الإنتخابات مسرحية الدولة تلعب فيها كل الأدوار 

 

حامد عبد االحليم الأطير                           

 

 (جريدة شباب مصر)

 

 

 4/2/2008 12:26:00 AM

 

فى كل مرة يتم الدعوة فيها لإجراء إنتخابات فى مصر تتملكنى حالة من الدهشة الممزوجة بالحيرة . ذلك لأن الإنتخابات من المفترض أن تجرى فى الدول التى تنتهج النظام الديمقراطى .أما مصر والدول التى تتشابه معها فمن المستغرب أن تجدها تتمسح فى هذا النظام الديمقراطى وتستخدم إحدى أدواته وهى الإنتخابات .

 

وليس من قبيل التشهير ولا من قبيل التشويه أن نقر بالحقيقة التى يعلمها الجميع بأن مصر والدول العربية قاطبة بعيدة كل البعد عن الديمقراطية ونظامها الذى تكمن فلسفته فى عدم إحتكار السلطة وإنما العمل على تداولها بين مختلف القوى السياسية بعد الإحتكام لإنتخابات حرة ونزيهة .

 

كمايكفل حق المسائلة من قبل المؤسسات التشريعية والنياببية وإجهزة رقابية أخرى يكفلها هذا النظام لكل التنفيذيين فى أى مستوى من مستويات السلطة.

 

وطالما أن الأمر بعيد كل البعد عن النظام الديمقراطى فى مصر والدول العربية فلماذا إذاَ الأخذ بنظام الإنتخابات والإحتكام أليه ؟ وإذا ما تجاوزنا عن ذلك فيبقى السؤال الأكثر أهمية وهو هل يا ترى أن تلك ألإنتخابات تتم فى جو من النزاهة والحرية والحيادية ؟

 

الإجابة على السؤال الأول إجابته تكمن فى أن قادة تلك الدول ومنها مصر المحروسة يريدوا أن يظهروا أمام العالم الحر المتقدم بأنهم حكام ديمقراطيون وأنهم مواكبين لطبيعة العصر وغير متخلفين عنه وأنهم يمنحون شعوبهم حريتهم فى الأختيار كحق أصيل من حقوق الإنسان التى ينادى بها العالم الحر وعلى رأسه الولايات المتحدة والتى تعاقب المقصرين من الحكام فى هذا الأمر إمابالتشهير أوالمقاطعة وأحياناً بأسقاط العروش حسب ماتراه متوافقاً مع مصلحتها العليا لأنها فى أحيان كثيرة تستخدم مسألة عدم تطبيق الديمقراطيية كورقة إبتزاز للضغط على الأنظمة الديكتاتورية لتحقيق مطالبها ومصالحها الإستراتيجية . والإجابة عل السؤال الآخر الخاص بنزاهة الإنتخابات لاتحتاج منا مجهود يذكر لكى نعرف إجابته ، فلا هى تتم بنزاهة ولاهى تتم فى حرية ولاهى تتم بحيادية وكل ما فى الأمر أن تلك الإنتخابات يتم إجرائها بطريقة شكلية أو هزلية أو إن شئت الدقة بطريقة عبثية .

 

إذا كان الأمر كذلك وإذا كانت الحكومات تحدد مسبقاً نتيجة تلك الإنتخابات وتضع نتائجها فى الأدراج قبل إجرائها بوقت كافى فلماذا إذاً تلك التمثيلية العبثية ولماذا إلهاء الناس فى غير المفيد ولماذا ضياع الوقت والمال وتجنيد وسائل الميديا للحديث عن مولود موؤد قبل أن يولد .

 

ربماإيثاراً للسلامة يحاول الحكام العرب أن يبدو كديمقراطيين لتخفيف سيف الإبتزاز من قبل الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لعدم الإحتكاك بها،هذا بالنسبة للخارج.

