النماذج النظرية للنمو الأنسانى
النموذج النظرى هو أداة منهجية يستخدم لشرح وتفسير الظواهر والعلاقات القائمة بينها , ويمدنا النموذج فى سبيل الشرح والتفسير بمصطلحات معينة وبالأساس الذى يمكن تصنيف الظواهر على أساسة وبالمبدأ التفسيرى الذى يوضح طبيعة العلاقة بين الظواهر أو المتغيرات , أن النموذج النظرى هو الوسيلة التى يمكننا من اخضاع ظواهر عالمنا للدراسة العملية , عن طريق ترجمة هذة الظواهر الى متغيرات محددة يمكن التحقق منه ودراسة العلاقات بينها .
ويميل بعض الباحثين الى تصنيف النماذج النظرية السائدة فى مجال علم نفس النمو الى مجموعات أو فئات حسب أسس معينة يرونها جديرة بالاعتبار , لأنها تزيد من الفهم لظاهرة التغير النمائى , فالبعض يصنف النماذج النظرية حسب السعة أو الشمول , فيكون لدينا النماذج الشاملة التى تحاول أن تشرح أو تفسر كل مظاهر السلوك تقريبا مثل نظرية التحليل النفسى , وهناك النماذج الأقل شمولا وتركز على بعض الجوانب الأساسية فى السلوك مثل نظرية بياجية وتهتم بتفسير الجوانب المعرفية للسلوك أيضا نظرية اريكسون والتى تهتم بتفسير الجوانب الأجتماعية للسلوك .
نظرية التحليل النفسى ( فرويد ):
نظرية التحليل النفسى كما وضع أسسها وصاغها سيجموند فرويد , نظرية يغلب عليها الطابع البيولوجى . فالطفل يولد وهو مزود بطاقة غريزية قوامها الجنس والعدوان , وهى ما أطلق عليها فرويد أسم " اللبيدو" Libido بمعنى الطاقة , وهذة الطاقة تدخل فى صدام محتم مع المجتمع , وعلى أساس شكل الصدام ونتيجتة تتحدد صورة الشخصية فى المستقبل .
ويذهب فرويد إلى أن الطاقة الغريزية التى يولد الطفل مزوداً بها تمر بأدوار محددة فى حياتة , والنضج البيولوجى هو الذى ينقل الطفل من دور الى آخر أو من مرحلة الى آخرى ولكن نوع وطبيعة المواقف التى يمر بها هى التى تحدد النتاج السيكولوجى لهذة المراحل , كما أنها هى التى تحدد مدى إنتظام سير الطاقة فى خطها المرسوم سلفا أو تعثرها فى السير وتخلفها أو تخلف معظمها فى مراحل معينة , هذا التخلف الذى يطلق علية فرويد" التثبيت" .
ويرى فرويد أن التثبيت يعود بجانب العوامل الجبلية ( الوراثية ) الى عوامل ذات طبيعة تربوية إجتماعية وعلى رأس هذة العوامل الإشباع المسرف فى سنى المهد والطفولة المبكرة , والذى يجعل الطفل لا يريد أن يترك هذا المستوى الذى ينعم فية بالاشباع والمتعة . ولكن النمو يتابع سيرة الى المرحلة التالية , ولكن بعد أن يكون قد تخلف قدر كبير من الطاقة اللبيدية فى المرحلة التى حدث فيها التثبيت , ومن عوامل التثبيت أيضا الاحباط الشديد الذى يجعل الطفل يجد صعوبة فى تخطى هذا المستوى الى المستوى التالى طلبا للاشباع الذى كان من المفروض أن يتلقاة فى هذة المرحلة , كما أن التثبيت قد يحدث فى ظل الاشباع المسرف والاحباط الشديد لأنة كثيراً ما يكون التناوب بين الاشباع المسرف والاحباط الشديد هو العامل الحاسم وراء التثبيت .
وإذا لم يحدث تثبيت للطاقة اللبيدية فى أية مرحلة وواصلت سيرها , فأن الطفل ينتقل من مرحلة سيكولوجية الى التى تليها , ويستمد الطفل إشباعة لطاقتة الغريزية فى كل مرحلة خلال عضو معين من أعضاء جسمة , ويسمى فرويد المراحل النفسية بأسم العضو الذى يستمد منة الطفل الإشباع فى مرحلة معينة .
