محمد عبد السلام - منسق برلمان دمياط - باحث دكتوراه في الانتخابات

<!--

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} </style> <![endif]-->

المناضلة ... لطيفة الزيات

المولد والنشأة :

     ولدت لطيفة الزيات في الثامن من أغسطس سنة‏1923 أي بعد أربع سنوات من ثورة 1919,‏ وحصلت على درجة الليسانس في الآداب قسم اللغة الانجليزية بجامعة القاهرة سنة‏1946‏ ثم الدكتوراه من الجامعة نفسها سنة‏1957.

توفي والدها عام 1953م ، وهي في الثانية عشرة من عمرها. وتميزت بالقدرة الفائقة على مكاشفة النفس والتعبيرات عن الذات. واحتفظت برؤيتها كمناضلة مصرية وليس كمجرد أنثى حتى في فترات خطبتها وزواجها. تعلقت بالماركسية وهي طالبة بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول وعلى حد قولها: "كان تعلقي بالماركسية انفعاليا عاطفيا" ، أي أنها اعتنقت الماركسية وجدانيا ومع هذا كان أول مشروع زواج لها مع "عبد الحميد عبد الغني" الذي اشتهر باسم "عبد الحميد الكاتب". ولم يكن ماركسيا تحت أي ظرف من الظروف ، بل كان يمضي جزءا كبيرا من نهاره وليله في أحد المساجد ، ويحفظ التاريخ الإسلامي بدرجة جيدة. وارتبط الاثنان بخاتم الخطوبة. ولم يقدر لهذا المشروع أن يتم ولكن "لطيفة" بثقافتها وشخصيتها وجمالها تركت آثارها على نفسية "عبد الحميد الكاتب" ، وقد سجل هو بنفسه هذه الانفعالات في مقال باكر له في الصفحة الأخيرة من جريدة (أخبار اليوم) تحت عنوان "خاتم الخطوبة "

    ثم دخلت تجربة ثانية أكثر ملائمة لفكرها وطبيعتها ، فارتبطت بالزواج بأحمد شكري سالم .. الدكتور في العلوم فيما بعد ، وهو أول شيوعي يحكم عليه بالسجن سبع سنوات ، وتم اعتقال أحمد ولطيفة عام 1949 تحت ذمة القضية الشيوعية.     وانفصلا بالطلاق بعد الحكم علي "شكري" وخروجها من القضية ، وكان محاميها مصطفى مرعي.

     وتأتي قمة التناقض بين اليسار واليمين بزواجها من "الدكتور رشاد رشدي" يميني المنشأ والفكر والسلوك. ولم تترد لطيفة الزيات أن تقول لمعارضي هذا الزواج: "إنه أول رجل يوقظ الأنثى في" ، وعندما اشتدوا عليها باللوم قالت: "الجنس أسقط الإمبراطورية الرومانية". والتجارب الثلاث جزء مهم من تاريخ "لطيفة الزيات" وحياتها وشخصيتها .    

الحياة العملية :

     تدرجت لطيفة الزيات في الوظائف الجامعية ونالت الأستاذية سنة‏1972,‏ ثم تولت رئاسة قسم اللغة الانجليزية وآدابها بكلية البنات جامعة عين شمس لفترة طويلة‏,‏ كما رأست قسم النقد والأدب المسرحي بمعهد الفنون المسرحية‏.‏ وأصبحت مديرة أكاديمية الفنون في السبعينيات‏ .

     شاركت لطيفة الزيات في ثورة الطلبة والعمال‏,‏ وانتخبت‏,‏ وهي مازالت طالبة‏,‏ سكرتيرا عاما للجنة الوطنية للطلبة والعمال سنة‏1946,‏ وهي اللجنة التي قادت كفاح الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني ولعبت لطيفة الزيات دورا مهما في الحياة الثقافية والسياسية المصرية .

