أ.د/ صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي Prof. S.A. El-Safty

كلية الزراعة جامعة عين شمس- موقع علمي متخصص في علوم الدواجن - مقالات علمية وثقافية Faculty of Agric

<!--<!--<!--<!--

 

إنتاج الدواجن العضوي

Organic Poultry Production

د/صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي

مُقدمة

          طبقاً لبيانات مركز التجارة العالمي International Trade Center, ITC فقد بلغت مبيعات الأغذية العضوية عام 1999م في كل من أوربا وأمريكا واليابان ما يقرب من 10.5 مليار دولار، كما ازداد في الآونة الأخيرة الطلب العالمي على المُنتجات الحيوانية المُنتجة تحت الظروف الطبيعية، ليست فقط المُنتجة تحت نظام المراعي الحرة Free range، بل في ظل ما يُعرف بالتغذية العضوية لإنتاج ما يُسمى بالمُنتجات العضوية Organic products، حيث يُشير نظام إنتاج الدواجن العضوي إلى تربية الدواجن تحت نُظم التربية الطليقة (الحرة) في المرعى بعيداً عن الأقفاص مع تغذيتها على علائق طبيعية (عضوية) دون أيه مُعاملات كيماوية، حيث يعني اصطلاح عضوي Organic إنتاج ورعاية وتجهيز القطعان الحيوانية والمحاصيل النباتية دون استخدام أية كيماويات زراعية مثل المُبيدات أو الأسمدة المُصنّعة أو الهرمونات، حيث يهتم النظام العضوي بالأساس، بصحة ورفاهية الحيوان وتوفير الظروف البيئية الملائمة وجودة المُنتج النهائي، بينما تهتم نُظم الإنتاج التقليدية Conventional Production Systems  فقط بتقليل التكلفة الإنتاجية ومَعظمة القدرة الإنتاجية (الأوزان والتحويل الغذائي). تجدر الإشارة إلى أنه أمكن عن طريق تطبيق معايير الزراعة العضوية إنتاج لحوم وبيض الدجاج بطريقة عضوية، بل وأصبحت المشاريع في هذا المجال من المشاريع مرتفعة العائد والربحية.

وفقاً للتشريعات التي تم إقرارها من قِبل الاتحاد الأوربي فإن إنتاج الغذاء العضوي لابد وأن يقوم على القواعد الستة الآتية:

1-     أراضي زراعية خصبة.

2-     أدنى استخدام للمصادر غير القابلة للتجدد (الكيماويات).

3-     أدنى تلوث وخسائر للبيئة المُحيطة.

4-     العمل مع لا ضد أنظمة الطبيعة.

5-     احترام رفاهية الحيوان.

6-     أدنى استخدام للإضافات المُصنعة.          

 يعتبر الإنتاج الحيواني مُكون أساسي في الزراعة العضوية ومصدراً للأسمدة العضوية (سواء كان سماد ناتج من حيوانات مُجترة أو زرق ناتج من الدواجن) والتي تعمل على زيادة خصوبة التربة الزراعية، كما أنه يسمح بوجود دورة زراعية مُتكافلة ومُتزنة.

 الاحتياجات الأساسية لإنتاج الدواجن العضوية

 Basic requirements for organic poultry production                    

1-     المسكن المُلائم والذي يسمح بسلوك طبيعي للطائر وسهولة التجول في المرعى.

2-     تغذيته تغذية طبيعية عضوية بما في ذلك نباتات المرعى.

3-     تجنب استخدام أية مُضادات حيوية أو أدوية أو هرمونات.

4-     التجهيز العضوي للحوم والبيض المُنتج.

5-     نظام تسجيل دقيق لتتبع الدواجن ومُنتجاتها خلال المراحل المختلفة من الإنتاج، والتأكد من تطبيق المعايير الأساسية للإنتاج العضوي.

6-     يجب أن تتضمن خطة الإنتاج العضوي وصف لطرق التخلص من المُلوثات وطرق المراقبة وقائمة المُدخلات على النظام العضوي.

7-     يجب أن لا يُسبب نظام الإنتاج أي تلوث لكل من الماء أو التربة.

8-     يجب أن لا يوجد أية كائنات مُعدلة وراثياً أو أيونات مُشعة أو رواسب لمياه صرف في نظام إنتاج الدواجن العضوي.

