authentication required

البرادعى وزويل وامثالهم ليسوا هم انبياء الشعب المصرى و لا مهدييه المنتظرون

 

حامد الأطير

جريدة شباب مصر   21-2-2010

 

جميل ان نُجل ونحترم ونفرح بكل مصرى ناجح فى أى مجال وفى أى بقعة من بقاع الأرض سواء داخل الوطن أو خارجه .. وجميل ان نخرج لتحيته وللتعبير له عن حبنا واحترامنا ..وجميل ان نحتفى بالبرادعى أو زويل  حين عودتهم لأرض الوطن .. ولكن غير الجميل ان ننتظر دائماً الحل على يد الأخرين .. وان كانو من ابناء الوطن ..دون مشقة أو بذلاً منا أو عمل .. ودائما ما نريد التمتع بالثمرات دون تعب وكد  للحصول عليها .. مع العلم ان اعظم درجات المتعة هى الكد والتعب المبذول  فى تحقيق الهدف .

ويبدو ايضاً اننا لا نرغب فى ان نفيق من الغيبوبة التى نعيشها .. ولا اعرف مالذى سيتغير اذ ما جئنا لمصر بالف برادعى والف زويل أو الف الف عالم من امثالهم لنرشحه لمنصب رئيس الدولة ؟ اعتقد انه لن يتغير شئ ولن يفلح أياً منهم ليصبح رئيساً لمصر .. وكيف يفلح وينجح والبيئة السياسية المصرية مسمومة .. والدستور منذ زمن وولد مشوه وفُصلت مواده لخدمة ومساندة  فرد بعينه لإحتكار السلطة ؟ ولا اعرف كيف يجرى هذا الشعب المسكين ويلهث وراء اشخاص ليرشحهم للرئاسة ؟ يتساوى فى اللهاث كل فئات الشعب وطبقاته .. فكلها اتبعت هذا النهج وسلكت هذا الطريق بمن فيهم الفئات النخبوية المثقفة.. ولااعرف هل هو الإستسهال فى الممارسة والبعد عن الصدامات المتوقعة إذ هم اهتموا وركزوا على قضيتهم الاساسية ؟ وهى العمل على الغاء الدستور الحالى المعيب والمشوه والمطالبة بدستور جديد للبلاد ... دستور جديد يحقق المواطنة ويكفل حرية العقيدة وحرية العبادة ويكفل للجميع الحرية والمساواة فى الحقوق والواجبات دونما تمييز لفئة أو لطبقة على حساب الأخرى .. ويحدد بوضوح سلطات الرئيس وحدوده فى ممارسة الحكم .. ويحدد فترة رئاسته مع عدم جواز تمديد تلك الفترة مهما كانت الظروف .. ويعيد سلطة الرقابة والمسائلة الحقيقية غير الصورية للمجالس التشريعية ، بحيث يكفل لها حق عزل رئيس الجمهورية حال خروجة على متطلبات وواجبات الحكم  أو حال خروجه على أياً من مواد الدستور أو مخالفته لها .. دستور يخط آلية محاكمة ومحاسبة كل من يشغل موقع وظيفى فى الدولة بداية من وظيفة رئيس الجمهورية الى وظيفة ساعى بسيط ..  ويمنح الحق لكل صاحب فكر ورأى من التعبير عنه دون خوف من محاكمات استثنائية أو مطاردات بوليسية  .. دستوريمكن الأحزاب من التنافس فيما بينها بنزاهة فى ظل فرص متساوية .. لتتبادل وتتداول الحكم  فيما بينها برغبة وارادة الشعب .. .. دستور يفجر ينابيع الحرية المفقودة لتروى ارض مصر العطشى والمشتاقة لها ..

ان التوجه نحو البحث عن اشخاص لنرشحها .. يكشف اننا اصبحنا من عبدة الأشخاص ومن هواة تأليههم .. ولا اعرف لما الى هذا الحد تستغرقنا الغفلة و تغشانا الغيبوبة .. ولما لم يتوقف أحد منا ليسأل كيف ينبت بتربة وادينا نبت أو زرع ؟ وقد صارت تربة هذا الوادى فاسدة فساداً تام وملوثة ومسرطنة ولا تصلح لبذر أو غرس .. ولماذا أذاً نكد ونجد فى البحث عن بذور منتقاة ومنتخبة  ان كان هذا حال تربتنا ؟ هل لنخنقها أونميتها فى تلك التربة  ؟ كما اختنق ومات اهل الوادى الكرام .

