من نحن ؟ وكيف حدثت التغيرات الكبيرة عبر القرن الماضي في تشكيلنا ؟ خاصة في الربع الأخير منه، وكيف غيرنا علم الجغرافيا ؟ وكيف أن التغيرات في تركيبة المختصين قد غيرت الاختصاص ؟ وبصورة أدق ، التغيرات في طبيعة الأسئلة التي نسألها كجغرافيين ؟ ولماذا ما نشكله نحن الجغرافيون شيئا مهما ؟
إن ما نسأل عنه يحدد طبيعة الموضوع الذي ندرسه ، والأسئلة هي التي تؤطر نشاطنا
و تعكس ، جزئيا ، خبرتنا أفرادا ومجاميع . وتعتمد هذه الخبرات على ما تدربنا على القيام به في الاختصاص ، وأين ومتى وما هي الظروف التي نعيشها . كما تعتمد على الجنس (ذكر أم أنثى) ، سوي أم منحاز ، سليم بدنيا أم جالس على كرسي متحرك ، أبيض أم أسود ، وغيرها . إضافة إلى هذه الخصائص ، فللموقع الاجتماعي ، وشبكة العلاقات الاجتماعية – الاقتصادية – الحضارية لها تأثيرها على القدرات الذاتية .
عندما يلاحظ مجموعة من الأفراد حادثا ما (وليكن الطمر الصحي) فان كل واحد منهم قد يركز على جانب معين ، وينظر له من زاوية مختلفة ، أو قد يفكر في استثمار عملية الطمر الصحي في دراسة عن : أنماط استهلاك السكان ، العلاقات الجنسية ، تقنيات النقل التي ساهمت في جمع النفايات ، مخاطر التسمم وتلويث المياه الجوفية ، وغيرها . والقدرة على رؤية ما قد لا يراه الآخرون هي في جوهرها عملية الإبداع العلمي ، وهي تعكس جزئيا التباين في وجهات النظر الناجمة عن الموقع الاجتماعي والخبرة .
إن معظم الجغرافيين من الذكور ، وهذه هي التي شكلت الخبرة الذاتية والتراكمية لطبيعة الأسئلة التي يطرحها الجغرافيون ، وعلى أساس هذا جاءت المفاهيم الجغرافية ، حيث تم التأكيد على استجابات عضوية لعالم غير عضوي ، والنضال من اجل البقاء في بيئة غير ودودة . ففي العالم الجديد (أمريكا) فان الخبرة المعاشة تعكس سيطرة البرية . فالمستوطنون الأوائل قد واجهوا صيفا حارا و شتاء قارس البرودة ، ومواسم نمو غير معروفة المدة (زمنيا) و تضاريس غير مألوفة . وقد تجاوز الأغلبية هذه الصعوبات .
وقد عكست الأسئلة البحثية ، وبشكل كبير ، الأزمنة والأماكن التي عاش فيها سائلوها . فالأسئلة لا يمكن فصلها عن بيئتها الجغرافية وتاريخها الاجتماعي ، إنها تشكل أسئلة واجهوها بأنفسهم . وتتباين الأسئلة زمانيا ومكانيا ، كما تتباين مع الوضع الذي كان به الباحث من حيث الزمان والمكان . والأسئلة التي تطرحها الأبحاث من الضروري أن تخدم المجتمع ، المجتمع ذي التنوع الكبير . ولأن موقع الباحث في هذا التنوع يؤثر على الأسئلة التي يوجهها . وحتى يخدم المجتمع بكل تنوعاته ومصالحه نحن (الجغرافيون) بحاجة إلى ضم المواقع الاجتماعية المختلفة لما تمثله من خبرات المجتمع . وليس المقصود هنا أن جنس الباحث أو العرق الذي ينتمي إليه سيحدد الأسئلة التي يطرحها ، ولكن لها صلة بالخبرة الحياتية وبالأسئلة التي يعدها للتقصي . لذا فان تحديد هويتنا (من نحن) أمر مهم لانعكاسه في طبيعة الأسئلة التي نوجهها .