صحة ورفاهية الحيوان في الأنظمة العضوية

          Animal health and welfare in organic systems

          تحتاج الحيوانات تحت أنظمة الإنتاج العضوي إلى توفير كافة الظروف التي تضمن السيطرة الكاملة على المُسببات المرضية وذلك بتطبيق معايير الآمن الحيوي، علاوة على توفير حرية ورفاهية الحيوان، ويُستخدم في ذلك الخصوص مُصطلح "رفاهية الحيوان الإيجابية" Positive animal welfare (PAW) وهي تعني توفير احتياجات الحيوان أينما كان متوافقة في ذلك واحتياجاته السلوكية، مع تجنب تعرض الحيوان لأي من أشكال القسوة أو العنف. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يُمكن تكوين قطعان حيوانية عضوية إلا عند منع استخدام العقاقير والأدوية الكيماوية أو استعمالها في أقل حدود مُمكنة، حيث تتم تربية هذه القطعان تحت إجراءات صحية صارمة لخفض مُعدلات الإصابة المرضية لأقل الحدود، كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند إتباع البرنامج الصحي الوقائي لهذه الحيوانات أن يتوفر لها احتياجاتها من الحرية والرفاهية طوال الوقت.

 من التطبيقات الصحية العملية المُتبعة عند التربية العضوية استخدام بعض مُضادات الديدان وذلك بمعرفة الطبيب البيطري المُختص، بغرض تقليل مُعدلات الإصابة بالديدان المَعوية، كما يُسمح باستخدام لقاحات ومُضادات حيوية معينة عند تعرض القطعان للخطر، وذلك عند فشل الطرق البديلة في احتواء الموقف للحفاظ على حياة الطيور وزيادة قدراتها المناعية، وذلك بعد استشارة الطبيب البيطري. يُحظَر استخدام مُنشطات النمو Growth promoters، كما يُراعى عند استخدام الأدوية والمُعاملات الكيماوية أن تكون بالمُعدلات المسموح بها تحت أنظمة الإنتاج العضوي، ويجب عند استخدام المُنتجات الحيوانية العضوية التي تم مُعاملتها بالأدوية والكيماويات أن يكون الحيوان قد توقف عن المُعاملة الدوائية فترة لا تقل عن 14 يوم قبل عرض المُنتج للبيع.

 الرفاهية والإسكان Welfare and housing

          لابد وأن يُناسب مسكن وإدارة القطيع احتياجات الطائر السلوكية، والمُتمثلة في سهولة وقوف ورقاد الطائر ودورانه بشكل طبيعي وقت ما يشاء وبطريقة طبيعية، مثل إطالة ورفرفة الجناح flapping  Wing والتجول بحُرية، كما يجب فرش أرضية المسكن بأحد أنواع الفرشة الشائع استخدامها مثل القش أو التبن، ويمكن إتباع نظام الأرضية المضلعة شريطة أن لا يزيد نسبتها عن 25 % من مساحة الأرضية. يجب التأكيد على عدم تعرض الطيور لأي من الكيماويات أو العلاجات بغرض تحسين مُعدلات أدائها. أوضحت وثيقة مجلس حرية ورفاهية الحيوان ضرورة توفر خمسة مزايا أساسية لكافة الحيوانات وهي:

1-     العليقة المُناسبة والكافية لتسمح بحالة صحية طبيعية ونمو جيد.

2-     حظائر مُناسبة تسمح بحرية الحركة وراحة الحيوان، وأن تكون درجة حرارتها مُناسبة.

3-     خلو الحيوانات من الإصابة بالأمراض.

4-     حرية حركة تسمح بحياة اجتماعية وسلوكية طبيعية.

5-     تجنب شعور الحيوان بالخوف والقلق.

علائق الدواجن في النظام العضوي

                      Poultry diets in organic system

          يجب عند تغذية الطيور تحت نظام الإنتاج العضوي، أن تكون مكونات العلائق من أصل عضوي 100 %، وإذا تعذر ذلك فإنه يمكن السماح بأن تتناول الطيور علائق المادة الجافة بها من أصل عضوي لا تقل نسبتها عن 50 %، كما يجب أن تكون العلائق المُقدمة للطيور متزنة وعالية الجودة، وأن لا تكون مستويات البروتين والطاقة وأي إضافات غذائية أخرى مُشابهة لتلك المُستخدمة في حالة الإنتاج المُكثف، ويُحظر استخدام المواد الغذائية التي تعرضت للاستخلاص بالمُذيبات. وقد اقترح Deerberg (1989) عليقة عضوية للدواجن تتكون من 44.5% (قمح أو ذرة أو شعير) و26% (فول أو بسلة) و11.5% جيلاتين ذرة و7.5% محار و5% عليقة خضراء (برسيم) و2% معادن و2% زيت طعام و1.5% مولاس.

