ناشدت فتاة باكستانية الجهات الرسمية في محافظة جدة بالسعودية بالقبض على والدها، التي قالت إنه منذ قرابة ثلاثة أعوام يعتدي عليها جنسيا ويعاشرها معاشرة الأزواج من دون أن تستطيع أن توقفه أو يساعدها أحد من أهلها لتخليصها من بطش أبيها وتجبره على حد قولها . وطالبت "زرني. م" التحقيق مع أبيها الذي يعمل في أحد محال ورش صيانة المكيفات في جدة، والتأكد من صحة أقوالها وما يفعله بها وتخليصها من هذه الأزمة التي تعيشها منذ فترة طويلة.
وقالت: "إنها فكرت في الذهاب إلى قسم الشرطة أو المحكمة مرات عدة لتسجيل هذه القضية إلا أنها خشيت عدم تصديقها، الأمر الذي سينعكس سلباً على حياتها مع أبيها من دون حمايتها".
وتشير زرني (20 عاما) في حديثها لصحيفة "الحياة" اللندنية، إلى أنها حاولت الانتحار أكثر من مرة إلا أنها كانت تفشل مع كل محاولة، وقالت "أقسم بالله إنني حاولت الانتحار كثيراً لأتخلص من هذا الكابوس الرهيب الذي يدهمني في كل ليلة، خصوصاً وأنني لم أجد تفسيراً لكل ما يحدث لي سواء من معاملة أبي أو من موقف أمي الصامت على كل ما يجري في البيت على مرأى منها وهذا ما يؤرقني ويثير قلقي".
وتضيف "زرني" وهي فتاة غير متعلمة ولديها سبعة أشقاء وأربع شقيقات وهي الكبرى بين إخوتها، أن والدتها تركت لها الخيار في الهرب من المنزل أو القبول بالواقع أي بالوضع الذي يفرضه عليها والدها لأنها تخشاه وتخاف بطشه وغضبه.
ولا تكاد "زرني" تحبس دموعها حتى تذرفها مجدداً عندما تكمل قصتها التي فشلت في إقناع أقاربها بصحتها وصدقها في كل ما يحدث لها من أبيها الذي يبلغ من العمر 39 عاماً، "طوال الأعوام الثلاثة الماضية حملت سفاحاً في بطني إلا أنني أسقطته بمساعدة والدتي، وبدأت بعدها بتناول حبوب منع الحمل التي وفرها لي والدي من دون أن تمنعه صرخاتي المتكررة من إيقافه".
وبحسب روايتها فهي تعاني من كدمات وأثار ضرب مبرحة على جسدها جراء الاعتداء والإهانة التي تلقاها يومياً من أبيها بشهادة أشقائها ووالدتها، التي تؤكد أنه لن يتوقف عن ممارساته الشاذة حتى تفارق هذه الدنيا التي ضاقت بها لتتخلص من آلامها وتدفن أحزانها معها.
أما أم عبدالعزيز التي أحضرت الفتاة إلى مكتب الصحيفة في جدة وتولت مهمة ترجمة الحوار، قالت "إنها علمت بهذه القصة المأسوية من طريق جيران زرني"، وأضافت أم عبدالعزيز وهي باكستانية أيضاً "كانت صدمة كبيرة عندما علمت بما يقع على فتاة تبلغ من العمرة 20 عاماً من اعتداء جنسي وضرب مبرح من جانب والدها من دون خجل أو خوف".
وأوضحت أن بعض الجيران كانوا على علم بما يقع لهذه الفتاة من ضرب وحبس، إلا أنهم يجهلون حدوث الاعتداء الجنسي لأنها "فضيحة" لم تستطع الفتاة اطلاع الآخرين عليها، "ونأمل تدخل المسؤولين للتحقيق في هذه القضية بصفة عاجلة على رغم تأخر الفتاة بالإفصاح عما يجري لها طوال الفترة الماضية".
من جهته، قال رئيس جمعية حقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة د.حسين الشريف "إن من حق الفتاة المطالبة بتوفير الحماية لها ورفع الأذى عنها في حال ثبوت ذلك".
وأشار الشريف إلى أن الجمعية لها دور كبير وفعال في حل مثل هذه الأزمات كونها جهة متابعة وإشراف وتحارب العنف بأشكالها كافة من كلا الجنسين.
وقال: "في إمكان الفتاة (زرني.م) التوجه إلى جمعية حقوق الإنسان في المحافظة والتنسيق مع الاختصاصيات في القسم النسوي، وتقديم شكوى رسمية بهذا الشأن تشرح فيها التفاصيل كافة، ومن ثم تحويل الفتاة إلى قسم الشؤون الاجتماعية من أجل توفير الحماية لها".
وأضاف الشريف أنه بعد تأمين الحماية لهذه الفتاة، يمكن تقديم بلاغ إلى قسم الشرطة بالحادثة للتحقيق فيها مع الأطراف كافة واستدعاء الأب لأخذ أقواله وتسجيل رده على اتهامات ابنته.
ويصف المحامي عبدالله جميل في حديثه مع الزميل زياد العنزي حدوث مثل هذه القضايا في السعودية بـ"النادرة"، إلا أنها بدت في ازدياد خلال الفترة الماضية.
وأشار جميل إلى أنه يتعين على المدعي إظهار البينة التي تدعم أقواله وتعزز من موقفه أمام القضاء، خصوصاً من ناحية توافر الشهود أو إثبات ذلك من طريق التحاليل الطبية واللجان الاختصاصية في مثل هذه القضايا.
وأوضح أن سير قضية الفتاة (زرني. م) تبدأ بالإبلاغ عن الحادثة لدى قسم الشرطة الذي بدوره سيحول ملف القضية بعد استكمال الإجراءات اللازمة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للتثبت من حقيقة الأمر ومن ثم تحويل كامل القضية إلى المحكمة المستعجلة للبت فيها.
ساحة النقاش