هل مازالت إسرائيل تستعد لضرب إيران ؟
<!heade>
فبينما تنفس عقلاء العالم الصعداء بعد ثماني سنوات من التوتر والحروب والأزمات المتكررة واحتمالات عودة الحرب الباردة مع روسيا بسبب السياسة العدوانية لإدارة الرئيس بوش استقبلت إسرائيل فوز اوباما بقلق شديد وان كان مبعث قلقها ليس الخوف من تغيير سياسة أمريكا المؤيدة لها أو احتمال تحولها الي وسيط محايد في قضية الشرق الأوسط فتلك المسألة لا يمكن ان ترد علي خاطر حتي اكثر المراقبين السياسيين سذاجة, إنما كان قلقها نابعا من استمرار حالة الترقب والانتظار في الوقت الذي تواصل فيه إيران نشاطها النووي دون ان تقدم إدارة بوش علي ردعها بعمل عسكري آو علي الأقل بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لكي تتكفل بهذه المشكلة علي غرار ما حدث في7 يونيو1981. ففي صبيحة هذا اليوم انطلقت8 طائرات إسرائيلية مقاتلة باتجاه العراق في مهمة سرية خاطفة لتدمير المفاعل النووي في جنوب شرق بغداد حيث أتمت المهمة بنجاح دون ان تتمكن أجهزة الرادار العراقية من رصدها. الملف النووي الايراني وما يصاحبه من تهديدات متكررة يطلقها الرئيس نجاد بمناسبة وغير مناسبة هو في الواقع هاجس إسرائيل الأول هذه الأيام والجميع يدرك ان إسرائيل كانت تتمني ان يقدم بوش في إحدي لحظات جنونه علي إعطاء آمر للقوات الأمريكية المتمركزة في منطقة الخليج لتنفيذ المهمة العسكرية ضد المنشآت الإيرانية النووية. في تحقيق نشر علي صفحة كاملة تحت عنوان' الجيش الاسرائيلي مازال مستعدا لضرب إيران' بصحيفة الفيجارو الفرنسية أكد مدير معهد الدراسات الاستراتيجية' ياف' الجنرال شلومو بروم ان'الولايات المتحدة تملك حاليا قوات بالمنطقة وتتحكم في الأجواء العراقية ومن ثم فأنها الوحيدة القادرة علي تجديد الضربات والاحتفاظ بالضغط العسكري خلال مدة كافية والجميع هنا في إسرائيل كان يفضل ان تتولي هي هذه المهمة'. غير ان المشكلة هي ان بوش لم يكن لدية الحماس الكافي لكون فترة ولايته الثانية- كما هو معروف- ملغومة بالحرب علي العراق وأفغانستان ولم يكن بطبيعة الحال يريد ان يفتح جبهة ثالثة في ايران بل' ان الادراة الأمريكية رفضت ان تمد الجيش الإسرائيلي بطائرات التزود بالوقود في الجو أما فيما يتعلق بالقنابل الخارقة التي من الممكن استخدامها ضد المصنع النووي الإيراني فلم تتسلم منها اسرائيل إلا القليل في نفس الوقت فان الرادار المضاد للصواريخ تم تسليمه هذا الخريف لإسرائيل ولكن بمصاحبة ضباط وفنيين أمريكيين ويخضع فعليا لسيطرة واشنطن اي ان الوضع- كما يصفه قائد سرب القاذفات الجوية في عملية قصف المفاعل النووي العراقي في1981' ليفي راتز' للصحيفة الفرنسية يعكس تغييرا إستراتيجيا حقيقيا فإسرائيل لا تستطيع اليوم ان تتصرف دون الحصول علي موافقة الرئيس الأمريكي' الغريب ان هذا التقرير الذي تضمن معلومات عسكرية دقيقة حول استعدادات إسرائيل لخوض الحرب ضد إيران قد تم نشره في هذا التوقيت بالذات آي في الفترة الانتقالية التي تسبق تسلم الرئيس الأمريكي الجديد لمهام ولايته والتي يستمر فيها الرئيس بوش في إدارة البلاد دون ان يكون لديه القدرة علي اتخاذ قرارات حاسمة. كما ان المتفحص في التقرير يستطيع ان يستخلص انه قد تضمن نقاطا عديدة متناقضة: فإذا كان قد أشار علي لسان قائد السرب الذي تولي تدمير المفاعل العراقي في عام1981 الي ان إسرائيل ليس لديها القدرة علي القيام بمهمة مماثلة لتلك التي قامت بها منذ سنوات ضد المفاعل العراقي فانه في فقرة سابقة بالتقرير أشار الي ان إسرائيل تملك من الأدوات ما يجعلها قادرة علي تنفيذ المهمة بنجاح | |||||
حيث قال بالحرف' في يونيو الماضي قام مئات الطيارين الإسرائيليين بأداء مناورات عسكرية للتدريب علي ضرب إيران فوق البحر المتوسط بالقرب من اليونان كما ان الجيش الإسرائيلي طالب بتزويده بقاذفاتf35 وGBU طراز-39 وقامت الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمه قنابل تعتبر الأحدث في العالم نظرا لقدرتها علي اختراق المنشآت النووية. واخيرا يختتم القائد السابق هذه الفقرة بقوله' إذا كنت تريد السلام فاستعد للحرب والقوات المسلحة الإسرائيلية تتدرب علي ضرب إيران منذ سنتين واليوم هي علي أهبة الاستعداد'. ولعل مبعث هذا التناقض في المعلومات التي تضمنها التحقيق يرجع الي كونه تناقضا مقصودا الغرض منه اثارة حالة من البلبلة لدي الساسة في إيران فإسرائيل لا تكشف بهذه الطريقة عما لديها من أسلحة إلا اذا كانت لديها أهداف خفيفة. ففي الوقت الذي تؤكد فيه علي لسان أحد ضباطها السابقين انها قادرة علي ضرب إيران تنفي من ناحية أخري أنها تستطيع القيام بهذه المهمة دون الحصول علي إذن الولايات المتحدة التي تبدو أيضا الوحيدة القادرة علي القيام بمثل هذه المهمة طبقا لمدير معهد' ياف' للدراسات الاستراتيجية. أخيرا فان القارئ لهذا التحقيق يخرج في نهاية الأمر مشوشا غير قادر علي تحديد ما إذا كانت إسرائيل حقا قادرة علي ضرب إيران أم أنها عاجزة علي تكرار ما سبق و قامت به ضد المفاعل النووي العراقي ولعل هذا الإحساس هو بالقطع ما أرادت ان تشيعه في هذه المرحلة بالذات وان كانت المعلومة الوحيدة المؤكدة في هذا التحقيق هي ان إسرائيل قد أعطت لنفسها مهلة حتي منتصف عام2009 باعتبار هذا التاريخ خط احمر لن تستطيع بعده الانتظار خاصة انه التاريخ المحدد لنجاح الإيرانيين في تخصيب اليورانيوم كما انه فترة كافية أمام اوباما لكي يدرك-علي حد تعبير الخبير الاسرائيلي اموس هارل- عدم جدوي المفاوضات مع إيران ليكون من حق إسرائيل بعد ذلك الاختيار: إما ضرب إيران بقرار منفرد أو الحصول علي مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية لكي تضمن نجاح مثل هذه المهمة.وهو ما يعني انه في حالة فشل المباحثات الدبلوماسية فان إسرائيل ستضرب حتما إيران سواء وافقت أمريكا علي ذلك أو رفضته فالمسألة بالنسبة لها' أكون ولا أكون'! |
ساحة النقاش