محبة لمصر وشعبها اعتبرت نفسها أحد أبنائها، وأخذت تبني وتعمر وتخرج أجيالا بإنشائها مدرسة لتعليم الخزف والفخار بأجمل قطعة من جنة الرحمن علي أرضه وأصبحت أحد معالمها المميزة. إنها الفنانة العالمية «إيفيلين بوريه» 70 عامًا السويسرية الأصل.
وطبقا لتقرير عن الفنانة السويسرية نشرته صحيفة روز اليوسف فإن إيفيلين جاءت إلي القاهرة عام 1960م بصحبة والدها الذي كان يعمل قسًا بكنيسة الإسعاف وذلك بعد أن تخرجت في كلية الفنون التطبيقية بجنيف قسم خزف وفخار، ثم التحقت للتدريب بكلية الفنون التطبيقية بالقاهرة من خلال الجلوس علي دولاب الفخار ولفتت انتباه جميع من حولها، ثم سافرت إلي إحدي القري الصغيرة والتي تقع علي مقربة من محافظة الأقصر.
وهناك علمت الأولاد الصغار صنع الفخار والخزف ثم انتقلت إلي الأرياف حيث المنازل المبنية بالطين وصوامع القمح بعدها عادت إلي سويسرا ومنها إلي فرنسا وتزوجت من مشيل باسنور سويسري الجنسية وعادت معه إلي عزبة تونس بالفيوم أو كما يطلق عليها كل من يزورها بـ«سويسرا الشرق» لكثرة إقامة الأجانب هناك من جميع الجنسيات.
وأصبح لايفلين منزلها الخاص هناك والمبني من الطين والخشب والفخار الذي يعطيك احساسا بالبساطة فأخذت تمارس موهبتها في صنع الخزف والفخار حتي عام 1967م ووقتها صدر قرار بمنع اقامة الأجانب بالأرياف فغادرت الفيوم عائدة إلي فرنسا مرة أخري وظلت هناك حتي عام 1979م.
بعد أن استقرت الأوضاع عادت إيفيلين بصحبة زوجها وأبنائها لتكمل ما بدأته من قبل وأخذت تسوق منتجاتها لمحلات الجاليري بوسط البلد وفي عام 1999م شعرت بأنها أصبحت مستعدة لتحقيق حلمها القديم بإنشاء مدرسة لتعليم أبناء القرية صناعة الخزف وبالفعل أنشأت المدرسة والتي أكسبت عزبة تونس شهرة عالمية وتحويلها إلي مركز متميز في صناعة الفخار والخزف فقامت ايفيلين بتعليم أبناء القرية هذا الفن الجميل وبدأت بالأطفال من سن 10 وكانت تستغل الأجازة الصيفية لتجمع الأطفال حولها وتعطي كل واحد منهم ورقة ليرسم فيها ما يحلو له ومن رسوماتهم البسيطة تعرفت علي موهبتهم الفنية حتي أصبحوا فنانين هم أيضا بل ويقومون بتعليم أجيال من بعدهم.
ثم أخذت إيفيلين تعلم الكبار أيضًا وفتحت باب منزلها لكل من يريد زيارتها ليشاهد مراحل صناعة الفخار الملون المبهر ابتداء من عجن الطين الأسواني والمستخدم في صنع التحف والأواني الفخارية إلي مراحل الرسم والتلوين والحرق.
تعمدت ايفيلين في التقليل من استخدام مفردات المدنية الحديثة أما النصيب الأكبر فكان للطبيعة من حولها فمنزلها مبني علي الطراز الفيومي باستخدام الطين والقباب مما يسمح له بأن يظل باردًا طوال أشهر الصيف ودافئًا في الشتاء بالإضافة إلي أنها استعانت داخل منزلها بجميع أنواع الأواني الفخارية مثل «الزير» وفرشت أرضيته بالحصر والخوص وأضاءته مصابيح الكيروسين فأصبح منزلها أحد المزارات المهمة لرواد القرية.
وإلي جانب كل ما سبق سعت ايفيلين من خلال علاقاتها بتنظيم وإقامة معارض بالخارج بفرنسا، سويسرا، وإيطاليا بإرسال عدد معين من الشباب الذين تخرجوا من مدرستها لاقامة معارضهم هناك. والآن 5 منهم أصبح كل واحد لديه ورشته المستقلة وعلاقاته الخارجية لإقامة معارض خاصة به.
ساحة النقاش