     رأست لجنة الدفاع عن الثقافة القومية التي ساهمت في تأسيسها عام‏1979,‏ كانت عضوا في مجلس السلام العالمي‏,‏ وأول مجلس لاتحاد الكتاب المصريين‏,‏ ولجنة التفرغ و القصة بالمجلس الأعلى للفنون‏.‏ تولت تحرير الملحق الأدبي لمجلة الطليعة الصادرة عن الأهرام‏ .وقد حصلت على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة‏1996 .

السياسة والرجال :

     في مناخ (اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال) ظهر النشاط السياسي للطيفة الزيات. وكانت قد انضمت لهذه اللجنة بعد أن انضمت إليها "ثريا أدهم" ، ويبدو أن انضمام "لطيفة" للجنة مكان "سعد زهران" كان بدافع الصراع بين الجماعات اليسارية المختلفة. وفي كل المراحل التي مرت بها "لطيفة الزيات" سياسيا وفكريا صاحبتها تجاربها العاطفية.

     وكان لكل تجربة وضع خاص: لطيفة الزيات  الماركسية عضو اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال والتي اقتحمت المظاهرات وظهرت مواهبها الخطابية. ونشأت العلاقة مع "عبد الحميد عبد الغني" والطريف أنه نموذجا مختلفا عن نموذج لطيفة.

     عبد الحميد عبد الغني في مرحلة التعليم الثانوي بمدرسة المنيا الثانوية كان زميلا للويس عوض (الدكتور لويس عوض فيما بعد) ، وكان "لويس عوض" و"عبد الحميد عبد الغني" يكتبان في جريدة محلية بالمنيا ، "لويس" يوقع مقالاته ب"العقاد الصغير" إذ نشأ معجبا بعباس محمود العقاد كاتب الوفد الجبار ، وتأثر "لويس" بوالده "حنا خليفة عوض" الوفدي والمحب لسعد زغلول باشا. وكان "عبد الحميد" يكتب بتوقيع "عبد الحميد الكاتب" وهو الاسم الذي ظل يستخدمه فيما بعد ذلك.

     كان "عبد الحميد عبد الغني" دبلوماسيا وعلى صلة بمنظمات الأمم المتحدة وكان أمامه مستقبل مشرق. وارتبط "عبد الحميد" بالخطبة مع "لطيفة" ، وكانت هي ماركسية متحمسة ولها جاذبية في الحديث والشكل ، ولكن "عبد الحميد" كانت له طبيعة مختلفة .. الدين في وجدانه ، والسلوك الديني طلع به ، يصلي الفروض المختلفة ملازم لمسجد السيدة زينب أو مسجد السيدة نفيسة ، وقد كتب "مصطفى أمين" أن "عبد الحميد عبد الغني" ضاعت منه فرصة اختياره وزيرا للخارجية ، إذ أنه كان وقت ذاك ملازما لأحد المساجد نهار وليلا ، فتم اختيار شخصا آخر للوزارة لصعوبة الاتصال به.

     وعندما كان "عبد الحميد الكاتب" رئيسا لتحرير جريدة أخبار اليوم قال عن قصته التي نشرها في فترة سابقة بعنوان (خاتم الخطبة) أن بطلة القصة الحقيقية هي "لطيفة الزيات". وعن سبب عدم إتمام الزواج، قال: افترقنا .. لأنها لم تستجب لتخفيف ميولها الماركسية ، ولم يستجب هو لتخفيف سلوكه المخالف للماركسية.

     علاقتها الأخرى مع أحمد شكري سالم كان من رعيل المثقفين الماركسيين الذين تركوا بصماتهم على الساحة الفكرية والثقافية المصرية، مثل شهدي عطية الشافعي، د. عبد المعبود الجبيلي، د. أنور إسكندر عبد الملك، محمد سيد أحمد. وكان من أوائل الشيوعيين المصريين في الفترة الحديثة. وصدر الحكم عليه بالسجن 7 سنوات (1949-1956) تزوج "لطيف الزيات" قبل أن يقبض عليه ، وطلقها بعد أن حكم عليه. وداخل السجن خفف من ارتباطه التنظيمي بمجمـوعته اليسـارية ، ولكنه لم يخفـف من تعلقه بلطـيفة .. وكان يقول كلما جاء ذكرها " دي لطيفة "!!.

