عالم المعرفة عالم واسع وكبير كبحر مترامي لا حدود له ولا شواطئ ويشكل مجتمع المعرفة مرحلة متقدمة من مراحل التطور الحضاري والمستقبل للمجتمعات التي ستشارك في توظيف وإنتاج المعرفة بكفاءة في كل مجالات الحياة... فالمعرفة ثروة وقوة في آن واحد.

ومن خلال تلك الفكرة تناول الدكتور عصام عيسوي الأستاذ المساعد بقسم الوثائق والمكتبات بكلية الآداب بجامعة القاهرة في محاضرة ألقاها في إحدى أعرق المؤسسات العلمية بالتعاون مع مؤسسة ثقافية معروفة، وكانت المحاضرة بعنوان "الأرشيف المصري وعالم المعرفة". ويري الدكتور عصام أن الوصول لمجتمع المعرفة هي الارتقاء بمؤسسات نشر المعرفة ولابد من دعم مؤسسات إنتاج المعرفة ومراكز الأبحاث ومؤسسات البحث العلمي وخاصة الأرشيفات الوطنية التي يمكن أن تجمع عدد من تلك المؤسسات المنتجة للمعرفة داخل الكيان الواحد. 

ويضيف أيضاً بإعطاء نموذج للتعبير عن فكرته في الاستفادة من عالم المعرفة وهو الأرشيف المصري (دار الوثائق القومية ودار المحفوظات) فهو يري أنه يمكن تحول هاتين المؤسستين إلي مؤسسة تدخل ربح ودخل قومي للبلاد تضاهي الذي تدخله السياحة وأكثر ولا يتوقف دورهما فقط علي مساعدة الباحثين في مجال أو أثنين فقط، لا فهاتين المؤسستين تمتلكان ثروة معلوماتية كبيرة ولكنها مهدرة ولا يستفاد منها بشكل كبير أو مُرضي ولكن يجب أولاً إنشاء شبكة الكترونية معلوماتية خاصة بتلك المؤسسات أو غيرها وعند ذلك يمكن لعدد كبير من الجمهور الإطلاع علي معلومات مختزلة عن محتويات الدار دون اللجوء للإجراءات الروتينية المعتادة لدخول تلك المؤسسات ويمكن كذلك إنشاء أو تطوير مراكز البحوث في تلك المؤسسات بعمل فريق عمل متكامل وظيفة خدمة الجمهور، ويعطي كذلك أمثلة لقطاعات المجتمع التي يمكن أن تستفيد من محتويات الأرشيف ونوعية المعلومات والخدمات التي يمكن أن يقدمها الأرشيف المصري للجمهور.

فمثلاً يمكن للقضاة الاستفادة من وثائق المحاكم ومجلس الأحكام أو التجاريين يمكنهم الاستفادة من وثائق الشركات حتى السياسيين والمهندسين والأطباء والاقتصاديين والمشرعين والمحامين والإعلاميين والصحفيين وطوائف كثيرة يمكنها الاستفادة من الأرشيف بمقابل وبدون الحاجة لدخول تلك المؤسسات ففريق البحث يمكنه توفير المعلومات اللازمة وإعداد تقارير أو الدراسات اللازمة لهؤلاء المستفيدين هذا بالإضافة للباحثين من دارسي التاريخ والوثائق ، كذلك الخدمات الاجتماعية التي توفرها دار المحفوظات بالقلعة مثل شهادات الميلاد وعقود الملكية وغيرها يمكن تحويل إجراءات استخراجها حتى تكون أكثر سهولة وبمقابل مادي.  

باختصار يري أنه يمكن تحويل الأرشيف المصري حتى يكون مؤسسة علمية وخدمية ويضيف أن الأرشيف البريطاني ثاني مصادر الدولة من الدخل القومي.

تلك الفكرة التي طرحت في جلسة علمية ودورة لتنمية مهارات المعرفة كانت ولازالت حلم لصاحبها وفكرة علي ورق وبالرغم من أن الاستفادة من عالم المعرفة ليس بالجديد وإلا من العيب أن تُستغل مجالات المعرفة ولكن تلك الفكرة لاقت استحسان من البعض ورفض واستهجان من البعض الآخر وكأن استغلال موارد الدولة لإدخال الربح حلال للأخر وحرام علينا، يجب أن أعترف أنى كنت من أول المؤيدين لتلك الفكرة برغم من كوني باحثة ولو تم وضع تلك الفكرة طي التنفيذ سوف أكون ممن تسري عليهم فكرة دفع الأموال مقابل الإطلاع والاستفادة من الأرشيف بعد أن كانت متاحة للباحثين بشكل مجاني ولكن أليست المصلحة الأعم والأشمل أهم من مصلحة الفرد، من الأمانة أن أعترف أن الباحثين هم من اعترضوا علي تلك الفكرة ولم تلاقي استحسان لديهم ولكننا يمكن أن نتغلب علي تلك العقبة إذا ما وضعت تلك الفكرة للتنفيذ وذلك باستثناء المصريين من الخضوع لتلك الإجراءات.

وهكذا، يكون الاعتراض الوحيد علي تلك الفكرة تم التغلب عليه ولكن هل يمكن حقاً جعل الأرشيف المصري وسيلة أو نموذج عملي لفكرة ثقافة اقتصاد المعرفة؟ هل سيجيء يوم علينا ونحن نؤمن بأن الدخول لعالم المعرفة له شروط من أولها هو استغلال المعرفة؟

المصدر: بقلم: نرمين سعد الدين مجلة المقتطف | السنة الأولى | العدد الأول | أبريل 2009 ميلادية -1430 هجريةhttp://www.almoqtataf.sbilya.com/egarch.htm
egarchives

أ.د عصام أحمد عيسوى [email protected]

أ.د عصام أحمد عيسوى

egarchives
أستاذ م.الوثائق والأرشيف بقسم المكتبات والوثائق بكلية الآداب جامعة الملك سعود وجامعة القاهرة، حاصل علي جائزة التميز في التعلم والتعليم من جامعة الملك سعود 2011م، وجائزة جامعة القاهرة التشجيعية في العلوم الإنسانية والتربوية 2007م، وعضو فى عدد من اللجان القومية والعلمية بجامعة القاهرة والمجلس الأعلى للثقافة وغيرهما، مؤسس ومدير وحدة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

220,363