يوسف إدريس مفكر وأديب وأبرز كتاب القصة القصيرة في الأدب العربي وأشهر المجددين في فنونها.. استطاع أن يحقق مصرية القصة القصيرة حتى استحق عن جدارة أن يكون أميراً لها.. انه أديب الأطباء وطبيب الأدباء يوسف إدريس. وُلد يوسف إدريس في 19مايو 1927 في قرية البيروم بمحافظة الشرقية، لأسرة متوسطة الحال، تعلم في المدارس الحكومية والتحق بعد دراسته الثانوية بكلية الطب في جامعة القاهرة التي تخرج منها عام 1951، ثم حصل على دبلوم الأمراض النفسية، ودبلوم الصحة العامة. بدأ كتابة القصة القصيرة منذ وقت مبكر بعد التحاقه بكلية الطب.. حيث بدأ ينشر قصصه القصيرة في الصحف منذ عام 1950، وشارك في تحرير أول مجلة يصدرها الجيش بعد قيام ثورة يوليو وهي مجلة التحرير التي صدرت في سبتمبر 1952. جذبت قصصه الأولى الانتباه إلى أن اسم يوسف إدريس سيصبح من الأسماء اللامعة في فترة وجيزة، وهو ما حدث بالفعل خاصة بعد كتابة قصة "أنشودة الغرباء" والتي نُشرت في مجلة "القصة" عام 1950، ثم تابع نشر قصصه في مجلة "روزاليوسف"، ثم قدمه عبدالرحمن الخميسي إلى قراء جريدة "المصري" التي كان ينشر فيها قصصه بانتظام. أصدر يوسف إدريس مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالي" عام 1954، والتي وضعت البداية الفعلية للواقعية المصرية، ثم ظهرت موهبته في مجموعته التالية "العسكري الأسود" التي صدرت عام 1955، والتي وصفها أحد النقاد بـ "أنها تجمع بين سمات دستوفسكي وسمات كافكا معاً". كتب إدريس عدة مقالات في مجلة "صباح الخير"، ثم أصبح من كُتاب جريدة "الجمهورية" حيث بدأ بنشر حلقات قـصص "قــاع المدينة"، و "المسـتحيل"، و"قبر السلطان"، ثم انطلق مؤكداً مكانته كأبرز كُتاب القصة القصيرة، والتي ظهرت في العديد من القصص القصيرة التي كتبها ومن أهمها: (البطل ـ حادثة شرف ـ بيت من لحم ـ آخر الدنيا ـ لغة الآى آى ـ النداهة). كتب كتاب عن "حرب السويس" ترجم إلى اللغة الإنجليزية، ثم كتاب آخر عن "الاتحاد القومي". أهم الروايات التي كتبها: (الحرام ـ العيب ـ رجال وثيران ـ العسكري الأسود ـ نيويورك 80 ـ السيدة فيتا). ومن بين أهم مسرحياته: (جمهورية فرحات ـ ملك القطن ـ اللحظة الحرجة ـ الفرافير ـ المهزلة الأرضية ـ البهلوان). وقد تُرجمت أعماله إلى (24) لغة عالمية. أما آخر مؤلفاته فهي "الأب الغائب". حصل الطبيب الأديب يوسف إدريس على جائزة عبدالناصر في الآداب عام 1969، وجائزة صدام حسين للآداب عام 1988، وجائزة الدولة التقديرية عام1990. توفى في 1 أغسطس 1991. مؤلفاته [ أرخص ليالي، رة، سلسلة "الكتاب الذهبي"، روز اليوسف، ودار النشر القومي، 1954. جمهورية فرحات، قصص ورواية قصة حب، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" روز اليوسف، 1956. مع مقدمة لطه حسين. صدرت جمهورية فرحات بعد ذلك مستقلة، ثم مع ملك القطن، القاهرة، دار النشر القومية، 1957. وفي هذه المجموعة رواية: قصة حب التي نُشرت بعدها مستقلة في كتاب صادر عن دار الكاتب المصري بالقاهرة. البطل، القاهرة، دار الفكر، 1957. حادثة شرف، بيروت، دار الآداب، والقاهرة، عالم الكتب، 1958. أليس كذلك؟، القاهرة، مركز كتب الشرق الأوسط، 1958. وصدرت بعدها تحت عنوان: قاع المدينة، عن الدار نفسها. آخر الدنيا، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" روز اليوسف، 1961. العسكري الأسود، القاهرة، دار المعارف، 1962؛ وبيروت، دار الوطن العربي، 1975 مع رجال وثيران والسيدة فيينا. قاع المدينة، القاهرة، مركز كتب الشرق الأوسط، 1964. لغة الآي آي، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي"، روز اليوسف، 1965. النداهة، القاهرة، سلسلة "رواية الهلال"، دار الهلال، 1969؛ ط2 تحت عنوان مسحوق الهمس، بيروت، دار الطليعة، 1970. بيت من لحم، القاهرة، عالم الكتب، 1971. المؤلفات الكاملة، ج 1:القصص القصيرة، القاهرة، عالم الكتب، 1971. ليلة صيف، بيروت، دار العودة، د.