     زواجها من "الدكتور رشاد رشدي" الكاتب المسرحي والأستاذ الجامعي والذي أصبح مستشارا ثقافيا للرئيس أنور السادات .. هذا الزواج أصابها بالتمزق بين أنوثتها التي فجرها "الدكتور رشاد" ، وبين حرصها على أن تبقى ماركسية حتى ولو كانت (ماركسية مسخسخة) حسب وصف "الدكتـور لويس عـوض" لها في كتابه "دليل الرجل الذكي"

     وهي لا تنكر ولا أحد ينكر أن زواجها من "الدكتور رشاد رشدي" كان خيرا وبركة وفترة ازدهار لها في الدراسة وفي العمل وفي العلاقات الزوجية. والمؤكد أن هذا الزواج جر عليها النقد الحاد القاسي من رفاقها القدامى الذين كان يؤلمهم زواج اليسار باليمين. ولقد حرصت هي على أن تحتفظ بصورتها الماركسية ولو للذكرى والتاريخ ..

الفتاة المصرية المستقلة :

     تاريخ "لطيفة الزيات" زاخر بمواقفها الوطنية وبسلوكها الواثق المستقل كان لها وجهة نظر مستقلة في الزواج. فقد رفضت أسلوب الزواج التقليدي عن طريق الخاطبة أو عن طريق صديقات الأسرة. كانت دائما تتحدث عن مظاهرات الطالبات ضد الاحتلال. وشاركت في كثير من مظاهرات الطلبة والطالبات.

     وكان للطيفة الزيات مواقف نضالية لا حصر لها، فقد كانت تحرك الطلبة المصريين ضد الاحتلال البريطاني وحكم الملك فاروق 1946، ودخلت الأديبة الكبيرة السجن مرتين: مرة وهي عروس في السادسة والعشرين من عمرها، والمرة الثانية وهي في الثامنة والخمسين من عمرها عام 1981، إثر حملة الاعتقالات التي ضمت الكتاب والصحفيين المعارضين لحكم السادات، فلقد قامت الدكتورة لطيفة الزيات عام 1979، بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل بتأسيس اللجنة الوطنية للدفاع عن الثقافة القومية التي شكلت جبهة رئيسية في مواجهة التطبيع مع إسرائيل، ويوم الإفراج عن السجينات السياسيات، أسرع مدير السجن إلي الدكتورة لطيفة الزيات يقبل يدها وجبهتها وهو يقول:

 إذا كانت هناك امرأة عربية تستحق أن تقبل يدها وجبهتها في هذا الوطن فهي الدكتورة لطيفة الزيات، ونتمنى ألا تنزلي ضيفة علينا مرة أخرى، فقاطعته قائلة: لو امتد بي العمر عشرين عاما أخرى وحدث ما يستحق أن أتصدى له لن أتردد لحظة، وحينئذ قد تجدني ضيفة عليكم مرة أخرى.

أعمالها :

     تتسم أعمال "لطيفة الزيات" القصصية والروائية بمعرفة صحيحة بالحياة ، وبالتكوين النفسي للنماذج الإنسانية وبالمتناقضات الاجتماعية التي تتحرك في إطارها وتتفاعل معها.

     من أشهر أعمالها: رواية الباب المفتوح عام 1960، والتي تحولت إلى فيلم سينمائي يحمل الاسم نفسه، قامت ببطولته: فاتن حمامة وصالح سليم وحسن يوسف وأخرجه هنري بركات، ومن إنتاجها الأدبي المتميز كتاب حملة تفتيش، أوراق شخصية، سيرة ذاتية صدر عام 1992، وصاحب البيت رواية عام 1994، والرجل الذي عرف تهمته كذلك صورة المرأة في القصص والروايات العربية، دراسة نقدية 1989.

