دور المرأة المصرية في حرب أكتوبر
إعداد
د/ صابر أحمد عبدالباقي
كلية الآداب-جامعة المنيا


 

    نحتفل هذه الأيام بمرور 35 عاما علي حرب أكتوبر وللمرأة دائما دور فعال ومؤثر في حياة الشعوب، والتي عاصرت حرب أكتوبر هي أم البطل وزوجة الشهيد، وهي المرأة التي دفعت بأولادها علي خط الجبهة، وحمت الجبهة الداخلية لتسطر في تاريخ مصر أروع قيم التضحية والعطاء..

    المرأة في السويس تحملت كثيرا أثناء حرب أكتوبر فهي التي دفعت بالابن والزوج علي خطوط الجبهة. وهي التي هجرت من وطنها بسبب الاحتلال، وهي التي شاركت في سنوات الحصار علي السويس وكانت مثابرة ولم تهزل وتنحني من غدر العدو، بل إنها غرست الصبر والمثابرة والتحمل في نفوس أولادها لخلق جيل جديد قادر علي العطاء ومواجهة التحديات. كما أن بعض النساء شاركن في المقاومة الشعبية بالسويس.الست فاطوم ، تلك المرأة المصرية العظيمة التي لم تكن تملك من الدنيا سوى عشر دجاجات ذبحتها كلها لرجال المقاومة ، وكانت تعمل ، قدر استطاعتها ، رغم القصف الشديد - على نقل الذخيرة وتضميد جراح الأبطال الشجعان. أما فلاحة فايد فقد كلفها أحد الضباط أن تذهب إلى مكان تمركز آليات العدو ومجنزراته تختبئ بين الأشجار الكثيفة في منطقة فايد وسرابيوم ويريد أن تسبق خطته استطلاع جيد تقوم به هذه الفلاحة. وتصوروا ماذا فعلت القروية المصرية؟ حملت ابنتها على كتفها زيادة في التمويه على العدو لتستطيع أن تؤدي مهمتها بكفاءة. ويمكن للإنسان أن يكون فدائيا ويقدم على (المهمة) رغم معرفتها بخطورتها على حياته، ولكن أن يعرض حياة ابنه للخطر، فهذا هو الغريب. أطباء وهيئة تمريض مستشفى السويس الأميري بقوا يزودون عن مدينتهم ويقاومون محاولات العدو الاسرائيلي لاقتحام المدينة. ورغم وجود حوالي 200 سرير في المستشفى يخدمها طاقم من 20 طبيبا و 78 ممرضة فقط ظلوا يعملون 24 ساعة يوميا أثناء المعارك وما بعدها. تقول الحكيمة (إصلاح محمد) من القاهرة : "لم نكن نخشى شيئا، وفي بعض الظروف حين تقل إمدادات الدم كنا نتبرع بدمائنا للجرحى....".

    مثلت فترة ما بعد نكسة 1967 معاناة كبيرة شاركت فيها المرأة السيناوية وكان لها دور فعال وايجابي في المقاومة بجانب الرجل والمرأة البدوية كان لها أثر فعال في حرب أكتوبر فهي التي قامت بتهريب الفدائيين وعلاجهم ومساعدتهم في الوصول الي الأراضي المصرية عقب طرق لم يعرفها العدو رغم أن تلك المرأة لم تتعلم ولم تدرب ولكن بفطرة الانتماء وحب الوطن دافعت عن أرضها في مواجهة العدو. وعلي مدار اثني عشرعاماً من الاحتلال لم يستطع العدو الاسرائيلي التغلغل داخل كيان أهل سيناء أو تجنيد أحد أبنائها لأن المرأة المصرية زرعت في نفوس أطفالها عن طريقة تربيتها لهم حب الوطن وعندما أراد العدو الصهيوني "تدويل سيناء" من خلال مؤتمر دولي في الحسنة وقف جميع أهل سيناء رجال ونساء قالوا "ان باطن الأرض خير لنا من ظهرها اذا تخلينا عن مصر أو فرطنا في سيناء...".

    وقد شاركت المرأة المصرية في حرب أكتوبر 1973 من خلال مقار التنظيم النسائى والجمعيات النسائية الاهلية في خدمة أسر الشهداء والجرحى وفي بث الحملات الإعلامية للتطوع في التمريض والتبرع بالدم وفي تدعيم الجبهة الداخلية .
 
    كما تكونت (لجنة صديقات القلم) لترجمة كل ما يكتب عن القضية المصرية وإرساله لمختلف الإتحادات والمنظمات النسائية في العالم لإعلام المرأة في العالم بحقيقة ما يدور في الشرق الأوسط .

