كان يا ما كان ... في سالف الزمان ... قام الصليبيون وهجموا علي بيت المقدس في فلسطين واستولوا عليه واحتلوه .

وكانت هناك امراة كبيرة في السن تعيش في بيت قديم مع ابنها الوحيد احمد .

فقالت له امه ذات مرة : يا احمد لقد استولي الجنود الصليبيون علي كل ما تركه ابوك لنا واخذوه بالقوة ولم يبق عندنا الا بقرة واحدة فاحرص كل الحرص علي الا يراها الصليبيون حتي لا ياخذوها ... واهتم بها يا احمد لنشرب من لبنها .

قال احمد : تحت امرك يا امي ... سوف اعتني بها واحافظ عليها ... وساذهب بها الان الي الحقل لتاكل وتشرب .   

ذهب احمد الي الحقل ومعه تلك البقرة لتاكل وتشرب ... وجلس تحت ظل شجرة يستمتع بالهواء النقي ويراقب البقرة حتي لا تذهب بعيدا فهي الان مصدر الغذاء الوحيد له ولامه .

وفجاة سمع احمد صوت اقدام الجنود الصليبيون وهم يقتحمون المكان فقد كانوا يطاردون بعض الجنود المسلمين فاسرع احمد من مكانه واخذ البقرة واختبا بها خلف بعض الاشجار ... وظل مختبئا لفترة طويلة حتي يطمئن انهم قد ذهبوا بعيدا .

وقرر احمد ان يعود بالبقرة الي امه ليسقيها اللبن وفجاة قابل احمد جنديا مسلما يحمل جنديا اخر جريحا .

فقال له الجندي : يا بني اريدك ان تحضر لنا كوبا من الماء .

فبحث احمد عن الماء فلم يجد ماء ... واخذ يفكر ماذا يصنع ؟ واذا به يجد البديل الافضل فاخذ الكوب الكبير وراح يحلب البقرة حتي امتلا الاناء بالحليب ثم قدم الاناء لهما ... فشرب الجندي الجريح حتي ارتوي ثم اعطي زميله فشرب .

قال الجندي الجريح لاحمد : جزاك الله خيرا يا بني فقد انقذت حياتنا . فقال احمد : بل جزاكم الله خيرا فانتم الذين تدافعون عن المسجد الاقصي وتحاربون اعداء الله .

- انصرف الرجلان ... وعاد احمد الي البيت ليجد امه في غاية القلق عليه فلما راته سالته : لماذا تاخرت يا احمد واين كنت ؟

- فاخبرها احمد بالقصة كلها ... وعلمت الام انها ستنام هذه الليلة بلا طعام ولا شراب بعد ان سقي احمد اللبن كله للجنديين .

- ومرت الايام والشهور ومازالت الحروب مستمرة بين المسلمين والصليبيين حتي انتهت تلك الحروب بانتصار المسلمين . وفي يوم من الايام كان احمد واقفا امام البيت فراي رجلين يقودان ثلاثين بقرة فتعجب لهذا المنظر وبخاصة عندما راهما يتجهان الي بيته .

فقال احدهما لاحمد : جزاك الله خيرا علي ما صنعت ... وهذا البقر هدية لك من القائد الذي انقذت حياته يوم ان سقيته اللبن ، فقال احمد : انا لم افعل شيئا غير الواجب الذي يجب ان يفعله اي انسان في هذا الموقف .

فقال الرجل : لقد انقذت حيات قائدنا وكان لابد من مكافاتك .

فرح احمد فرحا شديدا ودخل علي امه ليبشرها بهذا الخبر السعيد .

فقالت له امه : يا بني ... من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه وهذا هو جزاء المعروف الذي فعلته ... ولله الحمد

المصدر: حكايات عمو محمود - للشيخ محمود المصري
  • Currently 142/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
47 تصويتات / 908 مشاهدة

ساحة النقاش

دكتوره رقيه محمد طه متولي

drrokaiataha
ماجستير ودكتوراه فلسفة العلوم الزراعيه بساتين الخضر 2002 جامعه اسيوط »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

791,850