مــن نــحـــــن
تأسست جمعية الجغرافيين الأمريكان عام 1904 ، وضمت حينها (46) ذكر و(2) أنثى بيض . والآن تضم الجمعية حوالي (7500) عضوا ، (40%) منهم ذكور بيض ، وهي في اتساع مستمر . وعلى الرغم من النمو العددي الكبير ، إلا أن تمثيل غير البيض لازال ضئيلا ، فالأعضاء متجانسون من حيث الجنس و العرق رغم مرور قرن من الزمان . وخلال العقود الأولى من تأسيس الجمعية ، كانت العضوية فيها تتم من خلال توجيه دعوة لجغرافيين لهم نتاجاتهم المنشورة و مساهماتهم البحثية ، ولهم من يرشح قبولهم من داخل الجمعية . وقد أبقت هذه السياسة الجمعية بحالة تجانس نسبي بين الأعضاء وحتى عام 1963 ، حيث فتحت أبواب الانتماء للراغبين والقادرين على تسديد رسوم الاشتراك . ومع هذا بقيت مشاركة الاقليات والنساء محدودة. ولكن غياب النساء عن الانتماء للجمعية لا يعني أنهن بعيدات عن الاختصاص .
بين عامي 50 – 1970 كانت نسبة من منح شهادة الدكتوراه في الجغرافيا (6%) من مجموع الجغرافيين ، وفي عام 1975 شكل العنصر النسوي (16.7%) من مجموع أعضاء الجمعية ، و فقط (7%) من مجموع حملة شهادة الدكتوراه من أعضاء الجمعية ، وكانت نسبة السود (1%) من مجموع أعضاء الجمعية، ومثلها من الآسيويين ، واقل من نصف واحد بالمائة من أمريكا اللاتينية .
ومنذ ذلك الحين بدأ التنوع بين أعضاء الجمعية . وفي عام 2003 ضمت الجمعية أعضاء
(28%) كانت ولادتهم خارج الولايات المتحدة ، ومن (61) بلدا . وفي عام 2002 كان (31%) من أعضاء الجمعية من الإناث ، و (45%) من الطلبة الأعضاء في الجمعية من الإناث . ولازال اقل من (8%) من أعضاء الجمعية من الآسيويين والسود و اللاتينيين ، رغم أن هذه الفئات تشكل حوالي (30%) من مجموع سكان الولايات المتحدة . الأرقام أعلاه هي نقطة البداية لفهم التشكيل الضمني للاختصاص ، والذي يؤثر على الأسئلة التي نطرحها كجغرافيين .
إن التغيرات التي تطرأ على التخصصات وطبيعتها هي في جوهرها عملية اجتماعية تعتمد التنوع والتفاعل الذي يحدث في الغالب في المجتمع . وبالانتباه إلى الأساس الاجتماعي لخلق وقبول هيكلية البحث العلمي ومفاهيم التخصص ، حينها يمكن التعرف على المجاميع التي لها تأثير على أسئلة الاختصاص . وبالنسبة إلى الإناث في الاختصاص ، فان الإمكانات الضمنية للتأثير تعتمد على الأعضاء فقط ، ولكن وبشكل دقيق على الموقع ضمن الاختصاص . فالنساء قد تم توقيعهن بشكل غير متناسب في مواقع صغيرة ، ومؤسسات ذات توجه تقني ، وفي مجالات غير أكاديمية . وفي دراسة حديثة للجمعية وجد أن حوالي (30%) من الإناث الأعضاء في الجمعية لسن طالبات وليس من حملة لقب الأستاذية . وضمن المجال الأكاديمي ، لازلن في مواقع هامشية، خلال عقد الثمانينات . وفي عام 8-1989 فقط (3%) من حملة لقب الأستاذية الكاملة في الجغرافيا من الإناث ، ولم تتغير هذه النسبة منذ عام 1970 . ولهذا السبب فان تأثيرهن على اجندة البحث الجغرافي شبه معدومة .
الأسئلة الجغرافية
لقد تغيرت طبيعة الأسئلة التي نوجهها منذ 1904 ، جزئيا بحكم الزمن وجزئيا لتوسع وتراكم الخبرة البحثية . وفي الوقت نفسه ، وعند النظر إلى الموضوعات المقدمة في مؤتمرات الجمعية خلال السنوات السبع الأولى فإنها تعكس المشاكل التي كان الجغرافيون يعالجوها آنذاك .