    المرأة أثناء حرب أكتوبر كانت تعاني من تدني الأوضاع سواء صحيا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو سياحيا وهذا لظروف البلد أثناء إعدادها للحرب ووقت الحرب ولكن رغم ذلك كانت علي أعلي مستوي في الجبهة الداخلية فأثناء الحرب عملت بالمستشفيات من خلال الهلال الأحمر ووقفت بجانب الجنود المصابين والمعاقين تساندهم وتضمد جراحهم بالاضافة إلي أن المرأة في موقع القيادة في هذا الوقت وزوجات المسئولين أو الوزراء والضباط قمن بجمع التبرعات وشراء ملابس وبطاطين وكافة احتياجات الأسرة وتوزيعها علي الأسر التي فقدت العائل بالاستشهاد في الحرب أو الإصابة. معامل الدم خلال هذه الفترة في الإسكندرية والقاهرة وأسيوط والمنصورة امتلأت بأكياس الدم من المتبرعين ولم يعد هناك إمكانية لقبول متبرعين جدد. وعندما بدأت لجان جمع تبرعات المجهود الحربي كانت أسر فقيرة كثيرة تتبرع بكل مخزونها من الأرز والقمح والذرة. وشاهد البعض سيدةً عجوزاً تتبرع "بحلة نحاس" وطفلةً تتبرع بحلق ذهب في أذنها. وأطفالاً يتبرعون بما تضمه "الحصالة" من قروش قليلة جداً!!.. كان المشهد رائعاً جداً... الكل يريد أن يجود بأي شيء تملكه أو تطوله يده من أجل المجهود الحربي..

    الشهداء الابرار تركوا من ورائهم زوجات في سن الشباب وأبناء في عمر الزهور. شكرية زكي خلة مثال للزوجة الصابرة التي كافحت لتربية أولادها بعد استشهاد زوجها في حرب اكتوبر 1973، قالت: استشهد زوجي صبحي مرزوق رزق في 17 اكتوبر 1973 في منطقة القنطرة شرق في الجيش الثاني الميداني حيث انضم إلي القوات المسلحة خلال فترة الاحتياط الخاصة وهو خريج تربية رياضية.. بعد استشهاده مضت الحياة بي أنا وأولاده مجدي وكان عمره عامين وأشرف وكان عمره عاما واحدا وهو معاق. نجية عبدالله حمزة زوجة الشهيد حجاج عبدالهادي حجاج وكان متطوعا خدم في سلاح المركبات، تقول : استشهد زوجي وعمري 19عاما، لم أفكر في الزواج من بعده وقررت أن أتفرغ لتربية ابنتي التي تركها لي وعمرها 7 أشهر والآن تخرجت في كلية العلوم قسم الكيمياء وتزوجت ولديها 3 بنات. بعداستشهاد زوجي برجولة دفاعاً عن أرضه ووطنه ليكون فخراً لابنته من بعده قررت ألا أكون أقل منه تضحية فقد ضحي بحياته فلماذا لا أضحي وأصبر من أجل ابنتي وتخليد ذكراه في قلبي وحياتي؟! عبدالجيد ابراهيم عبدالجواد يقول: استشهد شقيقي محمد في 23 اكتوبر عام 1973 في منطقة أبوعطوة بالاسماعيلية وكان مرتبطا بخطبة مع فتاة ووفاء له تزوجت خطيبته بعد استشهاده وهي معي منذ 30 عاما أنجبنا 4 أبناء وأطلقت علي ابني الأكبر اسم شقيقي الشهيد. سهير أحمد حافظ زوجة الشهيد مدحت عبداللطيف مكي وكان نقيبا في القوات المسلحة ومنح رتبة استثنائية لرتبة الرائد وكان يخدم في سلاح المشاة.. واستشهد في العاشر من اكتوبر 1973 في منطقة القنطرة بعد عبوره إلي الشرق بعد أن مضي علي زواجنا ستة أشهر وكانت إجازاته 3 أيام فقط قبل الحرب بعشرة أيام حيث جاءنا ليلاً وغادر بعدها المنزل وشعرت أنني لن أراه. بالفعل تحقق احساسي واستشهد زوجي ، وانتقلت إلي القاهرة وحصلت علي بكالوريوس تجارة من جامعة القاهرة ، ثم حصلت علي دبلوم في الإدارة العامة ، وعملت مدرسة في معهد اعداد الفنيين التجاريين بالروضة والذي أصبح بعد ذلك جامعة حلوان ، ثم تركت العمل وتطوعت في الهلال الأحمر المصري الذي وهبته حياتي ، وخصصت مجهودي للعمل التطوعي لأنني لم أنجب من زوجي. وقد شاهدت زوجي في أكثر من رؤيا يخبرني بأنه لم يمت.
-----------------------------------------------------------------
المراجع :
- حسين الطنطاوي ، بطولات حرب رمضان : رواية شاهد عيان ، دار الشعب ، القاهرة ، 1974.
- جرائد : الجمهورية ، والمصري اليوم ، أعداد مختلفة بناسبة الذكرى الخامسة والثلاثون لانتصار أكتوبر 1973.
- الشبكة الدولية للمعلومات ، مواقع متعددة ، أكتوبر 2008.

  • Currently 71/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 680 مشاهدة
نشرت فى 6 ديسمبر 2008 بواسطة drsaber

ساحة النقاش

د. صابر أحمد عبد الباقي دكروري

drsaber
مدرس علم الاجتماع كلية الآداب جامعة المنيا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

413,000