مراحل النمو النفسى :
المرحلة الفمية المصية :
وتشمل العام الأول من حياة الطفل . وتتركز حياة الطفل فى هذة السن حول فمة , ويأخذ لذتة من المص , حيث يعمد الى وضع أصبعة أو جزءً من يدية فى فمة ومصة , ويتمثل الاشباغ النموذجى فى هذة المرحلة فى مص ثدى الأم , وحينما يغيب الثدى عنة يضع أصبعة فى فمة كبديل للثدى , ويؤكد فرويد على أن هذة المرحلة هى مرحلة الإدماج القائمة على الأخذ.
المرحلة الفمية العضية :
وتشمل العام الثانى. ويتركز النشاط الغريزى حول الفم أيضا , ولكن اللذة يحصل عليها هذة المرة من خلال العض وليس المص , وذلك بسبب التوتر الناتج عن عملية التسنين , فيحاول الطفل أن يعض كل ما يصل إلية , وهنا يشير فرويد الى أول عملية احباط تحدث للفرد فى حياتة , وذلك حينما يعمد الطفل الى عض ثدى الأم , وما يترتب على ذلك من سحب الأم للثدى من فمة , أو عقابة , مما يوقعة فى الصراع لأول مرة , فهو يقف حائراً بين ميلة الى اشباع رغبتة فى العض وبين خوفة من عقاب الأم وغضبها والذى يتمثل لدية فى سحبها للثدى من فمة , وهذة المرحلة هى مرحلة ادماج أيضا تقوم على الأخذ والإحتفاظ , والطفل فى هذة المرحلة ثنائى العاطفة يحب ويكرة الموضوع ( الشخص ) الواحد فى نفس الوقت , حسب ما ينالة من اشباع أو احباط على يد هذا الموضوع ( الشخص ) .
المرحلة الأستية :
وتشمل العام الثالث , حيث تنتقل منطقة الأشباع الشهوى من الفم الى الشرج , ويأخذ الطفل لذتة من تهيج الغشاء الداخلى لفتحة الشرج عند عملية الاخراج , ويمكن أن يعبر الطفل عن موقفة أو اتجاهه إزاء الأخرين بالإحتفاظ بالبراز أو تفريغة فى الوقت أو المكان غير المناسبين , والطابع السائد للسلوك فى هذة المرحلة هو العطاء , ويغلب على مشاعر الطفل المشاعر الثنائية أيضا , كما فى المرحلة السابقة .
المرحلة القضيبية :
وتشمل العامين الرابع والخامس , وفيها ينتقل مركز الاشباع من الشرج الى الأعضاء التناسلية , ويحصل الطفل على لذتة من اللعب فى أعضائة التناسلية , ويمر الطفل فى هذة المرحلة بالمركب الأوديبى الشهير وهو ميل الطفل الذكر الى أمة , والنظر الى أبية كمنافس لة فى حب الأم , وميل الطفلة الأنثى الى الوالد وشعورها بالغيرة من الأم .
وفى الظروف الطبيعية للنمو ينتهى الموقف الأوديبى بتوحد الطفل مع والدة من نفس الجنس . والتوحد مفهوم يشير الى أن الفرد يسلك أحيانا , وكأن سلوك شخص آخر هو سلوكة هو , ويتضمن التوحد إعجاب المتوحد بالمتوحَد . واتخاذة نموذجا يتحد بة , وتتم عملية التوحد على المستوى اللاشعورى . فيبدأ الطفل فى تشرب قيم الوالد الثقافية , وهى القيم السائدة فى المجتمع , كما تبدأ البنت فى التحول بعواطفها نحو الأم , وإذا حدث ما يؤثر على سير النمو , كما يحدث خلال ظاهرة التثبيت , فأن علاقة الطفل بأمة تظل قوية , وتتعطل عملية التوحد مع الوالد , كما تستمر روابط الطفلة العاطفية بوالدها, أو تضطرب علاقة الطفل بوالدية معا . ويترتب على ذلك إصطرابات فى الشخصية والسلوك فيما يعد .