ت. والكتاب بمجمله مأخوذ من مجموعة: أليس كذلك؟ أنا سلطان قانون الوجود، القاهرة، مكتبة غريب، 1980. أقتلها، القاهرة، مكتبة مصر، 1982. العتب على النظر، القاهرة، مركز الأهرام، 1987. ] روايات الحرام، القاهرة، سلسلة "الكتاب الفضي"، دار الهلال، 1959. العيب، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي"، دار الهلال، 1962. رجال وثيران، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة، 1964. البيضاء، بيروت، دار الطليعة، 1970. السيدة فيينا، بيروت، دار العودة 1977. نيويورك 80، القاهرة، مكتبة مصر، 1980. (نظرة) حارة في القاهرة ] مسرحيات 1- ملك القطن (و) جمهورية فرحات، القاهرة، المؤسسة القومية. 1957 مسرحيتان. 2- اللحظة الحرجة، القاهرة، سلسلة "الكتاب الفضي"، روز اليوسف، 1958. 3- الفرافير، القاهرة، دار التحرير، 1964. مع مقدمة عن المسرح المصري. 4- المهزلة الأرضية، القاهرة سلسلة "مجلة المسرح" 1966. 5- المخططين، القاهرة، مجلة المسرح، 1969. مسرحية باللهجة القاهرية. 6- الجنس الثالث، القاهرة، عالم الكتب، 1971. 7- نحو مسرح عربي، بيروت، دار الوطن العربي، 1974. ويضم الكتاب النصوص الكاملة لمسرحياته: جمهورية فرحات، ملك القطن، اللحظة الحرجة، الفرافير، المهزلة الأرضية، المخططين والجنس الثالث. 8- البهلوان، القاهرة، مكتبة مصر، 1983. 9- أصابعنا التي تحترق ] مقالات 1- بصراحة غير مطلقة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال"، 1968. 2- مفكرة يوسف إدريس، القاهرة، مكتبة غريب، 1971. 3- اكتشاف قارة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال"، 1972. 4- الإرادة، القاهرة، مكتبة غريب، 1977. 5- عن عمد اسمع تسمع، القاهرة، مكتبة غريب، 1980. 6- شاهد عصره، القاهرة، مكتبة مصر، 1982. 7- "جبرتي" الستينات، القاهرة، مكتبة مصر، 1983، وهو متضمن حوار بينه وبين الأستاذ محمد حسنين هيكل. 8- البحث عن السادات، طرابلس (ليبيا)، المنشأة العامة. 1984. 9- أهمية أن نتثقف.. يا ناس، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985. 10- فقر الفكر وفكر الفقر، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985. 11- خلو البال، القاهرة، دار المعارف، 1986. 12- انطباعيات مستفزة، القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1986. 13- الأب الغائب، القاهرة، مكتبة مصر، 1987. 14- عزف منفرد، القاهرة، دار الشروق، 1987. 15- الإسلام بلا ضفاف، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989. 16- مدينة الملائكة، القاهرة، الهيئة المصرية…، 1989. 17- الإيدز العربي، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1989. 18- على فوهة بركان، محمود فوزي، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1991. حوار. 19- ذكريات يوسف إدريس، القاهرة، المركز المصري العربي للنشر والصحافة تجريب يوسف إدريس الوجه الملازم لأصالة الكتابة عند يوسف إدريس هو التجريب الذي يمضي الكاتب في فضائه دون قيد أو شرط إلا قيد الحرص على أصالته, وشرط تجذير هويته الإبداعية التي هي منطلق تفرده. يبدو في حالة يوسف إدريس - كما لو كان التجريب هو القانون الذي يلتزم به الكاتب, ولا يتخلى عنه, في كل مراحله المتعاقبة أو متغيراته الأفقية, ساعيا به - في كل مرة - إلى الوصول بالكتابة إلى أنضر وجه محتمل من