موقع مزيف احذر الدخول فيه

موقع مزيف احذر الدخول

ملخص:
التداولية آخر ما أنتجته اللسانيات الحديثة، وهي تنظر إلى اللغة بعدّها جهازا نفعيا يحقق الوظيفة التواصلية استنادا إلى عناصر متشابكة من بنية النص ومن خارجها...
والشعر انطلاق وتخييل، ولغة ثانية، ومعنى فَلوت...

- فهل يمكن الحديث عن التداولية في الشعر؟

- أليست منهجا نابعا من الفلسفة الذرائعية التي تحيل كل شيء إلى الفعل والمنفعة، وبذلك فهي أليق بالكلام العادي وتحليل أنماط التوصل اليومي للأفراد؟

- وإذا كان الشعر في لغته ومقاصده تعاليا عن المألوف، وخرقا للمتداول، فكيف تجد التداولية ضالتها في مثل هذه النصوص؟
- ألا يمكن الدفاع عن الشعر "فنّا" .. أمام التداولية " فلسفةً أو منهجا"؟
- ألا يمكن إبعادها عن دراسة الشعر بصفة خاصة، والشعر الجيّد بصفة أخصّ؟
- أيمكن أن نقارب بين مبدأ التعاون في اللغة -وهو مبدأ تداولي- وما يتفرع عنه من قواعد الخطاب، وبين الشعر وأبعاده؟

تلك هي الأسئلة التي ستجوبها المداخلة... والتي ستخلص في نهايتها إلى إيجاد مقاربة ضرورية بين التداولية والشعر؛ عنوانها: أنّ على القارئ أيضا أن يكون براغماتيّا، ويجد شيئا يعنيه في النص الشعري...

*****
1- التداولية؛ في المجال المفهومي..
2- الشعر؛ في المجال المفهومي..
3- التداولية والشعر؛ مقاربة مفاهيمية..

1- التداولية؛ في المجال المفهومي..

1- أ- لسانيات ما بعد البنيوية:

ينبغي الإشارة قبل الحديث عن المجال المفهومي للتداولية إلى أن المتتبع لدراسة اللغة عموما، يجدها ناشئة غالبا في الحقل الفلسفي أو الحقل الديني، على اختلاف توجهاته ومشاربه، وتلك كانت ميزة الدرس اللغوي قبل دي سوسير؛ حيث نشأت البحوث اللغوية ضمن القضايا الفلسفية أو الدينية. ولم تكن اللغة حينها بمعزل عن الفلسفة، ولكن اجتهاد دي سوسير في محاضراته وإلحاحه على المادة المستقلة للغة عن الفلسفة بغية تأسيس علم مستقل يدرسها (اللسانيات)، جعل البحث اللغوي عموما يبتعد عن الحقل الفلسفي، ليخلص إلى بناه وتراكيبه، وخصائصه.

وبعد مسيرة الاتجاهات البنيوية المختلفة وما بعدها، وربما خلالها، تعود اللسانيات في منتصف القرن العشرين لتستند إلى الدرس الفلسفي ومقولاته، وصار للفلسفة الحديثة أكثر من اتصال باللغة، مما جعلها أحد المصادر الهامة لتطورات اللسانيات الحديثة.

وتُذكر في هذا السياق بحوث (روسل) و(فيتغنشتاين) في اللغة المثالية، ثم في اللغة العادية (1) ويرى (فيتغنشتاين) أن اللغة لعبة كسائر اللعب، مستندا في ذلك إلى تشبيه دي سوسير اللغة بلعبة الشطرنج، ومخالفا له في بعض متعلقات اللعب. والكلمات لا تحمل معنى واحدا، ولا تخضع إلى استخدام واحد، هي تماما مثلُ أدوات صندوق النجار؛ حيث تستخدم كل أداة في وظائف متعددة، وليس لكل منها وظيفة محددة لديه. وتُلخص اتجاهات فلسفة اللغة عموما في (2):

- إيضاح القواعد النحوية وأصول اللغات الطبيعية، أو ما يعرف بـ(الفلسفة التحليلية) وتمثلها أعمال فريج، هوسرل، روسل، فيتغنشتاين،...
- دراسة أفعال الكلام، نحو أعمال: أوستين، سورل.
- التحليل المنطقي للغة واستبعاد الميتافيزياء، أو ما يعرف بـ(الوضعية المنطقية)، وتمثلها أعمال (رودولف كارناب).
- البنيوية الفلسفية التي تنطلق من البنيوية اللسانية، ولكنها تضيف إليها الاهتمام بالواقع. وهو اهتمام فلسفي لا لساني.
- التيار التأويلي الذي يوسع المدلول إلى أبعد الحدود، نحو أعمال: ديتلي، كيمو، هيدغر، غادامير،...

