مفهوم التنافسية
يتميز مفهوم التنافسية بالحداثة، حيث ظهر الاهتمام به مع بداية التسعينيات كنتاج للنظام الاقتصادي العالمي الجديد وبروز ظاهرة العولمة، وكذا التوجه العام لتطبيق اقتصاديات السوق، وحتى الآن لا يوجد اتفاق على تعريف دقيق ومحدد للتنافسية، فهناك من يعرفها حسب المؤسسات الاقتصادية على أنها:
* القدرة على إنتاج السلع والخدمات بالنوعية الجيدة والسعر المناسب وفى الوقت المناسب، وهذا يعنى تلبية حاجات المستهلكين بشكل أكثر كفاءة من المؤسسات الأخرى.
* قدرة المؤسسة على تزويد المستهلك بمنتجات وخدمات بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين في السوق الدولية، مما يعنى نجاحاً مستمراً لهذه المؤسسة على الصعيد العالمي في ظل غياب الدعم والحماية من قبل الحكومة، ويتم ذلك من خلال تعظيم قيمة عوامل الإنتاج الموظفة في العملية الإنتاجية (العمل ورأس المال والتكنولوجيا).
وهناك من يعرفها على مستوى الدول بأنها قدرة الدولة على:
* إنتاج سلع وخدمات تنافس في الأسواق العالمية وفى نفس الوقت تحقق مستويات معيشية مطردة على المدى الطويل (تعريف المجلس الأمريكي للسياسة التنافسية)
* إنتاج السلع والخدمات التي تواجه اختبار المزاحمة الخارجية في الوقت الذي تحافظ فيه على زيادة الدخل المحلى الحقيقي (تعريـف منظمة التعـاون الاقتصـادي والتنمية)
Organization Cooperation Development Economic (OCDE)
كما يمكن تعريف التنافسية الدولية بأنها قدرة الدولة على :
أ- أن تنتج أكثر وأكفأ نسبياً ويقصد بالكفاءة: التكلفة الأقل، والجودة الأعلى، والملاءمة.
ب- أن تبيع أكثر من السلع المصنعة والتحول نحو السلع عالية التصنيع والتقنية.
ج- أن تستقطب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بما توفره من بيئة مناسبة.
مما سبق يتضح أن أغلب تعريفات التنافسية تركز على قدرة المؤسسة على النفاذ إلى الأسواق الخارجية بمنتجات عالية الجودة وتقنية حديثة وتكاليف أقل وبشكل مبتكر على أن يظهر أثر ذلك في تحسين الدخل القومي والذي بدوره يزيد في تحسين الظروف المعيشية للفرد والمجتمع.
كما يتضح أيضا أنه قد حدث تحول في بعض المفاهيم فمن مفهوم الميزة النسبية والتي تتمثل في قدرات الدولة من موارد طبيعية واليد العاملة الرخيصة والمناخ والموقع الجغرافي التي تسمح لها بإنتاج رخيص وتنافسي إلى مفهوم الميزة التنافسية والتي تتمثل في اعتماد الدولة على التكنولوجيا والعنصر الفكري في الإنتاج ونوعية وجودة المنتج وفهم احتياجات ورغبات المستهلك، مما جعل العناصر المكونة للميزة النسبية تصبح غير فاعلة وغير مهمة في تحديد التنافسية، وإذا كانت السطور السابقة قد ألقت الضوء على مفهوم التنافسية في المجال الاقتصادي، فإنه يمكن التعرف على مفهوم التنافسية في التعليم من خلال السطور التالية
التنافسية في التعليم الجامعي
معلوم لدى المشتغلين في الحقل التربوي أن المصطلحات والمفاهيم الجديدة تظهر أولاً في مجالات الصناعة والتجارة والاقتصاد ومنها تنتقل تدريجياً إلى مجال التعليم، وعليه يمكن القول أن مفهوم التنافسية بدأ ينتقل مؤخراً إلى حقل التعليم، حيث تشهد المؤسسات التعليمية وخصوصاً الجامعات تحديات جديدة مثل ضرورة تحقيق معايير الجودة والحصول على الاعتماد وحصولها على ترتيب متقدم في قوائم أفضل الجامعات على المستويات العالمية وغير ذلك من التحديات وهذا يضع الجامعات المصرية في منافسة شديدة عل المستوى المحلى والدولي.
ويمكن تعريف التنافسية في التعليم الجامعي على أنها" قدرة الجامعة على تقديم خدمة تعليمية وبحثية عالية الجودة مما ينعكس إيجابياً على مستوى خريجيها وأعضاء هيئة التدريس بها، الأمر الذي يكسبهم قدرات ومزايا تنافسية في سوق العمل بمستوياته المختلفة، وفى نفس الوقت يعكس ثقة المجتمع فيها ومن ثم التعاون معها، وزيادة إقبال الطلاب على الالتحاق بها، وهكذا تتحقق الغاية المنشودة بحيث تصبح الجامعة في خدمة المجتمع، والمجتمع في خدمة الجامعة ، ويمكن تعريف التنافسية في التعليم الجامعي أيضاً بأنها تسابق الجامعات من أجل تحقيق الأفضل في وظائفها الثلاث(التعليم- البحث- خدمة المجتمع) والوصول إلى المستويات العالمية .
وانطلاقاً مما سبق أكدت استراتيجية تطوير التعليم العالي في مصر على مفهوم التنافسية بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بأشكالها المختلفة، وتمثل ذلك في مشروع صندوق تمويل مشروعات تطوير التعليم العالي(HEEPF)حيث يتولى هذا الصندوق مهمة تمويل المشروعات البحثية التى تتقدم بها مؤسسات التعليم العالي بعد تحكيمها بشكل علمي والتأكد من جدوى هذه المشروعات البحثية واستمراريتها وإسهاماتها فى تجويد منظومة التعليم.
وعليه يمكن تعريف المشروعات التنافسية بأنها مشروعات بحثية تتسم بالابتكارية والجدية وتتضمن أفكاراً يمكن أن تساعد في تجويد منظومة التعليم العالي، وهذه المشروعات يتم التقدم بها إلى إدارة صندوق تمويل مشروعات تطوير التعليم العالي في شكل مسابقة حيث يتم تحكيمها في ضوء معايير متفق عليها وفى حالة قبولها تتولى إدارة الصندوق تخصيص التمويل الازم لها.
ساحة النقاش