الصياغة, وأعمق تأثير ممكن في القارئ, واصلا بين حيوية فعل التجديد في كل حالة والمساءلة المتجددة للذات والواقع والكتابة. ولذلك, لم يسجن يوسف إدريس وعيه أو كتابته في نمط إبداعي أو فكري واحد, ولم يستعبده مذهب أدبي أو فكري إلى الدرجة التي تنقلب بالإبداع إلى اتّباع, بل ظل, دائما - شأنه في ذلك شأن المبدعين الاستثنائيين - متأبيا على القوالب الثابتة للفكر, متمردا على التقاليد الثابتة للإبداع, مؤمنا بأن الإبداع هو الحركة المتحررة في الحياة والكتابة, وهو الوصل المستمر بين الكتابة والحياة في معنى التحرر, لكن بالمعنى الذي صاغته كلماته التي تقول: (الأنا الحقيقية تتحرر في الكتابة فحسب, وفي لحظة من لحظات الكتابة التي أحس فيها أنني نفسي فعلا. لذلك, لا أستطيع أن أكتب إلا حين ألغي العالم كله, وأنصهر في الأنا الكل, وبالطبع ليس سهلا الوصول إلى هذه الحالة. هذه ليست عزلة, إنها الاتصال الحقيقي والصادق بالحياة). وإذا جاز لي تفسير كلمات يوسف إدريس في سياق كتابته, واصلا بين كل مجالات هذه الكتابة, فإن معنى الاتصال بالحياة هو الاتصال المستمر بجوهرها الخلاق الذي هو رغبة التحول الدائم من مبدأ الواقع إلى مبدأ الرغبة, وفرض مبدأ الرغبة على مبدأ الواقع بما يثير طاقات التجدد ويحفزها على الإبداع المستمر في كل مجال, الإبداع الذي يناقض السكون, ويرفض الاستنامة إلى قاعدة, أو الاستكانة إلى مبدأ, أو الخضوع الدائم لزعيم أو عقيدة فكرية. ولذلك, كان نوع أبطال يوسف إدريس من المثقفين - في قصصه ومسرحه - نوع البطل الإشكالي الذي لا يكف عن الصدام مع العالم ومع نفسه على السواء, فهو بطل يخرج على القاعدة, ويتمرد على العرف, ولا يستكين إلى مذهب أو قائد, ولا يكف عن وضع كل شيء موضع المساءلة, وذلك إلى الدرجة التي جعل من أسئلته علامة على حضوره, وإشارة إلى أنه يتناول كل شيء - ابتداء من حضوره الذاتي - بوصفه وضعا في حالة صنع, وأفقا مفتوحا يظل في حاجة إلى الكشف. وما يتصف به البطل (المثقف وغير المثقف) في كتابة يوسف إدريس تتصف به الكتابة التي آثرها, فهي كتابة لا تهدأ في البحث عن تقنيات جديدة, ولا تستكين إلى أي قوالب جاهزة,وترفض المسكوكات النقدية التي تختزلها في هذا الاتجاه الأدبي أو ذاك التيار الفكري. إنها كتابة هاجسها التحول الذي تمضي معه تعاقبيا في التنقل ما بين تقنيات قد تنتسب في كل مرحلة إلى تيار بعينه, وتمضي أفقيا أو آنيا في التبدل الذي ينفي انتسابها الضيق إلى حدود (التيار) أو (المذهب) الواحد في أي مرحلة من المراحل. صحيح أن كتابة يوسف إدريس بدأت واقعية, وظلت حريصة على ملامسة الواقع والغوص في تضاريسه, ولكن بما أبعدها عن معنى الواقعية الجامد, وانتقل بها ما بين تجليات ما بعد واقعية, تجليات تباعدت عمدا عن واقعية المذهب لتغوص في تفاصيل الواقع المعيش بما يحرره أو يثير رغبة الثورة عليه. ضد الوعي الزائف ونتيجة ذلك صعوبة اختزال كتابة يوسف إدريس في مذهب أدبي أحادي البعد, تماما كما يصعب اختزال يوسف إدريس نفسه في انتماء فكري محدد, فكتابته كتابة يناسبها أن نصفها بأنها كتابة ضد الأيديولوجيا, أي ضد الوعي الزائف, والتصنيف السهل, والبعد الواحد, واليقين الذي لا يخامره الشك, وصلف الفكرة التي تقترن بتصلب الوعي. ولذلك, كانت خلافات يوسف إدريس (المثقف) مع أصدقائه الماركسيين بوجه خاص, أو اليساريين بوجه عام, كثيرة, صاغتها - في ذروة من ذرى المواقف الحياتية - رواية (البيضاء) التي كانت محاولة إبداعية لمساءلة معنى (الهوية) في الفن والفكر, وكذلك معنى الالتزام الإبداعي والسياسي. وكانت خلافات يوسف إدريس الكاتب مع النظام السياسي متجددة, حتى في لحظات التقارب الفكري, فهي