ومن أهم تأثيرات بحوثها في الدرس اللساني السوسيري أن العلاقة بين الدال والمدلول التي شرحها سوسير، وأوضح أنها اعتباطية، أصبحت علاقة بين الدال وبين بعض تأثيرات بيانه. وقيمة العلامة تصبح قيمة جدالية على الأقل، لا قيمة مستقلة ثابتة، نحو مثال سوسير في تشبيه اللغة بلعبة الشطرنج، فالبيدق - وإن كان لا يحمل قيمته في ذاته- فإن قيمته لا تتحدد، وخطورته لا تبدو، إلا من خلال حركته. وكذلك تتّصف قيم العلامات بالجدلية.(3)

ومن البحوث اللسانية التي أسهمت بوضوح في بروز الدرس التداولي اللسانيات الوظيفية التي تعود إلى جملة بحوث وأعمال لسانية لم تستقر في فترة معينة، ولا عند دارس معين؛ ابتداء من أعمال البراغيين في علم الأصوات الوظيفي وما قدمه ياكبسون في مخطط الاتصال.

إضافة إلى ما قدمته المدرسة النسقية بلندن؛ حيث تعد اللغة ظاهرة بشرية متكاملة، ودراستها في مستوياتها الجزئية الصوتية والصرفية النحوية والدلالية تفقدها طابعها التواصلي الذي يميزها. لذلك دعت إلى عدم إغفال أبعادها الثقافية والاجتماعية والنفسية، وطورت في هذا المجال مفهوم "سياق الحال" الذي يدرس اللغة في سياقها المادي والمعنوي، لأنها ظاهرة سيميائية واجتماعية، وينبغي تفسيرها انطلاقا من هذه المبادئ.

ومن ثمرات الدراسات الوظيفية في السبعينيات النحو الوظيفي، الذي يُعنى بوظيفة اللغة الأساسية (التواصل)، وموضوع اللسانيات في نظره هو وصف القدرة التواصلية لدى المتكلم والسامع، مما جعل بعضهم يعدّه نظرية في التركيب والدلالة من وجهة نظر تداولية. وتُقَدّم في هذا المجال بحوث سيمون ديك وأحمد المتوكل.(4) ومما تتناوله الدراسة الوظيفية للجملة، الاهتمام بدراسة الوحدات اللغوية داخل الخطاب، إلى جانب دراسة المحتوى غير اللغوي، الاعتداد بالسياق اللغوي وموقف المتكلم من الخطاب ذاته ومن السامع.

ويُذكر إلى جانب الدراسات الوظيفة، اللسانيات النصّية التي تعدّ اللغة خطابا وهو كل كلام تجاوز الجملة الواحدة سواء أكان مكتوبا أم ملفوظا(5). وتحفل أثناء التحليل اللغوي بالدلالات غير الملفوظة، وهي مدرَكة لدى السامع والمتكلم أثناء الحديث، دون علامة معلنة واضحة (6)، نحو: ألا تسلم على الضيف؟ دعوة إلى التسليم، وليست سؤالا. واجتهدتْ كثيرا في أن تَنْسِب إلى النص خاصية الفعل الكلامي، وهي وصف الشروط التي ينجز في النص؛ بعَدِّه إنجازا لغويا.

ومن الإسهامات أيضا مبادئ (جرايس) للمحادثة، ونظرية أفعال الكلام، والسيمياء... وغيرها؛ فهي وريث لكثير من المقترحات، نحو: البنيوية، الشعرية، الوظيفية، دراسات المعنى...؛ حيث أمكنها تجاوز الحدود والانغلاق الشكلـي.

كما ينبغي التنويه بمكتسبات أخرى، نحو: أبحاث اللسانيات الاجتماعية (أعمال لابوف) في التعبير الشفوي، و(قوفمان) في طقوس المحادثة العادية،... واللسانيات النفسية (7). وهي محسوبة أيضا على الاتجاه الاتصالي والوظيفي في اللغة، وأحد مجالات الاتجاه التداولي العام في دراسة اللغة، إلى جانب اللسانيات الاجتماعية واللسانيات النفسية.

وتدعو إلى تجاوز الاعتداد بالجملة على أنها الوحدة الأساسية في علم اللغة، وتوسيع مجال القواعد؛ حيث إن الجمل في ذاتها بحاجة إلى عناصر من خارجها للإيضاح والإبلاغ. وتصبح حينها النصوص هي الوحدات الأساسية للتحليل، بوصفها الموضوع الحقيقي والكامل للاتصال اللغوي (8). وليس الكلام إلا نصوصا (أو لغة ذات قيمة نصية) تبتدّى أثناء الاتصال. ومن أهم ما تتجه إليه منذ نشأة نماذجها في مطلع السبعينيات تحديدُ كيفية عمل النصوص في سياق الحياة العملية.

