنة من لا مهنة له .

أخرجت لنا ثوراتنا العربية الجديدة المجيدة ، بامتداد البلدان التى قامت فيها ، والميادين التى تفجرت منها ، رجالاً يتحدثون ليل نهار أمام القنوات العربية المعارضة والمؤيدة تحت لافتة كبيرة : فلان الفلانى .. ناشط سياسى ، وعضو جماعة أو ائتلاف مش عارف إيه .

ولو سألت بعضهم ، مامعنى أو ماهية الناشط السياسى ، لنظر إليك فى غرابة فهو سؤال لا يعرف له إجابة ولم يسأله لنفسه يوماً ، وأخذه الغضب بأنهم هم الذين أشعلوا الثورة ، وكانت بيوتهم الميادين ، وسكناهم الخيام ، وأسألوا الدبابات التى تصوروا بجانبها كشهادة إثبات يحتفظون بها على مواقعهم ومدوناتهم ، وفيسبوكهاتهم لمثل هذا السؤال السخيف .

قديماً كنت تسمع لقب ( مناضل) ويبدو أنها أصبحت موضة قديمة لاتساير المد الثورى العربى فاستبدلوها بناشط سياسى ،وهذا الناشط ما أن يرى ميكرفوناً أو كاميرا أو مذيع إلا وهب نشيطاً من ( ناشط ) ويهتف مندداً بالسياسة التى تنتهجها الحكومة ، لكى يكون ( سياسى).

أعترف أن أكثر من قاموا بإشعال فتيل الثورة الأولى ضد أى حاكم مخلوع أو ينتظر خلعه ، كانوا يفهمون فى السياسة ، ويتحدثون بها ويعرفون عنها دون أن يطالبوا بلصق لقب ناشط سياسى باسمهم ، بل أن زهرات شباب العرب الذين نزفوا دمائهم الطاهرة فى ميادين العروبة ، والبطولة ، اكتفوا فقط بلقب (شهيد) ومقام صدقٍ عند مليك مقتدر .

أما بعض من خرجوا من شقوق الأنظمة العفنة ، يتقيأون قيحهم فى أذاننا ، تلك الوجوه الكالحة القميئة التى دنست ميادين استشهاد الشرفاء ، وساحات الأبطال الأحياء من شباب العرب البرىء ، أولئك الذين تكالبوا على موائد كل حاكم ، وانضوا تحت لواء كل حزب ، بل كانوا مثل الذباب ، والهوام يتنقلون من تأييد بالنهار ومعارضة بالليل حسب الطلب ، وحسب الأرقام التى تزين الشيكات أو الرشاوى التى ملأت الجيوب ، وزكمت الأنوف ، وجرائمهم التى مازالت تلاحقهم ، ومع هذا لاتجد فى عيونهم النهمة لالتهام كعكة الثورة الوليدة أى ذرة من خجل أو حياء بل لا يتوارون خجلاً من تاريخهم المقرف المهين ، والأدهى أنهم مازالوا يتصدرون الميادين ، والشاشات ، والمقابلات الرسمية تحت لافتة : نشطاء سياسيون .

يخادعون الله والذين آمنوا ، والله كاشفهم ، وفاضحهم ، ومخزيهم ، فاحذروهم : إنهم أذيال الفلول الذين أفلحوا أن يغيروا جلودهم وألوانهم ، وأن يندسوا بين الثوار الأبرياء ،حتى ظنوهم أنهم منهم ، وماهم منهم ، إنهم منافقون ، يحاولون ركوب الموجة الثورية الغاضبة ، وتوجيهها نحو مايريدون ، وقد أفلحوا مع بعض الفصائل ، حتى استعدوا عليهم بعض الشعب ،وبعض الجيش ، وهذا ما يريدونه .. فاحذروا ، وأغلقوا تلك البوابة الخلفية لأذناب الفلول .. وهم معروفون .. ولن يستطيعوا خداع كل الشعب وكل الثوار كل الوقت .

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 124 مشاهدة
نشرت فى 1 سبتمبر 2012 بواسطة elsayedebrahim

ساحة النقاش

السيد إبراهيم أحمد

elsayedebrahim
الموقع يختص بأعمال الكاتب الشاعر / السيد إبراهيم أحمد ، من كتب ، ومقالات ، وقصائد بالفصحى عمودية ونثرية ، وكذلك بالعامية المصرية ، وخواطر وقصص و... »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

70,050