خلافات مصدرها الصراع الحتمي بين مبدأ: ليس في الإمكان أبدع مما كان, والمبدأ النقيض الذي لا يرى لإمكانات التقدم أو التطور نهاية أو حدا, ويرفض الاستكانة إلى أي تبرير يفرض السكوت أو الثبات أو القيود على فكر الفرد أو حركة الطليعة الاجتماعية. وبالقدر نفسه, كان الصدام المستمر حتميا بين كتابة يوسف إدريس ورموز الأصولية الدينية التي أخذت تتزايد, ويتصاعد إيقاع خطابها القمعي وفعلها الإرهابي منذ السبعينيات الساداتية. وهو صدام صاغته المقالات كتابة مباشرة, كما صاغته الأعمال الإبداعية كتابة غير مباشرة, هي معادلات موضوعية وموازيات رمزية, ناوشت التكوينات الفكرية والآليات العملية للسلوك الإرهابي, حتى في المعتقلات, مؤكدة بأكثر من دلالة رفض التصلب الفكري والتعصب الاعتقادي, وإدانة خطاب القمع الذي ينتقل من الإرهاب المعنوي إلى الاستئصال المادي. وتردني هذه النتيجة إلى الأصل الذي تولّدت عنه فيما يتصل بغائية فعل التجريب في كتابة يوسف إدريس, فهو فعل لا يبحث عن التغيير لمجرد الاستطراف, ولا تتبدل أحواله حسب الموضات, ولا تتغير به التقنيات على نحو مجاني أو عشوائي, وإنما على نحو مقصود وغاية مرتبطة بطبيعة رؤية العالم الكامنة وراء تغير الأساليب والتقنيات, والمتسمة بالتغير الذي يباعد بينها والثبات, والذي يجعل من علاقتها بأشكالها علاقة جدلية, يسهم فيها كل طرف في متغيرات قرينه, على مدى الامتداد الزمني لكل أنواع الكتابة إلى النهاية. ولو شئنا, من هذا المنظور, أن نصف كتابة يوسف إدريس منذ أن نشر قصته الأولى التي لفتت الأنظار إليه في جريدة المصري, فإن العنصر الثابت الدائم في هذه الكتابة هو عنصر التجريب المستمر. لقد بدأ بداية واقعية كما قلت, نحا فيها منحى تشيكوفيًا, غير بعيد عن التأثر بالكاتب الروسي أنطون تشيكوف الذي كان طبيبا مثله, ولكن تأثره لم ينته به إلى التقليد, وإنما إلى الموازاة التي تؤكد الإبداع لا الاتِّباع. ولذلك, سرعان ما انتقل إلى محاولة المزج بين المنحى التشيكوفي وصياغة الجمل القصيرة المتدافعة, وذلك في أسلوب أقرب إلى أسلوب هيمنجواي الكتابي, أو ما يوصف بأنه أسلوب جبل الثلج العائم الذي لا يبدو منه على سطح الماء إلا أصغر أجزائه, كالجمل التي تتدافع عارية من الزخرفة اللفظية أو المجازية, حاملة دلالات تتولد عنها دلالات كثيرة, تتزايد كلما أمعنا في تأملها. وانتقل يوسف إدريس من أسلوب جبل الثلج العائم إلى الكتابة الرمزية التي تتعدد فيها الدلالات, ويشف الرمز عن المرموز إليه على نحو لا يخلو من الالتباس, ولكنه الالتباس الذي لا يصل إلى درجة التعمية, وإنما إلى درجة الإفادة من مراحل الدوال المصاحبة لحركة الرمز على امتداد سياق السرد. وكما قاد اتساع الرؤيا إلى ضيق العبارة, في الكتابة الرمزية التي لا تخلو من تأمل إيحاءات (المرتبة المقعرة) أو فحيح أصوات (بيت من لحم), فإن هذه الكتابة انقلبت إلى نوع من التمثيل الكنائي, أو الأليجوريا التي يمكن أن تومئ إلى المعنى المحتبس, أو الدلالة المقموعة, أو الموضوع الذي لا يمكن التصريح به, وذلك على نحو ما فعلته اللغة القصصية المحملة بالرفض السياسي في أعمال من مثل (حمّال الكراسي) أو (العملية الكبرى) أو (الجمل) أو (أكان لا بد يا لي لي أن تضيئي النور) وغيرها. الغوص في طبقات الشعور وما بين المنحى التشيكوفي ومنحى التمثيل الكنائي, ظل الحرص على استبطان مشاعر الأبطال قائما, لا يختلف عن رغبة الكتابة العارمة في الغوص عميقا, داخل طبقات الشعور واللاشعور التي تنطوي عليها الحالات النفسية للشخصية. وبدل وصف الشخصيات من الخارج, والحكاية عنها بمفردات الراوي العارف بكل شيء, كان الميل الغالب هو إنطاق