معظم الناس فى مصر أصبحوا يفهموا عكس ما يكتب و عكس ما يقال .. ذلك أن الفترة حرجة وقلقة ومضطربة .. و ربما لأن الساحة السياسية المصرية يختلط بها الكثير من القوى والتيارات والجماعات والأفكار .. وكُلاً من تلك القوى يدعى الوطنية دون غيره .. بل و ربما يصف غيره بالخيانة .. وبعضهم يدعى الاسلام دون غيره .. بل وربما يرمى غيره بالكفر.. والجميع يريد حكم مصر..والجميع يريد من شعب مصر السير وراءه وهو معطل العقل والفكر والوجدان .. وتلك هى المصيبة.. إنهم يريدون أصنام يجرونها خلفهم جراً.. لا يريدون بشر سوى مكتمل العقل ناضج الفكر له طموحات وأحلام قام بثورة من أجلها .. أقول هذا بمناسبة ما قيل وما طرح عن مشروع القانون الخاص بتنمية واستغلال اقليم قناة السويس..البعض لا يعرف أن هذا المشروع قديم..ولكن لا عيب أبداً أن يتبناه الرئيس الجديد .. البعض يعتقد أننا نعارض المشروع فى حد ذاته..وهذه هى السذاجة والبلاهة بعينها .. لأننا مبدئياً نساند أى مشروع تنموي يقام على أى بقعة فى مصر..صغر هذا المشروع أم كبر..لكن يظل تخوفنا وتظل تحفظاتنا وتظل اعتراضاتنا على الكيفية والطريقة والأطر القانونية التى تنفذ بها تلك المشروعات وتتم بها الإتفاقيات ..والتى قد تضر بمصر كلها بدلاً من أن تنفعها وتنفع شعبها..فإذا ما انضبطت المعايير والقوانين بما يحقق أمن مصر الوطنى وبما يحقق صالح ومصالح المصريين..كنا أول المؤيدين والداعمين..وليس معنى أن نطلب ضبط النواحى القانونية والإدارية والتنظيمية لمشروع تنمية أقليم قناة السويس..أننا نعارضه.. بل على العكس تماماً ..فنحن أول المشجعين له..لكن بما يضمن سيادة المصري على أرضه وبما يضمن وضع المصري فى الكفة الأعلى دائماً و بما يضمن حمايته من تلاعب الشركات القناصة التى تأتى لتقتنص لصالحها بشروط مذلة لنا..وبما يضمن حماية المصري من الأعداء الذين يأتون الينا متسترين بالشركات والإستثمارات..وبما يضمن حماية مصر من مخالب وذيول الأعداء..وبالمناسبة قطر أحد هذه المخالب أو أحد هذه الذيول بلا أدنى شك..وتقوم بما يُطلب منها دون إبطاء وعلى أكمل وجه .. ولما لا وهى المستعمرة الأمريكية..والتى استغنت بأمريكا عن العرب..وتقوت وعلا صوتها بها..وهذا ما جعلها تحتل مساحة على الساحة رغم حجمها ووزنها الضئيل..قطر الودودة والحليفة للدولة الصهيونية وبانية بعضاً من مستعمراتها على أرض فلسطين المحتلة..دون إعتبار لدين أوعروبة أو نخوة .. قطر التى أنفقت على حملة الدعاية الإنتخابية لنتنياهو لتضمن نجاحه..قطر التى انضمت منذ زمن لإسرائيل ليفعلوا بالعرب الأفاعيل ولتشترك فى تقسيم الجسد العربى و إحداث الشروخ فى بنيانه الواهن تمهيداً لسحقه من أجل علو وتمكن اسرائيل..الشقيقة الكبرى لقطر..وما تفعله قطر هو ثمن لبقاء أسرة حمد بالحكم .. ولهذا وجب علينا النظر والحظر فى كل ما يأتى من قطر..خاصة تمويلاتها المشبوهة والتى لا تعطيها لنا كمساعدات أو منح لا ترد بحكم العروبة والإخوة..