يشير الدكتور سميح امير استاذ علم نفس الطفل بجامعة القاهرة الي ان التربية اليوم اصبحت علم صعب .اختلطت فيه مدخلات عديدة كالتليفزيون والكمبيوتر والنادي وحالة عدم الرضا المنتشرة بين الابناء لنظرتهم للغير ، والتفاوت الطبقي الواضح ، وينبه الي ان هناك نقاطا لا يهتم بها الاباء وتؤثر سلبا علي الابناء ، منها ان الحب والحنو ابلغ من تقديم المال لان الابناء في حالة حصولهم علي كل شيء بسهولة ويسر يدركون مع الوقت ان الوالدين يرفعونهم الي منزلة من الاهمية لم يكتسبوها عن حق مما يجعلهم انانيين ، فالاهتمام الزائد عامل هدام لشخصية الابناء خاصة اذا لم يكونوا علي درجة من الالتزام والطاعة .

فالاهل في كثير من الاحيان يجهلون الهدف الاسمي من التربية والذي يتلخص في مساعدة الصغار علي الاستقلال بشرط القيام بالواجبات المطلوبة منهم بنجاح .

واضاف ان غياب الاب بالسفر والانهماك في جمع المال لتيسير وتامين حياة الاولاد خرافة يصدقها ، لانه يتناسي ان حضوره ضروري وعنصر قوة في التربية ولا يكون الابناء سعداء بغيابه ، فكم قال اطفال يعالجون نفسيا ( كم اتمني ان يحضنني والدي بالحب ويقول اني احبك بدلا من المكالمات التي نسمعها في سفره ولا تترك اي سعادة في نفسي ) .

وحقيقة الامر ان الصغار تواقون الي مزيد من العاطفة الصريحة من الاباء والتوجيه المباشر حتي لو كان لوما او عتابا ، فالاتصال اليومي بين الاسرة يكسبهم الامان والثقة ، والنظر للعالم المحيط بالابناء يتطلب الاستيعاب من الوالدين والنصح دون مباشرة ، لان الرقابة المشددة تخيف الابناء كما ان الاهتمام الكثير بلا تاديب امر محفوف بالمخاطر لاستسهال الخطا طالما لا عقاب .

وليتذكر الاباء ان التاديب هدية محبة دائمة للابناء لانه لمصلحتهم ومستقبلهم ، ولا مانع بعد ذلك من الحنو والتدليل حتي لا يترك التاديب اثرا نفسيا سيئا يجلب للابن التعاسة

هذا.. وتعلق الدكتورة اسماء حمدي استاذ علم الاجتماع علي ما سبق قائلة ان اسعاد الابناء اليوم امر صعب لان مباهج الحياة متعددة ،ولا يمكن توفيرها الا لقلة من الاباء مما يجسد عند الابناء قصور الوالدين في اسعادهم ، لكن في حالة فهم الوالدين لاسس التربية الصحيحة يكون الدرس الاول فيها هو الرضا بالممكن والسعي بالجهد والكفاح للحصول علي المستحيل ، ثم يلي ذلك الاعتدال في المعاملة بالحسني والتفاهم ..والبعض يقول ان الاسرة مجتمع ديمقراطي دون تطبيق ذلك داخلها فالكلمات صارمة دون حوار دون ان يفهم الابناء لماذا لا ولماذا نعم والمطلوب من الاولاد الطاعة العمياء وصارت عبارة مثل (  لانني قلت ذلك فلا مناقشة لانني ابوك والقرارات مسؤليتي )تفقد الابناء الرغبة والحماس لمعرفة الصواب من الخطا بل وتصيبهم بالقهر الفكري والشعور بالدونية والاقلال.

واضافت ان بعض الاهل يتوهم ان دورهم حماية الابناء من الاحباط غافلين ان الحياة مليئة بالخيبات ولا يمكن تنمية القدرة علي احتمال الازمات الا من خلال مواجهتها حتي يتعلم الابناء تحويل المحنة لارادة وتحد يحول الفشل لقوي ايجابية يحتاجون اليها في الحياة .

 لذلك كله لابد من اعطاء الابناء جرعات منتظمة من فيتامين *لا*لانه غذاء جيد لبناء الشخصية فليس مطلوبا توفير كل ما يطلبه الصغار ، لان ذلك يحبب اليهم الكسل عن السعي من اجل الحصول علي الامنيات وذلك في زمن يحتاج الي العمل المتواصل للوصول الي ما نريده واستيعاب الابناء لماذا نرفض تلبية هذا المطلب او ذاك لاسبابمالية واولويات ضرورية يعودهم ان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه بسهولة ،مع التاكيد علي ان استخدام لا بلا حوار يتعس الصغار ويربكهم ، كما اشارت الي ان تحقيق السعادة للابناء يختلف من اسرة لاسرة بقدر طموحات ومهارات الصغار .

ونصحت بتعويد الصغار علي المشاركة في مهام الاسرة ، لان وضع العمل ضمن منظور انساني صحيح من خلال التعاون الجماعي لافراد الاسرة يعظم دور الجهد .

وقد لخص تولستوي دور العمل في جملة واحدة ( بوسع المرء ان يعيش حياة سعيدة في هذه الدنيا اذا عرف كيف يعمل وكيف يحب فيعمل من اجل ما يحب ويحب ما يعمل ). ويمكن تطبيق هذه المقولة في الاسرة بتوزيع الادوار واحترام ومكافاة من يؤدي افضل عمل لتقديم البقدوة للابناء بان السعادة عملية متبادلة واحساس جماعي ذلك في جلسات تقارب وحميمية لمنح الاولاد الدعم والتفاؤل بالمستقبل في ظل قوة الوالدين التي تقف بجوارهم وتساندهم في كل خطاهم .

المصدر: الاهرام 19 فبراير 2010

ساحة النقاش

دكتوره رقيه محمد طه متولي

drrokaiataha
ماجستير ودكتوراه فلسفة العلوم الزراعيه بساتين الخضر 2002 جامعه اسيوط »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

794,638