موقع الكاتب محمد خضيري

ادب ومقالات


أمّا بعد: فأوصيكم ـ عبادَ الله ـ بتقوى الله عزّ وجلّ، فمن حقّق التقوى في هذه الدنيا سعِد وعلا، ونال في الآخرة الدرجات العُلا، فاتقوا الله ـ رحمكم الله ـ في كلّ حال، تحقِّقوا بتوفيقِ الكريم المتعال صلاحَ الحال والمآل والسلامةَ من حال أهل الضلال.

أيّها المسلمون، لا يحتاج المرءُ إلى كبير عناءٍ ليدرِك أنّ الواقع المعاصر لأمّتنا الإسلاميّة هو مِن أمرِّ ما مرَّ بها عبر تاريخها الطويل، إن لم يكن هو أمرّها على الإطلاق، فأزمتُها الحاضرة ليست كسالِف الأزَمات ونكبتها ونكستُها المعاصرة في كثيرٍ من المجالات تكاد تكون غيرَ مسبوقة في النكبات والنكسات، وما ذلك إلا لخطورة التحدِّيات وشدّة الصراعات وضراوَة المؤامرات المتثِّلة في تداعي الأمم عليها من خارجِها والغثائيّة المهينة من داخلها. خرّج أبو داود وغيره أنّ رسول الله قال: ((يوشِك أن تداعَى عليكم الأممُ كما تداعى الأكلة إلى قصعتها))، فقال قائل: أوَمِن قلّة نحن يومئذ يا رسول الله؟! قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنّكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن))، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: ((حبُّ الدنيا وكراهية الموت))(1)[1].

معاشرَ المسلمين، وها قد تحقَّقت النِّذارة، فهذه الأممُ المتداعية تعيش القمّة والصّدارة، بينما تعيش الأمة الإسلامية حياةَ الاستجداء والزِّراية، ولئن اعترَف الغيورون بالحقّ المرِّ في ذلك الواقعِ المؤلم فإنهم ينظرُون إلى مرمًى بعيدٍ يرومون تحصيلَه، وهو أنّ الاعترافَ بالخطأ والتقصير أوّل الخطوات على طريق الإصلاح والتغيير، وأنّ أوّل مراحلِ البناء هو بناءُ النفوس بالمعتقَد الصحيح والإيمان القويِّ والعبادة الزاكية والفِكر النيِّر والأخلاق الكريمة.

إخوةَ العقيدة، وإنّ أشدَّ أنواع الخلَل فتكًا بالأفراد والمجتمعات هو دُخول النّقص على الأمّة في دينها وعقيدتها والإزراءُ بفكرها وثقافتها وإرثِها الحضاريّ والانسياقُ وراءَ قراصنة الفِكر والثقافة وسماسرةِ الأخلاق الذين يجرّون الأمة إلى مستنقعاتٍ عميقة من الرذيلةِ وهوّةٍ سحيقة من الانحلال والإباحية، وهي من أعظم أسبابِ هزائم الأمم وانتكاساتِ الشعوب وهدمِ الأمجاد وتقويض الحضارات، وكم عانت منها أمّتنا، فأوصلتها إلى حضيضِ الغبراء بعد أن كانت في ذُرَى العلياء، فإلى جانِب التخلُّف المزري الذي تعيشه الأمّة في جوانبَ شتى من حياتها أصيبَت بالوهَن والضّعف، لا أمامَ القوى العالميّة فحسب، بل أمام قوّةٍ ضئيلة في دوليةٍ صغيرة ضعيفة في ذاتها متخلّفة في كيانها، ولكنها بدأت تستنسرُ على الأمة وتستأسِد على أبنائها، فتقيم لهم المجازرَ بين الفينة والأخرى، وتجوس خلال ديارِها، فتنهبُ خيراتها وتستنزف طاقاتها وتعبَث بمقدَّراتها وتنتهك حرماتها وتجتاح أراضيها، وكأنها حمًى مستباحٌ لكلّ معتدٍ مأفون، يصاحِب ذلك ضياعٌ فكريّ وسقوط أخلاقيّ وتسطيحٌ تربويّ وانتكاسَة ثقافيّة وإعلاميّة تنظر إلى الدين على أنّه تخلُّف ورجعية. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل تعدّاه إلى ما هو أشدّ وأنكى، إلى إقامةِ متاريس من أجيالٍ مُسخَت هويّتها وانتُزعت شخصيّتُها وسُمِّمت أفكارها، تنعق بدعواتٍ غريبة على دينها ومجتمعاتها، وتستغلّ الأحداث، وتفتعِل الأزمات، لتحقيق الأهدافِ وتصفية الحسابات، وتكلّمت الرويبِضة في أمرِ العامّة، وخاضت كثيرٌ من الأقلام في أمورِ الحلال والحرام، وأصبح الخوضُ في أمور الشريعة تخصُّصَ من لا تخصّص له، وعمَد أقوامٌ إلى ثقافة العُنف تخلُّصًا من هذا الواقع المزري.