بل تمنحها لنا بفوائد فاجرة تتخطى أربعة أضعاف الفوائد العالمية السائدة..خلاصة القول يجب ألا يدفعنا نقص رصيدنا من العملات الأجنبية وبخاصة الدولار الى التفريط فى مصر والتساهل والتنازل عن حقوق ابنائها.. وعدم اتمام أو إجراء أى تعاقدات مع الجهات الأجنبية سواء كانت دول أو شركات..بشكل يمس سيادتها أو إرادتها..ويا ليتنا نعلم أنه لا يبنى الدول إلا سواعد أبنائها..ويا ليتنا نمنح المستثمرين المصريين التسهيلات والمزايا والحوافز التى نمنحها للأجانب بلا عقل وبلا مبرر.. لو فعلنا هذا .. حينها سيأتى المصريون أنفسهم بالعملات الأجنبية..لأننا بتلك الحوافز والتسهيلات سنشجعهم على الإستثمارفى شتى المجالات..ويمكن إشتراط إقامة مصانع يُخصص إنتاجها للتصديرللخارج بما يدر على الدولة عائدات التصدير بالعملات الأجنبية..وتستطيع الدولة وحسب رؤيتها الإستراتيجية تنشيط قطاع معين .. صناعى أو عمرانى أو زراعى أو خدمى .. بمنح القطاع الذى ترغب فى تنشيطه مزيد من الإعفاءات والتسهيلات لتزيد الإستثمار فيه..ويجب أن ينتبه الرئيس مرسى الى أن مصر ليست هى محور قناة السويس فقط..بل هناك محاور أخرى للتنمية لا تقل أهمية عن هذا المحور..مثل محور تنمية سيناء التى تمتلئ بالثروات وبها مساحات قابلة للإستزراع ولها ساحل شمالى لم يستغل الإستغلال الأمثل ووسطها ما زال خاوياً خالياً .. سيناء كنز يجب العمل على الإنتفاع به..كذلك محور التنمية الشرقى الذى يسير بمحاذاة البحر الأحمر والذى يتميز بوجود طرق وبنية أساسية قائمة وثروات معدنية لا حصر لها و سياحة واعدة على طول الساحل بما ينمى محافظات الصعيد ويوقف زحف أهل الصعيد على مدن القاهرة والأسكندرية وغيرها من المدن..كذلك هناك محور التنمية الغربى أو ممر التنمية الغربى كما أسماه الدكتور فاروق الباز صاحب الفكرة .. أو ممر التنمية الشمالى الذى يقوم على إنشاء تجمعات سكانية جنوب القرى السياحية المقامة على الساحل واستغلال الصحراء بزراعتها موسمياً بالقمح .. وقد يكون محور التنمية نوعى وليس جغرافى .. مثل محور التعدين وحتمية اقامة الصناعات التعدينية لاستغلال ثروات مصر المنثورة على أرضها طولاً وعرضاً .. لأن مصر وحسب الخريطة الجيولوجية تمتلك 35 نوع من المعادن لا يُستغل منها إلا ثلاثة انواع فقط .. ونستطيع من باكر تعظيم العوائد من تلك الثروة بعدم تصديرها خام .. وإنما بالعمل على تصنيعها وتصديرها بمئات ضعف سعرها الخام .. و كذلك محور نوعى آخر كمحو الاستزراع السمكى على طول سواحل مصر البحرية والنيلية .. هذه السواحل ثروة معطلة .. وتخيلوا لو تم استزراع هذه السواحل بأقفاص سمكية متعددة الأنواع .. كم سنجنى وكم سنصدر .. والمحاور والأمثلة كثيرة وكثيرة لمن يريد العمل بإخلاص من أجل رفعة وتقدم ورفاهية الشعب المصري .. وليست كل تنمية تتم ببيع الوطن للأغراب أو بالتنازل عن حقوق مواطنيه لصالح الأجانب .
ساحة النقاش