مرحلة الكمون :
وبتصفية المركب الأوديبى , والتوحد مع الوالد مع نفس الجنس يدخل الطفل فى مرحلة ينصرف فيها عن ذاتة الى الأنشغال بمن حولة وبما حولة . ويحدث تقدم كبير فى النمو العقلى والانفعالى والاجتماعى فى هذة المرحلة التى تمتد من سن السادسة حتى حدوث البلوغ الجنسى فى الثانية عشر للبنات والثالثة عشر للبنين , ويكون الطفل حريصا فى هذة المرحلة على طاعة الكبار والإمتثال لأوامرهم ونواهيهم وراغبا فى الحصول على رضائهم وتقديرهم . ولذا فهذة المرحلة مرحلة هدوء من الناحية الإنفعالية .
المرحلة الجنسية الراشدة :
وفى هذا المستوى تأخذ الميول الجنسية الشكل النهائى لها . وهو الشكل الذى سيستمر فى النضج . ويحصل الفرد السوى على لذتة من الاتصال الجنسى الطبيعى مع فرد راشد من أفراد الجنس الآخر . حيث تتكامل فى هذا السلوك الميول الفمية والشرجية , وتشارك فى بلورة الجنسية السوية الراشدة .
وعلية فإن الفرد السوى هو من يحصل على إشباع مناسب فى كل مرحلة نمائية , أما إذا تعطلت مسيرة النمو كما يحدث فى بعض الحالات فأنة قد يترتب علية حدوث ما أسماة فرويد " عملية التثبيت " ويكون الفرد أميل الى النكوص الى المرحلة التى حدث فيها التثبيت , والنكوص الى مرحلة معينة يعنى إتيان أساليب سلوكية تتناسب مع هذة المرحلة .
نظرية التحليل النفسى الأجتماعى ( اريكسون ) :
نمو الشخصية سلسلة من التحولات يوصف كل تحول بنقطتين متقابلتين تمثل أحداهما خاصية مرغوب فيها وتمثل الأخرى المخاطر التى يتعرض لها الفرد , ولا يعنى اريكسون أن الخصائص الموجبة هى التى ينبغى أن تبزغ وأن أى مظهر خطر يحتمل حدوثة غير مرغوب فية . وإنما يؤكد على أننا ينبغى أن نسعى لكى تكون السيطرة للجوانب الايجابية . وحين تزيد الخاصية السلبية على الخاصية الايجابية تظهر صعوبات النمو .
مراحل النمو النفسى الاجتماعى :
مرحلة الثقة مقابل عدم الثقة ( منذ الميلاد حتى السنة الثانية ) :
ان الاتجاة النفسى الاجتماعى الذى على الوليد تعلمة هو انة يستطيع ان يثق فى العالم . وينمى هذة الثقة الاتساق فى الخبرة والاستمرارية والمماثلة فى اشباع حاجاتة الاساسية عن طريق الوالدين , فإذا اشبعت هذة الحاجلت واذا عبر الوالدان نحوة عن عاطفة حقيقية وحب فان الطفل يعتقد ان عالمة آمن يمكن الوثوق بة , أما اذا كانت الرعاية الوالدية قاصرة وغير متسقة أو سلبية فإن الاطفال سوف يتعاملون مع العالم بخزف وشك .
مرحلة الاستقلال مقابل الشك ( 3 سنوات ) :
وبعد أن يتعلم الاطفال أن يثقوا فى الوالدين ( أو لا يثقون فيهما ) , ينبغى ان يحققوا قدراً من الاستقلال , فإذا أتيح لهم الحبو وشجعوا على ان يعملوا ما يقدرون علية بمعدلهم وبطريقتهم مع اشراف حانى من الوالدين والمربين فانهم ينمون احساسا بالاستقلال الذاتى , أما إذا لم يصبر الوالدان , وقاما بكثير من الاعمال نيابة عن طفل الثالثة فانهما يشككان فى قدرتة على التعامل مع بيئتة , وفضلا عن ذلك , فانة ينبغى أن يتجنب الوالدان إخجال الطفل عن السلوك غير المقبول إذ يحتمل أن يسهم هذا فى تنمية مشاعر تشككة فى نفسة .
