استردوا الأرض من الأمير وشركته وحاكموا عاطف عبيد وعصابته ( جريدة شباب مصر )
بقلم / حامد الأطير
لا اعرف كيف تسنى لرئيس وزراء مصر الأسبق عاطف عبيد ان يبيع مصر رخيصاً ؟ .. ولا اعرف كيف لم يتورع عن بيع كل منجز عظيم من منجزات الوطن .. ولا اعرف كيف تم السماح له بأن يبيع اجزاء غالية من ارض الوطن الطاهرة بلا ثمن وبلا خوف ولا وجل من حساب أو عقاب ؟ و لم اكن اتخيل ان يصل به الأمر لأن يبيع مساحة 20كم×21كم ، تعادل 99.960 الف فدان (مائة الف فدان إلا اربعون ) بيع نهائى للوليد بن طلال الأمير السعودى الأشهر .. وبسعر 50 جنيها لا غير للفدان !! .. أى بقيمة مائتان وتسعة واربعون مليون وتسعمائة الف جنيه فقط لا غير !! .. لماذا هذا الثمن البخس لكل تلك المساحة التى تعادل مساحة بعض الدول ؟ ولماذا لشخص غير مصرى ؟ ولا اعرف لماذا وكيف منحت حكومتنا المصرية برئاسة المذكور عاطف عبيد الحق لشركة الوليد فى الاستيلاء على مساحات اضافية فى المستقبل ؟ وبنفس السعر أى 50 جنيهاً حال قيام الشركة باستصلاح مساحات اضافية .. لقد ارتكب عبيد وحكومته اخطاء و مصائب فى هذ العقد .. لأنه وتأسيساً على هذا العقد الأسود تم منح الوليد بن طلال مساحة ارض اخرى اكبر من التى اشتراها والتى نص عليها العقد .. وهذه المساحة الأخيرة مجاناً وبلا مقابل !! ..وقد بلغت تلك المساحة المجانية (128.520) فدان ، مائة وثمانية وعشرون الف وخمسمائة وعشرون فدان !! لتكون حزام امان أو سياج امان للمساحة المشتراة !!!
ولا اعرف الثمن الذى قبضه عبيد وعصابته مقابل جريمته الشنعاء فى حق مصر والمصريين ؟
وقبل ان تتملكك الدهشة والإنفعال والغيظ وتصاب بالدوار ويدور برأسك الف سؤال وسؤال ..
تعالى نقرأ ديباجة ومقدمة و بعض مواد هذا العقد الأسود الذى اعدته الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ونرى كيف حدث هذا ؟ "" بناء على موافقة مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة فى ١٢/٥/١٩٩٧ تم التوجه يوم الأربعاء الموافق ١١/٣/١٩٩٨ بحضورنا نحن.. ـ الإدارة المركزية للملكية والتصرف، ويمثلها المهندس محمد على عبدالغنى القائم بأعمال الإدارة العامة للملكية، والمهندس حسام فوزى السيد مندوب الإدارة المركزية للملكية والتصرف ومهندس المساحة طلعت جاد الكريم بالإدارة العامة للملكية والتصرف والمساح محمد عبدالظاهر. ـ الإدارة العامة للمساحة بالهيئة ويمثلها المهندس مهدى أحمد كردى القائم بأعمال الإدارة العامة للمساحة بالاشتراك مع الهيئة العامة لتنمية بحيرة ناصر ويمثلها الدكتور مهندس هانى صبرى صديق وبحضور جون اليجن مندوب شركة المملكة الزراعية وفاروق قدرى مشرف الأمن بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، حيث تم الاتفاق على تحديد المساحة بالطبيعة وقدرها ١٠٠ ألف فدان والصادر بشأنها موافقة مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة فى ١٢/٥/١٩٩٧ وهى بأطوال