الشخصيات نفسها بما يبين عن أعماقها, أو الغوص في هذه الأعماق ووصفها على نحو دقيق لا يخلو من نزوع تحليلي لا يترك شاردة أو واردة إلا استوعبها كتابة. ولذلك ضاقت المساحة الزمانية المكانية للحدث, في القصة القصيرة, والرواية إلى حد كبير, واتسعت - مقابل ذلك - المساحة المخصصة للزمن الشعوري والتداعيات النفسية للمكان. واتجه السرد في القص اتجاها رأسيا أكثر منه أفقيا, اتجاها يغوص إلى أعماق الشخصية في لحظة الفعل الذي تمارسه في زمن ميقاتي محدود, كاشفا عن أزمانها الشعورية غير المحدودة, وعن دوافعها المركبة غير المنظورة, كما لو كانت أحوال الشخصية النفسية كيانات قابلة للتشريح الذي يبين عن كل شيء, ويسعى إلى تعرف أصل الفعل أو السلوك أو الموقف, في أناة وصبر, وبواسطة تحليل دقيق لتموجات المشاعر في كل تفاصيلها وتقلباتها وتعارضاتها وصراعاتها. والنتيجة هي السرد الذي يغوص رأسيا إلى أبعد نقطة في الشعور, متحركا ما بين نقطة بداية ونقطة نهاية محدودة وقصيرة في زمنها الميقاتي غير محدودة في زمنها الشعوري. ويمكن لقارئ إدريس أن يسترجع المسافة الزمنية القصيرة التي يتحدد بحدودها فعل عميد الكلية, في قصة (حال تلبس) من مجموعة (لغة الآي آي) ابتداء من اللحظة التي رأى فيها طالبة لا تتعدى السابعة عشرة بأي حال, تجلس مسترخية, وتدخن بكل بساطة سيجارة تمتصها بمزاج,وانتهاء باللحظة التي قرر فيها العميد استدعاء الطالبة وعقابها, والمسافة الخارجية بين اللحظتين لا تجاوز الدقائق المعدودة, وقد لا تستغرق دقيقتين, ولكن المسافة الداخلية لرحلة الغوص في الطبقات الشعورية لعميد الكلية طويلة, تجاوز الأيام الى الشهور والأعوام, وتصل ما بين الطفل الذي ولد وتربى في سوهاج, والرجل الذي تثيره طريقة التدخين التي ينطوي وصفها على إيحاءات جنسية, والعميد الممزق فكريا بين الشرق والغرب, ورغبة التحرر وواقع الاستسلام إلى الجمود داخل المثقف العربي بوجه عام, وتصارع ذلك كله بما ينتهي بالعميد إلى قرار العقاب الذي يبدو فوريا, لكنه ناتج عن عشرات التفاصيل الشعورية التي نكتشفها ونحن نمضي بعيدا, وطويلا, مع حركة الغوص السردي رأسيا في عمق اللحظة الزمنية القصيرة. بل بالغة القصر, على مستوى السطح الخارجي لتعاقب الزمن الميقاتي. تحولات أفقية ورأسية ولكن حتى هذه الخاصية المقترنة بالغوص الرأسي للسرد, مراوحة ما بين لغة الراوي العارف بكل شيء, أو لغة البطل المتكلم في نجوى الذات أو تداعيات الشعور, لا تظل ثابتة, أو باقية, وإنما تزاحمها في سياقات, وتزيحها في سياقات مقابلة, خاصيات سردية مغايرة, خاصيات لا تقترن بالغوص السردي رأسيا في طبقات الشعور, بل تغامر في نزوعها التجريبي بمايؤدي إلى ظهور تقنيات جديدة, تقنيات تستبدل بالتعيين التجريد, وبالتخصيص التعميم, والوصف الخارجي بالاستبطان الداخلي, ومن ثم الاستعارة الرمزية الموجزة بالكناية الواقعية المسهبة, وباللغة النثرية التي لا تخلو من العامية, اللغة الشعرية المكثفة. هكذا, يختلف سرد قصة (أرخص ليالي) الخمسينيات عن سرد (لغة الآي آي) في الستينيات, عن سرد (المرتبة المقعرة) في السبعينيات, أو سرد (العتب على النظر) في الثمانينيات. ولا تقع المغايرة على مستوى التعاقب في هذا السياق, كما لو كان الأمر أمر مغايرة لتعاقب تحولات مقترنة بمراحل زمنية متتابعة, وإنما تقع في داخل كل عقد زماني, أو كل مرحلة على حدة, فهي مغايرة أفقية ورأسية في آن. ودليل ذلك أن الكاتب الذي كتب قصة (نظرة) في الخمسينيات هو نفسه الذي كتب قصة (طبلية من السماء و(شيخوخة بدون جنون) في الخمسينيات نفسها. وهو ذاته الذي كتب (فوق حدود العقل) و(أكبر الكبائر) و(مسحوق الهمس) و(النداهة) و(حمال الكراسي) و(حلقات النحاس الناعمة) أو (دستورك يا سيدة) في الستينيات نفسها.