نساء غزة صامدات رغم الموت والدمار محيط - عواطف عبد الحميد
يقولون وراء كل عظيم امرأة " وفي غزة وراء كل مقاتل وبطل امرأة شجاعة وأماً عظيمة ، المرأة في غزة امرأة من نوع خاص جد اً ، لم تعتاد الرفاهية ولم تعرف إلا الفرح القلق والاستعداد الدائم للمعركة ، نساء لا يعرفن البكاء ولا يغرقن في النواح ، لا يعرفن سوي التضحية ومواجهة الاحتلال بصمود ما بعده صمود وشجاعة منقطعة النظير .يتصدين للاحتلال بالإنجاب كل يوم ، فهن يعرفن أن إنجاب الأبطال وتقديمهم للنضال والجهاد مهمة لا تقدر عليها سوي من نذرت نفسها وولدها لخدمة بلادها وتحرير أرضها ، أعوام مضت وغزة تتلقي الضربات القاتلة الموجعة من الاحتلال الذي لا يرحم . منذ أكثر من عام، والمرأة الفلسطينية في قطاع غزة تدفع ثمناً باهظاً ومزدوجاً فهي تتلقى الضربات القاتلة مع اشتداد الحصار والعدوان ، وتزايد موجة التدمير المبرمج لقوات الاحتلال، وأيضاً مع كل ارتفاع لمعدلات البطالة والفقر.. في كل هذه الظروف والأحوال تصبح أكثر عرضة للتهميش والاستبعاد، وقد يعصف الفقر باستقرار حياتها الأسرية إذا كانت متزوجة، وبوظيفتها ومهنتها إذا كانت على رأس عملها، وربما يطيح بمقعدها الجامعي إذا كانت طالبة، وأحياناً قد يصل الأمر باستهداف دراستها الثانوية أو المتوسطة..و ربما نختصر الأمر رغم تباين حساسيته بالاعتراف أن المجتمع المحلي يحولها لضحية مكررة كلما شهد تزايداً لمعدل الفقر بين ذكوره جراء الحصار. فقر وحصار ومع ذلك لا زال الاحتلال بذكوره وإناثه مركزاً للتناقض الأساسي الذي يحكم المرأة الفلسطينية، بعيداً عن بعض النظريات النسوية الغربية المشوهة التي تعتمد تحالف النساء على اختلاف هوياتهن ومواقعهن لمواجهة العنصرية الذكورية ، فهل هناك أشد فتكاً بالنساء الفلسطينيات من الاحتلال والحصار والفقر؟! ويعيش الآن نحو 4.5 مليون لاجئ وأحفادهم في مخيمات مذرية في لبنان وسوريا والأردن وقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. ومعظم سكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليوني نسمة إما من اللاجئين أو أحفادهم ويعيشون في ثماني مخيمات مكتظة بالسكان وأربع مدن. ويتشبث اللاجئون "بحق العودة" ويعد مصيرهم أحد أصعب المسائل التي تواجه المفاوضين الذين يحاولون التوصل لاتفاق هذا العام لإنشاء دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية.
ولا أحد ينكر حق المرأة الفلسطينية في حياة كريمة، ولا يحسدها رجل على ما قدمت لها الحضارة من وسائل راحة، ومن تطور، وحق في الحياة الدنيا كأحسن ما يكون، حياة بدائية ورغم تعود نساء غزة علي الفرح المشوب بالخوف ، والحياة الجادة، ورغم عدم معرفة غالبيتهن بما يسمي "دلال النسوان " إلا في مقتبل العمر، لقد فاجأ الحصار الإسرائيلي النسوة في قطاع غزة قبل أن تضربهن عصا الواقع، فالمرأة الفلسطينية في غزة من مقعد الدرس إلى غرفة الولادة، وهي أما حامل، أو مرضع، أو كلاهما، وهي إما تودع شهيداً، أو تنتظر سجيناً، أو ترتب بالقوة حياة بيتها، وتعيش على أمل، وتجد لنفسها فسحة من الحياة طالما قد توفر لديها أساسيات البقاء، وغاز الطهي، والطاقة الكهربائية، ومشتقاتها، وهذا ما حرص الحصار الإسرائيلي على مصادرته، ليضع المرأة الفلسطينية في غزة أمام تحدٍ من نوعٍ جديد، وهو: الإصرار على الحياة رغم الحصار، والقدرة على توفير اللقمة للأطفال رغم الصعاب، لقد عدلت النسوة في غزة أسلوب حياتهن السابق، وشمرن عن سواعدهن للتأقلم مع الحياة بلا كهرباء، وبلا غاز، وصارت الشمعة تكفي، وعادت لمبة الكاز لتأخذ مكان الصدارة في البيت، وصار بابور الكاز بديلاً لفرن الغاز، وصار الراديو عوضاً عن التلفاز، وصار "البح" لملابس الأطفال عوضاً عن "البمبرز" المقطوع، والممنوع، والذي يهدد أمن الدولة العبرية، وعادت النسوة في غزة إلى عجن الطحين، وتخمير العجين، وتقطيعه، ورقه، والخبز على نار الحطب، والعودة للأفران البلدية ، من أجل تأمين حاجة أطفالهن من الخبز ، وهي عودة بالذاكرة إلي تلك السنوات الأولى من ضياع فلسطين، والهجرة سنة 1948، وما تلاها من سنوات؛ الحصار والنضال والحلم بالعودة إلى فلسطين التي ترعرع على ذكراها حب الوطن، والاستعداد للتضحية، وعدم انتظار آخر الشهر بالمفهوم الوظيفي الحالي. نموذج للصبر والصمود
والحق أن كل نساء غزة يعشن حالة الكرامة، لكن البعض الآخر لم يحتملن الحصار، وغير مقنعات بشيء اسمه صمود، وفلسطين، ولا يعترفن بالوطن الذي لا يحقق لهن مصالحهن، وهن لم يسمعن شيئاً عن الأسيرة الفلسطينية "قاهرة السعدي" المحكومة مؤبد في السجون الإسرائيلية، ومضى عليها سبع سنوات لم تكحل عينها بأطفالها الأربعة، ولم تمشط شعرهم، وتتمنى أن تقبلهم، أو تقابلهم فقط، هؤلاء النسوة الغريبات عن أجواء فلسطين يصرخن دون ألمٍ، وتاهت طريق الأمل عن عيونهن الدامعة بلا حزن، يشتمن دون وعي، ضاق عليهن الأفق السياسي فضقن ذرعاً مع بداية الحصار.
