تأثير مياه الشُرب على مُعدلات إنتاج البيض
د/صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي
كثيراً ما يتعجب مُربي الدجاج البياض من انخفاض مُعدلات إنتاج قطيعه رغماً عن توفيره لكافة الظروف المُثلى للتربية، من درجات حرارة معتدلة وتهوية جيدة وعلائق مُتزنة وإتباعهم لبرنامج وقائي صارم خلال مرحلتي النمو والإنتاج، ولكن أثبتت الدراسات البحثية التأثير الكبير لمياه الشُرب وخصائصها على مُعدلات إنتاج البيض في الدجاج البياض، وسوف نتناول ذلك التأثير من خلال العرض التالي. لابد في البداية أن نتعرف على خصائص المياه التي سوف تتناولها الطيور خلال مرحلة الإنتاج والعناصر التي توجد فيها، وتأثير تلك العناصر على أداء الطيور، حيث غالباً ما تُستخدم المياه الجوفية Groundwater كمصدر المياه الرئيسي في حظائر الدجاج، ولكن من الأهمية معرفة أن خصائص تلك المياه تتغير مع الزمن، لذا فمن الضروري أن يفحص المُربي خصائص المياه المُستخدمة لشُرب الطيور على الأقل مرة كل عام، أو فحص تلك المياه بمجرد حدوث أي تغير في الطعم أو اللون أو الرائحة، أو عند حدوث أعراض مرضية غريبة داخل القطيع. ويوجد العديد من العناصر تؤثر على خصائص المياه وبالتبعية تؤثر على مُعدلات أداء الطائر الذي يتناولها، فمثلاً احتواء الماء على نسبة عالية من الملح يُسبب هشاشة قشرة البيضة أو إنتاج بيض ذو قشرة رخوة، ويؤدي ارتفاع نسبة الحديد إكساب المياه الطعم المعدني والذي يؤدي إلى توقف الطيور عن تناول المياه، حيث أن عطش الدجاجة ليوم واحد فقط يؤدي إلى توقف الدجاجة عن إنتاج البيض. وبشكل عام فإن بعض من هذه الحالات السابقة قد يحتاج لبعض المُعاملات البسيطة لعلاجها، ولكن البعض الأخر قد يحتاج إلى خبراء في هذا المجال لإكتشافها والتخلص منها. وسوف نعرض أهم العناصر المؤثرة على خصائص المياه وتؤثر بالتبعية على أداء الدجاج البياض:
درجة الحموضة ( Acidity pH)
يتراوح مقياس الحموضة بين 0- 14، حيث درجة pH من 0- 7 تُعبر عن الحموضة، بينما الدرجات الأعلى من 7 تُعبر عن القلوية، أما الدرجة 7 فهي قيمة متعادلة لمقياس الحموضة. ويجدر الإشارة إلى أن مقياس الحموضة (pH) هو مقياس لوغارتمي، حيث أن انخفاض درجة الحموضة من 7.2 إلى 6.2 يؤدي إلى زيادة حموضة المياه بمقدار يبلغ 10 أضعاف، أما الانخفاض إلى درجة 5.2 يؤدي إلى زيادة الحموضة بمقدار يبلغ 100 ضعف، بينما الانخفاض إلى 4.2 يؤدي إلى زيادة الحموضة بمقدار 1000 ضعف. ويستخدم بعض المُربين Acidifiers في مياه الشُرب بغرض تحسين أداء الطيور، وبشكل عام فإن تأثير الحموضة ومعالجته لابد وأن يُغطيه مُعدلات إنتاج الطيور، كما أن حدوث تلف في مُعدات الشُرب نتيجة تأثيرات الحموضة شيئاً متوقعاً، حيث أن استبدال كل المساقي في الحظيرة مرتان سنوياً نتيجة لتأثيرات الحموضة قد يبلُغ تكلفته حوالي 4000 دولار. وعموماً فإنه عند ارتفاع درجة pH جداً (قلوية) أو انخفاضها جداً (حموضة) فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض مُعدلات استهلاك الطيور من الماء بشكل كبير، لذا يوصى باختبار درجة حموضة المياه بشكل دوري، والحفاظ عليها دائماً قدر الإمكان قريبة جداً من التقدير 7 (متعادلة)، وفي كل الأحوال أن تتحرك على الأكثر علامة عشرية واحدة.
