الجاسوس الإسرائيلي والتمويل الأمريكي والهطل المصري
بقلم:محمدابوطور
هل تتذكرون ما كتبته فى 18 يونيو 2011 عقب إعلان القبض على الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل وتحميله المسئولية عن كل ما حدث فى تلك الفترة من أحداث طائفية وأزمات ومشاكل فى إمبابة والتحرير وماسبيرو ، والأهم اتهامه بالوقيعة بين الشعب والجيش . وهل تتذكرون حالة الفزع التى أصابت الشعب الطيب المسكين من الجواسيس وكيف أصبح هذا الموضوع حديث الناس فى البيوت حتى كنا نسمع يوميا حالات الاعتداء على أصحاب البشرة البيضاء والشعر الأصفر والعيون الزرقاء لاعتقاد الشعب أنهم جواسيس . يومها كتبت أقول أن خبر القبض على الجاسوس والروايات التى ساقتها لنا أبواق المجلس العسكرى فى هذا الوقت استدعت لذاكرتي حكايات أبو رجل مسلوخة التى تفننت جدتى رحمة الله عليها فى روايتها لى وانا غض غرير حتى تخيفني وتجبرني على الاحتماء بها وتنفيذ مطالبها ، إلا أن جدتى طلعت أذكى من المجلس العسكري لأنها توقفت عن رواياتها عندما كبرت أنا ، فى حين لا يزال المجلس العسكرى مصرا على رواياته الخيالية ، ربما لأنه واثق انه يحكم شعبا بلغ به الهطل درجة تصديق أى كلام والسلام . وقلت أن لإسرائيل وأمريكا جواسيس فى مصر بعدد شعر رأسي يتبوءون أعلى المناصب ليس من بينهم إيلان الكتيان. وأثبتت الأيام صدق كلامى فقد تم الإفراج عن الجاسوس المزعوم وتسليمه لإسرائيل دون تقديمه للمحاكمة لأن أى محامى حديث التخرج كان لديه قدرة الحصول على حكم ببراءته من أول جلسة. فهل قدم لنا المجلس العسكرى تفاصيل ومبررات الإفراج عن الجاسوس ؟ هل توقف المجلس عن رواياته الأسطورية المهلبية ؟... وهل كبر الشعب ورفض تصديق الخزعبلات وحاسب مروجيها ؟ الإجابة ....التمويل الأمريكى فوجئنا بمداهمة مقار بعض المنظمات الأجنبية العاملة فى مصر والقبض على مؤسسيها وموظفيها ومصادرة أجهزتها وغلق مكاتبها بالشمع البمبى ...وعلى الفور شافت إدارة الشئون المعنوية شغلها فانطلقت إذاعات وصحف وقنوات موالية تحذر الشعب المصرى من أخطار المنظمات الأجنبية الممولة من الخارج ، و فى مؤتمر صحفى أعلن قاضيي التحقيق على الملأ نص قرار الاتهام مستنداً للمادة 98 ج/1 من قانون العقوبات، وذكرت كل الصحف الرسمية أن التحقيقات كشفت حقيقة مخطط لتقسيم مصر ، وأنه تم ضبط خرائط تتضمن تغيير الحدود وإخراج حلايب وشلاتين وتعديل خطوط العرض المتعارف عليها دوليا, وتقسيم مصر إلي4 دويلات وهي: القنال, صعيد مصر, القاهرة الكبري, الدلتا دون ذكر للنوبة. وأنتشر الفزع والرعب فى الشعب المصرى اللى على نياته حتى ذكر المؤرخون أن الواحد من الشعب المصرى كان يصحا من نومه فى الصباح ويفتح نافذته مرددا "يا فتاح يا عليم ياترى أنا النهاردة فى أى دويلة؟" . كتبت أيضا حينها أقول أن نص مادة الاتهام هو :- "كل من انشأ أو أسس أو نظم أو أدار فى الجمهورية المصرية من غير ترخيص من الحكومة جمعيات أو هيئات أو أنظمة من اى نوع كان ذات صفة دولية او فروعا لها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر او بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه" . هذا يعنى أنها جنحة وليست جناية فكيف يتم إحالتهم لمحكمة الجنايات. ثم إذا كانت الإحالة لأنهم خالفوا نص مادة الحد الأدنى لعقوبتها الغرامة المالية والأقصى حبس ستة أشهر فأين العقاب عن مخطط تقسيم مصر ولماذا لم يرد فى قرار الاتهام. ثم أن هذه المنظمات تعمل منذ عشرات السنين فلماذا الحديث عنها الآن. لأخرج بنتيجة مفادها أنها لعبة أخرى قذرة من المجلس العسكري لإلهاء الشعب المسامح الطيب عن جرائمه فى حق الثورة والثوار . وأثبتت الأيام صدق كلامي عندما تدخل المجلس العسكري تدخلا سافرا فى القضاء المصري, ولم يحضر المتهمون الأجانب فى القضية إلى المحكمة فى أولى جلساتها التى تأجلت لإبريل ، ومورست الضغوط على القاضى حتى تنحى ، وتم تقصير أمد الحكم فى الدعوى ، ثم إلغاء حظر السفر وتهريبهم (قصدى تسفيرهم إلى بلادهم) وكله بالقانون. فهل أتخذ الشعب موقفا تجاه المجلس العسكرى لحسابه على روايات النصب والصفع على القفا وركل المؤخرة؟ وهل خرج علينا شيوخ الفضائيات مهاجمين المجلس العسكري لإذلاله أعناق المصريين بقبض حفنة دولارات مقابل تهريب المتهمين الذين صدع دماغنا بالحديث عن مخططاتهم المشبوهة لتقسيم مصر ؟ وهل توقف نصب المجلس العسكري على المصريين ؟ الإجابة ....المعونة المصرية فور إعلان الشيخ المقدس عن تلك المبادرة بدعوى أن المعونة الأمريكية مذلة وحرام شرعاً سارع الشعب المصري الكريم بإعلان استعداده للتبرع الفوري ، وهذا قبل أن يحصل على أي ضمانات تؤكد أن تبرعاته لن تتحول إلى جيوب الحكام مثلما حدث فى السابق . وكتبت أيضا أقول أن المعونة المصرية هي محاولة جديدة للنصب على الشعب المصري المهاود باستخدام الدين تورط فيها عن سوء قصد أو عن غفلة بعض شيوخ الفضائيات. ولم ينتظر المجلس العسكري تقنيين تلك المبادرة ووضع القواعد المنظمة لها وطرق جمع المال ولم التبرعات وفتح الحسابات الخاصة بذلك وتحديد أوجه إنفاقها وأسماء المشرفين على جمعها وصرفها ومسئوليتهم وكيفية مراقبتهم ومحاسبتهم لم ينتظر العسكري ذلك كله بل أعطى تعليماته للوزارات والمديريات والشركات والجامعات بالخصم الإجباري من مرتبات العاملين بها ، وبدأت السرقة العلنية من جيوب المصريين من مرتب شهر فبراير 2012 ولمدة ستة أشهر إن شاء الله. فهل أتخذ الشعب المصري الطيب موقفا صارما مما يحدث وخرج فى مليونيات لمحاسبة النصابين الحرامية؟ هل رأينا تحركا سريعا لبرلمان الأغلبية المتأسلمة المنتخب من الشعب فاقد الأهلية لمحاسبة الكذابين مثلما فعل مع زياد العليمى؟ هل طل علينا شيخ المعونة مطالبا العسكري بوقف الخصم الإجباري من الغلابة حتى يتم وضع القواعد المنظمة للتبرعات ؟ الإجابة : خيبة بالويبة .