كان هناك شاب اسمه عمار وكان يعيش مع اسرته وكان بارا بوالديه ... فلما ضاقت عليه اسباب المعيشة قرر ان يسافر الي بلدة قريبة من قريته يفصل بينهما البحر ...وذلك من اجل ان يعمل وينفق علي اسرته الفقيرة .
وبعد مرور عام من الغربة كان عمار قد جمع مبلغا طيبا من المال واراد ان يعود لاسرته ليدخل عليهم البهجة والسرور .
ووقف عمار علي شاطيء البحر ينتظر قدوم السفينة التي سيؤكبها ليعود الي وطنه واسرته .
وبعد وقت طويل جاءت السفينة ووقفت علي الشاطيء وبدا الناس في الصعود علي ظهر السفينة وشحن امتعتهم واغراضهم .
فلما تحركت السفينة نام عمار من شدة التعب فقد وقف وقتا طويلا في انتظار السفينة .
وبدات السفينة تشق امواج البحر متجهة الي بلدة عمار .
وفجاة احس عمار بصوت ينادي عليه ففتح عينيه فراي رجلا طويلا غليظ الصوت يقول له : اعطني النقود التي معك .
فقال عمار : اتق الله فهذه النقود جمعتها في عام كامل من الكد والتعب والعمل المتواصل لاذهب بها الي اسرتي .
فقال الرجل : ان لم تعطني النقود فسوف اذبحك .
قال عمار : خذ بعض المال واترك الباقي لاذهب به الي اسرتي .
قال الرجل : بل ساخذ المال كله
قال عمار : والله لن اعطيك شيئا وافعل ما شئت فالله وحده هو القادر علي ان يكفيني شرك .
اخرج الرجل سكينا ورفعها ليضرب بها عمار فحدثت المفاجاة التي لا تخطر علي البال ... فلقد انزلق قدمه علي ظهر السفينة وسقط علي الارض فدخل مسمار في قدمه وطارت السكين من يده واخذ يصرخ ويصرخ .
نظر اليه عمار والدماء تسيل من قدمه فقام علي الفور واخرج المسمار من قدم اللص وربط جرحه بالمنديل الذي كان معه .
فلما راي اللص ما فعله عمار من اجله اخذ يبكي بكاء شديدا وهو يقول : تفعل معي كل هذا وانا الذي كنت ساقتلك منذ لحظات .
قال عمار : والله لقد سامحتك ولكن عليك ان تتوب الان الي الله وان تكثر من الاستغفار .... واعلم ان المال الحرام لا ينفع صاحبه في الدنيا ولا في الاخرة .
فقال اللص : سامحني يا اخي فقد تبت الي الله بعد ان تعلمت منك درسا لن انساه ابدا واعاهدك الا اسرق بعد اليوم .
فاحتضنه عمار واخذ يبكي فرحا لتوبته ... وتواعدا علي اللقاء بعد ذلك في المسجد القريب من بيت عمار ...واخذ عمار يطعمه ويسقيه طوال الرحلة حتي وصلا الي القرية سالمين بحمد الله .
الدروس المستفادة
1- حرص المسلم علي بر والديه وعلي ان ينفق عليهما ولا يبخل ابدا فان ذلك يجلب له الخير كله في الدنيا والاخرة .
2- ان المؤمن ياخذ بالاسباب فاذا ضاق عليه الرزق في مكان فعليه ان يذهب ليطلب الرزق في مكان اخر ... كما فعل عمار فقد سافر ليعمل في بلدة اخري .
3- ان المسلم باخلاقه العذبة من الممكن ان يكون سببا في هداية من حوله ... فقد راينا كيف ان عمارا كان سببا في هداية هذا اللص باخلاقه العذبة وعفوه عنه .
4- من الحكمة الا نتعامل مع الناس باخلاقهم اذا كانت سيئة ... فاللص اراد قتل عمار ولكن عمار في نفس اللحظة قام لينزع المسمار من قدمه لينقذه فكان هذا سببا في توبته وعودته الي الله .
5- انه اذا اخطا انسان في حقك ثم طلب منك ان تسامحه فعليك ان تقبل عذره وان تسامحه ...كما فعل عمار فقد سامح اللص بمجرد ان قال له : سامحني
ساحة النقاش