( ٢٠ × ٢١كم ) بمساحة قدره99.960 الف فداناً (تسعة وتسعون الف وتسعمائة وستون فدان ) وتم عمل حزام أمان لهذه المساحة بحيث تصبح المساحة الإجمالية ٢٢٨ ألفاً و٤٨٠ فداناً !! ينظر فيها عند تقديم طلب للتوسع فى المساحة. ويتضمن محضر تسليم المساحات المقررة للوليد بن طلال وضع ٦٤ شاخصاً على مسافة ٢كم بين الشاخص والآخر على الإطار الخارجى وهى مساحة الأمان مع ملاحظة أن جون اليجن مندوب شركة المملكة الزراعية حضر اليوم الأول للتسليم فقط ووعد بالعودة لتوقيع المحضر والذى وقع عليه باقى المشاركين فى عمليات تسليم أراضى الوليد فى توشكى "" اذاً وطبقأً للعقد فأن الوليد اشترى 99.960 فدان بسعر خمسون جنيهاً للفدان و قام بعمل حزام امان لتلك المساحة بمساحة اخرى بلغت 128.520 فدان .. أى ان هذا الحزام اكبر من المساحة المشتراه نفسها !! وكأننا فى مهرجان تسوق .. اشترى اقل من مائة الف فدان نمنحك فوقهم مائة وثمانية وعشرون فدان مجاناً .. بونص يعنى !! وبهذا البونص وصلت اجمالى المساحة المخصصة للوليد الى 228.480 فدان أى ما يقرب من ربع مليون فدان من ارض مصر المحروسة .. أى نصف ارض مشروع توشكى المتوجب استصلاحها .. والتى تبلغ 540 الف فدان .. هل رأيتم تدليس وعته وجنون وفساد جرئ وسمج اكثر من هذا ؟ وعلينا ان نحمد الله ان الأمر توقف عند حد الحزام !! ولم يصل الى بدلة كاملة وحذاء .. والا كان علينا ان نهديه مساحة مصر كلها.. ؟ لقد كان عبيد وحكومته اشد كرماً ورفقاً وحناناً على الوليد الأمير السعودى الأكثر ثراء اشد من كرمهم ورفقهم وحنانهم على المصريين اصحاب الأرض والوطن .. والذين دفعوا من اموالهم تكاليف هذا المشروع بمايزيد عن ثمانية مليارات جنيه.. وبعض التقديرات تصل بها الى اثنتا عشرمليار .. ولقد فرط عبيد ووزارته فى ارض المشروع الذى اطلقه الرئيس مبارك كمشروع قومى يساهم فى زيادة الرقعة الزراعية فى مصر ولينتفع به المصريون وليس الأجانب . عبيد ووزارته لم يبيعوا ارض المصريين فحسب .. بل باعوا معها كرامتهم وافقدوهم سيادتهم على جزء من وطنهم .. ولما لا يفعلون ؟ وقد رققت العمولات مشاعرهم وجعلتهم يسيلون كرماً وحباً وحناناً على الوليد ..
ولننتقل الان الى بعض ما ورد بالعقد من شروطا املائية ومخزية ومهينة ومؤلمة لنا نحن المصريين شعبيين ورسميين .. "
ينص العقد على ان يُدفع 20% فقط من القيمة عند توقيع عقد البيع ..والباقى يُدفع حسب اتفاق الطرفين " انه بيع بالتقسيط المريح جداً لأرض مصر .. وانظر جيداً معى لجملة "حسب اتفاق الطرفين" أى انه سيتم جلسات وجلسات وتفاوض يعقبه تفاوض ليدفع الوليد باقى القيمة و فى النهاية سيتم الدفع حسب هواه !! ..
وانظر للضمانات المقدمة لسمو الأمير بنفس المادة من العقد والتى تنص وبوضوح على منع النزع أو المصادرة أو الرسوم بأنواعها أو الضرائب بأنواعها وكذلك منع التقسيم والتخطيط والإنشاء حاضرا ومستقبلاً .. أى انه يعامل سمو الأمير معاملة اكرم من اصحاب الوطن وابنائه .. لأنه لا احد من مواطنى مصر تمتع بتلك الميزات الممنوحة للأمير بموجب هذا العقد ..