مرحلة المبادأة مقابل الخجل ( 4 -5 سنوات ) :
ان قدرة الطفل على المشاركة فى كثير من الانشطة الجسمية وفى استخدام اللغة يعد المسرح للمبادأة والتى تضيف الى الاستقلال الذاتى خاصية القيام بالفعل والتخطيط والمعالجة ذلك أن الطفل يكون نشطا ومتحركا , واذا اتيح لطفل الرابعة والخامسة الحرية للاكتشاف والارتياد والتجريب واذا اجاب الوالدان والمعلمون عن اسئلة الطفل فانهم يشجعون اتجاهاتة نحو المبادأة , أما أذا قيد الأطفال فى هذا العمر وأشعروا بأن أنشطتهم وأسئلتهم لا معنى لها ومضايقة فإنهم سوف يشعرون بالإثم فيما يفعلون على نحو مستقل .
الاجتهاد مقابل النقص ( 6 -12 سنة ) :
يلتحق الطفل بالمدرسة فى مرحلة من نموة ويسيطر على سلوكة حب الأستطلاع والأداء , إنة يتعلم الآن كيف يحصل على التقدير يصنع الأشياء بحيث ينمى احساسا بالجد والاجتهاد . والخطر فى هذة المرحلة أن يخبر الطفل مشاعر النقص والدونية وإذا شجع الطفل على صنع الأشياء وإتمام الأعمال , وأثنى علية لمحاولاتة يشعر بالأجتهاد والأنجاز . وإذا باءت جهود الطفل بالأخفاق أو إذا عوملت على أنها مضايقة ومقلقة , يشعر بالنقص والقصور .
الهوية مقابل تميع الهوية ( 12 - 18 سنة ) :
ان الشباب يتقدم نحو الاستقلال عن الوالدين وتحقيق النضج الجسمى , وهم يهتمون بنوع الأشخاص الذين يصيرون إلية . أن الهدف فى هذة المرحلة هو تنمية هوية الذات , أى أن الفرد يثق فى أستمرارية شخصيتة واستقرارها وتماثلها , والخطر الذى يتعرض لة الشاب فى هذة المرحلة هو الخلط فى الدور , وخاصة التشكك فى هويتة الجنسية والمهنية . وإذا نجح المراهقون , كما ينعكس ذلك فى استجابات الاخرين , فى تحقيق تكامل فى ادوارهم فى المواقف المختلفة بحيث يخبرون الاستمرارية فى ادراك الذات , فإن الهوية تنمو . وإذا عجزوا عن تحقيق احساس بالاستقرار فى الجونب المختلفة من حياتهم ينتج عن ذلك الخلط والارتباك .
مرحلة الألفة مقابل العزلة ( 18 - 35 سنة ) :
لكى يخبر الفرد نموا مشبعا ومرضيا فى هذة المرحلة فإنة يحتاج إلى تكوين علاقة حميمة بشخص آخر , والأخفاق فى عمل هذا يؤدى الى احساس بالعزلة .
مرحلة الأنتاج مقابل الركود ( 35 -60 سنة ) :
أى أن يهتم الفرد بارشاد وتوجية الجيل القادم وترسيخ اقدامة , والذين يعجزون عن الاندماج فى عملية التوجية يصبحون ضحايا الانغماس فى الذات والركود .
مرحلة التكامل مقابل اليأس ( 60 سنة الى الموت ) :
التكامل هو تقبل الفرد لدورة حياتة , باعتبارها هى الدورة المناسبة لة بالضرورة ولم يكن لها بديل . واليأس تعبير عن أن الزمن الآن قصير لا يسمح بالبدء فى حياة جديدة وتجريب طرق بديلة لتحقيق التكامل .
نظرية النمو المعرفى ( جان بياجية ) :
يرث الأنسان ميلين أساسين :
التنظيم : أى الميل الى ان يرتب ويؤلف بين العمليات فى أنساق أو نظم مترابطة
التكيف: وهو الميل الى التوافق مع البيئة
وكما يحول الهضم الطعام الى صيغة يستطيع ان يستخدمها الجسم , فأن العمليات العقلية تحول الخبرات الى صيغة يستطيع ان يستخدمها الطفل فى تناولة للمواقف الجديدة , وكما ان العمليات البيولوجية ينبغى ان تبقى فى حالة اتزان وأن تستعيد توازنها كلما حدث لهذا الاتزان خلل كذلك تسعى العمليات العقلية الى الاتزان عن طريق عملية استعادة التوازن واستعادة التوازن صيغة من صيغ تنظيم الذات التى يستخدمه الاطفال لتحقيق التماسك والاستقرار فى تصورهم للعالم وفهمهم لعدم الاتساق فى الخبرة .
