كتب: محسن شرقاوي (جريدة الأسبوع المصرية)
في‮ ‬الوقت الذي يعيش فيه ملايين المصريين حالة من الهلع والذعر نتيجة انتشار مرض‮ '‬أنفلونزا الخنازير‮' ‬وغيرها من الأمراض الخطيرة التي تنتقل من الحيوان إلي الإنسان،‮ ‬فاجأتنا هيئة الرقابة علي الواردات‮ '‬التابعة لوزارة الصناعة والتجارة‮' ‬بالموافقة علي إدخال شحنة من الأعلاف فاسدة مخلوطة بدماء ولحم الخنازير واستخدامها مركزات أعلاف للدواجن والماشية في مصر‮.‬

وعلمت‮ '‬الأسبوع‮' ‬أن شحنة الأعلاف الفاسدة هي عبارة عن مساحيق اللحم والعظم التي يتم تجميعها من مجازر شتي علي مستوي العالم وتستخدم هذه المساحيق بدائل للأعلاف الحيوانية‮ ‬غالية الثمن كما أنها تعطي المربين معدلات تسمين سريعة بالرغم من خطورة استخدامها والخطير أن شحنة الأعلاف الفاسدة بجانب احتوائها علي مخلفات‮ '‬وزبالة‮' ‬المجازر في الخارج فقد احتوت علي مخلفات ذبح الخنازير‮. ‬وكشف تقرير رسمي تفاصيل محتويات الشحنة التي تتجاوز آلاف الأطنان عندما أقر المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف التابع لوزارة الزراعة بوجود لحوم وشحوم الخنازير بها،‮ ‬إلا أن لجنة التظلمات‮ '‬التابعة لوزارة الصناعة والتجارة‮' ‬أصدرت قرارها بتاريخ‮ '٢٢/٤/٩٠٠٢' ‬بإعادة فحص الشحنة مرة أخري،‮ ‬رغم أن قرار المعمل المركزي للأعلاف‮ ‬غير قابل للتظلم‮!!! ‬وعندما تم سحب أكثر من عينة كانت المفاجأة،‮ ‬حيث تم التأكد من أن الشحنة القادمة من عدد من دول أمريكا اللاتينية‮. ‬تفيد جميع النتائج احتواءها علي مساحيق اللحم والعظم وشحوم ومخلفات الخنازير المحرمة والخطرة،‮ ‬وفي خطوة استباقية من وزارة الصناعة والتجارة تم التحفظ علي الشحنة في انتظار اتخاذ قرار نهائي بعدم دخولها إلي البلاد أو الإقرار بسلامتها تحت ضغوط المستوردين‮!!‬
فضيحة شحنة الأعلاف الفاسدة تأتي بعد أيام من كشف‮ '‬الأسبوع‮' ‬قضيتي‮ '‬القمح الفاسد‮' ‬و'الأغذية المسرطنة‮' ‬بمادة الدايوكسين وهما نفس القضيتين التي تتحمل هيئة الرقابة علي الواردات التابعة لوزارة الصناعة والتجارة مسئوليتهما‮.‬
ولم تتوقف تبعات شحنة الأعلاف الفاسدة عند هذا الحد،‮ ‬وحسب ما صرح به عدد من الأطباء والمختصين لـ'الأسبوع‮' ‬إلي انتشار نسبة انتقال عدوي الأمراض علي نحو خطير للإنسان والحيوانات مثل مرض‮ '‬جنون البقر‮' ‬و'أنفلونزا الطيور‮' ‬و'أنفلونزا الخنازير‮' ‬في حالة التصديق علي الشحنة بصفة نهائية والإفراج عنها والتي تعد الآن تحت التحفظ وهو ما يعرض البلاد لوباء فتاك يقضي علي الأخضر واليابس‮.‬
الحديث عن شحنة الأعلاف يجرنا للحديث عن هيئة الرقابة علي الواردات ولجنة التظلمات التابعتين لوزارة الصناعة والتجارة حيث تكتسب أهمية هذه اللجنة من نفوذها ولما كانت الجهات الرقابية في‮ ‬غالبها بل ومعظمها قبل القرار الجمهوري‮ ‬106‮ ‬لسنة‮ ‬2000‮ ‬كانت عندما ترفض أي رسائل‮ ‬غذائية عند فحصها ظاهرياً‮ ‬ومعملياً‮ ‬كانت تقوم إما بإعدامها أو إعادة تصديرها وكان يقتصر دور هيئة الرقابة علي الواردات علي فحص بيانات المواد الغذائية ومدي مطابقتها من حيث البيانات والمكونات‮ '‬وليس صلاحيتها أو سلامتها‮' ‬في حالة عدم وجود بيانات علي العبوات المحتوية للمواد الغذائية تقوم بتحصيل رسوم للفحص ورسوم معالجة بيانات للعبوات ولا تقترب من بعيد أو قريب لسلامة أو صحة المواد الغذائية لذا ظهر دور