الملوحة Salinity
لا تؤثر زيادة ملوحة مياه الشُرب فقط على جودة قشرة البيضة ولكن تؤدي أيضاً إلى إنتاج الزرق المائي والعزوف عن الشُرب. ويعمل عديد من العناصر المعدنية على زيادة ملوحة المياه ولكن أكثر تلك العناصر شيوعاً: الماغنسيوم، والكالسيوم، والصوديوم، والكلوريد، وتستطيع الطيور التكيف مع بعض مستويات الملوحة ولكن التغيرات المُفاجئة في محتوى الملوحة قد يُسبب بعض الإشكاليات. ويجب على المربين أخذ كمية الملح الموجودة في العلف في الحُسبان عند حساب احتياجات الطائر الكلية من الملح إلى جانب ملوحة المياه. ويتم مُعاملة المياه لتقليل مُعدل الملوحة عن طريق تخفيف تلك المياه بمياه أخرى منخفضة الملوحة أو نزع ملوحة تلك المياه بمُعاملات معينة، ولكن يعيب استخدام ذلك في القطعان البياضة ارتفاع تكلفتها، وقد يكون تغير مصدر المياه هو الحل الأقرب لتلك الإشكالية.
النيترات والنيتريت Nitrates and nitrites
تُعتبر كل من النيترات والنيتريت مركبات كيميائية تحتوي على عنصري الأوكسجين والنيتروجين، وفي الطبيعة فإن المواد النيتروجينية هي التي تُكون أملاح النيترات، وتُعتبر الأسمدة العضوية هي المصدر الأولي لهذه الأملاح، ونظراً لارتفاع درجة ذوبان أملاح النيترات فإنها سُرعان ما تتخلل طبقات التربة حتى تصل للمياه الجوفية وتلوثها. وبشكل عام فإن أملاح النيترات تُعتبر أملاح غير سامة، ولكن تقوم الكائنات الدقيقة في القناة الهضمية للطيور بتحويل أملاح النيترات إلى أملاح النيتريت السامة، حيث تعمل الكميات الكبيرة المُمتصة من أملاح النيتريت في دم الطيور على منع حمل الدم لعنصر الأوكسجين الهام للحفاظ على حياة الأنسجة الحيوية بجسم الطائر، وتحدث تلك الحالة بشكل كبير في الكتاكيت الصغيرة وتُسبب ارتفاع في نسب النفوق. وتكمن الإشكالية هنا أن أملاح النيترات تتميز بأنها عديمة اللون والطعم والرائحة، لهذا يصعُب الكشف عنها بمجرد النظر، بل يجب تحليل المياه معملياً للكشف عنها. اعتمدت وكالة حماية البيئة الأمريكية ثلاثة طرق للتخلص من أملاح النيترات والنيتريت، وذلك من خلال التبادل الأيوني Ion exchange، الأسموزية العكسية Reverse osmosis، التحليل الكهربي Electrodialysis، وإن تبدو تلك الطرق غير عملية نظراً لحجم المياه الكبير الذي يُستخدم في حظائر الدواجن. ولكن بشكل عام فإن أملاح النيترات تتواجد بتركيزات عالية في الآبار قليلة العمق Shallower، لذا فإنه لتجنب تلك الإشكالية يوصى بزيادة عمق الآبار المُستخدمة في رفع مياه الشرب وذلك لصعوبة تلوث مياهها بأملاح النيترات.
الكبريتات Sulphates
توجد أملاح الكبريتات أحياناً بصورة طبيعية بمُستويات مرتفعة لتُحدث بعض الإشكاليات عند تربية الدجاج، حيث تُسبب مستويات الكبريتات (السلفات) العالية تأثير مُسهل أو مُلين للطيور Laxative effect، إلا أن الطيور قد تتأقلم مع تلك المياه ذات المستويات العالية من السلفات مع الوقت ويزول التأثير المُلين، وبشكل عام فإن الطيور صغيرة العُمر أكثر حساسية للسلفات من الطيور كبيرة العُمر. وتُعطي أيضاً التركيزات العالية من السلفات مذاق لاذع للمياه Bitter taste، مما يُقلل من استهلاك الطيور للمياه، وهذا يؤثر بالتبعية على مُعدلات إنتاج البيض سلباً. ويتم علاج إشكالية ارتفاع الكبريتات في مياه الشُرب عن طريق تخفيف تلك المياه بمياه أخرى نقية، وذلك يجب أن يحدث بوجه خاص مع الطيور صغيرة العُمر، ومع تقدم الطيور العُمر تقل مُعدلات التخفيف إلى أن يتأقلم الطائر على مستويات الكبريتات الموجودة بالمياه، أما المُعاملات الأخرى التي يُمكن إجراؤها للتخلص من المُستويات العالية من الكبريتات مثل الأسموزية العكسية أو التقطير Distillation فهي غير عملية على النطاق المزرعي.