ولأجل إعادة قراءة الأسئلة الجغرافية المطروحة خلال المائة عام المنصرمة فقد تم الاطلاع على العدد الأول من مجلة الجمعية عام 1911 ، الذي يضم أربع أبحاث و مستخلصات . تعكس عنوانات الأبحاث المقدمة للجمعية بين عامي 1904 – 1910 العدد القليل من المنتمين للجمعية جراء صعوبة الانتماء إليها ، كما تعكس اهتماماتهم أيضا : تأثير البيئة الطبيعية (لا عضوية) على العضوية (الحيوية) . ورغم أن معظم هذه الأبحاث ناقشت أسئلة في جغرافية الطبيعة ، إلا أن هناك أخرى ناقشت مسائل في جغرافية المدن ، السكان ، النقل ، و الجغرافيا الإقليمية ولكن ضمن هيكلية الحتمية البيئية . ولعل التأثير المباشر كان على أبحاث الجغرافيا الاقتصادية ، الفرع الذي تشكل عند نهاية القرن التاسع عشر ، و واجه تغيرا جوهريا جراء التركيز على الإنسان كعامل ذي فاعلية في المحيط الطبيعي وليس ضحية سيطرة الطبيعة وهيمنتها.
وعلى الرغم من سيادة مبدأ الحتم البيئي في الأبحاث الأولى ، وعلى الرغم من ضيق مدى الأسئلة المطروحة ((كيف تشكل البيئة الطبيعية النشاط البشري والكائنات الأخرى ؟)) ، فالملفت للنظر استمرار سيطرته على اهتمامات الجغرافيين : العلاقة بين الإنسان والبيئة ، و التحليل الإقليمي (ملاحظة العمليات التي تعتمد المكان) ، وسائل التحليل الجغرافية ، والصلات عبر المجال .
ويبدو أن كاتبي الأبحاث الأولى المقدمة في الاجتماعات السنوية الأولى للجمعية بين 1904 و 1910 ، قد يجدون لهم مجالا في المؤتمر المئوي . فالموضوعات التي طرحوها هي :
- المناخ والأمراض : كيف يرتبطان ؟
- صناعة الخارطة في الولايات المتحدة .
- الطبوغرافية العلمية .
- ملاحظات عن فيضان المسـسبي عام 1903 والسنوات الأخرى .
- جغرافية الوطن (الولايات المتحدة الأمريكية) .
- تأثير التغيرات المناخية على التاريخ .
وبعض العنوانات الجيدة التي يمكن أن تضاف إلى برنامج مؤتمر عام 2004 :
- مثال عن سهول فيضية أنتجت بدون فيضانات .
- تأثير تعدين الذهب والفضة على خصائص الإنسان ، أفراد و مجتمع .
- الطريقة الجديدة لإيجاد الموقع الجغرافي GPS
واليوم فان بعض صناع السياسة يهتمون بموضوعات الأبحاث الأولى :
- شتاء داكوتا الشمالية القاسي وعلاقاته بالحياة في الإقليم .
- توقع الهزات الأرضية .
- بعض نتائج التعداد العام للسكان في كوبا .
- الطاقة الاستيعابية للسكان في الولايات المتحدة الأمريكية .
- أسس التقدم الاقتصادي في إفريقيا المدارية .
في المؤتمر الأول عام 1904 قدم (22) بحثا ، تسع منها ذكرت عنواناتها ، ونوقش (13) منها ، وقد عد جدول المؤتمر مزدحما . وفي عام 2004 تطلب تنظيم جلسات المؤتمر لقراءة أربعين بحثا ، فالصراع لازال في مجال إدارة الزمن .
وعلى الرغم من صغر مساحة المجالات التي تغطيها الاختصاصات الجغرافية أوائل القرن العشرين و محدودية عدد الأبحاث المقدمة ، إلا أن نسبة كبيرة منها قد اهتمت بتدريس الجغرافيا ((والتي لازالت بعض موضوعاتها ساخنة إلى يومنا هذا)) ، يضاف إلى ذلك العدد الكبير من المداخلات والمساهمين في مناقشة و محاورة هذه الموضوعات . فتدريس الجغرافيا متداخل بشكل شامل في مهام الجمعية ، وهذا جزء من الإرث الذي يجب أن نهتم به ونستمر في تقويته وتعزيزه .
باختصار ، فان معظم الأسئلة التي طرحها مؤسسو الجمعية (بما فيهم الامرأتين) لها صلة بالجغرافيا الطبيعية ، وكيف تؤثر البيئة الطبيعية و تمارس دورا مسيطرا على النشاطات الحيوية ، بما فيها الإنسان . وعلى الرغم من أن العديد من الموضوعات التي جذبت اهتمام الجغرافيين قبل مائة عام ، إلا أن الأسئلة البحثية التي طرحت آنذاك قد فقدت جاذبيتها . وان ضيق المدى للأسئلة البحثية قد عكس جزئيا تأثير أفكار دارون ، وقلة عدد المساهمين و تجانسهم في الاختصاص ، وقلة عدد المراكز البحثية والتعليمية . ولأن تقصي الإجابة عن هذه التساؤلات يتطلب عملا ميدانيا، وفي الغالب في مواقع بعيدة و تتطلب إقامة الباحث أسابيع في ظروف قاسية ، وان الطالبات والمتخصصات غير مرحب بهن في مثل هذه الحالات ، لذا فالذكور قد سيطروا على الاختصاص ، ولم يتغير هذا لعقود عديدة .