وقس على ذلك (المرتبة المقعرة) و(حلاوة الروح و(على ورق سلوفان) و(بيت من لحم) في السبعينيات, أو (يموت الزمار) و(السيجار) و(العتب على النظر) أو(أمه) في الثمانينيات. والدرجة العالية من المغايرة الواقعة بين التقنيات في هذه الأمثلة تشبه التقلب اللافت ما بين الأساليب, خصوصا من حيث الدلالة على الحضور المستمر لمبدأ الفعل التجريبي في كتابة يوسف إدريس القصصية. تجريب في القصة والمسرح ويصعب التمييز في مجال التجريب بين ما فعله إدريس في مجال القصة القصيرة أو مجال المسرح, ففعل التجريب يبسط نفسه على المجالين معا, لا يتمايز في هذا عن ذاك, الأمر الذي يؤكد نزوعا أساسيا عند القاص الذي رفض تقبل أشكال القصة على نحو ما وجدها عليه, والكاتب المسرحي الذي تأبّى على الشكل التقليدي في المسرح واستهل شكلا جديدا, أنتج (الفرافير) و(المهزلة الأرضية) وغيرها من المسرحيات التي لا تزال تجذب إليها الانتباه بحرصها على معنى الاحتفالية والفرجة. و(الفرافير) بنية حوارية, مكتوبة على أساس اشتراك الجمهور والممثلين في إنتاج العمل المسرحي دون حواجز وهمية تفصل بين المشاهدين والمؤدين, وذلك إلى الحد الذي يسقط (الحائط الرابع) الذي يعزل الممثلين عن الجمهور, وينتقل بالجمهور من أحوال التلقي السلبي إلى أفعال التلقي الإيجابي الذي يقترن بالمشاركة الفعالة باعتبارهم وحدة واحدة. وإذا كان على الجمهور أن يسهم في العرض بالتعليق, داخل البنية الحوارية للعرض, على نحو ما يحدث في (السامر) الشعبي, فإن الممثل الذي يلعب دور (الفرفور) ينبغي ألا يندمج في الدور بحيث ينسى جمهوره, بل عليه أن يقسم وعيه بين الدور والموقف والانفعال من ناحية والجمهور من ناحية ثانية, ذلك لأن (الفرفور) لا يمثل وعيه الفردي حين يؤدي (المونولوج) الخاص به, أو ينطق الجمل المكتوبة له في النص. وإنما هو تمثيل لوعي غيره من النماذج المشابهة, وما يفعله أداءً هو اختبار هذا الوعي مع غيره الذين يشبهونه أو يختلفون عنه. وما يقال عن (الفرافير) بوجه خاص يقال عن المسرح كما يتصوره يوسف إدريس بوجه عام, وذلك من حيث صياغة أداء درامي لا يعتمد على مخاطبة الشعور الفردي للكائن وسط الجماعة, وإنما على مخاطبة الشعور الكلي للجماعة المنبعث من بين أفرادها. وذلك هو مصدر الفرق الذي يميز (الفرافير) حتى عن التقاليد الملحمية التي أسسها الكاتب الألماني برتولد بريخت في المسرح العالمي. ولا يعني ذلك أن يوسف إدريس لم يتأثر بتقنيات الكتابة المسرحية عند بريخت, فالثابت أنه تفاعل معها, وتأثر بالكتابات النظرية لبريخت عن الأورجان الجديد الذي تصوره للمسرح. خصائص الفرفور ويتطلب هذا الشكل المسرحي ضرورة وجود درجة عالية المرونة والحيوية والتلقائية عند الممثل, وذلك بما يعينه على الاستجابة الفورية لتقلب أحوال علاقته مع الجمهور, أو تقلب أحوال الجمهور في استجابتهم إليه, فيغدو مستعدا للتعديل الفوري للنص حسب الإشارات الواصلة إليه. هكذا, يتأنى الممثّل (الفرفوري) أو يسرع أو يتوقف, أو حتى يضيف كلمة أو أكثر إلى النص, مرتجلا من حركات الجسد ولغته ما يستجيب على الفور إلى متغيرات المشاهدين أو حتى تعليقاتهم وتدخلاتهم التي هي حقهم في الفعل الحواري للعرض. وإذ يؤكد يوسف إدريس أن لشعبنا طريقته الخاصة في النظر إلى الأشياء, واصلا بين ميراثه الشعبي وعملية تأصيله المسرح, فإنه يؤكد أن على الممثل أن يرى المواقف بعينه وعيون كل الجمهور المحتشد لمشاهدته على السواء, وذلك في أداء يهدف إلى أن يحدث تغييرا كبيرا من طريقة التمثيل نفسها, فلا يصبح الأداء خطابة رصينة مثل مونولوجات جورج أبيض