أما اللسانيات التداولية فهي امتداد لما أرساه (بيرس) في القرن التاسع عشر، حين صاغه بـ pragmaticism عام 1905، ثم عدّل مفاهيمه (وليم جيمس). وقوامه أن قيمة الأفكار المجردة تقاس بمدى انطباقها على الواقع وصياغتها عمليا. ثم سرعان ما صارت هذه السّمة مميزة للثقــافة الأمريكية الحديثة بشكل عام (9)، وهي تسمح بالنظر إلى عالم يموج بالحياة والنشاط، بعيدا عن العالم المصطنع الذي يتخيله الفيلسوف المثالي.

ولئن كانت لا تعترف إلا بمادّية الفعل وواقعيته، فالثقافة العربية تؤيد ذلك، لكنها لا تعزو كل شيء إلى انطباقه عمليا، مما يعكس الجانب الروحي للثقافة العربية وما يرتبط بها. ولفهم حقيقة اللغة، يدعو هذا الاتجاه إلى الاهتمام بما أهملته اللسانيات في الجانب الاتصالي، لا سيما دراسة علاقة اللغة بمستخدميها؛ حيث لا يمكن أن تبقى محصورة في علمي النحو والمعاني، والإلمام بكل العناصر الفاعلة في عملية الإبلاغ.

ولذلك "يمكن فهم التحول البراغماتي في علم اللغة، على أنّه انعكاس لحاجات مجتمعية متغيرّة، مهمّته اجتماعية بوجه عام."(10).

1- ب - في المرجعيات الفكرية والثقافية للتداولية:

يلخص (أحمد المتوكل) مجموع جهود النظريات اللغوية في القرن العشرين في اتجاهين(11):

الأول: نظريات لسانية صورية، تُعنى بدراسة اللغة الطبيعية، وتعدّها "أنساقا مجردة: يمكن وصفها بمعزل عن وظيفتها التواصلية"(12)، وتناولتْها تناولا صوريا صرفا على مستوى التركيب أو على مستوى الدلالة.

الثاني: نظريات لسانية وظيفية، تتجاوز ذلك إلى الاهتمام بظروف الاستعمال، وتقوم على مبدإ أن "اللغات الطبيعية بنيات تحدِّد خصائصَها (جزئيا على الأقل) ظروفُ استعمالها في إطار وظيفتها الأساسية؛ وظيفة التواصل"(13). هي -إذا- تجعل ظروف الاستعمال مسؤولةً على تحديد طبيعة البنية وتشكيلها؛ حيث لا تصلح هذه البنية إلا لهذا الاستعمال، وعكس ذلك صحيح. ومن نماذج هذه النظريات: التداولية أو ما يعرف بـ "البراغمانتاكس" (14) التي سنعرض لها فيما بعدُ.

ويستند التفكير التداولي إلى عدة مصادر، ذكرها الباحثون، وهي موزعة بين الفلسفة والمنطق، وبعض نظريات اللسانيات الحديثة؛ نذكر منها (15):

1-الفلسفة اللغوية: تشمل بحوثَ رواد فلسفة اللغة الطبيعية والفلسفة التحليلية، مقابل مدرسة اللغة الشكلية، وتقوم على دراسة كيفية توصيل معنى اللغة الإنسانية الطبيعية من خلال الإبداع. وتلك هي المنابع التي نشأت فيها التداولية في الواقع، من خلال باحثي الفلسفة التحليلية، نحو: (فريج) و(روسل) وفيتغنشتاين،... وجملة ما قدموه في هذا المجال دراستُهم للجوانب الدلالية والجوانب التداولية للغات الطبيعية، وتجاوزوا الفكرة القائلة بأن المشكل الفلسفي يكمن في اللغة ذاتها، إلى تحديده في الاستخدام السليم للغة، ولذلك تجدهم "يلحّون على وصف اللغة في استعمالاتها دون تجريدها من تداولها العادي.." (16)، وحصروا المعنى في "الاستعمال".

ثم أوستين فيما بعد، من خلال محاضراته التي قدمها بجامعة هارفارد في 1955 في فلسفة اللغة، ونُشرت في 1962 بعد وفاته، بعنوان: "كيف ننجز أفعالا بالألفاظ؟"، ومما ورد فيه أنه ساوى بين بنية اللغة وبنية الفكر، وجعلهما شيئا واحدا. واللغة في مفهومه تتجاوز وظيفة الاتصال إلى وظيفة التأثير، وتغيير السلوك الإنساني من خلال مواقف كلية(17).

وكل قول ملفوظ في نظره عمل. وميّز بين نوعين من الملفوظات؛ الملفوظات الثابتة، التقريرية (constatifs) والتي تمثل حالات أشياء، وهي قابلة لأن تكون حقيقية أو خاطئة. والملفوظات الإنجازية (performatifs)* ،وترتبــط بشروط تحقيقها، التي تحملها حال النطق بها، وبمساعدة بعض الشروط الظرفية الأخرى، نحو: أعلن عن افتتاح الجلسة(18). وبذلك فهو يعارض مبدأ الصدق والكذب الذي يحكم الجملة عموما، لدى المناطقة.

