ابو اسحاق ابراهيم بن ادهم .كان من اهل بلخ ، ودخل الشام ومات بها سنة 161 او 162 هجرية .
كان ابراهيم من اولاد الملوك وكان قد نام علي السرير ذات ليلة ، فشعر برجل يسير فوق سقف قصره في منتصف الليل ، فصاح من ؟ قال : عارف ، فقدت ناقة ، وابحث عنها علي هذا السطح .فقال له : يا جاهل !اتبحث عن ناقة فوق السطح ؟ فقال له : وانت يا غافل !اتطلب الله وانت نائم في ثوب حريري علي سرير من ذهب ؟
ولما طلع النهار جلس ابراهيم علي الرش حائرا حزينا . وفجاة دخل رجل مهيب ، واخذ يتقدم الي العرش ، فقال له ابراهيم : ماذا تريد ؟ قال : اريد ان انزل في هذا الرباط ، فقال له : ليس هذا رباط انه قصري ، اانت مجنون ! قال : لمن كان هذا القصر قبل ذلك ؟ قال : كان ملكا لابي ، قال : ولمن كان قبله ؟ قال : كان ملكا لجدي ، قال : ولمن كان قبل ذلك ؟ قال : كان ملكا لفلان ، قال : واين هم ؟ قال : رحلوا جميعا ،
قال : الم يكن هذا القصر اذن رباطا واحدا ياتي اليه واخر يمر عليه قال هذا واختفي ،
ثم يخرج ابراهيم متصيدا ، فسمع في الصحراء صوتا * انتبه * فلم يهتم ومضي ، فسمع الصوت نفسه للمرة الثانية ولم يهتم ، وسمعه للمرة الثالثة فابتعد عنه ، وفي المرة الرابعة سمع صوتا * انتبه قبل ان تنبه * ففقد صوابه .
فجاة ظهر غزال وحدثه قائلا : الهذا خلقت ام بهذا امرت ، فانصرف عن الغزال . فهتف قربوس سرجه بالكلام نفسه الذي كان قد سمعه من الغزال ، فاصابه خوف وفزع ، وتاب توبة نصوحة .
ثم رحل الي نيسابور وانزوي في غار . وسكنه تسعة اعوام ، ولما علم الناس بامره . فر من الغار واتجه الي مكة ، وفي الوقت الذي كان الشيخ ابو سعيد قد ذهب الي زيارة الغار ، قال : سبحان الله ! ان كان هذا الغار مفعما بالمسك لما فاحت منه مثل تلك الرائحة التي بقيت عن هذا الرجل .
يروي انه سئل : ماذا حل بك حتي تركت الملك ؟ ، فقال : كنت قد جلست علي العرش يوما فوضعت امامي مراة نظرت فيها ، فرايت قصري قبرا لا مؤنس فيه ، ورايت السفر طويلا امامي ولا زاد لي ، ورايت قاضيا عادلا ولا حجة لي ، ففتر الملك عن قلبي .
وقال : اننا بحثنا عن الفقر فتحقق لنا الغني ، واخرون بحثوا عن الغني فتحقق لهم الفقر .
وقال : الاخلاص صدق النية مع الله تعالي .
وقال : اشتريت غلاما ذات مرة وقلت :ما اسمك ؟
قال : ما تسميني به .
قلت : ماذا تاكل ؟
قال : ما تطعمني ؟
قلت وما تلبس ؟
قال : ما تلبسني اياه .
قلت : ماذا تفعل ؟
قال : ما تامرني به .
قلت : ما تطلب ؟
قال : واي شان للعبد بالطلب .
فقلت في نفسي : ايها المسكين !علي اي نحو كنت عبدا لله طول عمرك !فلتتعلم العبودية . وبكيت حتي فقدت صوابي .
يروي : ان رجلا قال له : اوصني ، قال اذكر الله ودع الخالق . واوصي اخر قائل : افتح المغلق وقيد اللسان السليط
وسالوه : ما سبب ان ندعو الله فلا يستجيب ؟ قال :
لانكم تعرفون الله ولا تطيعونه .
وتعرفون الرسول ولا تتبعون سنته .
وتقراون القران ولا تعملون به .
وتاكلون نعمة الله ولا تشكرونها .
وتعلمون ان الجنة مزينة للمطيعين ولا تطلبوها .
وتعرفون ان جهنم معدة بالاغلال النارية للعاصين ولا تفرون منها .
وتعرفون ان هناك موتا ولا تستعدون له .
وتوارون الام والاب والابناء التراب ولا تاخذون العبرة من ذلك .
وتعلمون ان الشيطان عدو لكم ولا تعادونه بل وافقتموه .
ولا تقلعون عن العيب . وتنشغلون بعيوب الاخرين .
واناس علي هذا النحو كيف يستجاب لهم الدعاء .
ساحة النقاش