أو يوسف وهبي المشهورة, أو همسًا متهافتا في هشاشته, وإنما جمل حوارية, يمكن أن تكون همسا له وقع الخطب الرنانة التي تتلقفها الأذن كأنها الهمس. وفرفور يوسف إدريس خفيف الدم. واحد من القلة القليلة الدالة في نموذجيتها ونمطيتها على أبطال يوسف إدريس من ناحية, وعلى الشخصية المصرية من ناحية ثانية, فهو شخصية لا يكف لسانها عن (سلخ) الأوضاع والآخرين والأصدقاء ونفسها وكل شيء, مزيج مركب من (أحمد المجلس البلدي) ومن (الشيخ علي) و(البرعي) و(محمد) و(أبو الهول) و(الجندي) في قصص يوسف إدريس القصيرة ورواياته. هذا المزيج الذي تتكون منه شخصية تنتزع الضحك من الآخرين أو البسمة, وتجبرهم على الإنصات إليها, يجتمع في إنسان عادي تماما, ولكنه يختلف عن أقرانه في أن له رأيا في كل شيء, وفي أنه يلح على أن يوصل رأيه, بواسطة السخرية أو التعقيب الماكر, أو النكتة التي تروض الجبابرة, أو الفهلوة التي تجد حلولا عجيبة للمواقف التي قد تبدو مستحيلة. ومهما ضحكنا أو ابتسمنا لسخرية هذا (الفرفور) الذي قابلنا بعض صفاته في قصص يوسف إدريس, قبل أن يقابلنا حضوره الكامل في المسرحية التي حملت اسمه, فإننا لا نستطيع أن ننسى الأثر الذي تحدثه كلماته في النفس, فهي كلمات تهدم وتبني النفوس, وتوخز الأرباب وتسقط عنها الأقنعة الكاذبة, وذلك في الوقت الذي تخلع عنا أردية المَلَق أو النفاق أو الخوف. وما أسرع أن يتحول هذا الفرفور إلى قناع مسرحي, ينطق من خلاله الكاتب الذي يسخر حتى من نفسه, وكأنه انعكاس للفرفور الذي يتبادل معه الصنع, ويحتج معه على الفساد الاجتماعي والسياسي, محاورا المشاهدين الذين هو منهم والذين هم إياه بأكثر من معنى, صارخا فيهم بعباراته الكاشفة, قبيل إغلاق الستار: (شوفو لنا حل, حل يا ناس, حل يا هوه.. لازم فيه حل.. لا بد فيه حل.. مش عشاني أنا.. عشانكم أنتم). وهي عبارات تكشف عن الصوت المختفي وراء قناع (الفرفور) والذي اختفى وراء قناع آخر في (المخططين) ليصرخ في كل من حوله من المشاهدين, مؤكدا وجه اختلاف حتى في دائرة مشابهته, قائلا: (أنا كافر بخطوطكم وأبيضكم وأسودكم, أنا العالم بتاعي, العالم اللي بيناديني وبحلم بيه عالم تاني خالص. أنا لا يمكن أن أخدع نفسي, وأضحك عليها. لا يمكن أخدع الناس اللي برا دول وأكدب عليهم). وتلك عبارات دالة على مغزاها السياسي والاجتماعي في الوقت نفسه. وتحدد نوعية قائلها أو كاتبها, خصوصا من حيث هوية كتابته التي لا يمكن أن تخدع الناس أو تكذب عليهم, بل تبشرهم بعالم آخر يُجاوز عالمهم المنحدر, وتدفعهم إليه دفعا يصل إلى درجة التحريض. وحين تؤكد هذه العبارات حضورها التصوري والتقني, في تجاوب الموقف والأداة, فإنها تؤكد أن تغيير حياة الناس وتثويرها لا يمكن أن يتم إلا بتغيير علاقات إنتاج الفن الذي يخاطبهم وتثويرها. ومن هذا المنظور, كان تأصيل الكتابة الجديدة في القصة والمسرح, والبحث الدائم عن هوية متميزة لها, سواء في علاقتها بواقعها الذي تنقض تخلفه أو علاقتها بالآخر الذي ترفض تقليده أو اتِّباعه. قالبنا المسرحي وكما كانت قصص يوسف إدريس بداية لعهد جديد من الكتابة, ترك علاماته في الأجيال التي جاءت بعده, وبرزت هذه العلامات ابتداء من الستينيات, متناثرة في كتابات أبناء الجيل الذي تمثَّل كتابة يوسف إدريس وأعاد إنتاج تقنياتها في أشكال عديدة تومئ إلى أصلها, مؤكدة دين كتاب الستينيات للآفاق التي رادها يوسف إدريس, والأساليب التي ابتدعها, والتقاليد الموجبة التي أسسها, فإن مسرحياته كان لها الأثر نفسه, كما كان للبيانات النظرية التي كتبها, والتي سبقت مسرحياته أو واكبتها أثر على الأجيال اللاحقة بل على الجيل السابق عليه. ولذلك, كان تأصيل يوسف