 

وبالنسبة للداخل فهر فرصة للإيهام والتلبيس والإيحاء بأن هناك إنتخابات مما يوقع فى روع العامة والبسطاء والأميين ونسبتهم تزيدعن60% بأن هناك حرية ومجال للإختيار ومحاولة ترسيخ هذا المفهوم عبر كل ما تملكه الحكومات من وسائل ، كما أنه يعتبر فرصة للترويح والتغيير حيث تسود فترة الإنتخابات أجواء إحتفالية تشبه كثيرأً أجواء الإحتفالات الشعبية بموالد العارفين بالله وما يصاحبها من أهازيج وذبائح وغيره .

 

يبقى أن نشير إلى حقيقة مرة وهى أنه رغم معرفتنا بأن الإنتخابات ماهى إلا مسرح كبير تقوم الدولة فيه بكل الأدوار إلا أننا نجد البعض يجادل الآخر فى الفرق بين إجراء تلك الإنتخابات فى ظل إشراف قضائى وبين إجرائها فى عدم وجود هذا الإشراف ، وهو لايعلم أن النتيجة والمحصلة واحدة فى الحالتين لأن الإشراف يكون شكلياً ومن قبل الموالين للسلطة ويتم أستبعاد غير الموالين ، وحتى لو أشرف على كل صندوق قاضى نزيه فالأمن يقوم بالواجب ويضرب كردوناً وطوقاًأمنيا من حديد حول لجان التصويت ويمنع المصوتين ولايسمح إلا بمرور أعضاء الحزب الحاكم والموالين له ومن سيصوت لصالح مرشحيه وإذا فرض ولم يتمكن الأمن من تطبيق تلك الإستراتيجية فإن الأمر يتم معالجته لصالح مرشحى حزب الدولة عند عملية الفرز والإحصاء .

 

ولعل آخر مستجدات أساليب الخنق والتضييق على من صدق بوجود إنتخابات حرة هو ما جرى عند فتح باب الترشح لإنتخابات المحليات الحالية التى ستجرى فى 8 ابريل 2008 فكان أول إجراء من إجراءات الخنق مايلى : رفع رسوم التقدم للترشح من 50 جنبه الى مبلغ 1000 جنيه خفضوه الى 500 حنيه .

 

ثانى إجراء تعطيل الحصول على صحيفة الحالة الجنائية ( الفيش والتشبيه ).

 

ثالث إجراء نقل لجان تلقى أوراق المرشحين الى مراكز وأقسام الشرطة وتواجد سيارات الأمن المركزى المكتظة بالجنود لإرهاب المرشحون . ً

 

تأجير عدد من البلطجية والموظفين ليصنعوا منهم طابوراً وهمياً طويلاً من المترشحين حتى يضيعوا فرصة المترشح الحقيقى بسبب هذا الزحام المصطنع .

 

إضافة طبعاً للإجراء المعروف والمشهور وهو القيام بالقبض على عناصر المعارضة قبل فتح باب الترشح وإحتجازهم حتى تنتهى الفترة القانونية للترشح وربما بعد أن تنتهى الإنتخابات المزعومة . ً

 

وأخيراً فأنى أرجو أن تعلن جميع القوى السياسية وبوضوح ودون غموض أو إبهام أنها تطالب بإلغاء الإنتخابات وتؤيد تأييداً مطلقاً نظام التعيين وأنها لاتجد حرج أو غضاضة فى أن يقوم رئيس الدولة أو من ينيبه فى تعيين كافة أعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية وتسجل بأنها ليس لها حق الإعتراض أو إبداء الرغبة فى تعديل تلك التعيينات ، هذا من أجل توفير الجهد والمال وتجنيب البعض خطر الحبس أو السجن .

 

من أجل غداً أكثر إشراقاً أبداً لن تروه .

 

وكيف يأتيكم وانتم نيام فى سرائركم كالحرائر .

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 92 مشاهدة
نشرت فى 6 مارس 2010 بواسطة elatiar

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

11,366