أمّةَ الإسلام، والكارثة الأخطرُ في المنطقة التي لا تزال الأمّة تعيش عقابيلَها حتى هذه اللحظةِ هي تلك الهجمَة الصهيونيّةُ الغاشمة على الأمّة الإسلامية؛ حيث يشهَد الكيان الصهيونيّ هذه الأيامَ حالةً من التخبّط والإمعان في الكيد للأمّة ودينها ومقدَّساتها ورموزها، ولقد كان آخر مسلسَلِ الجرائم البشِعة التي أقدم عليها هذا الكيان الغاشِمُ هو ما رُزِئت به الأمّة الإسلامية عامّةً والقضيّة الفلسطينيّة خاصّة من جريمةِ اغتيال الشيخ المجاهد أحمد ياسين رحمه الله رحمةً واسِعة، وكتبه في عِداد الشهداء الأبرار والصِّدّيقين، ورفع درجتَه في المهديّين، وأعلى منازلَه في عِلّيِّين، وخَلَفه في عقِبه في الغابِرين، فعلى مِثلِه فلتَبكِ البواكِي، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

ولقد تولَّى كبرَ هذه الجريمةِ النّكراء والحادثةِ الشّنعاء مَن شين الشرِّ وراءُ الإرهاب وواوُ القسوةِ ونون العنصرية والعدوان والطغيان في اسمه.

وقلَّ أن أبصرَت عيناك ذا لقبٍ…إلاّ ومعناه إن فكَّرت في لقبه

لقد هزّت هذه الجريمةُ البشِعة مشاعرَ الأمّة جميعًا، بل مشاعرَ كلّ الشرفاء ممّن يؤمِن بقيَم الحقّ والعدل والحرّية وحقوقِ الإنسان في العالم، كما أنها تمثِّل في فصولها ومشاهِدها أبشعَ معاني الغدر والظلمِ والخيانة والخسَّة والدناءة التي ينتهجها أبناء صهيون.

إنّ إقدام إسرائيلَ على اغتيالِ الشيخ المجاهد المسِنّ المقعَد المريض ـ عليه سحائب الرحمة والرضوان ـ بهذه الطريقة المروّعة يُعتبَر خرقًا لكلّ المبادئ الإنسانيّة والأعرافِ والمواثيق الدولية وتجاوزًا لكلّ الخطوط الحمراءِ وإمعانًا في الحِقد السافر والكيد الكُبَّار والمشروعِ الدمويّ الغادِر لهؤلاء وإماطةً للِّثام عن الوجه الكالح وإذكاءً للحِقد والكراهية والعنصرية البغيضة بين الشعوب. ومع أنّ الإسلامَ هو دين الرحمة والتسامُح والسلام، فإنّه يأبى كلَّ الإباء معانيَ التخاذل والضَّيم والاستسلام. ألم يئِن الأوان ـ يا أمّة الإسلام ـ لوقفِ نزيف الدمِ المسلم المتدفِّق على ثرَى فلسطين وفي كل مكان؟!

ولا عجب، فتاريخُ القوم قاتِم بمدادٍ سوداء في سلسلةِ قتل الأنبياء والمجاهدين والصّلَحاء، مع أنّ الكتاب الذي أنزِل على موسى رحمةٌ كلُّه، قال تعالى: وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً [هود:17]، فأينَ الرحمة من هذه الوحشية المجرّدة عن كلّ القيَم الأخلاقية والإنسانية؟! لكن لعلّها بداية النهاية لهم.

إنّ على المجتمع الدّولي أن يبادرَ بوضع حلٍّ عاجل واتِّخاذ موقفٍ حاسِم لعلاج ما آل إليه وضعُ إخواننا المسلمين في فلسطين وإيقاف سياسةِ العبَث والعُنف الصهيونيّ المستمر واستهتاره بأرواحِ ودماءِ الشعب الفلسطينيّ المسلم، والذي لا يؤدّي إلاّ إلى مزيدٍ من العنف والتدهوُر والفوضى، مما يشكِّل عائقًا أمام الجهود الراميةِ لوقف النزيف الدمويّ على أرض الإسراء والمعراج. فهل تأخذ الأمّة الدروسَ والعبر من هذه الأحداث المؤلمة؟! وهل تعي أنّ القوّة الحقيقيّة إنما هي قوّة العقيدة والإيمان، وأنَّ بلوغ القمّة إنما هو في القوة وعلو الهمة، وأنّ ولاءَ الأمة إنما هو لعقيدتها ومنهجِها، لا للأشخاصِ والذوات، كما أنّ معركة الأمّة مع عدوّها ـ ممن لا يرقُبون في مؤمنٍ إلاً ولا ذمّة وأولئك هم المعتدون ـ إنما هي معركةُ عقيدةٍ وهويّة ومصير، وأنّ أمّتنا تأبى الانهزاميّة وتستعصِي على التلاشِي والذوَبان، وأنّ روح المقاومةِ تحفر خنادقَ في القلوب للتضحيةِ بالنفس والنفيس من أجلِ نُصرة دين الله والاضطلاع بهمومِ الأمة وقضاياها، وأنّ السيرَ خلف الوَهم والسراب والوعود الكاذبة والأحلام الوَردية ضربٌ من تخديرِ الأمّة عن نُصرة قضاياها العادلَة، وأنّ ما حصل ويحصُل للمسلمين إنما هو تمحيصٌ وابتلاء يتمخَّض عنه بحول الله بشائرُ عاجلة وآجلة، تدفع لصحوةِ الأمة من غفوَتها ونهوضِها من كبوتها، وتبعَث همّتها الحضارية وقوّتها المعنويّة والمادية حتى يتحقَّق النصر بإذن الله.