لجنة التظلمات التي تقوم بتحصيل رسوم من المستوردين لزيادة دخل هيئة الرقابة علي الواردات من أجل الموافقة علي معالجة بيانات الرسالة‮. ‬وعندما طبق القرار‮ ‬106‮ ‬من أجل تيسير إجراءات الاستيراد زادت أهمية لجنة التظلمات للمستوردين فقد فتحت الباب علي مصراعيه للتظلم من رفض الجهات الرقابية الأخري‮ '‬الصحة والزراعة‮' ‬بإصدار قرارات ولوائح هلامية قابلة لتفسيرات كثيرة متضادة‮ '‬حتي لا يستطيع أحد ملاحقتها قانونياً‮ ‬فيما بعد‮' ‬من شأنها إعادة فحص الرسائل المرفوضة مرة أخري من خلال الضغط علي مندوبي الجهات الرقابية الملحقين علي الهيئة إدارياً‮ ‬وليس فنياً‮ ‬عن طريق الجزاءات التي تتم بتحقيق أو بدون تحقيق مما يؤدي لإرهاب مندوبي الجهات الرقابية وإذا كان ذلك لا يكفي فهناك الحرمان من الإلحاق بالقرار‮ ‬106‮ ‬وبالتالي الحرمان الكامل من كل المزايا المادية للإلحاق بالقرار بالرغم من مخالفة ذلك للقرار‮ ‬106‮ ‬وملحقاته التي تفيد بأن قرار الإلحاق هو من حق الجهات الأصلية للملحقين فقط كل هذا هدفه خدمة المستوردين وتمرير الرسائل التي يثار حولها الجدل وما أكثرها‮.‬
رويدا رويدا حتي أصبحت هذه اللجنة‮ ‬غطاءً‮ ‬قانونياً‮ ‬لتمرير القوانين والقرارات المصنعة والمعلبة داخل‮ ‬غرف المستوردين،‮ ' ‬فهي من الخارج قرارات الوزارات و الجهات الرقابية الأخري بينما هي مسيطر عليها بالمكافآت والبدلات هيئة الرقابة علي الواردات‮' .‬
‬ويتولي رئاسة الأمانة الفنية لهذه اللجنة مندوب من هيئة الرقابة علي الواردات،‮ ‬وقد تولي هذا المنصب فترة طويلة حتي وقت قريب المهندس شاكر محمود حمزة‮ '‬مهندس زراعي خبراته تقتصر علي الحشائش وحشرات الأرض‮' ‬والذي كوفئ عند خروجه علي المعاش في نوفمبر عام‮ ‬2008‮ ‬بتعيينه مستشاراً‮ ‬فنياً‮ ‬لهيئة الرقابة علي الواردات‮! ‬ثم مستشاراً‮ ‬لأحد كبار مستوردي المواد الغذائية في مصر‮ .‬
أما رئيس هيئة الرقابة علي الواردات‮ '‬اللواء محمد عبد الحميد البنا‮'... ‬فهو شخص ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بسلامة الأغذية ويقتصر دوره الأصيل علي توزيع الجزاءات علي الموظفين لعدم ارتدائهم‮ '‬الزي المدرسي‮' ‬الذي فرضه عليهم‮ ‬،‮ ‬التصرفات العسكرية للواء‮ '‬البنا‮' ‬امتدت لتشمل تركيب كاميرات مراقبة علي كل الوحدات اللوجيستية التابعة للهيئة بالموانئ والمطارات لكي يسهل له مراقبة الموظفين‮.‬
صراع الديوك
كل ذلك يتم بشكل مقنن عن طريق لجنة التظلمات الخاضعة لوزارة الصناعة والتجارة وبدلاتها وحوافزها ومن يعارض فله الويل والثبور وعظائم الأمور،‮ ‬مثل الذي حدث مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية عندما أرادت حماية قراراتها الفنية الأصيلة من تدخل لجنة التظلمات فقام الوزير الرشيد بالصراخ وتهديد وزير الزراعة بتحريض من اللواء‮ '‬البنا‮' ‬فقام وزير الزراعة بتوجيه كبار وصغار موظفيه لكي يرضخوا للجنة التظلمات حيث قال الوزير بالنص‮ '‬سيبهم يخدوا اللي هما عاوزينه‮' ‬بل نحي جانبًا رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري حتي لا يغضب لجنة التظلمات والوزير الرشيد‮.‬

  • Currently 327/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
100 تصويتات / 1088 مشاهدة
نشرت فى 9 يونيو 2009 بواسطة elabassy

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

330,406