الحديد Iron
قد تتلوث مياه الشُرب بصورة طبيعية بمستويات مرتفعة من عنصر الحديد، والذي قد يؤثر بالتبعية على مُعدلات الأداء الإنتاجي للطيور، حيث لا يؤثر عنصر الحديد فقط على صحة الطيور ويُعرضها للخطر بل أيضاً يُعطي رائحة وطعم سيء لمياه الشُرب، مما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في استهلاك الطائر من المياه. وعند وجود البكتريا المُحبة للحديد فإنها في ظل هذه المستويات العالية من الحديد تنمو بشكل كبير مُكونة ما يُشبه الطين ذو اللون البني المحمر داخل مواسير المياه، وهذا يُقلل من مُعدلات ضخ المياه في أنظمة الشُرب بالحظيرة، مما يٌقلل أيضاً من كفاءتها على العمل، ويُستخدم للتغلب على هذه المشكلة ضخ الماء بقوة باستخدام الضغط العالي مع استخدام محلول فوق أكسيد الهيدروجين Hydrogen peroxide، حيث يعمل على إذابة هذه الرواسب الطينية من أنابيب أنظمة الشُرب. وبشكل عام فإنه يُنصح في هذه الحالة باستخدام مُرشح مياه خارجي قبل دخول المياه إلى أنظمة الشُرب بالحظيرة.
الكيماويات الأخرى Other chemical
تؤثر بعض العناصر المعدنية الأخرى على أداء الدجاج البياض، مثل المنجنيز الماغنسيوم والنحاس والكالسيوم والبوتاسيوم، لذا فمن الأهمية إجراء الاختبارات اللازمة للتأكد من وجود تلك العناصر في الحدود الآمنة، حتى لا تتسبب في إحداث أضرار صحية للقطيع. ومن عرضنا السابق الذي أوضح خصائص مياه الشرب وتأثير مكوناته على أداء الدجاج البياض، فإن تحليل مياه الشُرب من وقت إلى أخر والتأكد من خصائصه من الأمور الهامة التي يجب أن تؤخذ في الحسبان عند تربية كافة أنواع الطيور وخاصة القطعان البياضة الأكثر حساسية للمياه ومواصفاتها نظراً لإنتاجها اليومي من البيض والذي يتأثر بشكل كبير بالمياه كماً ونوعاً. ويوضح الجدول التالي المواصفات القياسية للمياه الصالحة للاستهلاك الداجني. مواصفات المياه الصالحة للاستهلاك الداجني.
المُكون الموجود |
المستوى المسموح |
أقصى مستوى مقبول |
المحتوى البكتيري بكتريا كلية بكتريا القولون |
0 0 |
100 مستعمرة بكتيرية/مل 50 مستعمرة بكتيرية/مل |
درجة الحموضة |
6.8- 7.5 |
6.0- 8 |
المواد الصلبة الكلية (المُسببة لعُسر الماء) |
60- 180 جزء في المليون |
110 جزء في المليون |
العناصر المعدنية الموجودة طبيعياً |
||
كالسيوم |
60 ملجم/لتر |
- |
كلوريد |
14 ملجم/لتر |
250 ملجم/لتر |
نحاس |
0.002 ملجم/لتر |
0.6 ملجم/لتر |
حديد |
0.2 ملجم/لتر |
0.3 ملجم/لتر |
رصاص |
0 |
0.02 ملجم/لتر |
ماغنسيوم |
14 ملجم/لتر |
125 ملجم/لتر |
نيترات |
10 ملجم/لتر |
25 ملجم/لتر |
كبريتات |
125 ملجم/لتر |
250 ملجم/لتر |
خارصين |
1.5 ملجم/لتر |
- |
صوديوم |
32 ملجم/لتر |
50 ملجم/لتر |
ساحة النقاش