إنَّ الدعوةَ موجَّهة من منبر المسجدِ الحرام الذي يمثِّل الارتباط العقديَّ والتاريخيّ مع المسجد الأقصى المبارك لإخواننا المجاهدين على أرض فلسطين المباركة أن يقِفوا صفًّا واحدًا أمام العدوّ الصهيونيّ الغاشم، وأن يتخلَّوا عن كلّ عواملِ الاختلاف والتنازع والشِّقاق، وإننا نناشِدهم التمسّكَ بالكتاب والسنّة وتضييعَ الفرصة على المنتهزين والمستفزِّين ومَن يريدون الاصطياد بالمياه العكِرة.

فيا إخواننا في أرض الرسالات ومهدِ البطولات، يا أبناءَ الأبطال المجاهدين، ويا أحفادَ الصناديد الفاتحين، لقد أحييتم في الأمّة آمالها بجهادِكم المبارك، فالله اللهَ في الصبر والمصابرةِ حتى تتحقَّق لكم بإذن الله إحدى الحسنيَين: النصر أو الشهادة. قلوبُنا معكم، والدعاء مبذولٌ لكم، ولن تدَّخِر الأمّة مالاً ولا جُهدًا في نُصرة قضيّتكم التي هي قضيّة المسلمين الأولى حتى يأتيّ وعد الله الذي لا يخلِف الميعاد.

ويا قادةَ المسلمين، يا مَن مكّنكم الله في أرضِه وعباده، القدسُ والأقصى أمانةٌ في أعناق الأمّة، والشعوب الإسلاميّة تتطلّع إلى اجتماع قمَّتكم في أقربِ فرصةٍ سانحة للخروجِ بمواقفَ عمليّةٍ حازمة لنُصرة المستضعفين، خاصّة في أرض العراق وفلسطين، ووضعِ حدٍّ صارم للتّجاوزات الصهيونيّة وخطرِها على المنطقة والعالم، سدَّد الله الخطى وبارك في الجهود.

فصِدقًا صِدقًا أيها المسلمون، وصَبرًا صبرًا أيها المجاهدون، وليستيقِنْ الجميعُ أنّ ثمةَ حقيقةً شرعيّة ينبغي أن لا تعزب عن الأذهان مطلقًا، وهي أن عاقبةَ التدافعِ بين القوى وثمرةَ الصراع بين الحقّ والباطل إنما هي للمؤمنين المتّقين، فليهنَأ المسلمون بذلك، وليقرَّ المؤمنون أعُينًا بهذا، ولتُشفَ صدورهم ويذهب غيظ قلوبهم، فالنصر للإسلام وأهله، طالَ الزمان أو قصر، وما علينا إلاّ الإخلاص والصدقُ والجدّ والعمل، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف:21].

وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنّة، ونفعني وإيّاكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، فيا بُشرى للتائبين، ويا لفوز المستغفرين، وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].

الحمد لله ربِّ الأرباب ومسبِّب الأسباب وخالق الناس من تراب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، منزلِ الكتاب ومُجري السحاب وهازم الأحزاب، وأشهد أنّ نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، خيرُ نبيٍّ أنزل عليه خيرُ كتاب، بعثه الله ليتمّم مكارمَ الأخلاق والآداب، صلّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير آل وأصحاب، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب.

أمّا بعد: فاتقوا الله عباد الله، وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [البقرة:281].