والتكيف هو ميل الفرد للتوافق مع بيئتة ويتضمن عمليتين تكمل إحداهما الأخرى : الاستيعاب والملائمة ولكى نفهم هاتين العمليتين من الضرورى اولا ان نلم بمفهوم آخر اساسى عند بياجية وهو الخطط , والخطط هى أنماط منظمة من التفكير أو السلوك يصوغها الاطفال وهم تيفاعلون مع بيئتهم وآبائهم ومدرسيهم ومن فى سنهم , وقد تكون الخطط سلوكية ( مثال : كيف ترمى الكرة ) أو معرفية ( ادراك أن هناك انواعا كثيرة مختلفة من الكرات ) . وكلما قابل طفل خبرة جديدة لا يمكن بسهولة ان تلائم خطة موجودة فان الملائمة تكون ضرورية , وقد يتكيف الطفل إما بتفسير الخبرة بحيث تلائم خطة موجودة ( استيعاب ) أو بتغيير الخطو الموجودة لتلائم الفكرة الجديدة , ولو تصورت طفلا التحق برياض الاطفال وتعامل مع مربية ودودة داعمة تتيح لة اكبر قدر من توجية الذات . ثم التحق بالصف الأول الابتدائى وتعامل مع مدرس يؤمن بالاشراف الدقيق والتعليم النظامى عندئذ تحدث الملائمة , وقد يربط الطفل بعض جوانب روتين الصف الاول ( مثال ذلك ان يقف فى صف للحصول على مواد تعليمية) مع ملامح مشابهة لروتين خبرة من قبل فى رياض الاطفال , ويحتمل ان يعدل الطفل خططا أخرى فيغير خطتة التصورية عن المدرس مثلا بحيث تشمل خصائص مدرس الصف الاول الذى يختلف اختلافا اساسيا عن مربية رياض الاطفال .
وطفل المدرسة الابتدائية الجديد الذى يخبر المدرسة لأول مرة والذى يطلب منة تعلم كثير من الأشياء الجديدة , يعدل وينقح خططة التصورية ويكملها, بل أن طالب الجامعة الناضج والذى درس أكثر من عشر سنوات بالتعليم الابتدائى والثانوى ينغمس فى عملية الملائمة والتوفيق هذة , وإذا كنت تريد أن تحقق استبصارات جديدة فى النمو المعرفى والسلوك ينبغى أن تحقق الملائمة بتنقيح ومراجعة تصوراتك ومفاهيمك الحالية عن التفكير بحيث تستوعب أفكار بياجية .
مراحل النمو المعرفى :
انتهى بياجية بعد دراستة لكثير من الاطفال الى وجود مراحل نمو معرفى متمايزة . وان هذة المراحل تتبع نمطا يتسم بالاستمرار , وأن الاطفال لا يقفزون فجأة من مرحلة الى مرحلة تالية . وأن النمو المعرفى يتبع تسلسلا أة تتابعا محددا , ولكن الاطفال قد يستخدمون أحيانا نوعا أكثر تقدما من التفكير أو يعودون الى شكل اكثر بدائية ويختلف معدل تقدم الطفل خلال هذة المراحل , ولكن التتابع واحد بالنسبة لجميع الاطفال وفيما يأتى عرض لأربع مراحل أساسية :
المرحلة الحسية الحركية :
يكتسب الوليد أو الطفل الصغير حتى سن الثانية الفهم أساسا عن طريق الانطباعات الحسية والانشطة الحركية , ولما كان الوليد لا يستطيع الحركة كثيرا معتمدا على نفسة خلال الشهور الاولى بعد مولدة , فأنة ينمى خططا تصورية أساسا باكتشاف جسمة وحوسة , وبعد أن يتعلم المشى وتناول الاشياء بتفاعلة مع كل شىء يكون حصيلة كبيرة من الخطط التى تتضمن الاشياء الخارجية والمواقف , وقبل سن العمين يستطيع معظم الاطفال ان يستخدموا خططا اكتسبوها لكى يندمجوا فى سلوك المحاولة والخطأ العقلى والجسمى .