اكاد اجزم ان النظام سعيد ومرحب بهذا التوجه الشعبى والجماهيرى الساعى للبحث عن اشخاص لترشيحهم لمنصب الرئاسة .. لأن هذا التوجه اعفى النظام من عبء وحرج الضغط على رموز سياسية وثقافية وعلمية ورؤساء احزاب للترشح لمنصب الرئاسة .. فبترشح اكثر من شخص  تكتمل تمثيلية الديمقراطية ويقوى الإدعاء بأن الشعب اختار الرئيس من بين اكثر من مرشح لمقعد الرئاسة .. وكأن الشعب المصرى يملك ارادة الإختيار .. وهذا غير صحيح اطلاقاً .. لأن ارادة هذا الشعب قد ووئدت وقُبرت منذ عهود مضت والى االآن.. بمقابر الديكتاتورية القائمة بشارع الإستبداد .. ولذا فإن الشعب المصرى خارج دائرة الإختيار والفعل ..  لأنه بلا ارادة  تمكنه حتى من اختيار نواب مجالسه المحلية والنيابية أو من اختيار رئيس مدينته ولامحافظ اقليمه .. فكيف يختار هذا الشعب منزوع الإرادة  رئيس جمهوريته ؟! كلنا  يعلم من الآن .. بل من الأمس .. من هو الرئيس القادم دون أى شك أو خطأ فى التوقعات أوالإحتمالات ..

ونأتى للأمل المستحيل الذى لن يأتى و للفرض الذى لن يتحقق ابداً .. وهو احتمالية  فوز البرادعى أو شخص آخر غير الرئيس الحالى  بمقعد الرئاسة  .. هل هناك من يضمن لنا ان البرادعى أو زويل لن تستبد بهم غواية السلطة كما فعلت بمن سبقهم ؟ وهلا هناك من يضمن اننا لن نجدهم ما بين لحظة وضحاها قد اضحوا من اعتى الحكام الديكتاتوريون ؟

 خاصة انهم سيحكمون فى ظل نفس المرجعيات ونفس الآليات وبنفس الإدوات ..

 اننا يجب ان ننسى الأشخاص مؤقتاً ونجمع على شئ واحد .. هو تطهير التربة ومعالجتها واعدادها جيداً لزرع جديد .. وذلك باختيارعقد اجتماعى جديد يُطلق مصر من عقالها ويفك عنها قيودها ويقيلها من ركوعها وينتشلها من تخلفها.. فحراماً على المصريين السكوت حتى تتردى بهم الأحوال للدرجة التى يرضوا ويرتضوا بأن تحكمهم حكومة تعجز عن التخلص من القمامة وتعجز عن ادارة مرفق السكك الحديدية و تعجز عن تنظيم توزيع انابيب الغاز .. وتعجز عن وقف انهيار منظومة التعليم .. وتعجز عن تطوير العشوائيات .. وتعجز عن توفير علاج للمصريين ..وتعجز عن توفير رغيف خبز آدمى .. ولا اعرف ماذا تنتظرون من تلك الحكومة العاجزة المشلولة بليدة الفكر والتصرف بعد كل هذا الفشل وتلك الإحباطات ؟

هل تاملون منها ان تنطلق بكم لتغزوا الفضاء أو تضمكم للنادى النووى ؟ نادى الأقوياء ببرنامج مدروس ومتقدم .. أو حتى تنطلق بنا لحافة حياة آدمية كريمة.. لااعتقد انها قادرة على شئ من هذا .. ولن تحقق احلامنا الوطنية ولا حتى احلامنا  الآدمية البسيطة..

يبقى ان اقول ان مشكلتنا ليست فى ايجاد اشخاص بل فى وضع و بناء اسس ونظم حكم يقوم على العدل والمساواة  .. واحذر واعلن وبصوت عال ان البرادعى وزويل وامثالهم ليسوا هم انبياء الشعب المصرى و لا مهدييه المنتظرون .. ولن يأتوا بمثل معجزات المسيح ..

 فقط الشعب المصرى هو الذى يقبض على مفتاح المعجزات وهو القادر على اتيانها .

                                                                       [email protected]

  • Currently 53/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
18 تصويتات / 57 مشاهدة
نشرت فى 6 مارس 2010 بواسطة elatiar

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

11,364