الإدارة الجيدة في الإنتاج العضوي

              Good management in organic production

          في جميع أنظمة إنتاج الدواجن الحُرة (الطليقة) يجب السماح للطيور طوال اليوم بالحصول على الهواء النقي من خلال سهولة التجول والتنقل في المرعى، إلا في حالة سوء الأحوال الجوية، كما يجب أن تُغطى الأرض بأحد أنواع العُشب الأخضر، ويُراعى أن لا يزيد عدد الطيور في هذا النظام عن 250 طائر لكل فدان، كما يُراعى أن يدخل المرعى المُستخدم في فترة راحة لمدة سنة كل ثلاث سنوات رعي، ويُحظر استخدام مساكن الطيور الثابتة. إن عمل مجموعات من الطيور يُعد من الأشياء المرغوبة تحت نظام الرعي الحُر، حيث يُفضل في حالة قطعان إنتاج البيض أن لا يزيد عدد الطيور في المجموعة الواحدة عن 100 طائر، أما في حالة دجاج اللحم لا يزيد العدد عن 200 طائر، وقد يُسمح حتى 500 طائر في المجموعة الواحدة. عند تربية الدجاج البياض مع استخدام الإضاءة الصناعية يجب أن لا تزيد فترة الإضاءة عن 16 ساعة يومياً، كما يجب أن يوفر المسكن مساحة من الأرضية كافية لحرية ورفاهية الدجاج البياض، حيث تبلغ كثافة التربية 15 كجم وزن حي من الطيور/م2، 20 سم مسافة على المجثم لكل طائر، وعُش بيض واحد لكل 5 دجاجات.

 في حالة تربية الدجاج البياض في ظل الإنتاج العضوي فإنه يُسمح ببعض التجهيزات الخاصة بالمسكن مثل استعمال الأرضيات المُسطحة ذات الشقوق لسهولة جمع الزرق، أو استخدام الأرضيات الصلبة (الأسمنتية) مع استخدام أحد أنواع الفرشة، وقد يزيد عدد الطيور البياضة إلى 25 كجم وزن حي/ م2 من الأرضية، وتقل المسافة على المجثم إلى 15 سم للطائر ويزيد عدد الدجاجات لكل عُش بيض إلى 8 دجاجات، وذلك في حالات التربية المُكثفة. أما في طيور التسمين Fattening birds فإن الكمية من الوزن الحي الموصى تبلغ 18 كجم وزن حي/م2 من الأرضية، وأن يكون 75% من مساحة الأرضية مُغطى بأحد أنواع الفرشة، وأن تكون النسبة 25% المتبقية أرضية مُسطحة ذات شقوق، وقد يزيد عدد الطيور لكل متر مربع إلى 12 طائر/م2 أو يصل إلى 25 كجم وزن حي/م2، ويُحظر زيادة كثافة الطيور عن تلك الحدود سابقة الذكر، كما يُمنع إجراء عملية قص للمنقار.

 صحة الدواجن والعلاج في النظام العضوي

   Poultry health and medication in organic system 

إتباع نُظم التربية المُكثفة في الدواجن أدى إلى انتشار وتفشي العديد من الأمراض، والتي كانت تُعالج بالاستخدام المُكثف للمُضادات الحيوية والأدوية، بينما في نظام الزراعة العضوية فإنه يجب أن لا يُسمح باستخدام الأدوية والمُضادات الحيوية إلا عند الضرورة القصوى وفي أقل الحدود، بل يعتمد هذا النظام على طرق أخرى بديلة للحفاظ على صحة الطيور، مثل زيادة القدرة المناعية للحيوان أو الطائر لمُقاومة الأمراض عن طريق التغذية العلاجية وعلاجه بالأعشاب الطبيعية. يكتسب الطائر المناعة عن طريق التطعيم والأمصال لتكوين الأجسام المناعية المُضادة للأمراض المختلفة، كما أن إتباع طرق التربية التي توفر الصحة والسلامة للطيور مثل التغذية السليمة وحظائر المعيشة المناسبة من الأهمية بمكان للحفاظ على قوة ومقاومة الطائر للأمراض، ومن الجدير بالذكر فإنه في بعض حالات الإصابة في الطيور والتي لا يُجدي معها إلا العلاج التقليدي بالأدوية للمحافظة على صحتها وتجنب ارتفاع نسب النفوق، فإنه في هذه الحالة لا يمكن اعتبار هذه الطيور أو مُنتجاتها مُنتجات عُضوية، كما تجدر الإشارة إلى أنه مع استخدام نظام إنتاج الدواجن العضوي (التربية الطليقة في المرعى) لابد من الاهتمام بتطبيق معايير الأمن الحيوي والتي من أهمها تجنب الطيور البرية والتي يُعد من أخطرها الطيور البرية المائية مثل البط البري، حيث تنقل تلك الطيور الكثير من الأمراض لدواجن المرعى الحر، حيث تنجذب تلك الطيور البرية للمرعى، نتيجة لوجود المعالف ومصادر الغذاء في المرعى الحر، لذا قد يوضع الشبك ليعمل كغطاء أو سقف حول المرعى للحماية من الطيور البرية وذلك عند الضرورة.