وبالإضافة إلى هذه البداية ، فان شمولية الأسئلة الجغرافية المعاصرة وطرائق الإجابة عنها مذهلة حقا . ولمعرفة سعة التنوع فان الأعضاء في الوقت الراهن يختارون بين (55) موضوعا تخصصيا و (57) منطقة بحثية و (53) مجموعة ، مقابل ثلاثة مجاميع فقط عند التأسيس . وفي أي اجتماع سنوي للجمعية ، فان البرنامج أو المسائل التي تناقش تعكس التنوع الهائل في مجموعة الأسئلة الجغرافية المعاصرة . وتمتد هذه بين ((كيف تؤثر العمليات الناجمة عن النشاط البشري على البيئة الطبيعية ، مثل الأوزون الذي يؤثر على البيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية)) و ((كيف تسهم أفعال الإنسان و لا تنظيمه في خلق الفروقات (الجنسية أو المذهبية) و المكانية)) و (( كيف تحسن تقنيات التحليل المكاني فهم العمليات الجغرافية)) و ((كيف يمكن للتوزيع البيئي الجيد والسيء أن يكونا أكثر تعادلا)) . هذه نماذج واضحة من العنوانات التي بدأت تصب في الطيف الواسع للأسئلة الجغرافية المعاصرة .
تعزز بعض البراهين صواب فكرة أن المدى الواسع للأسئلة التي يوجهها الجغرافيون ، والتغيرات في طبيعتها مرتبط جزئيا بالتباين بين الجغرافيين أنفسهم . وبالتأكيد ليس هذا هو السبب الوحيد ، فهناك تبدل في نسبة الجنس بين الجغرافيين . فالإناث بدأن يطرحن تساؤلات تتعلق بالنساء ، وتساؤلات عن طرائق البحث غير الكمية ، وأسئلة عن العلاقة بين الإنسان والبيئة . وحتى في الجغرافيا الطبيعية ، فقد اختلفت طبيعة الأسئلة التي توجهها الإناث عن الذكور . فالاهتمامات مختلفة ، كذلك الوسائل البحثية . وقد أضاف العنصر النسوي أسئلة وموضوعات جديدة للأجندة الجغرافية ، مثل :-
- جغرافية الحياة اليومية
- الصلة بين العمل غير مدفوع الأجر لرعاية الأسرة والعمل في قوة العمل مدفوعة الأجر
- اثر سياسة المراقبة العالمية على حياة النساء والأطفال
- العلاقة بين الهجرة الدولية لرعاية الأطفال ، العمل المنزلي ، وتجارة الجنس
- دور النساء في تغيير وجه الأرض ,
إن التبدل في (من نحن) ليس في توسيع مدى الأسئلة التي تطرح ، ولكن في المناهج والوسائل المعتمدة في جمع البيانات وتحليلها ، والتبدل في طبيعة النظريات التي تقود وجهات النظر . وكما قالت سيمون دي بافوار أواسط القرن الماضي ، فان تمثيل العالم من عمل الرجال حيث وصفوه من وجهة نظرهم ، وخلطوه بالحقيقة . وثنائية هوية الذين يصنعون المعرفة الجغرافية الحديثة أكسبت تمثيل العالم غنى وساعدت على الإجابة عن الأسئلة التي كانت مهملة رغم أهميتها . إن الزيادة في تنوع الأسئلة والمناهج سمة إيجابية للجغرافيا ، فانه وكما يعرف جغرافيو المدن ، فان المدينة قد أعطت درسا مهما مفاده أن التنوع يؤدي إلى الإبداع .
