جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
أجساد النساء |
|
|
02/12/2008 |
نولة درويش أجساد النساء لها استعمالات متنوعة في المجتمعات الذكورية، قد تتناقض أحيانا مع بعضها البعض، ولكنها تظل رهن الهدف الذي تخدمه بأفضل طريقة؛ فتارة يتم تقديم جسد المرأة باعتباره الوعاء الذي يعيد إنتاج الحياة، أي أن له وظيفة إنجابية صرف؛ وبالتالي، فإن احتياجات ذلك الجسد لا تدخل بعين الاعتبار، وإنما ما يهم هو الحفاظ فقط علي تلك القدرة لديها، حتي تظل تضع الأطفال الذين يضفون النخوة للرجال، لا سيما إذا كثر الأطفال الذكور. ومن أجل الحفاظ علي هذه الملكية الذكورية، يتم استئصال جزء من هذا اللحم تحت مزاعم هزيلة. أما الوظيفة الأخري لجسد الأنثي، فهي تقديم المتعة الجنسية، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلي "تسليع" هذا الجسد، والتعامل معه كبضاعة قد يرتفع أو ينخفض ثمنها حسب مقتضيات السوق، وحسابات العرض والطلب. ويتم الترويج لهذه السلعة من خلال الأعمال الدرامية، والإعلانات، والكليبات، والصور الإباحية، الخ.؛ كما يتم تسويق الوهم في صفوف النساء كي يسعين إلي تحقيق هذا الجسد المثالي الذي سوف يمثل أغلي ما يمتلكنه؛ أي السلعة الرائجة. وقد ظهر في السنوات الأخيرة في مصر استعمال آخر لأجساد النساء، وهو متعلق بكسر الإرادة، وتحطيم معنويات كل من يجرؤ علي رفض أي شكل من أشكال القهر. فمن منا قد ذهب عن ذهنه ما حدث لنساء العريش ونساء قرية سراندو حينما تم استعمال النساء كأداة لعقاب من يراد إلصاق التهم بهم؟ إن ما حدث آنذاك كان لا بد أن يلفت نظرنا إلي أننا أمام مرحلة جديدة من الاستعمالات الخاصة بأجساد النساء؛ مرحلة من العنف غير المسبوق يستبيح كل شيء، ويولد من داخله أشكالاً أكثر تطورا من التلذذ بالإذلال، منبئا بانفجار متتال علي صعيد المجتمع ككل. فقد توالت تحت نظرنا صور متنوعة من هذا العنف تضمنت- ضمن مشاهد أخري- الناشطات اللاتي تم التحرش بهن في مايو 2005 لمنعهن من إبداء رأيهن في التعديلات الدستورية المرسومة لخدمة مصالح محددة، وعاملتا غزل المحلة أمل ووداد اللتان نالتا العقاب علي وقفتهما الشجاعة إلي جانب حقوق عموم العمال، فتمت محاولة لانتزاع ملابسها لكسر هذه الإرادة الصامدة؛ كما طالت أشكال مماثلة من القهر عاملات أخريات من مصنع الحناوي بالبحيرة لمجرد أنهن جرؤن هلي التضامن مع زميلات مظلومات، وكانت النتيجة تخلي بعض الأهل عنهن بحجة أنهن جلبن العار لذويهن. هناك أيضا أشكال التحرش المتنوعة التي وصلت إلي ذروتها في أحداث التحرش الجماعي التي شهدتها مصر في مناسبات متعددة، والتي لا يمكن أن تشير بحال من الأحوال إلي أي قدر من النشوة الجنسية، وإنما إلي أحد أشكال القهر الممارس ضد النساء من خلال التنكيل بأجسادهن. وأخيرا (وليس آخرا علي ما يبدو)، قرأنا علي صفحات "البديل" عن هذه السيدة التي توفت من صدمة تهديدها علي أيدي ضابط بالتعرية- هي وغيرها من نساء أسرتها- أمام قريتها مقابل رفضها الاعتراف بتخبئة أسلحة في بيتها. هذه مجرد أمثلة لا تدعي صفة الشمول، ولكنها تشير إلي استهداف جديد لأجساد النساء من قبل العامة والحكومة علي حد سواء من خلال ممارسة بلطجة منهجية موضوعها استعمال أجساد النساء من أجل الإكراه، والقمع، والإذلال |
من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
ساحة النقاش