أما بيرس فيَدينُ له الدّرس التداولي كثيرا، وهو من الأوائل الذين اهتموا بدراسة العلامة انطلاقا من مفاهيمها الفلسفية، ويعدها أساس النشاط السيميائي؛ حيث أضحت عنده أوسع من مجالها اللغوي، إلى حد أن الإنسان -حسب قوله - علامة، وحين نفكر فنحن علامة(19). ولذلك عُدّت الأسس السيميائية التي أرساها، أسسا فلسفية تأملية.

وهو يربط فهم اللغة بحال التواصل، ويقرن المعنى بظروف الاستعمال، على نحو ما مرّ مع فيتغنشتاين وأوستين. ومن أهم ما أسهم به في نشأة الدرس التداولي:

- التمييز بين التعبير بعدِّه نمطا، وبين ما يقابله أثناء الاستعمال.
- التمييز بين كل من العلامة، الرمز، الإشارة والأيقونة. وفي هذا الشأن قدم شروحا وافية في مفهوم الدليل؛ حيث يقوم على مبدإ التأويل، ويتنوع بحسب علاقته بموضوعه. والأيقونة تطابق الموضوع صوريا، والأمارة (المؤشّر) تقوم على علاقة العلة بالمعلول (20).

أما موريس فتُصنّف جهوده ضمن البحوث الفلسفية التي درست الدليل وتصوراته الواسعة، وقد جعل التداولية جزءًا من السيميائية؛ تعالج العلاقة بين العلامات ومستخدميها.(21) ويلح -إلى جانب دراسة بنية اللغة الشكلية- على دراسة علاقة هذه البنيـة بالموضوعات المتداولة، وبالأشخاص المستعملين لها. وهو أمر، كثيرا ما يُغفَل عنه -في نظره-(22).

ولاتساع حدود التداولية، أقرَّ العديد من الدارسين عدم وضوح معالمها، نحو تصريح (فرانسواز أرمينكو)؛ هي "درس جديد وغزير إلا أنه لا يملك حدودا واضحة... تقع التداولية كأكثر الدروس حيوية في مفترق طرق الأبحاث الفلسفية واللسانية"(23) ، وهي تشغل اهتمام المناطقة والسيميائيين والفلاسفة والسوسيولوجيين والسيكولوجيين والبلاغيين وعلماء التواصل، واللسانيين... وبذلك فهي على مستوى التحليل، لا يمكن أن نصنّفها في أي من المستويات، ولا تدرس جانبا محددا في اللغة، بل تستوعبها جميعا، وليس لها وحدات تحليل ولا أنماط تجريدية(24).

ولعل أول صعوبة تصادف التعريف بالتداولية، تتمثل في الاستقرار على مصـطلح قارّ يشمل مقولاتها ومجالاتها العديدة؛ حيث تعددت التسميات العربية المقابلة للمصطلح الأجنبي (Pragmatique)*§ ؛ فقيل: البراغماتية• والبراغماتيك، البرجماتية والبراجماتيك، وليس بين هذه الاصطلاحات فرق، بِعدِّها نقلا حرفيا للكلمة الأجنبية، وقيل: التداولية، المقامية، الوظيفية، السياقية، الذرائعية، النّفعيّة... وبين هذه التعبيرات -في الواقع- فروق لا تسمح باستعمالها مترادفة، لتكون مقابلة للمصطلح الأجنبي بمفهومه الذي سيُعرض لاحقا.

لكن مصطلح التداولية الذي استخدمه المتوكل(25)، ومدحه الجيلالي دلاش بالخفة والسلاسة(26)، هو الذي صار مهيمنا على استعمالات الدارسين.

- تُـجمِع هذه التعريفات على رصد أصلين لنشأة التفكير التداولي:
-الأول: تعريف تشارلز موريس لها؛ حيث عدّها جزءا من السيميائية وأحد مكوناتها؛ تهتم بدراسة العلاقة بين العلامات، وبين مستعمليها أو مفسريها (متكلم، سامع، قارئ، كاتب...)،وتحديد ما يترتب عن هذه العلامات. كان ذلك حينما شرح أبعاد السيميائية الثلاثة:
-علاقة العلامات بالموضوعات المعبر عنها، وذلك بعد دلالي يهتم به علم الدلالة.
-علاقة العلامات بالناطقين بها، وبالمتلقي، وبالظواهر النفسية والحياتية والاجتماعية المرافقة لاستعمال العلامات وتوظيفها. وذلك هو البعد التداولي؛ اهتمام التداولية.
-علاقة العلامات فيما بينها، وذلك بعد تركيبي، يهتم به علم التراكيب.