رواية الباب المفتوح :

     كانت رواية الباب المفتوح التي صدرت عام 1960علامة فارقة في كتابة المرأة العربية لا لتماسك بنائها وحيوية شخصياتها فحسب، بل لأن الكاتبة أخرجت المرأة من الهامش الاجتماعي الذي زُجّت فيه في الحياة والكتابة معا، ودفعت بها وبحكايتها إلى مركز الحدث التاريخي.

     كانت الرواية العربية في مصر منذ نشأتها على يد المويلحي وتطورها على يد توفيق الحكيم ومن بعده نجيب محفوظ مسكونة بهاجس التأريخ، وكأنما مشروع الروائي مهما تعددت مواضيعه هو في أساسه مشروع تأريخي لحكاية الجماعة التي ينتمي إليها، وسعيها إلى التحرر والنهضة. ولم تكن لطيفة الزيات في روايتها تربط بين تحرر المرأة وتحرر الوطن فقط ولكن أيضا وهذا هو الأهم، كانت تقدم نصاً أنتجته امرأة يدخل في مجرى الرواية العربية بالتعبير عن أكثر همومها إلحاحاً، ويرفد هذا المجرى برؤية للتحرر الوطني والاجتماعي مركزها امرأة.

     رواية "الباب المفتوح" للكاتبة لطيفة الزيات والصادرة عام 1960 هي البداية الفعلية التي فتحت الطريق أمام الرواية الواقعية للكاتبات المصريات. وتعتبر لطيفة الزيات أحد أهم رواد التيار الواقعي في الرواية المصرية في الخمسينات من القرن العشرين. تعكس الرواية الفترة من 1946 إلى 1956 ومقاومة الشعب المصري للاستعمار الإنجليزي ومعركة بورسعيد، وتؤكد على أهمية الالتحام الشعبي والترابط بين كافة أفراد الشعب المصري في سبيل الدفاع عن الوطن.

      وقد غطت الرواية فترة هامة في تاريخ مصر الحديث، وتخطت الاهتمام بالقضايا السياسية إلى الاهتمام أيضا بالقضايا الاجتماعية آنذاك والتي تمثلت في التأكيد على أهمية مشاركة المرأة مع الرجل في الدفاع عن مصر وأن تخرج المرأة من عزلتها ومن داخل الأسوار التي فرضتها عليها الأعراف والتقاليد.

     اهتمت الكاتبة بالربط بين القضايا السياسية والاجتماعية، بل والثقافية والتأكيد على دور المثقفين في التعبير عن الموقف العام للوطن. فالقضية في نظر لطيفة الزيات أكبر من كونها سياسية، فهي تتعداها لتكون قضية عامة تشمل مختلف جوانب المجتمع المصري آنذاك. وتصل الكاتبة من خلال مسيرة بطلتها، ليلى، في نهاية العمل إلى حدث المظاهرة في بورسعيد والذي يؤكد فكرة الالتحام والترابط بين كافة أفراد الشعب المصري من رجال ونساء، مثقفين وعمال، شيوخ وشباب من أجل الدفاع عن الوطن.

وفاتها :

ظلت تناضل حتى رحلت في 11 سبتمبر سنة 1996 عن عمر يناهز 73 عاما بعد أن أصابها سرطان الرئة. وأصابتها الدنيا بحرمانها في سنواتها الأخيرة من الزوج والولد أو البنت

 المصدر : كتاب اعلام ومشاهير دمياط - تأليف محمد عبد السلام منسق برلمان دمياط - باحث دكتوراه في الاداب 

المصدر: المصدر : كتاب اعلام ومشاهير دمياط - تأليف محمد عبد السلام منسق برلمان دمياط - باحث دكتوراه في الاداب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 251 مشاهدة
نشرت فى 29 أكتوبر 2013 بواسطة ebnmasr

ساحة النقاش

محمد عبد السلام - معد ومقدم برامج تلفزيونية

ebnmasr
محمد عبد السلام - معد ومقدم برامج تلفزيونية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

27,150