( عالـم البيئــة )
مكافحـة غـزو الجـراد
بقلـم :
د/علـى مهـران هشــام
----------------------------
نظرا للتغيرات والتقلبات البيئية والمناخية المتزايدة فى الألفية الثالثة والناتجة عن زيادة معدلات التلوث بكافة صوره وأشكاله وألوانه, سواء كانت بفعل الطبيعة أو سوء سلوكيات البشر وتعاملهم المفسد للتوازن الفطرى للموجودات والمعطيات الطبيعية والبيئية, نتيجة لذلك حدثت ظواهر قد تكون غير معتادة على الأفراد والمجتمعات والدول أيضا ؟ . من هذه الظواهر هجرة الطيور والحشرات من مكان إلى آخر بحثا عن الغذاء والمناخ الملائم, وقي يستفيد من ذلك بعض الأماكن وتتضر رأماكن أخرى .
على كل حال, أنتفض الأفراد والحكومة المصرية فى الشهرين الماضيين بسبب الغزو القادم بكثافة لأسراب الجراد من الجنوب والشمال الشرقى للبلاد وشعر الجميع بالخوف والفزع على المزارع والأراضى والخشية من الجراد السام على صحة البيئة والناس. السؤال القائم ماذا عن الجراد ومدى خطورته وكيفية مقاومته وتأمين الأرض والسماء من أنواعه السامة؟
الجراد Locusts من رتب الحشرات مستقيمة الأجنحة، حيث يوجد ما يزيد على عشرين ألف نوع من الجراد في العالم. ويعتبر الجراد نوعا من حشرات الجنادب التي تمتلك أرجلا خلفية قوية تساعدها على القفز، ويطلق على الاثنين معًا اسم الجراد الحقيقى وهناك ما يقرب من ثمانية عشرة نوع من الجندب في العالم، وهي حشرات آكلة للنبات تستطيع القفز إلى عشرين مرة أطول من جسمها. فم الجراد يحتوى على أسنان حادة ويحمل قرنين قصيرين للأستشعار ويصدر أصوات من خلال أجنحته. تضع أنثى الجراد بيضها في حفر تحت الأرض، وتغطيه بسائل لتحميه من البرد, ليفقس عن مخلوق بطور انتقالي لفترة حوالي شهر يدخل بعدها هذا المخلوق طور النضوج . يختلف طول عمر الجراد المكتمل النمو الفردي، إذ يتراوح ما بين شهرين ونصف إلى خمسة أشهر وبصفة عامة تعتمد مدة الحياة على الوقت المستغرق لاكتمال النمو.
الجراد لا يهاجر ولا يطير إلا فى أسراب من الحشرات الكاملة وفى أشكال تجمعيـة فبعد الإنتهاء من فترة النمو الجسمي ونفاذ الأعشاب أو المحاصيل المتواجدة في مناطق التوالد , يبدأ السرب المتجانس في الهجرة والطيران مع شروق الشمس (30 – 35 درجة مئويةْ) في وقت قصير ويطير مع اتجاه الرياح أينما ذهبت حيث يصل ارتفاع السرب في هذه الحالة إلى ألف متر إلي أعلي ويسمي بالسرب التراكمي وإذا لم يكن الجو صحواً والسحب منتشرة والغذاء قد نفد يطير السرب لفترة أطول من الصباح الباكر فيما يسمي بالسرب الطبقي ولا يزيد ارتفاعه عن بضع عشرات من الأمتار فوق سطح الأرض للبحث عن مصدر آخر للغذاء ولا يطير إلي مسافات بعيدة فى هذه الحالة .
الجراد لو ترك بدون مقاومة يمكن أن يلتهم في الكيلومتر الواحد من السرب حوالي مائة ألف طن من النباتات الخضراء في اليوم، وهو ما يكفي لغذاء نصف مليون شخص لمدة سنة (الجرادة تأكل من 1,5 إلى 3 جرام - والكيلومتر المربع منه يحتوي على خمسين مليون جرادة تقريبا ).
عموما , تكمن مخاطر الجراد فى أن الحشرة غير البالغة حديثة التجنح تلتهم قدر وزنها من المواد الخضراء في اليوم . تطير الأسراب طوال النهار, ولمكافحتها يجب متابعتها حتي تستقر مع غروب الشمس ثم تتم المكافحة ليلا.
الجراد وجبة دسمة لدى بعض الشعوب ومنها السعودية حيث يفضله كبار السن بعد تجفيفه وشويه للأعتقاد أن أكل الجراد يقوى مناعة الجسم ويعالج بعض الأمراض ومنها السكر وهناك أسواق فى المدن السعودية وخاصة الملاصقة للمناطق الصحراوية متخصصة لبيع الجراد كوجبات غذائية. كما كان الليبيون القدماء إذا هجم عليهم الجراد قاموا بقتلة من أجل أكله وذلك بفصل الرأس والأجنحة والأرجل ثم يشمس حتى يجف وأخيرا يتم بشرة على حليب الأبقار أو الماعز للشربة , وكان يمكن للحكومة المصرية تجميع الجراد غير السام الذى لا يقل طوله عن عشرة سنتيمترات فى عبوات ثم تصديره إلى البلاد التى تعتبره وجبات غذائية محببة وهى كثيرة سواء فى دول شرق آسيا أو الدول العربية ومنها نحقق عائد إقتصادى بجانب التخلص منه.
وخلاصة القول , مكافحة الجراد يمكن إيجازها فى التالى:
= ضرورة التنسيق العلمى والمعلوماتى والبيئى بين الدول الأقليمية المحيطة مثل مصر والسودان والسعودية والأردن وفلسطين للوقاية والمكافحة الناجعة.
= توفير المراقبة الجوية لحركة واتجاه أسراب الجراد والتنسيق مع فرق المكافحة على الأرض لمكافحته قبل تغلغله وانتشاره فى البلاد.
= ضرورة وجود فرق أستكشافية تراقب حركة الجراد الصحراوي واتجاه الرياح على مدار الساعة.
= عدم حرق إطارات السيارات أو غيرها لإحداث سحابة من الدخان حتي لا يتشتت الجراد والذي بطبيعته لن يستقر علي الزراعات طوال النهار حيث أن طيرانه يستمر من شروق الشمس حتي الغروب.
= إن المبيدات التي ترش علي أي آفة حشرية هي مبيدات قاتلة إذا تم استخدامها دون دراية باحتياطات الآمان والسلامة اللازمة عند مكافحة أي آفة , وعند المكافحة يلزم التزود بأجهزة السلامة والوقاية ( مثل تنظيف المركبات بعد نقل المبيدات وتفريغها – توفير ماء نقى للغسيل – جاروف - عدم نقل المبيدات مع الأطعمة والغذاء البشرى أو الحيوانى -توفير معدات خاصة للمبيدات المنسكبة – أقنعة وقفازات شخصية - مواد مزيلة للتلوث – النظافة الشخصية للأفراد).
= يلزم التنسيق مع الشركات المنتجة للمبيدات بضرورة إعادة التأهيل العلمى والصناعى والآمن للعبوات الفارغة , أو يتم إعادة تدوير العبوات أو سحقها وكبسها بإستعمال ساحق للبراميل مصنوع لهذا الغرض من أجل تحقيق عوامل الصحة والسلامة للبيئة والمجتمع.
والله المستعـان,,,,
http://kenanaonline.com/drmahran2020
ساحة النقاش