و لأن التداولية تقوم على دراسة استعمال اللغة، فاهتمامها في مجموع تعريفات هذا الحقل ينصبّ على دراسة العلاقة بين المتكلم والسامع، بكل ما يعتري هذه العلاقةَ من ملابسات وشروط مختلفة؛ حيث تدرس كل العلاقات بين المنطوقات اللغوية وعمليات الاتصال والتفاعل. فموضوعها -إذا- هو التواصـل البشري المعتمد على دراسة المقام، والشروط المناسـبة لأداء الـحديث.

وهي بهذا اختصاص جديد في حقل الدراسات الإنسـانية؛ يقول دالاش: "إنه تخصص لساني يدرس كيفية استخدام الناس للأدلة اللغوية في صلب أحاديثهم وخطـاباتهم، كما يعنى من جهة أخرى بكيفية تأويلهم لتلك الخطابات والأحاديث"(27)، ثم يـردف ذلك بإجـمال تعريفها، بقوله: "هي لسانيات الحوار أو الملكة التبليغية"(28). وعُدّت كذلك لأنهـا تبحث في معرفة مقاصد المتكلم، وأغراض كلامه؛ فالمعنى لا يُستقى من البنية وحدها وهي الجانب اللغوي منه، بل مـن الجانب السياقي أيضا؛ فقد يـكون بعيدا جدا عن الجانب الأول، وعلى السامع أو اللسـاني إدراك ذلك. نحو قول أحدهم لمن مازال يحادثه في غرفة -مثلا- في وقت متأخر من اللـيل: "إني متعَب"؛ فمعنى المتكلم هنا، هو: أوقف الحديث، أو دعني أنـم، وليس الإخبار بالتعب، وذلك بتوفر شـروط معينة طبعا. أو أن يذكر المتكلم أمرا، وهو يعني أمرا آخـر، نحـو قوله لمن يدخل عليه المكتب ويترك الباب مفتوحا: ألا ترى أن الجو بارد. وقصـدُه في ذلك أن: أغلـق الباب. وعلـى السـامع أن يدرك ذلك القصد لنجاح التواصل، وإحداث التفـاعل.

وتُدرج ضمن هذه التداولية أيضا، حِكم الحديث لـ (جرايس) القائمة على "مبدأ التعاون" بين المتخاطبين. والخطاب في نظره "نشاط مقنّن؛ يخضع إلى قواعد، والمشاركون في الخطاب يحترمون مبدأ التعاون"(29). وميز بين أربعة أصناف للقواعد(30) :

-الكمية quantité: أن يكون الخطاب غنيا بالأخبار، بشكل كاف فقط، دون زيادة.
-الكيفية qualité: أن يكون الخطاب صائبا وحقيقيا اعتقادا، ولا يفقد البرهنة على ذلك.
-العلاقة relation: أن يكون دقيقا، وأن تكون المساهمة دالة (ذات بال) للحديث.
-الصيغية (حكم الكلام) modalité: أن يكون واضحا، غير مبهم، موجزا، منظما.

فلو سألنا أحدهم عن المدة التي تستغرقها السيارة من (سطيف) إلى (قسنطينة) وأجاب بقوله: بعضا من الزمن، لكانت إجابته -وفق هذه القواعد- غير كافية؛ لأنه أجاب بأقل من المطلوب (خلافا للقاعدة الأولى، الكمية)، وغير دقيق ( خلافا لقاعدة العلاقة) ، ومبهم وغير واضح (خلافا للأخيرة). ويُذكر أن هذه القواعد لاقت رواجا كبيرا بين الشرح والمناقشة والانتقاد.

1- جـ - في المجال المفهومي لمصطلح (تداولية) في العربية:

لقد عدَلنا عن استخدام (تعريف التداولية), إلى استخدام المجال المفهومي: لأن التداولية في ذاتها- كما سبق- لا تنحصر في مجال معين, فتكتسب تعريفا محددا, ولكن بتعدد مجالاتها, وامتداد اهتماماتها, اكتسبت تعدد مفهوماتها- ولذلك فإن تعبير (المجال المفهومي) سيكون مقاربا بشكل ما لاتساع دلالتها, وموحيا, من ناحية أخرى بهذا الاتساع والامتداد. وسنقف فيما يلي على دلالات المجال المفهومي للمصطلح من الناحية اللغوية.