إدريس لفن المسرح, إذا شئنا التخصيص, افتتاحا لبداية جديدة في تأصيل المسرح العربي كله. ودليل ذلك أنه بعد ظهور مقالاته في مجلة (الكاتب) بعنوان (نحو مسرح مصري) بأعوام قليلة, أصدر توفيق الحكيم كتابه (قالبنا المسرحي) عام 1967 ليصل بالأطروحة التي بدأها يوسف إدريس إلى مداها الطبيعي, ويطرح على نفسه السؤال: هل يمكن أن نخرج عن نطاق القالب العالمي أو نستحدث لنا قالبا وشكلا مسرحيا مستخرجا من داخل أرضنا وباطن تراثنا? ويؤكد الحكيم أن الأمر ممكن بالعودة إلى التراث, وتطوير الوظيفة التي كان السابقون يقدمون بها الحكواتي والمقلداتي. وإذا كان يوسف إدريس قد دعا إلى الإفادة من مسرح السامر الشعبي فإن الحكيم يدعو إلى تجاوز مسرح السامر إلى ما هو أوسع منه, ولكن الأكثر أهمية عند الحكيم أن يكون القالب المسرحي العربي قابلا لأن يكون وعاء يحتوي غيره. يقصد إلى أن الشرط الأساسي للقالب العربي هو أن يستطيع الأوربيون, بدورهم, هم وغيرهم من مؤلفي العالم, أن يصبوا في هذا القالب أفكارهم وموضوعاتهم, شريطة المحافظة على أساس فلسفة هذا القالب التي تختلف عن فلسفة القالب الأوربي, وهي أنه يقوم على فكرة (التقليد) وليس على فكرة (التمثيل) و(التقليد) هو الأداء (الفرفوري) الذي يقوم به (الحكواتي) من وجهة نظر توفيق الحكيم. أما (التمثيل) فهو الأداء الذي يقوم على المحاكاة في أصولها الأرسطية وقواعدها التي تجعل من العمل الدرامي موازاة مستقلة للواقع المنفصل عنها, والذي تسعى هي إلى التباعد عنه لمعرفته عبر حائط وهمي يفصلها عن جمهوره. وبعد الحكيم بعام واحد, مضى على الراعي بأطروحة يوسف إدريس إلى أفق مغاير في دراسته لدور (الكوميديا المرتجلة في المسرح المصري). وكان ذلك في كتاب الهلال الذي صدر عام 1968, حيث يشير الراعي إلى المحاولات المواكبة, والموازية, التي حملت الدعوة نفسها في الوطن العربي كله. وكان صدور كتاب الراعي علامة على تحقق الهدف من التأصيل الذي صاغه يوسف إدريس, واختبره تجريبيا في مسرحه, فدفع الآخرين إلى الحوار مع تأصيله النظري وتأصيله التجريبي, والبدء منه إلى ما يمكن أن يفضي إليه من نتائج موازية نموزج من القصة القصيرة المرتبه المقعره في ليلة (الدخلة)، و(المرتبة) جديدة وعالية ومنفوشة ، رقد فوقها بجسده الفارع الضخم ، واستراح إلى نعومتها وفخامتها، وقال لزوجته التي كانت واقفة إذ ذاك بجوار النافذة : -أنظري ...هل تغيرت الدنيا؟ ونظرت الزوجة من النافذة ، ثم قالت: -لا .. لم تتغير.. -فلأنم يوماً إذن.. ونام أسبوعاً ، وحين صحا، كان جسده قد غور قليلاً في المرتبة.. فرمق زوجته وقال: -أنظري ... هل تغيرت الدنيا؟ فنظرت الزوجة من النافذة ، ثم قالت: -لا ..لم تتغير .. -فلأنم أسبوعاً إذن.. ونام عاماً، وحين صحا، كانت الحفرة التي حفرها جسده في المرتبة قد عمقت أكثر، فقال لزوجته: -أنظري...هل تغيرت الدنيا؟ فنظرت الزوجة من النافذة، ثم قالت: -لا ..لم تتغير.. -فلأنم شهراً إذن.. ونام خمس سنوات، وحين صحا، كان جسده قد غور في المرتبة أكثر، وقال كالعادة لزوجته: -أنظري...هل تغيرت الدنيا؟ فنظرت الزوجة من النافذة ، ثم قالت: -لا ..لم تتغير.. -فلأنم عاماً إذن.. ونام عشرة أعوام، كانت المرتبة قد صنعت لجسده أخدوداً عميقاً ، وكان قد مات وسحبوا الملاءة فوقه فاستوى سطحها بلا أي إنبعاج، وحملوه بالمرتبة التي تحولت إلى لحد وألقوه من النافذة إلى أرض الشارع الصلبة.. حينذاك وبعد أن شاهدت سقوط المرتبة اللحد حتى مستقرها الأخير، نظرت الزوجة من النافذة وأدارت بصرها في الفضاء وقالت: -يا إلهي...لقد تغيرت الدنيا اعداد
نشرت فى 5 أغسطس 2013
بواسطة ebrahime
ابحث
عدد زيارات الموقع
255,182