مرحلة ما قبل العمليات :
يتركز تفكير الاطفال فى سنى ما قبل المدرسة على اكتساب الرموز ( الكلمات ) التى تتيح لهم الافادة من الخبرة الماضية بدرجة أكبر, وتستق كثير من الرموز من التقليد العقلى وتتضمن صورا بصرية وإحساسات جسمية وعلى الرغم من ان تفكيرهم أكثر تقدما من تفكير الاطفال فى السنة الاولى أو الثانية من أعمارهم , إلا أن أطفال سنى ما قبل المدرسة يميلون الى تركيز انتباهم على خاصية واحدة فى الوقت الواحد , وهم غير قادرين على قلب أو عكس الافعال عقليا , ولأنهم لم ينغمسوا بعد فى التفكير الاجرائى أو العمليات سميت المرحلة ما قبل الإجرائية ( أو العملياتية ) وتشير الى تفكير الاطفال الذى تبلغ اعمارهم ما بين عامين وسبعة اعوام .
مرحلة العمليات العيانية :
إن الاطفال التى تزيد اعمارهم عن سبع سنوات يقدرون عادة على قلب الافعال عقليا , ولكن تفكيرهم العملياتى محدود بالاشياء الماثلة فعلا فى الحاضر والتى يخبرونها على نحو عيانى ومباشر ولذلك يطلق على هذة المرحلة مرحلة العمليات العيانية , وطبيعة هذة المرحلة يمكن توضيحها باكتساب الطفل للأنواع المختلفة من المحافظة أو البقاء .
وما أن يبلغ معظم الاطفال السابعة من اعمارهم إلا ويستطيعوا أن يشرحوا على نحو صحيح ان الماء الذى يصب فى اناء زجاجى قصير وتخين الى اناء طويل ورفيع يبقى مقدارة واحدا , والقدرة على حل مشكلة صب الماء لا تضمن بالضرورة ان طفل السابعة سوف يقدر على حل مشكلة مشابهه تتضمن كرتين من الصلصال فالطفال الذى شرح لماذا يحتوى الاناء الرفيع الطويل على نفس القدر من الماء الذى يحتوية الإناء القصير التخين قد يصر بعد دقائق قليلة على ان تغير كرة الصلصال المساوية لكرة اخرى بحيث تتخذ شكل مستطيل يجعلها اكبر من نظيرتها ويميل الاطفال فى صفوف المرحلة الابتدائية الأولى الى الاستجابة الى كل موقف على اساس الخبرات العيانية ولا يتحقق الاتجاة الى حل المشكلات بالتعميم من موقف الى موقف آخر مشابة وليس مماثلا بأى درجة من الاتساق حتى يبلغ الطفل نهاية سنوات المدرسة الابتدائية , وفضلا عن ذلك إذا طلب منة أن يتناول مشكلة افتراضية , فأنة فيما يحتمل يتعرص للاحراج , ولا يحتمل أن يقدر الاطفال فى سن السابعة على حل المشكلات المجردو بالاندماج فى استكشافات عقلية , أنهم فى حاجة الى تناول اشياء عيانية فيزيقيا , أو استرجاع خبرات ماضية محددة, لكى يفسروا الاشياء لأنفسهم وللأخرين .
مرحلة العمليات الشكلية :
حين يبلغ الاطفال النقطة التى يقدرون فيها على التعميم وعلى الاندماج فى التفكير , المحاولة والخطأ والى فرض الفروض واختبارها بعقولهم فإنهم فى نظر بياجية قد بلغوا مرحلة العمليات الشكلية أو الصورية , وكلمة شكل تعنى نمو وتطور شكل التفكير أو بنيتة , وعلى الرغم من أن الاطفال فى الثانية عشرة من اعمارهم يستطيعون ان يعالجوا التجريدات العقلية التى تمثل الاشياء العيانية , فإنهم يحتما ان يندمجوا فى سلوك المحاولة والخطأ حين يطلب منهم حل مشكلة . ولكن الأغلب أن يعالج المراهقون حل المشكلة بتكوين فروض وغربلة الحلول الممكنة لها وباختيار أكثر هذة الفروض رجاحة على نحو نسقى حين يبلغون نهاية المرحلة الثانوية .