أيّها الإخوة الأحبّة في الله، وفي الوقتِ الذي تكفكِف الأمة دموعَها على ما آل إليه حالها تتعرَّض الأمّة في صفحةٍ أخرى من مآسيها لنكبةٍ أخلاقيّة ونكسة قيَميَة خطيرة، تمثِّل أدنى دركاتِ الانحطاط الأخلاقيّ المتمثِّل في إفرازاتٍ إعلامية عبر قنواتٍ فضائية غيرِ مسؤولة، تعمَد لإقصاء الفضيلة وإعلاءِ راية الرذيلة، في مشاهدَ من التبذّل والعُري الذي لا يقرّه أهلُ النفوس السليمَة والفِطَر المستقيمِة والذّوق الرفيع، فضلاً عن أهل الديانة والعفّة والحياء والحشمة، تحت مسمّيات "ستارٍ من المهازل" و"على الرذيلة سواء" و"على طريق العَفَن معًا"، في نوعٍ من أنواع الحربِ على قيَم الأمّة وفضائلها، وسلاح فتّاك من أسلحة الدّمار الشامل لكلّ أنواع القيم والعفافِ والفضيلة، مما يُسهِم بجلاءٍ في خلخلة المنظومةِ الاجتماعيّة المحافظَة والنسيج الأخلاقيّ المتميّز لهذه الأمة، ويفرز آثارًا اجتماعيّة خطيرةً في التمرّد على القيَم والانفلاتِ مِن الأخلاق والمثُل، في الوقتِ الذي تعيش فيه أمّتنا ظروفًا عصيبة، تتطلّب العنايةَ بالجيل والحفاظَ على النشء من موجاتِ الانفتاح والتغيير والتغريبِ التي حلّت بالأمّة دون ضوابطَ شرعيّة أو آدابٍ مرعية، مما يجسِّد المسؤوليةَ على الأسرة والمجتمع بأسرِه في بثّ الوعي بين أطيافه، لا سيما بين الشبابِ والفتيات.

أمّا المسؤولون عن هذه القنواتِ فإنّنا نناشِدهم الله في الكفِّ عن أمثالِ هذه البرامجِ المسطَّحة التي تعمل على إشاعة الفاحشةِ في المؤمنين، والتي تعَدّ بحقٍّ خذلانًا للأمّة وقَفزًا على اهتماماتها ونكأً لجراحها وخيانةً لقضاياها، ومع ما قد يُظنّ أنّ الحديث يجنح لعاطفةٍ فإنّ من التعقُّل والحكمة أن يعيشَ المرء وسطًا بين الرؤى، بين منابع اليأس وإشراقات التفاؤل والأمل، فلا يُضاق بالتشاؤم لما يبثّه من كسرِ النفس وجَلدِ الذات والركون إلى الإحباط وترك العمل، ولا إفراطَ في الحديث عن جوانبِ القصور والسلبيّة، ففي الأمّة بحمد الله جوانبُ خير كثيرة، ينبغي أن تستثمَر في بثّ روح الأمل والتفاؤل.

فالحقّ منصورٌ وممتحَن…فلا تعجَب هذه سنة الرحمن

فكم في طيّات المحَن من مِنَح، وكم في ثنايا النِّقم من نِعم، وتلك سنّة الله الكونيّة والشرعية، وسِجِلّ التأريخ خير شاهدٍ مما يبعَث في نفس المسلم الثقةَ بالله عزّ وجلّ ونصرة دينه من غير يأسٍ مقعِد ولا إحباطٍ قاتل، ومن غير تهوّرٍ عاجل وحماسٍ واندفاع زائل، والموفَّق من قوّمته الدروس وأنارته المواقفُ والعبر، فأدرك أوّلَ الأحداث وآخرها، وفهِم آثارها وأسرارها وعواقبَها، والله هو هادي الخلق إلى الحقّ، وهو المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ألا وصلّوا وسلّموا ـ رحمكم الله ـ على سيد ولد آدم، نبيّ الرحمة والملاحم، ورسول الخير والرحمة والمكارم، نبينا محمد أبي القاسم، كما أمركم بذلك ربّكم جل وعلا، فقال تعالى قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهمّ صلّ وسلِّم وبارك على سيّدنا وحبيبنا وقدوتِنا محمّد بن عبد الله، وارض اللهمّ عن خلفائه الراشدين...

__________

(1) سنن أبي داود: كتاب الملاحم (4297) عن ثوبان رضي الله عنه، وأخرجه أيضا أحمد (5/378)، والطبراني في الكبير (1452)، والبيهقي في الدلائل (6/534)، وصححه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة (958).

 

المصدر: خطبه الشيخ عبد الرحمن السديس إمام الحرم
elnuamany

الفكره اساس نبني عليه والقلم سلاح يشير الي الحق

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 71 مشاهدة
نشرت فى 9 ديسمبر 2010 بواسطة elnuamany

محمد خضيري

elnuamany
هذا الموقع الرسمى للكاتب والروائي محمد خضيري الذي صدر له اعمال ادبية منها رواية نيران مستعرة ورواية سنوات الحرمان وكاتب في عدة مواقع اخبارية اخرى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

126,162

الكتب الصادرة للكاتب