المعاناة مستمرة والمواجهة لا زالت مستمرة والنساء الفلسطينيات لا زلن علي نفس الحالة وكل يوم يمر لا يحمل لهن إلا المزيد من المعانة فقد أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة يحل على النساء الفلسطينيات بينما تتواصل معاناتهن بفعل ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عدا عن العنف الممارس من قبل المجتمع الفلسطيني المحلي. وأكد المركز في بيان له نشر مؤخراً أنه :"وفقاً لتوثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فقد أسفرت ممارسات الاحتلال الإسرائيلي من قصف وإطلاق نيران وتوغلات عن مقتل 19 امرأة، جميعهن من سكان قطاع غزة، وذلك خلال العام 2008. بين هؤلاء النساء، نساء قتلن في منازلهن، وبينهن نماذج تجسد الاستهتار الإسرائيلي بحياة المدنيين الفلسطينيين، عدا عن عشرات النساء الفلسطينيات اللاتي واجهن ظروفاً بالغة القساوة جراء معايشتهن مشاهد مقتل أبنائهن أمام أعينهن بفعل الاستخدام الإسرائيلي المفرط للقوة المميتة، إضافة لعدم التناسب وعدم التمييز في استخدام القوة". وأشار المركز إلي أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة قد تسبب في وفاة 13 امرأة نتيجة حرمانهن من السفر لتلقي العلاج، أو بسبب عرقلة سفرهن، أو بسبب نقص الأدوية في مشافي قطاع غزة، وذلك خلال العام نفسه ليرتفع بذلك عدد النساء الفلسطينيات اللاتي قضين بفعل ممارسات قوات الاحتلال وحصارها لقطاع غزة إلى 32 امرأة. ولم تسلم النساء الفلسطينيات في الضفة الغربية من الممارسات الإسرائيلية المهينة والحاطة بالكرامة، والتي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذها بحق السكان المدنيين عبر حواجزها المنتشرة على مداخل المدن والقرى الفلسطينية. وعدا عن المعاملة المهينة، تعاني النساء الفلسطينيات بفعل استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في انتهاج سياسات مداهمة المنازل، مصادرة الأراضي، وغيرها." وأكد المركز أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا زالت تحتجز نحو 97 امرأة فلسطينية في سجونها حيث تخضع هؤلاء النساء للعديد من الممارسات اللا إنسانية التي تطبقها إدارة السجون الإسرائيلية بحق كافة المعتقلين الفلسطينيين من تعذيب وتنكيل ومعاملة مهينة عدا عن تدني الشروط المعيشية داخل هذه السجون.
وشدد المركز أنه برز خلال العام الحالي 2008، الحصار الإسرائيلي كأحد أبرز عناوين معاناة النساء الفلسطينيات في قطاع غزة بفعل تأثر حياتهن وظروفهن المعيشية به وبما يخلفه من انعكاسات سلبية تمثلت في المساس المباشر بالعديد من الحقوق المكفولة لهن وفي مقدمتها: الحق في الحياة، الحق في الصحة، الحق في مستوى معيشي ملائم، الحق في التعليم، وحقوق الإنسان كافة. لعل المآساة في غزة تذكرنا بما قاله يوماً الشاعر العربي نزار قباني : حتي وإن قطعوا يا آل إسرائيل، لا يأخذكم الغرور عقارب الساعة إن توقفت لابد أن تدور.. إن اغتصاب الأرض لا يخيفنا فالريش قد يسقط من أجنحة النسور والعطش الطويل لا يخيفنا فالماء يبقي دائما في باطن الصخور هزمتم الجيوش .. إلا أنكم لم تهزموا الشعور قطعتم الأشجار من رؤوسها وظلت الجذور.. |
نشرت فى 29 ديسمبر 2008
بواسطة elmasrya
م/محمد المصرى
نعمل فى مجال المقاولات والتشطيبات والديكور لدينا مجموعة متخصصة من مهندسين فى جميع المجالات نقوم ببناء وحدات ابنى بيتك (مفاجاة) وبيع وشراء »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
493,883
ساحة النقاش