* المفهوم المعجمي لـ (التداولية):

يرجع المصطلح إلى مادة (دَوَل), وقد وردت في (مقاييس اللغة) على أصلين:"أحدهما يدل على تحوّل شيء من مكان إلى آخر, والآخر يدل على ضعف واسترخاء، فقال أهل اللغة: اندال القوم, إذا تحولوا من مكان إلى مكان. ومن هذا الباب، تداولَ القوم الشيء بينهم: إذا صار من بعضهم إلى بعض. والدَّولة والدُّولة لغتان. ويقال بل الدُّولة في المال والدَّولة في الحرب, وإنما سميا بذلك من قياس الباب, لأنه أمر يتداولونه, فيتحول من هذا إلى ذاك, ومن ذاك إلى هذا"(31)

فمدار اللفظ لغةً هو التناقل والتحول، بعد أن كان مستقرا في موضع ومنسوبا إليه, وقد اكتسب مفهوم التحول والتناقل من الصيغة الصرفية (تفاعل) الدالة على تعدد حال الشيء كما ينتقل المال من هذا إلى ذاك أو الغلبة في الحرب من هؤلاء إلى هؤلاء ...

ولا تكاد المعاجم الأخرى تخرج من هذه الدلالات: جاء في (أساس البلاغة): "دالت له الدولة, ودالت الأيام بكذا. وأدال الله بني فلان من عدوهم: جعل الكثرة لهم عليه. وعن الحجاج: إن الأرض ستُدال منا كما أدلنا منها (...) وإليه يداول الأيام بين الناس مرة لهم ومرة عليهم, والدهر دُوَل وعُقَب ونُوب. وتداولوا الشيء بينهم".(32) وفي معاجم أخرى، الدَّولة: انقلاب الزمان من حال إلى حال, الدُّولة: العقبة (النوبة) في المال. وتداولوه: أخذوه بالدول.(33) أي نُوبا, وتداولته الأيدي, أخذته هذه مرة, وهذه مرة.(34)

وخلاصة هذا المفهوم اللغوي, أن من مجالات لفظ (دول):

- الاسترخاء للبطن بعد أن كان في حال أخرى غيرها (اندال البطن).
- التحوّل من مكان إلى مكان (القوم).
- التناقل من أيدي هؤلاء إلى أيدي هؤلاء (المال).
- الانتقال من حال إلى حال(الحرب).
- التمكين من حال دون أخرى (الدَّولة)، ولذلك فرق العسكري بينها وبين الملك: قال:"الدَّولة انتقال حال سارة من قوم إلى قوم, والدُّولة ما يُنال من المال بالدَّولة فيتداوله القوم بينهم, هذا مرة وهذا مرة".(35)

ومجموع هذه المعاني: التحول والتناقل: الذي يقتضي وجود أكثر من حال, ينتقل بينها الشيء, وتلك حال اللغة؛ متحوِّلة من حالٍ لدى المتكلم إلى حال أخرى لدى السامع, ومتنقلة بين الناس يتداولونها بينهم. ولذلك كان مصطلح(تداولية) أكثر ثبوتا -بهذه الدلالة- من المصطلحات الأخرى الذرائعية, النفعية, السياقية...وغيرها.

ومن مجالاته المفهومية بالنسبة إلى اللغة:

- التناقل والتحول في المال أو الحرب بما يحقق الملكة أو الغلبة... وكذلك اللغة تظهر آثار مستخدميها وكأنهم مالكون لها, وتبدو الغلبة في الحديث بينهم, وكأن اللغة نوع من المساجلة.
- الاشتراك في تحقيق الفعل: وكذلك اللغة بمعناها الاجتماعي؛ حين يستخدم الشيء الواحد من قِبل الجماعة.

ولقد تناول (طه عبد الرحمن) هذا المفهوم لتقديم منهج التقريب التداولي للتراث الإسلامي، باقتراحه مفهوم المجال التداولي، وممّا ذكره: "أن الفعل (تداول) في قولنا: (تداول الناس كذا بينهم)، يفيد معنى ''تناقله الناس وأداروه بينهم"(36). وجعله قسيما للفعل (دار) الذي من دلالته نقل الشيء وجريانه، نحو قولنا: دار على الألسن؛ جرى عليها، ليخلُص إلى أن المعنى الذي يحمله الفعل هو "التواصل"، ومقتضى التداول -إذا- أن يكون القول موصولا بالفعل(37).

ومن شواهد استخدامه في القرآن الكريم، قوله تعالى: "مَا أفاءَ اللهُ على رَسُولِه منَ اَهْلِ القُرى فللّهِ ولِلرّسُول ولذِي القُربى واليتامَى والمسَاكين وابن السّبيل كيْ لا يكونَ دُولةً بينَ الأغنياءِ منكمْ"(38) وبيانها: "(كي لا يكون) ذلك الفيء (دولة) يتداوله الأغنياء منكم بينهم، يصرفه هذا مرة في حاجات نفسه، وهذا مرة في أبواب البر وسبيل الخير."(39)، وفصّل تفسيرها الزمخشري، قائلا: "كي لا يكون الفيء الذي حقّه أن يعطى الفقراء ليكون لهم بُلْغَة يعيشون بها. جدا بين الأغنياء يتكاثرون به، أو كي لا يكون دولة جاهلية بينهم، ومعنى الدولة الجاهلية أن الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة لأنهم أهل الرياسة والدولة والغلبة..." (40). وشرح في موضوع آخر (الدُّولة) بـ "ما يتداول..."؛ يعني كي لا يكون الفيء شيئا يتداوله الأغنياء بينهم ويتعاورونه فلا يصيب الفقراء... والدَّولة بالفتح بمعنى التداول؛ أي كي لا يكون ذا تداول بينهم أو كي لا يكون إمساكُه تداولا بينهم لا يخرجونه إلى الفُقراء..."(41).