وبما إننا كجغرافيين أصبحنا اكثر تنوعا ، وبالتالي نوجه أسئلة متنوعة بشكل كبير
ومتزايد ، فهل نحن منتمون إلى مجاميع اكثر تخصصا ؟ وكيف يمكن أن نحافظ على وحدتنا (جغرافيين) ، في وقت نشجع التنوع الذي هو مصدر طاقة وإبداع ونظر ثاقب ؟ وهل من الضروري الحفاظ على التماسك الذاتي ؟
إيجابية وحدة الجغرافيا
من الضروري أن يحافظ الجغرافيون على التنوع في الاختصاص والتميز في الشخصية الجغرافية . وهذا ضروري جدا لبقاء الجغرافيا فاعلة وحيوية في المستقبل . وعلى الجغرافيا أن تخدم تعدد حاجات المجتمع وتنوعها . ومن اجل أن تكون جغرافيا فلابد وان تسهم في الإجابة عن التساؤلات الآتية :-
- ما هي الأشياء التي يقوم بها الجغرافيون ؟
- ماذا يبقي الجغرافيا موحدة ؟
- لماذا الجغرافيا مهمة ؟
إن التدريب في الجغرافيا جوهري لاستعاب الموضوع و للتهيئة لمعالجة المشكلات المعاصرة ، وعلى الجغرافيين أن يكونوا قادرين على إقناع من هم خارج الاختصاص ، ولعل الأكثر أهمية هم طلبة الجغرافيا وضرورة تعريفهم بما يمكن أن يقوم به الجغرافي لخدمة المجتمع خارج قاعات الدرس وأهمية ذلك للجغرافيا والمجتمع . والطريقة التي يمكن أن يتم بها إقناع الآخرين بأهمية الجغرافيا وصلتها بالعلوم الأخرى تكون من خلال الأسئلة التي يتم طرحها والبحث عن إجابات ناجعة لها . وهنا يبرز دور التنوع في الموضوعات لتقوية علاقة الجغرافيا بالمشكلات المختلفة : ((سهولة الوصول إلى مياه آمنة ، الاستجابة للتغيرات المناخية ، استدامة التنوع الحيوي)) ، وفي مدى واسع ومتنوع للبيئات والمقاييس scales (المحلة ، المزارع الصغيرة ، الحدائق العامة الوطنية) ، و لطيف واسع من المستمعين (مجاميع اجتماعية صغيرة ، مجاميع على مستوى الوطن ، وكالات حكومية) . وفي الوقت الذي نستوعب (كجغرافيين) فيه الجغرافيا والتنوع الذي تضمه عندها نكون بحاجة إلى كفاءة في الاتصال مع أولئك غير المستوعبين للجغرافيا . أن نبدأ نحن بالفهم أولا حتى نستطيع أن نفهم الآخرين .
بالإمكان تحقيق ذلك من خلال الربط بين إيجابيات الجغرافيا ومع ما يمكن أن يقدمه الجغرافي للمجتمع . فالجغرافيون معنيون باستيعاب :-
- العلاقات بين الناس والبيئة ،
- أهمية التباين المكاني (العمليات ذات الارتباط بالمكان) ،
- العمليات الفاعلة على المستويات المتنوعة والمتداخلة ، و
- التكامل بين التحليل المكاني والزمني .
وقد عرض المجلد الأول الصادر عن الجمعية براهين للحاجة إلى الإيجابيات الجغرافية ، وعلى الرغم من أن التنوع كبير جدا حاليا ، إلا انه لازال في مركز الصدارة وفي ما يمارسه الجغرافيون . فالعالم بحاجة إلى مفكرين بالإيجابيات الجغرافية الآن اكثر من قبل ، وذلك للإجابة عن التساؤلات الآتية :-
- كيف غيرت الهجرة مدن الولايات المتحدة الأمريكية ، وربطت الولايات بالعالم ؟
- كيف تؤثر العولمة و التغيرات الدولية على حياة الناس والتبعية السياسية والخصوصيات في أماكن محلية معينة ؟
- كيف تشكل المؤسـسات البشرية الأماكن وتعرضها لمخاطر الطبيعة والتغيرات البيئية ؟
- ما العلاقة بين مظاهر سطح الأرض المختلفة و جغرافية التعارضات في المصالح ؟
- كيف أثرت التقنيات الجغرافية المكانية على القرارات الفردية والاجتماعية ؟
- كيف أثرت التقنيات الحديثة (تقنيات المعلومات وما ارتبط به) وغيرت التنظيم المكاني للعمليات الاجتماعية .
هذا غيض من فيض من الأسئلة التي بمقدور الجغرافي معالجة موضوعاتها ، وهي تعكس التنوع الكبير في الجغرافيا وصلتها بمختلف جوانب حياة الإنسان على كوكب الأرض .
نقلاً عن أحد المهتمين بعلم الجغرافيا
ساحة النقاش