جريدة شباب مصر 25/6/2013
لامتنى أحدى قارئاتى عندما أعلنا تبرأنا من فتاوى الدم التى أصدرها المشايخ المسيسين والمشايخ الدمويين والمشايخ التكفيريين ..فى المهرجان الإخوانى الذى أقيم منذ اسبوع فى استاد القاهرة ..تلك الفتاوى الحمراء التى أفتوا بها فى حضرة الرئيس المرسى ..والتى نالت رضاه ومباركته وانشراحه وابتسامه ..هذه الفتاوى التى دعت لهدم سوريا الدولة وتحطيم الجيش السورى والقضاء على حكام سوريا الشيعة .. تلك الفتاوى الدموية أثرت على الداخل المصري ..فبالأمس وقبل مرور إسبوع على تلك الفتاوى ..قام قام بعض الدهماء بقتل أربعة من الشيعة فى منطقة الأهرام بمصر ..ولا أعرف أين الرئيس الذى هو الحاكم والذى هو ولى الأمر ؟ ومن له حق الإدانة و من له حق العقاب وحق توقيع العقاب ؟وهل السيد المرسى سيظل تائهاً ومغيب ؟وهل سيبيح كل فصيل أو كل قطيع لنفسه الحق ليسفك دماء من شاء و ليقتل كيفما شاء ؟
وكان هذا ردى على القارئة . لعل به بعض الشرح للمصيبة التى نعيشها .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الهر سيد الخلق وعلى آل بيته الكرام وزوجاته امهات المؤمنين الطاهرات ..ورضى الله عن صحابته العظام الكرام ..ورضى الله عمن اتبع سنته واهتدى بهديه.. أما بعد ..فأنتِ تنظرى لأحد أضلاع الغرفة العربية وتتركِ الأضلاع الثلاثة الأخرى دون رؤية ..إن كان على بشار ..فليُذبح بشار ومن واله ومن سانده ومن يدعمه ..وليُقتل الف الف مرة لما يفعله بإخوتنا السوريين ..ولتمثل بجثته وجثث من معه من المجرمين ..لكن كيف نعاقب بشار وعصابته دون أن نهدم سوريا الدولة ؟ ودون أن نقضى على الجيش السورى الشجاع ..أحد دعائم القوة العربية و أحد أركانها الركينة ؟ و هنا تكمن المشكلة التى يجب على الجميع ايجاد حل لها .
لقد تبرأت من فتاوى مشايخ آخر الزمان بقتل السوريين ومن دعوة الرئيس المرسى بالجهاد .. بسبب النفاق التى تنضح به تلك الفتاوى وهذه الدعوة ..فأهل سوريا و منذ عامين يجرى عليهم ما يجرى من جرائم ..ولم يتنفس هؤلاء المشايخ ولم يرفعوا شفه عن شفه ..ولذا لم تكن تلك الفتاوى وهذه الدعوة الجهادية خالصة لوجه الله ولا لنصرة أهل سوريا ..بل كانت بأمر مباشر وبتعليمات واضحة من السيد الامريكى الأعظم ساكن البيت الأبيض بواشنطن ..الذى قرر قبل يومين من فتواهم تسليح المعارضة السورية ..وكان لابد من إصباغ الشرعية على ما أنتوت عليه أمريكا من تسليح المعارضة ..وكان هذا دور السادة المشايخ الذى رأينا ..والفتاوى التى سمعنا ..وقد تم تنفيذ الأوامر الأمريكية عبر المملكة العربية .. الداعمة والممولة والموجهة والمحركة و الآمرة للتيار السلفى ..و أود أن أوضح شئ ..أن السياسة هى التى تحرك الأشياء و تحرك الأهواء وهى أصل كل شئ .
فإيران شيعية منذ القدم .. و شيعيتها ليست بالجديدة ولا بالمستحدثة ..و إيران كما نعلم تجاور العرب ..وتشترك معهم فى الحدود البرية والبحرية ومنذ مئات السنين ..ولم نسمع الدول المجاورة لإيران ولم نسمع المشايخ يتحدثون عن شيعية إيران ..بل وحتى تلك اللحظة لهم فيها سفراء وسفارات ..وسوريا حكمها لحقبة طويلة من الزمن ..حافظ جحيش الذى لقبوه بحافظ الأسد ..وجاء من بعده ابنه الرئيس الحالى ابن الجحيش ..وقضى فى الحكم ما قضى .. وما زال يحكم ..وزار الدول العربية وزاره رؤساءها ..و لم يتحدث أحد منهم لا عن شيعيه ولا عن رافضية حكام سوريا ..و قد تشكل حزب الله فى لبنان ليصبح دولة داخل الدولة اللبنانية ..ولم يعترض عليه أحد الرؤساء العرب من قبل .
فقط حين حدث الخلاف بين ايران وأمريكا - رغم تعاونهم الوثيق فى تدمير العراق - بسبب خروج ايران عن خط امريكا وعدم استجابتها لها فى المسألة النووية ..هنا هاجت الدنيا وماجت ..وتحرك بالأمر ..البحر العربى الهادئ الوديع الخانع الساكت الذليل ..وتلقت الكثير من الدول العربية أوامر أمريكية مباشرة بتعديل اجندة أهدافها و أولوياتاتها ..لتقوم تلك الدول بحذف اسرائيل العدو رقم واحد من قائمتها وتضع بدلاً منها ايران ..و تم توجيه وتعبئة كل الوسائل ضد ايران ومن يواليها فى المنطقة كسوريا وحزب الله ..و بالطبع كان من أسرع الوسائل وأرخصها وأطوعها فتاوى المشايخ .. المشايخ الذين يسكتون بالأمر ويفتون أيضاً بالأمر .
وكنت أتمنى ألا ينسى العرب عدوهم الأول اسرائيل ولا همهم الأول فلسطين المحتلة ..وكنت أتمنى ان تكون انتفاضة العرب ضد أيران من تلقاء انفسهم إذ ما استشعروا الخطر منها ..وليست بأوامر امريكية غربية .
إن النفس لمغتمة وإن الفؤاد لحزين ..حين نرى دولة مثل ايران تفرد عضلاتها وتستقوى على جيرانها العرب .. مثلما تفعل مع الامارات و جزرها المحتلة ..وتلويحها الدائم فى وجه السعودية واستخدامها الشيعة الموالون لها بالدولة السعودىة لصنع قلاقل بين الحين والآخر ..وما تفعله بالبحرين وما تفعله وفعلته بالعراق وما يمكن أن تفعله بالكويت .
العرب قوة مقبورة ومقهورة ..العرب أمكانات مهدورة وثروات فاجرة فى بلاد الغرب منثورة ..العرب قيادات مغررة وشعوب مُضللة ..المسألة ليست حناجر وهتافات وكتابات وفتاوى يعقبها الإختباء خلف الأستار والنوم فى المضاجع .. المسألة امتلاك القوة لامتلاك القرار .. ولا أعرف كيف لتلك القوة العربية الجبارة أن تقبل لنفسها هذا الهوان وهذا الذل من القوي ومن الأذل ..و كيف لإسرائيل التى هى بحجم كف اليد أن تذلنا ؟ وكيف لأمريكا بتوجيهنا وأمرنا وإذلالنا .
حين ندمر الجيش السوري .. الذى ليس كله شيعة .. نعمل لصالح اعدائنا بالوكالة فى القضاء على القوة العربية .
ساحة النقاش