فمجال دلالة (الدُّولة) العام، هو التداول: أن يكون مرة لدى هؤلاء، ومرة لدى آخرين. ولعل أهم معنى يستأثر به هذا اللفظ هو معنى المشاركة، وتعدد مواضع التداول، وهو المعنى الذي تأخذه إحدى اشتقاقاته في قوله تعالى: "ولا تأكُلوا أموالَكم بينكمْ بالبَاطل، وتُدْلوا بها إلى الحكَّّّّام..."(42)؛ أي "ولا تلقوا أمرها والحكومة فيها إلى الحكام لتأكلوا بالتّحاكم"(43).
ومنه أيضا، قوله تعالى: "وتلكَ الأيّامُ نُداوِلها بينَ النّاس..."(44) ، وما ذكره صاحب الكشاف بشأنها: " ...نداولها: نُصرّفها بين الناس، نُديل تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء؛ كقوله: وهو من أبيات الكتاب:

فيوما علينا ويوما لنا ويما نُساء ويوما نُسرُّ
... يُقال داولتُ بينهم الشيء فتداولوه."(45)

2- الشعر؛ في المجال المفهومي..

لا يمكن لهذه المداخلة أن تحيط بماهية الشعر ولا بحقيقته، على الرغم مما عُرض من ذلك في الحضارات القديمة والكتابات الحديثة؛ فقد تناوله الفلاسفة اليونان من جوانب عديدة: ماهيته، شكلهن علاقته بالواقع، بالفلسفة، بالأخلاق، ... وغيرها مما كان مجالا لبحث ماهية الشعر وحقيقته. وقد عرف الفلاسفة المسلمون والنقاد العرب كثيرا من هذه المباحث، كما أخذوا عن اليونان بعض آرائهم وأقاويلهم..

فابن رشد على سبيل التمثيل، يحصر مفهوم الشعر في التخييل؛ يقول: " الأقاويل الشعرية هي الأقاويل المخيلة " (46). وكذلك ابن سينا في قوله: " الشعر كلام مخيل "؛ حيث يحصر الشعر في أهم عملية تميزه وهي التخييل التي تعني في أوسع ما تعنيه -لسانيا- الرؤية وتميز المذهب في التصوير.

ثم يشرح المخيل قائلا: "والمخيل هو الكلام الذي تذعن له النفس فتنبسط عن أمور وتنقبض عن أمور من غير روية وفكر واختيار. وبالجملة تنفعل له انفعالا نفسانيا غير فكري سواء كان القول مصدقا به أو غير مصدق" (47)؛ فالخيال مذهب في الفكر والرؤية والتصوير يستميل السامع ويكسب إذعانه ويشهد انفعاله، من غير النظر إلى صدق القول أو كذبه. ويبدو من خلال هذا المذهب أن أهم ما يميز الشعر هو سلطانه على السامع وتأثيره فيه... بلِ ان " الشعر هو فعل الشعر " -على حدّ تعبير اليوسفي- (48).

فالشعر إذا يؤخذ مفهومه بالنظر إلى ما يُحدثه في نفوس متلقيه أساسا، ولا يعتدّ كثيرا بجوانب أخرى، نحو الشكل، والموضوع، واللغة... وهو مذهب يفتح الفضاء رحبا أمام عوالم الشعر وماهيته، ويتسع لكل التحولات الشكلية والصيغية والموضوعاتية التي يعرفها على مرّ العصور واختلاف تجارب بني الإنسان.

فالنظر إلى هذا السلطان ؛ سلطان التأثير في السامع يجعلنا نقبل بكل التحولات الشكلية عرفتها الحركة الشعرية في جميع مراحلها، ولا مسوغ حينها للحديث عن قصيدة تفعيلة، او النثر أو العمود.. إذ يصير الأصل والمعيار هو أن تفعل هذه الأشكال الأدبية المختلفة الشعر، بما تحدثه في نفوس متلقيها.