تحتوي التربة أو نباتات المرعى أو الحشرات والديدان الموجودة به على بعض السموم والتي من أهمها الديوكسين Dioxin، والذي يُعتبر من السموم التي تتكون نتيجة لعمليات الاحتراق الطبيعية أو الصناعية غير الكاملة، وقد ينتقل هذا السُم إلى دجاج المرعى عن طريق التقاطه من التربة أو التغذية على نباتات أو حشرات أو ديدان المرعى، والذي قد ينتقل بعد ذلك بالتبعية للبيض المُنتج، وقد أوضحت تقارير الاتحاد الأوربي أن أقصى مستوى مسموح به من الديوكسين في لحوم الدواجن تبلغ (2 pg TEQ)، وفي بيض الدجاج تبلغ (3 pg TEQ) وذلك لكل جرام من الدهن. لذا فإنه يجب الاهتمام بالبيئة العامة للمرعى الحر وتجنب مصادر الديوكسين وتشجيع التخلص منه مع الزرق عن طريق إضافة مصادر الكلوروفيل مثل الكلوريلاChlorella  وهو طحلب أخضر وحيد الخلية، أو عن طريق إضافة المواد الرابطة للديوكسين في العليقة، وذلك محاولة لتقليل مستويات الديوكسين للحدود المسموح بها في البيض المُنتج.  

العلاج البديل والأدوية المُكملة في النظام العضوي

Alternative therapy and complement drugs in organic system

 ثبتت فاعلية استعمال بعض النباتات مثل الثوم والبصل في علاج الطفيليات الداخلية التي تُصيب الطائر، كما تُستخدم طريقة علاج المثل بمثله Homoeopathy والتي يستخدم فيها محلول مُخفف من البكتريا المُسببة للمرض المراد الوقاية منه، وذلك بهدف زيادة المُقاومة والتغلب على المرض، كما أن التطعيم (التحصين) Vaccination الروتيني مسموح به في الزراعة العضوية إذا انتشر أحد الأمراض الوبائية في موقع المشروع، ولكنه قد وجد أن التطعيم بشكل دائم يقلل من المُقاومة الطبيعية للحيوان، كما أظهر العلاج بالأعشاب البحرية العديد من التأثيرات الإيجابية في حالة الزراعة العضوية. أما في حالة الطفيليات الخارجية مثل القمل والقراد فإنه أمكن مقاومتها باستخدام نبات عشبي يسمى ديريس Derris، أما في حالة الإصابة بالجرب فيسمح في حالة الإنتاج العضوي استخدام مادة الفلوميثرين وإجراء عملية التغطيس للطائر للتخلص من الجرب. بشكل عام فإن علاج الحيوانات والطيور تحت نظام الزراعة العضوية يحتاج إلى مزيد من الأبحاث والدراسات وذلك لتجنب استخدام العلاجات التقليدية وبالتالي خروج تلك الحيوانات من نظام الزراعة العضوية والإنتاج العضوي والذي يهدف أساساً لإنتاج مُنتَج خالي من أي مُتبقيات كيماوية أو علاجية قد تؤثر على صحة الإنسان والذي يعتبر المُستفيد الرئيسي من تلك المُنتجات. نخلص مما سبق أن نظام الزراعة العضوية في مجال الإنتاج الداجني ما هو إلا دعوة للتربية الفطرية للطائر والارتداد للطبيعة مع توفير أقصى درجات الحماية له من أي عدوى مرضية أو طيور برية، حيث يتم تجهيز الحظائر بشكل يتناسب والتربية الفطرية الطبيعية للطائر والتي يحصل من خلالها على أقصى درجات رفاهيته وراحته، وذلك لكي نحصل منه على غذاء آمن وخالي من أي مُتبقيات كيماوية يُمكنها أن تضر بصحة الإنسان.

 

 

 

 

 

المصدر: صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي (2012)- الدليل في إنتاج الدواجن الزراعية- جامعة سبها- ليبيا

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,112,479