بقلم : أشرف التعلبى

كل الأديان والمواثيق تؤكد على حماية حقوق الملكية الفكرية، حماية لحق المبدع الذى فكر وابتكر واخترع وألف، والإعلان العالمى لحقوق الإنسان يعرف الملكية الفكرية على أنها «الحق فى حماية المصالح الأخلاقية والمادية الناجمة عن أى نتاج علمى أو أدبى أو فنى يكون الشخص مؤلفه».

والمسألة هنا ليست مقصورة على الحق الأدبى المعنوى فقط، بل أيضا الحقوق المادية، وتأثيرها يتخطى الشخص، ليصل إلى اقتصاد الدول، وهو أمر لا يمكن إنكاره بأى حال، فالدول تصدر علومها وآدابها مثلما تصدر مواردها الطبيعية، والحفاظ على تلك الحقوق يشجع المبدعين على إنتاج المزيد من الإبداع والابتكار، والاعتداء على هذه الحقوق يؤدى لضياع ثمرة جهد الفرد، علاوة على ضياع حقوق الدولة ككل.

المؤكد أننا تأخرنا كثيرا فى تعديل قانون حقوق الملكية الفكرية الصادر عام 2002، لنواكب المتغيرات فى عالم صناعة النشر والتكنولوجيا، فطبقا للقانون الحالى تصبح الحقوق ملكا عاما بعد 50 سنة من وفاة المبدع، وهو ما جعل الكثير من إنتاج المؤلفين والمبدعين المصريين ملكا عاما دون أى قيود، وتم طبع أعمالهم دون المطالبة بحقوق الملكية الفكرية، وهو تراثنا المصرى، ومن حق مصر الاستفادة من تراثها، وقوتها الناعمة ولا يجب إهمالها، وأول هؤلاء عميد الأدب العربى طه حسين والذى رصدنا فى معرض القاهرة الدولى للكتاب ونحن نحتفى بإقامته الآن ما يقرب من عشرة ناشرين قاموا بطباعة أعماله بخلاف الطبعات خارج مصر، ومن قبله مفكرنا الكبير عباس العقاد، وكامل كيلانى وآخرون، وسيلحق بهم قريبا إن لم نسارع بإصدار قانون جديد لحقوق الملكية الفكرية، كل من يوسف السباعى ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس والكثيرون، بجانب تراثنا الفنى للعمالقة عبدالوهاب وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم وغيرهم من عظماء الفن المصرى.

والسؤال ما المانع من حفظ حقوقنا، لماذا نصمت عن حقوقنا.. ولا نسارع بإصدار قانون يجعل الملكية الفكرية لمائة عام أو حتى 120 عاماً.. فهناك دول أوربية تمتد حقوق الملكية الفكرية لـ 70 سنة، وفى أمريكا 120 سنة، ودول عربية مجاورة 70 سنة، من أجل الحفاظ على هذه الموارد وحتى تظل الدولة لها رسالة وتسيطر على هذا المحتوى والتراث، وإنتاجها يصل إلى كل مكان فى العالم، والاستفادة تعود على دولة المبدع.

الملكية الفكرية ليست أمرا بسيطا بل تمثل أهمية كبرى فى اقتصاد الدول فمثلا فى أمريكا، نسبته تصل لـ 80 فى المائة من القيمة السوقية للشركات الأمريكية، والذى يأتى على هيئة أصول غير ملموسة، مثل حقوق النسخ والعلامات التجارية وبراءات الاختراع العلمية، ولعل أقرب مثال موقع «نتفليكس»، الذى يملك 73 مليون مشترك من خارج الولايات المتحدة، وفى عام 2014، بلغت القيمة المضافة للاقتصاد الأمريكى من خلال الملكية الفكرية أكثر من 6.6 تريليون دولار، وفى الصين بلغت القيمة المضافة لصناعة حقوق الملكية الفكرية 1.12 تريليون دولار أمريكى فى عام 2019.

مصر اتخذت خطوات فعلية فى حماية حقوق الملكية الفكرية، عندما أطلقت الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأهمية حماية الملكية الفكرية، بما يسهم فى تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، تفعيلًا للنصوص الدستورية.. ومنذ شهور تم إقرار قانون بإنشاء الجهاز المصرى للملكية الفكرية كآلية تشريعية جديدة، نحو تطبيق استراتيجية السياسة التشريعية للملكية الفكرية.. كل هذه الخطوات عظيمة لكن ينقصها الإسراع فى تعديل وإقرار قانون جديد لحماية حقوق الملكية الفكرية حتى تكتمل منظومة الحماية.

المصدر: مجلة المصور
elsayda

بوابة الصعايدة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 1 مارس 2024 بواسطة elsayda

رئيس التحرير: أشرف التعلبي

elsayda
نحارب الفقر- المرض- الامية -الثأر... هدفنا تنوير محافظات الصعيد- وان نكون صوت للمهمشين »

تسجيل الدخول

بالعقل

ليس كافيا أن تمتلك عقلا جيدا، فالمهم أن تستخدمه جيدا