بل انه بهذا العقد يعلو على الدستور والقانون .. لأنهما لا يمنحان كل هذه المكاسب لأجنبى .. وينص العقد ايضاً على ان تتحمل مصر فنياً ومالياً انشاء وتشييد وتشغيل وصيانة فرع من قناة الشيخ زايد الرئيسية لتروى منه ارض الأمير.. وكذلك تتحمل تكاليف اقامة محطات رفع المياه لتضخ المياه وبمعدلات تدفق قصوى لأرض الوليد .. كما ان شركة الوليد هى التى تحدد معدلات الضخ وليست الحكومة المصرية !! وشركة الوليد تلزم مصر كذلك بتحمل تكاليف تشغيل وصيانة قناة الشيخ زايد الرئيسية !! مقابل ان تدفع الشركة قروش قليلة كسعر لمتر المياه.. كما تضمن حكومة مصر توفير المياه اللازمة لرى صافى المساحة المهداة !! وتضمن عدم إيقاف أو قطع هذا الإمداد للمياه فى أى وقت ولأى سبب مهما يكن، إلا فى حال وجود موافقة خطية من الشركة .. وتقوم مصر بمنح شركة الوليد الحق المطلق وغير المقيد فى الوصول إلى المياه من الفرع رقم ١ وذلك على مدار ٢٤ ساعة يوميا، ولمدة ٣٦٥ يوما فى العام !! "" كما يحق للوليد و طبقا لبنود العقد، الحرية فى وضع جدول تنفيذ المشروع بناء على مطلق إرادته، كما يحق له استخدام جميع المياه الجوفية والسطحية المتوفرة فى أراضى المشروع "" انظر الى الجبروت والإستقواء الوارد بالعقد من جانب الأمير المذكور ومدى خضوع وخنوع وذلة ومذلة الحكومة المصرية ؟ وأى رئيس وزارة هذا ؟ وأى مجلس وزراء هذا الذى وافق على تكبيل جزء من ارض مصر الحرة بسلاسل العبودية ؟ ولماذا يريدون ان تنكس هامتها وتضع رقبتها تحت سيف ارباب المال ؟ ومن فوضهم فى هذا الإتفاق الذى سلب ارادة مصر على جزء من ارضها .. وجعل الآخرون يستبيحوا حماها ويشترطوا عليها ؟ واذا كانت مصر هى التى تقدم الارض وهى التى توفر المياه و ميزانيتها هى التى تحملت تكاليف انشاء مفيض توشكى بالكامل .. واذا كانت هى من تحملت عبء انشاء محطات الرفع الرئيسية على النيل وعلى القنوات الرئيسية والفرعية .. واذا كانت هى من ستتحمل تكاليف تشغيل وصيانة المحطات والقنوات .. فما هو دور الأمير وماهى مساهماته من كل هذا التكاليف ؟ لاشئ سوى انه سيأتى ببعض المعدات والمستلزمات اللازمة للزراعة .. والتى نستطيع ان نوفرها بيسر وسهولة سواء كحكومة أو كأفراد .. ولذا يظل السؤال الكبير يطاردنا ويلح علينا.. ما الذى دفع عاطف عبيد ومجلس وزرائه المشئوم لإهداء ارض مصر للأمير بلا مقابل وبلا مكاسب لمصر وبلا أدنى منفعة للشعب ؟.. ولماذا لم يتم تخصيص الأرض المصرية لأفراد وشركات مصرية جادة ؟ ولماذا تم البيع لأجنبى ؟ ولماذا تم تمكينه من التملك ملكية مطلقة ولهذه المساحة الضخمة ؟ ولماذا لم يكن العقد عقد انتفاع فقط ؟ على ان يكون الإنتفاع بمساحات صغيرة لا تتعدى الألف أو العشرة آلاف ؟ على ان يُمنح المزيد ان استصلح وزرع المساحات التى سبق وخٌصصت له .. ولماذا لم تظل الدولة محتفظة بملكية الأرض ؟ لتنزعها منه وقتما تشاء ان لم يقم باستصلاحها .
والمصيبة تزداد حين نعلم ان العقد اعطى الحق للأمير ليقرر متى وماذا يفعل بالأرض وقتما يشاء وحسب هواه ورغبته وجدوله .. والمصيبة الأكبر انه مكن الأمير من اللجوء إلى التحكيم الدولى طبقا لقوانين المصالحة والتحكيم الخاصة بالغرفة التجارية الدولية !! ولم ينص على تحكيم القانون المصرى والإحتكام امام المحاكم المصرية حال حدوث نزاع .. والسؤال الأخير هو .. اين كان الجميع وقت وقوع تلك المصيبة .. واين كان مجلس الأمن القومى ؟ واين كان مجلس الشعب ومجلس الشورى ؟ واين كان الشعب واهل الشورى والمشورة ؟ واين كانت المعارضة احزاباً وجماعات ؟ واين كانت كل التيارات الوطنية ؟ اين كان كل هؤلاء وعبيد وعصابته يضعون جزء من ارض مصر الطاهرة تحت الإحتلال الأجنبى وتحت سطوة وسيطرة جبروت المال ؟.. ولماذا نتنازل عن التكية المصرية بالسعودية و نسمح بتكية سعودية فى مصر ؟
ساحة النقاش