المعلم وتقنيات التعليم

يقدم الموقع خدمات تعليمية لطلاب الدراسات العليا

دور التعليم الإلكتروني في نشر فلسفة التعلم البنائي

د. عمر محمد حامد

نعيش في عصر التقنية الذي قد ندعوه عصر بناء وتدريب الخدم الإلكترونيين والتعامل معهم. فما البنك الإلكتروني إلا قبيلة من الخدم الإلكترونية أي مجموعة من البرمجيات التي أنشئت بإحدى لغات البرمجة كلغة جافا الكائنية مثلا، وما كابتن الطائرة بلا طيار بشري إلا مجموعة من الخدم الإلكترونيين، وهكذا جوالاتنا وبرمجيات أجهزة حواسيبنا، والقائمة تطول للمصانع والحكومات الإلكترونية والنوادي السيبرية وأجهزة التحكم في سيارتنا وذاك الصوت الذي يرشدنا عند قيامنا برحلة في سياراتنا من مدينة إلى أخرى أو من بلد إلى لآخر عبر الـ ''جي بي إس'' و و و .....

كل هذه القبائل أنتجت وبنيت بعقول بشرية عاملة فاعلة وبتعاون دائم بين تلك العقول النيرة، فكما يقولون اليد الواحدة لا تصفق.

ضمن هذا الكم الضخم من قبائل الخدم الإلكترونية نجد مخيمات قبائل إدارة التعلم الإلكتروني ومخيمات قبائل إدارة الكائنات التعليمية ومخيمات بناء الكائنات التعليمية.

جهزت هذه المخيمات لتساعد العاملين في العملية التعليمية على بناء بيئات تعليمية فاعلة، يمكن لمنتجي ومهيئي هذه البيئات أن يفعّلوها ليجعلوها بيئات تعليمية يظهر فيها المستكشفون والمستكشفات كخلايا نحل تستمتع بإنتاج العسل الصافي.

نرى أن عملية التعلم هي كتعلم السباحة، فإن وضعنا للمتعلم كرسيا مخمليا وأجلسناه أمام بركة سباحة خلابة المنظر وأنطنا به مدربا ذا خبرة عالية ومتميزة في السباحة، وبقى دهورا يتمتع بمشاهدة كل الحركات الرائعة والبهلوانية منها التي يقدمها له مدربه، فكما نعلم جميعا فلن يتعلم السباحة مهما طال الجلوس ما لم يقم المتعلم بالغوص في الماء. وهكذا هو تعلم المفهوم إذ لا بد للمتعلم من العمل والبناء والمشاركة الفاعلة.

هذا المشهد هو ما تتيحه لنا قبائل التعلم الإلكتروني، فضمن فصولي الإلكترونية أربط طلابي بمحاضرات رائعة الجودة والفكر منتقاة من أرقى الجامعات العالمية كجامعة ييل وجامعة ستانفورد ومعهد إل إم إي تي. نعم قد يواجه طلابي مشكلة اللغة الإنجليزية للاستمتاع بمشاهدة المحاضرة المتعلقة بهذا الموضوع أو ذاك. هل نكتفي بعروض مشاهد جميلة؟

للانتقال نحو التعلم البنائي على المشرف على الفصل الإلكتروني أن يضع رابطا لتلك المحاضرة ضمن حلقة نقاش ويثير نقطة أو نقاط جدل حول مفهوم أو مفاهيم تلك المحاضرة. يتيح هذا الحوار تبادل الأفكار بين مجموعات المستكشفين والمستكشفات، بهذا يبدأ كل عقل نير بطرح مرئياته حول المفهوم، وهنا نطلق عنان الفكر للسير في طريق الإبداع والتفكير. وهنا نتوقف لنسأل أنفسنا: هل الفصل التقليدي المحدود بالمكان والزمان سيعطي طلابنا وطالباتنا مثل هذه الفرص الجميلة؟

وتتيح قبائل التعلم الإلكتروني للمستكشفين والمستكشفات أن يقوموا بتسجيل رؤيتهم وفهمهم وعملهم على استيعاب المفهوم تحت الدراسة وعرضها ضمن حلقات حواراتهم ليروا فكر بعضهم البعض. وهذه نقلة من التعليم التقليدي، حيث المدرس هو أو هي محور الارتكاز، والجزء الأساس من العملية التعليمية أي المستكشفون والمستكشفات مهمل كمستمع ينتظر لحظة دق الجرس للخلاص.

