جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
متى ينتهى الأنين الآتى من كل جنبات الوطن
حامد عبد الحليم الأطير.صحفى ومحاسب قانونى
(جريدة شباب مصر) 5/9/2008
لقد تعب الناس فى بلادى ويئس البسطاء من العيش الكريم حتى فى أقل حدوده الممكنة واصبح الأنين مسموعاً فى كل جنبات الوطن وأحياناً يصل الأنين إلى حد الصراخ .. وأصبح الشعب كله تقريبا فئة واحدة هى فئة المتألمين المتوجعين.. فى الوقت الذى تنظر اليهم شذراً وإشمئزاز فئة الصفوة لأن عويل وصراخ هؤلاء لمتألمين يزعجهم ويعكر عليهم صفوهم أحيانًا ..فئة الصفوة تلك التى تتمتع بكل خيرات ومكاسب هذا الوطن دون غيرهم تستكثر على المعذبين والمتألمين التأوه والتوجع بل ويثير ذلك تحفظها وحفيظته وتحفزها ضدهم .. أختل ميزان العدل الأجتماعى وتجمعت ثروة وموارد الوطن فى يد أفراد لايمثلوا إلا شريحه ضئيلة للغاية وهيمنوا وبسطوا نفوذهم على طول وعرض هذا الوطن الأمين ويرفضون أو يستكثرون القيام بواجبهم تجاه مجتمعهم الذى يعانى الأمرين الناتج عن التحول الحاد إلى نظام السوق الحر وإعتناق الرأسمالية مذهباً ولم يحاولوا التخفيف من وطأة وشدة معاناة جل شرائح المجتمع من الأثار السلبية لهذا التحول ونسوا مسئوليتهم تماماً والتى يتحملها راضين نظرائهم فى الغرب معقل النظام الرأسمالى ..والحكومة لم تلزمهم بشئ من تلك المسئولية بل وتعجز عن إلزامهم بشئ منها ..أنهم فقط يلهثون وراء السيطرة والإستئثار بمكاسب تلك المرحلة دون النظر إلى أى واجب إجتماعى تجاه الطبقات الأخرى.. ولقد فشلت الحكومة فى إتخاذ تدابير وإجراءات تحمى بها فئات الشعب المتضررة من هذا التحول بل وضعت نفسها فى سلة واحدة مع الفئة النخبوية المستغلة الحاصدة لمكاسب التحول المذكور بل وجعلتهم على رأس السلطة فعانى الشعب الأمرين من إستأثارهم بالمكاسب الإقتصادية ومن نفوذهم السلطوى الذى وبالطبع يحمى مكتسباتهم ومكاسبهم الطفيلية فى مواجهة باقى الفئات المطحونة بما يتم إتخاذه من إجراءات و قوانين .. والناظر للإحوال فى مصرنا يجد أن تلك الفئة قد قسمت وأقتسمت الوطن فيما بينها وجعلته كارتيل كبير كلاًًً يتحكم بموجبه فى شأن من شئون الشعب ويحتكره أحتكاراً تاماً سواء أقتصادياً أو سياسياً حتى أن الفئات المتضررة من هذا الإحتكار سارت بقصد أو دون قصد على نفس النهج الإحتكارى فأصبح من قبيل العادى والمألوف أن يتم إحتكار كثير من الوظائف لأبناء العاملين فيها وتكون الأولوية فيها لهؤلاء الأبناء كوظائف القضاء والإعلام وهيئات التدريس الجامعى وغيرها ربما لمحاولة الفوز ولو بالقليل من تورتة هذا الوطن فى ظل تكالب الجميع على الفوز بالمكاسب دون تحمل واجبات أو مسئوليات .. واعتقد أن الحكومة ساهمت بشكل كبير وغير مسبوق فى تكريس مفهوم القوة لدى طبقة الصفوة هذه بالسماح لها بالجمع بين سلطة المال وسلطة النفوذ وهى بذلك تعادى طبقات الشعب العريضة وتولد لديهم روح السخط وعدم الرضا بل وعدم الولاء حين يرون حزب رجال الأعمال والبزنس يتحكمون فى ثرواتهم