وعلى جانب مماثل، نجد الفارابي يفسر هذا الأثر الذي يحدثه الشعر في متلقيه وكيف ينبني عنه تغيير في السلوك الانفعالي بالرفض أو القبول؛ إذ السلوك ترجمة للأفكار التي هي تابعة للتخييل، يقول: "ويعرض لنا عند استماعنا الأقاويل الشعرية عند التخييل الذي يقع عنها في أنفسنا شبيه بما يعرض عند نظرنا إلى الشيء الذي يشبه ما نعاف: فإننا من ساعتنا يخيل لنا في ذلك الشيء أنه مما يُعاف منه فنتجنبه وإن تيقنا انه ليس في الحقيقة كما خيل لنا فنفعل فيما تخيله لنا الأقاويل الشعرية. وإن علمنا أن الأمر ليس كذلك، كفعلنا لو تيقنا أن الأمر كما خيله لما ذلك القول. فإن الإنسان كثيرا ما تتبع أفكارُه تخيلاتِه".(49)

وإلى ضفة أخرى مجانبة لضفة الفلاسفة، يقدم النقاد العرب القدماء مذاهب عديدة في ماهية الشعر، ولعل أهمها ما أورده ابن طباطبا في عيار الشعر وكأنه يسن للشعر سننا وصفات ملازمة لا يُعرف إلا بها، يقول: هو؛ أي الشعر " كلام منظوم بائن عن المنثور الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم، بما خُصّ به من النظم الذي إن عدل عن جهته مجته الأسماع، وفسد على الذوق. ونظمه معلوم محدود؛ فمن صحّ طبعه وذوقه لم يحتج إلى الاستعانة على نظم الشعر بالعروض التي هي ميزانه، ومن اضطرب عليه الذوق لم يستغن من تصحيحه وتقويمه بمعرفة العروض والحذف به، حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع الذي لا تكلف معه. " (50).

فهو يجمع في هذا النص بين خصائص الشعر الشكلية (النظم الذي يميزه عن النثر، النظم الفني الذي لا تمجّه الأسماع) وبين خصائص تتعلق بالشاعر في ذاته (الطبع والذوق)، وأخرى تتعلق بالمتلقين (التأثير والاستحسان)..

وغير بعيد عن هذا المذهب يصف حازم القرطاجني مصدر الشعر لدى قائله، إضافةً إلى صحة الطبع وسلامة الذوق اللذين ذكرهما ابن طباطبا، فيجعل أهم ما يعتمد عليه الشاعر في بعث المعاني واستثارتها، هو " التملّؤ من العلم بأوصاف الأشياء وما يتعلق بها من أوصاف غيرها، والتنبّه للهيئات التي يكون عليها التئام تلك الأوصاف وموصوفاتها، ونسب بعضها إلى بعض ... والتفطن إلى ما يليق بها من ذلك بحسب موضع موضع وغرض غرض."(51). فالشعر قبل أن يكون تجاوزا للمألوف -على نحو ما سنرى في النص الموالي- هو إحاطة بالموجودات ومعرفة الأشياء ومتعلقاتها، وإلمام بهيئاتها وخصائصها.. ونظمها وقوانينها. وما إن يتحقق ذلك للشاعر يمكنه أن يتجاوز المألوف وأن يبني على التخييل فيصيب المفارقة واللبس وتغيرات المعنى؛ وهو التعريف الذي يقترحه بعض المحدثين للشعر؛ إذ هو " استخدام المفارقة واللبس وتغيير المعنى ... والترابط غير العقلاني للمقولات النحوية كالتذكير والتأنيث وأزمنة الفعل."(52).
فالشعر أرحب من أن يقف عند الشيء أو الفكرة، لأنه انطلاق وامتداد ورؤية وتخييل وتشوّف وتطلّع... حتى ليكاد يبدو بلغة غير لغة الناس؛ يقول عبد الله حمادي في هذا المعنى وهو يذكر أهمّ ما يعتمده الشعر : " التحدّث للآخرين بلغة غير اللغة التي يتحدث بها الناس جميعا. إنها لغة ممعنة في المجازية تبلغ أحيانا درجة الشذوذ، وشذوذها -إن جاز لنا وصفها هكذا- هو الذي يكسبها رَوْحنة وأسلوبا من نوع خاصّ. ومثل هذه الصفة الجمالية، ليست صفة خاصة بالإبداع ذاته بقدر ما هي مسند يضاف إليه من طرف الملاحظ أو المتلقي ساعة يقظة الشعور بالجمال نفسه".(53)

وأعجبني تحديد عبد الله حمادي لماهية الشعر، قائلا: " إنه (الشعر) لا يقبل الخوض في المعمعة ووظيفته أنه لا يسرد ولا يصف ولا يعلّم ولا يتضمّن حقائق ثابتة. إنه ينطق بلسان العالم دون أن يذكر حالا من أحواله المجردة، أو وجها من وجوهه. يُقرأ إذا قرئ لذاته، يوافر متعة جمالية خالصة وخاصة به. إن الشعر لا يتكلم عن العالم بقدر ما يتكلم بلسان العالم.".(54)

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1449 مشاهدة