يلعب أمثال هذه المحاضرات الدور القصصي المحسن من العملية التعليمية التي كانت تدور حول عيون الماء حيث كان البشر يتناقلون الأخبار. بعد هذا الدور القصصي الذي أصبح يدار حول الحلقات الفكرية السيبرية يأتي دور العمل والبناء والتأمل.

قام سيمور بيبرت مع آخرين من معهد إم آي تي في أواخر الستينيات من القرن الماضي بإيجاد السلحفاة الإلكترونية الفعلية الملموسة كأداة للتفكير واستخدمها ضمن فلسفة اللوغو التعليمية الرائعة لاستكشاف مفاهيم رياضية هندسية يتعامل معها الأطفال لرؤية جمال ومتعة تعلم الرياضيات فيما أصبح معروفا برياضيات السلاحف الممتعة. أصيب سيمور قبل سنوات بحادث مؤلم أفقده ذاكرته وعاد كالطفل ويقوم المشرفون على علاجه باستخدام فلسفته في تعليمه من جديد. ندعو له بالشفاء.

نعم نمت فلسفة اللوغو لتصبح هي أداة العمل لترسيخ المفاهيم العلمية على كل المستويات ضمن ما أصبح معروفا بفلسفة التعلم من خلال التعليم، حيث يلعب المتعلم دور المعلم والمدرب. فعندما أتحدث عن القصص المتعلقة بمفهوم الدالات الرياضية مثلا أو مفهوم المصفوفات فقبائل الخدم الإلكترونية لتلك المفاهيم متوافرة في مخيمات عديدة، كمخيم المثماتيكا أو مخيم الماتلاب أو مخيم جيوجبرا أو مخيم الميبل أو حتى مخيم أكسل وهذه جميعها خدم إلكترونية أنتجت بتعاون عقول نيرة.

نعم نقدم ما هو ملائم منها ضمن فصولنا الإلكترونية وندعو إلى محاكاة عملها إن لم يكن هناك متسع من الوقت لإعادة إنتاجها وتدريبها، إذ إن مرحلة العمل والحبو مع المفهوم تحتاج فعلا إلى إعادة تعليم إنتاج وتدريب هؤلاء الخدم، وهذا ما نصبو إلى تحقيقه، بل هذا ما قد ندعوه بالتعلم البنائي.

هذا هو التعلم البنائي كما نحلم أن نراه يستثير عقول أجيال المستقبل لتعمل كالبنان المرصوص تشد على أيدي بعضها البعض من أجل بناء معرفة أمتنا. قامت جامعة الملك سعود بتوجيهات مستمرة من مدير الجامعة الدكتور عبد الله العثمان وجهود جبارة من كل العاملين الساهرين على النهوض بجامعتنا لمصاف الجامعات العالمية المتميزة وبعمل مضن وشاق يقوم به الدكتور سامي الحمود عميد التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، قامت الجامعة بتأسيس البنى التحتية الرائعة لكل احتياجات التعلم الإلكتروني التي تضاهي تجهيزات أكبر الجامعات العالمية. نعم، بعد وجود كل هذه التجهيزات فلقد حان وقت البناء الفعلي للفصول الإلكترونية البنائية الفاعلة، سواء ما يتعلق منها بالمقررات الجامعية أو المقررات الإضافية أو فصول التعلم المستمر أو التعليم عن بعد أو التعاون مع وزارة التعليم لنشر التعلم الإلكتروني البنائي في المراحل المدرسية كافة.

 

*أستاذ الرياضيات في كلية العلوم

جامعة الملك سعود

المصدر: الاقتصادية الالكترونية الخميس 13 شعبان 1432 هـ. الموافق 14 يوليو 2011 العدد 6485
edu-techno

www.edu-techno.com

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 625 مشاهدة

السيد سعد الدبيس

edu-techno
موقع يهتم بتصميم وانتاج البرمجيات التعليمية والمقررات الالكترونية بمختلف أنواعها. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

369,908