وحزباً واحد يحتكر حكم وطنهم... ليس هذا فحسب بل أن تلك الحكومة قامت بإثقال كاهل تلك الطبقات بتجميد الأجور وإطلاق يد المحتكرين لرفع الأسعار دون محاسبة أو مراقبة حتى من قبل جهاز حماية الإحتكار المزعوم (منع الإحتكار سابقاً ) والذى فشل فشلاً ذريعاً حتى الآن فى الوقوف فى وجه أباطرة المحتكرين أوالزود عن طبقات المجتمع المتضررة .. لقد كانت حجة الحكومة فى تفسيرها لإرتفاع الأسعار ساذجاً حيث تذرعت بالزيادة العالمية فى الأسعار وهى حقيقة لا ننكرها ولكن هل الحكومة تعطى أجورها للشعب المصرى طبقاً لمناسيب ومقاييس الدخل العالمية حتى يتحمل تلك الزيادات العالمية من منطلق أن من له فى الغنم لابد وأن يتحمل ما عليه فى الغرم أعتقد أن الأجابة لا والف لا .. والحكومة أيضاً لا تدعم تلك الطبقات المتضررة لأن الدعم يذكر حين يكون الدخل ملبى لإحتياجات المواطن دون معاناة أوعوز وقتها إذا تدخلت الحكومة وأرادت أن تعطى مكرمة وتخفض من سعر سلعة أو لاترفع سعر تلك السلعة وأن تتحمل فرق السعر عندئذ يكون هناك دعم أما أن تتجمد الأجور ولا تزيد بنسب الزيادة السنوية للإسعار عندئذ تكون الحكومة قد إحتجزت جزء من دخل المواطن كان يستحقه ثم تستخدم هذا الدخل المحتجز فى مواجهة إرتفاع الأسعار وتطلق عليه دعماً.. أو حين تٌزيد الأجور بنسب غير مُحققة للتوازن بينها وبين الأسعار ثم تقوم بتدبيرالموارد اللازمة لتلك الزيادات بإستقطاعها من دخل هذة الفئات وذلك برفع سعر بعض السلع والخدمات أو فرض ضرائب عليها ولنا عبرة فى زيادات مايو الحالى التى قابلها رفع فورى فى أسعار السجائر والسولار والديزل والبنزين وغيرها وتلازم معه ودون إبطاء نقل عبء هذه الزيادات إلى الفئات التى أرادوا مساعدتها فقام مثلاً السائقون وأصحاب السيارات وفوراً برفع تعريفة الركوب وتعريفة نقل البضائع مما يستتبعه رفع سعر السلع التى يدفع ثمنهاالبسطاء ويتحملوا عبئها أى أن الحكومة فى حقيقة الأمر لم تفعل شئ لمساعدة هؤلاء الناس بل وأستردت منهم تلك الزيادة المزعومة حتى قبل أن يقبضوها.. الحكومة فقدت هيبتها وأرتخت قبضتها وضعفت رقابتها ولنا أن ننظر إلى حال الأسواق على إختلافها سواء كان سوق السلع أوسوق العمل ومايجرى فيهما ففى سوق السلع تركت التجار يلتهمون المواطنين ويلهبون ظهورهم كل حين بقفزات جنونية فى الأسعار لاتستند لأى منطق إقتصادى أوغير إقتصادى وكذلك تركت التجار يبيعون السلع المقلدة والمهربة والمغشوشة حتى فى الدواء دون خوف أو وجل وفى سوق العمل أطلقت يد أصحاب الأعمال فى إستعباد وإذلال العاملين الذين يقبلون بالأوضاع المذلة والمهينة والشروط المجحفة بسبب البطالة المريعة التى وصلت الى أكثر من 12 مليون مواطن .... والمطلوب هو الإنحياز لبسطاء هذا الوطن وطبقاته الفقيرة والمعدمة والوسطى هذا إذا ماكانت بعد موجودة ولم تنضم للطبقة العريضة وهى الطبقة المعدمة لأن تلك الطبقات هى ملح هذا الوطن وزاده وطلائعه الوثابة وهو يتطلع إلى آفاق المستقبل . [email protected]
ساحة النقاش